د. عبده مغلس : هل يجب على اليمنيين مسؤولين ومواطنين تأييد المعارضة الإيرانية؟

منذ 7 أيام

ما يدفعني للكتابة في هذا الموضوع، هو سؤال فرض نفسه حين سألني أحدهم لماذا تؤيد المعارضة الإيرانية؟ كما فرضته مناقشات وجدال في احدى المجموعات السياسية التي أنا عضوان فيها

وبدوري أطرح السؤال على كل اليمنيين، الذين في صف الشرعية، مسؤولين ومواطنين، هل من مصلحتنا وواجب علينا تأييد المعارضة الإيرانية؟السؤال الأساس

والسؤال الأساس الذي كان يجب أن يسأله السائل ما هي الدوافع والموجهات والمحددات التي تدفعك لتأييد المعارضة الإيرانية؟ ومن هنا نبدأ

١-مقدمة تمهيدية

الحق والباطل طريقان ومنهجان لا يلتقيان، فلقد تكرر ترتيل كلمة الحق في كتاب الله حوالي ٢٧٢ مرة، ومن لا يعرف الحق ومدلوله وطريقه في كتاب الله، لن يعرف الحق ومدلوله وطريقه في واقعه السياسي والحياتي، هذه حقيقة قرآنية وتاريخية وسياسية واجتماعية

٢-مقدمة تعريفية عن المقاومة الإيرانية

المعارضة والمقاومة الإيرانية، موحدة اليوم بقيادة السيدة مريم رجوي، رئيسة مجاهدي خلق التي تعد أكبر وأنشط حركات المعارضة والمقاومة الإيرانية، تأسست عام ١٩٦٥، فهي معارضة ومقاومة عمرها ستة عقود أي ستون عام، وهي صامدة وصابرة لا تعرف اليأس ولا الاستسلام، ولا تقبل الشراء أو الارتهان

وهي اليوم تقاتل وتحارب وتعارض دولة ولاية الفقيه في إيران، الدولة والمشروع اللذان هيمنا على أربع عواصم عربية، احداها عاصمتنا صنعاء، وهي تقود معركة مقاومة عسكرية في الداخل الإيراني لإسقاط النظام، وتخوض معركة إعلامية في مختلف وسائل الإعلام، لفضح مشروعه وجرائمه في حق إيران والمنطقة والعالم، وتخوض معركة سياسية ودبلوماسية، لدى دول العالم ومؤسساتها الدستورية والبرلمانية، ونخبها وصناع القرار فيها، تهدف من خلالها لتجريم هذا النظام، وأدواته في المنطقة، وعلى رأسها المليشيا الحوثية الارهابية المدعومة من إيران

لقد حضرت مؤتمرهم العام الماضي، والذي حضره ما يزيد على اربعة الاف شخص، بينهم رؤساء حكومات ووزراء، ومدراء معاهد بحثية، وصناع رأي وقرار واعلام، من مختلف دول العالم، وكانت فرصة لي لتقديم قضيتنا ومعركتنا في اليمن من خلال كلمة ألقيتها، وعلاقات أقمتها مع بعض الحاضرين، وزيارات قمت بها لإيطاليا وفرنسا وألمانيا وهولندا والمجر، والمعارضة والمقاومة الإيرانية بعملها المنظم والدقيق والفاعل تخوض معركتها والتي أعتبرها معركة اليمن واليمنيين، الذين لا يمتلكون امكانيات خوضها مثلها، وعلينا أن نستفيد منها ومن تجربتها وقدراتها، وتأييدها كما هي تؤيدنا

٣- المنطلقات والمحددات لتأييد المقاومة والمعارضة الإيرانية

بكوني مواطن ومسؤول يمني، أومن إيماناً لا شك فيه، بأن معركتنا في مواجهة المليشيا الحوثية الارهابية، وداعمتها إيران معركة حق ووجود، كُتب علينا خوضها، وهذا الإيمان المطلق عندي، له المنطلقات والمحددات التالية:أولاً: منطلقات ومحددات دينية عقائدية

وجدت أن ديني الإسلام الذي أؤمن به، ولا مقدس فيه غير الله الذي لا شريك له، قد تم تبديله بدين بديل، به شركاء مقدسون، بهم ولهم تحولت مساجد الله في مناطق سيطرة المشروع الإيراني وميليشياته الحوثية الارهابية، إلى حسينيات يُقدس فيها غير الله، ويدعى بها لغيره، وهذا الدين البديل بحثت في كتاب الله ولم أجد آية واحدة فيه، تدعم مرتكزاتهم الزائفة المؤسسة لهذا الدين البديل، ومشروعه السياسي الإمامة والولاية وولاية الفقيه، الذي تم فرضه على وطننا اليمن، واستعباد الشعب اليمني وتقديمه محرقة في معركة المشروع الإيراني، هي مرتكزات دينية زائفة، نُسِبَتْ زوراً وكذباً لدين الله وكتابه، ولقول رسوله محمد عليه الصلاة والتسليم، وكل ما تقوله مروياتهم عن هذه المرتكزات المزعومة مثل أهل البيت، آل البيت، آل محمد، الوصية، الولاية، المودة في القربى، التقديس والاصطفاء وغيرها، لا وجود لها في دلالات آيات الله، وفق ترتيل الله لكتابه، ووفق منهج ترتيل القرآن بسياقه، الذي تولى الله ترتيله، وجمعه، وقرآنه، وبيانه، من خلال الرابط لسياق الكلمة في آيات السورة نفسها، وسياقها في آيات السور الأخرى، والذي به نكتشف المعنى الحقيق لهذه الكلمات كما أنزله الله، وبهذا نجد مدلول الله لهذه الكلمات مختلف بالكلية لمدلولهم الذي كذبوا به على الناس، وبعضها لا وجود له أصلاً في كتاب الله مثل مقولة آل محمد بينما آل فرعون تكرر ترتيله في القرآن حوالي ١٤ مرة

ووفقاً لهذه المحددات الدينية أجد أن واجبي الديني والإيماني، يلزماني بمقاومة ومعارضة المليشيا الحوثية الإرهابية وداعمتها إيران، وكذلك دعم كل من يعارض ويقاوم المشروع التوسعي الإيراني وأدواته في المنطقة، وفي بلادي اليمن، ويأتي في مقدمتهم المعارضة والمقاومة الإيرانية فمعركتنا واحدة وانتصارهم انتصار لنا

ثانياً: منطلقات ومحددات وطنية

جميع اليمنيين المؤمنين، بالدولة والثورة والجمهورية، والشرعية والمشروع، يعرفون يقيناً أن المليشيات الحوثية الارهابية، انقلبت على مشروعي الثورة والجمهورية، واستبدلتهم بمشروعي استعباد اليمنيين والإمامة، كما انقلبت على شرعية الدولة، وشرعية مخرجات الحوار الوطني، ومشروع اليمن الاتحادي، واستبدلتهم بشرعية حكم الإمام الوصي، والولي الفقيه، وندرك جميعاً أن انقلابها تم لصالح المشروع الإيراني، بهدف الهيمنة على اليمن والمنطقة ومواردها وبحارها

لقد أدخلت هذه المليشيات الارهابية ومعها إيران بلادنا اليمن في حروب مدمرة منذ الحرب الأولى عام 2004 م لليوم عشرون عاما من الحروب، مارست خلالها المليشيات الحوثية الإرهابية أبشع أنواع المظالم والجرائم الإنسانية، فقتلت الأبرياء، ونسفت الدور، وحاصرت المدن، وشردت كل مسؤول وطني، وقتلت وسجنت واختطفت وأعدمت المعارضين بالكلمة، من مختلف الأعمار والشرائح، شيوخ ورجال ونساء وأطفال، وشردت كل مسؤولي الدولة في كل أرجاء المعمورة، وامتهنت وأذلت القبيلة وشيوخها، وقتلت براءة الطفولة في ابنائنا، وحولت المدارس والجامعات والمساجد لثكنات عسكرية وحسينيات، وأصبح وطني اليمن، الدولة والشعب والأرض، رهينة المشروع الحوثي الإيراني

ووفقاً لهذه المحددات الوطنية، فإن واجبي الوطني، وإيماني بالدولة والشرعية، والثورة والجمهورية، ومشروع الدولة الاتحادية، يلزماني بمقاومة ومعارضة المليشيا الحوثية الإرهابية وداعمتها إيران،وكذلك دعم كل من يعارض ويقاوم المشروع التوسعي الإيراني وأدواته في المنطقة، وفي مقدمتهم المعارضة والمقاومة الإيرانية، فمعركتنا واحدة، وانتصارهم انتصار لنا

ثالثا: منطلقات ومحددات الشرعية الدستورية ممثلة بالقيادة السياسية والحكومة اليمنية

وهذه المنطلقات والمحددات نجدها في بُعدين:البعد الأول: قرار تصنيف الحوثيين مليشيا إرهابية

وذلك في دلالة القرار الذي اتخذته القيادة السياسية اليمنية، ممثلة بفخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، وإخوانه اعضاء مجلس القيادة، ومعهم الحكومة اليمنية بإعلانهم تصنيف المليشيا الحوثية، مليشيا إرهابية، وهو توصيف يجب استخدامه عند ذكر هذه المليشيات، في الخطابة والقول والكتابة

البعد الثاني: توجهات القيادة السياسية ممثلة بفخامة الرئيس الدكتور محمد رشاد العليمي

ونجدها في محددات ودلالات حوتها كل اللقاءات والمقابلات والكلمات التي يوجهها فخامته، أحد نماذجها في موضوعنا اللقاء التلفزيوني لفخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، مع قناة العربية الحدث، يوم ٧-٤-٢٠٢٤ م

والذي شمل الموجهات والمحددات فيما يخص علاقة المليشيا الحوثية الإرهابية بالمشروع الإيراني وتنفيذه في المنطقة، وهي حوالي ١٥ موجه ومحدد، تتضمن ما يلي:١- هناك مشروع تدمير وفوضى في المنطقة تتصدره وتدعمه إيران في المنطقة، مقابل مشروع سلام واستقرارا تدعمه دول التحالف

٢-المليشيا الحوثية الإيرانية ليست مشروع سلام، والسلام لن يتحقق بغير استعادة الدولة

٣- الطائرات المسيرة والصواريخ التي تمتلكها المليشيات الحوثية الارهابية، بسبب الدعم الإيراني الذي تتلقاه

٤- باختصار الحوثي ينفذ تعليمات إيران

٥- الحوثي نفذ تعليمات إيران في مسرحية غزة، وهي مسرحية تدار من غرفة عمليات واحدة تابعة للحرس الثوري الإيراني فيلق القدس

٦- الجميع يعلم أن الحرس الثوري الإيراني أعلن أن عملية يوم ٧ أكتوبر رداً على مقتل سليماني

٧- خامني رفض وقف إطلاق النار بغزة بهدف تدمير الشعب الفلسطيني واحتلال غزة من قبل إسرائيل

٨- الحوثيين قاموا بهذا الدور في إطار هذه المسرحية، التي رسمها الحرس الثوري الإيراني، وليس لها علاقة بنصرة غزة، وهي تحقق للحوثيين أهداف ثلاثة:أ- تنفيذ أجندة إيران في المنطقة

ب- الهروب من عملية السلام

ج- تنفيذ الصرخة الخمينية

٩- الشعب اليمني يدفع ثمن هذه المؤامرة التي خططت لها إيران وينفذها الحوثي

١٠- إذا لم ينعكس الحوار والاتفاق الذي وقعته المملكة الشقيقة برعاية صينية على الأوضاع والسلام في اليمن فما الفائدة من فتح حوار مع إيران

١١-نريد من إيران أن تترجم أقوالها لأفعال نريد فعل واحد

١٢- طلبت من الرئيس الصيني بحكم علاقته المتميزة مع إيران بالضغط عليها للكف عن التدخل في شؤوننا الداخلية

١٣- المجتمع الغربي حاول العمل مع الحوثي وفق مقاربة سياسية، وفشل في ذلك ولجأ للحل العسكري، ورجع لما كنا نقوله لهم دائماً بأن الحوثي لن يأتي للسلام والحوار والمفاوضات، إلا بهزيمة عسكرية، وإلا بالقضاء على قدراته العسكرية، واليوم الغرب وصل لنفس المقاربة التي كنا نؤكد عليها وكانوا يرفضونها، وهذا ما ينبغي أن نبني عليه، سواء على مستوى الشرعية والتحالف والمجتمع الدولي

١٤- مهم جداً هذه النتيجة التي وصل إليها المجتمع الدولي وأن نبني عليها لإعادة السلام والاستقرار لليمن

١٥- نحن نؤمن بالسلام ونؤيد الجهود المبذولة والساعية له، لكن إذا أراد الحوثي الذهاب للحرب فالقوات المسلحة اليمنية، والتشكيلات العسكرية، والشعب اليمني جاهز لهذه المعركة

وتعد هذه المحددات، والموجهات، الدينية، والوطنية، والسياسية المعلنة من القيادة السياسية والحكومة اليمنية، بمثابة خارطة طريق بالنسبة لكل مواطن ومسؤول، ترسم محددات وموجهات ومسارات معركتنا لمواجهة المليشيا الحوثية الارهابية وداعمتها إيران

٤- القراءة والقرار

لقراءة المشهد بدقة يجب أن يتوفر أمران، الرؤية الشاملة للمشهد، والمعلومة الواضحة والدقيقة كيفما تكون، وهناك من يقع في فخ المنهج الإبليسي للقراءة، وهو منهج للقراءة يستند على الرؤية الأحادية للمشهد، ولا يأخذ المعلومة كما هي، بل يعتمد على الشخصنة والكراهية، وعنصرية التعالي، وهذا المنهج للقراءة الخاطئة استخدمه إبليس لقراءة مشهد السجود لآدم، لقد أغفل جعل الله آدم خليفة، وأغفل اصطفائه وتسويته، ونفخة الروح فيه، وسجود الملائكة، وتعليمه الأسماء كلها، لقد أعمته كراهيته وعنصريته عن رؤية تفاصيل المشهد بكل تفاصيله ومعلوماته، فاتخذ قراره الخطيئة برفض أمر الله والسجود، فخسر كل شيئ وحلت عليه لعنة الله، وما زال الكثير من البشر يمارسون هذا المنهج للقراءة الخاطئة والقرارات الخطيئة، فيخسرون كل شيئ، أنفسهم ودولهم وشعوبهم وحضاراتهم

ومن قراءتي لهذه المحددات والمعطيات للمشهد بكامل تفاصيله ومعلوماته، أعلنت تأييدي للمعارضة والمقاومة الإيرانية، وهو أمر أسجله للتاريخ كموقف وقرار، يمليه علي واجبي الديني والوطني والسياسي، استجابة لكل المحددات والموجهات بأبعادها الثلاثة الديني والوطني، والسياسي بما وضعته شرعيتي الدستورية ممثلة بالقيادة السياسية بقياد فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، وهذا هو اجابة للسائل الذي سأل، وإجابة لكل من جادل في المجموعة التي ذكرت، وإجابة للحائرين والمترددين الذين لم يحسموا أمرهم بعد، لينضموا لخوض معركتنا المصيرية ضد المليشيا الحوثية الارهابية المدعومة من إيران، بهدف استعادة الدولة، من خلال توحيد جبهتنا الداخلية خلف قيادتنا السياسية، بشرعيتها ومشروعها وتحالفها، وتوحيد جبهتنا الخارجية مع كل القوى التي تعمل على تجريم النظام الإيرانية وأدواته في المنطقة، فمعركتنا واحدة

وعلى كل اليمنيين في صف الشرعية، مسؤولين ومواطنين، واجب ديني، وشرعي، ووطني، وأخلاقي، بأن يتحولوا جنوداً مقاتلين خلف قيادتهم السياسية، ومقاومين، ومعارضين، يخوضون معركة مواجهة المليشيا الحوثية الارهابية، وداعمتها إيران، ومن نفس الخندق في المعركة الواحدة، فالواجب يحتم عليهم أيضاً، دعم وتأييد كل مقاوم ومقاتل ومعارض لإيران، وأدواتها في المنطقة، وفي مقدمتهم المعارضة والمقاومة الإيرانية، التي تخوض معركة مواجهة المشروع الإيراني، وأدواته في المنطقة، في كل المحافل الدولية، وإن لم نفعل، خوفاً وتردداً، نكون خذلنا وطننا وشعبنا، ودولتنا وثورتنا، وجمهوريتنا، وقيادتنا السياسية، وحكم التاريخ والشعب اليمني، لن يرحم المتخاذلين والمترددين

جمعتكم وعي بخوض معركة استعادة الدولة وتوحيد جبهتها الداخلية وجبهاتها الخارجية، وتأييد كل من يقف بصدق ضد المشروع الإيراني وأدواته في المنطقة وعلى رأسهم المقاومة والمعارضة الإيرانية

د عبده سعيد المغلس٣-٥-٢٠٢٤