علي هيثم الميسري : هكذا كان لقائي بسعادة رئيس الوزراء

منذ 11 أيام

منذُ بداية الأزمة اليمنية حتى اللحظة ألتقيت بين الفينة والأخرى بكثير من المسؤولين في الدولة أكان اللقاء في الرياض أو في عدن سواءاً في مكاتبهم أو على هامش مختلف بعد إنقضاء مؤتمر أو إجتماع أو في أي مناسبة أخرى ، ولكن أن ألتقي في الشارع بمسؤول كبير وبحجم سعادة رئيس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك فهذه أول مرة في حياتي كلها يحصل معي كهكذا لقاء ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على نشاط سعادته وشعوره بالمسؤولية الملقاه على عاتقه ، ولا أسـرُّ في نفسي قولاً أن سعادته بعث في نفسي بارقة أمل صوب مستقبل البلد العام وبتحقيق أماني الشعب اليمني في بزوغ فجر جديد يرى فيه المواطن اليمني أنه مخلوق بشري ، وإن صح القول إنسان يعيش بكرامة فقدها في زمنٍ ما تحت وطأة ضروف سياسية صنعتها له قوى خفية تريده أن يحيا حياة البؤساء المعدمين لحاجة في أنفسها الخبيثة

   قبل أن أبوح بما جرى بيني وسعادة رئيس الوزراء أود أن أقول بأنني في وقت سابق شاهدت صورة لسعادته أثناء إستلامه لحقيبة وزارة الخارجية وهو يقف  يشرب عصير الليمون في الشارع ، فـُخيـِّلَ لي حينها بأن الصورة لم تـُظهـِر القوة العسكرية التي عهدناها ترافقه وتلك المدرعات من حوله وهي تحرسه في حـِلـَّهُ وتجواله كباقي القيادات الجديدة بحجم وطن الذين حينما ترى الواحد منهم عابراً تحسب موكبه وكأنه موكب رئيس الجمهورية ، وعندما شاهدته هذا اليوم في الشارع مـُترَجـِّلاً وهو مـُقـَلـَّداً بمنصب رئيس مجلس الوزراء رأيتُ فيه ذلك المسؤول المـُتـَرفـِّع عن تلك المظاهر المـُبالـَغ فيها والتي تـَنـُمُّ بصاحبها عن المرض النفسي المزمن الذي يعاني منه

  أما الحكاية فأسردها كما حصلت : كنت عابراً في أحد شوارع كريتر برفقة صديق فقال لي أنظر لصاحبك قلت من ؟ قال رئيس الوزراء فشاهدته ولم أكترث له وفجأة وخلال هنيهة لا تتعدى الثلاث ثواني راودتني فكرة بأن أحدثه وأستفسره عن بعض نشاطاته ونزوله الميداني ، فهرعت إليه مسرعاً وكنت مثقلاً بأغراض أحملها بيميني ويساري فلاحظته يسرع الخـُطى فأسرعت بخـُطاي فغلبته بسرعة خـُطاه حتى وصلت قريباً منه فناديته يا أستاذ أحمد فتوقف ، ومالبثت أن وصلت أمامه فجعلت بيني وبينه شبراً واحداً فقط وقلت له أتسمح أن تعطيني بعضاً من وقتك فقال تفضل ، وبعد أن عرفته بنفسي قلت له يقال عنك بأن كل قراراتك بعد نزولك الميداني إلى المؤسسات الحكومية والخدماتية لا تجدي نفعاً بسبب أنه لا ينفذ منها شيء وتظل حبر على ورق في مكتبك ، فتبسم لجرأتي أو أنني أُخال ذلك وفاجأني بقوله مثل ماذا ؟ قلت له مثل إدارة الهجرة والجوازات ، فتبسم أيضاً وقال بالعكس نحن أوقفنا عن العمل حوالي 40 فرداً من منسوبي الجوازات ضباط وموظفين وأحلناهم للتحقيق ، فقلت له ولكن الوضع لا يزال واقفاً على حاله فقال من قال ذلك قلت له لي من الأقارب يعملون هناك وهم أخبروني بذلك ، قال هذا كلام غير صحيح وحبذا لو تذهب هناك وتتفحص وتتمحص بنفسك ومن ثم لك الحق في الكتابة عنا بكل ما يحلو لك

  كان هناك الكثير من الكلام ذكره لي سعادة الدكتور أحمد عوض بن مبارك عن كيفية إغلاق صنبور الفساد المالي والإداري والقضاء عليه بديناميكية المسؤول المتمكن والمخلص بعمله في آنٍ معاً ويطول شرحه ، والشيء الذي لاحظته ولفت إنتباهي وهو وقفته أمامي وكأنه التلميذ النجيب الذي يجيب على أسئلة أستاذه وهذا يدل على تواضعه الجم ودماثة أخلاقه وأصله الكريم ونفسه النقية التي ينعدم فيها الغرور والكـِبـر بالإضافة إلى شعوره بأنه مسؤول وتترتب عليه مسؤوليته أن يقف أمام كل مواطن يستوقفه ويطالبه بالرد عن كل ما يجول في خاطره ، وهذا ما شجعني أن أسأله عن ملف الكهرباء الشائك فتنهد وقال أخي الكريم ملف الكهرباء إرث ثقيل يمتد إلى 30 سنة ونحن نعمل على حله بكل ما نملكه من جهد وما أوتينا من إمكانيات وهذا أيضاً يحتاج لوقت وبإذنه تعالى ستنحل مشكلة الكهرباء

   كان لقائي بسعادة رئيس الوزراء في ظهيرة هذا اليوم 30 أبريل الساعة الثانية ظهراً والشمس عمودية فوق رؤوسنا وتلفحنا حرارتها وكعادة المسؤولين المحافظين على نعومة بشرتهم يمكثون في بيوتهم أو مكاتبهم تحت برودة المكيفات ، وكان بجانبه شخص يرافقه خطوة بخطوة عرفني بنفسه قائلاً معك أخوك أنيس با حارثة وأظنه مدير مكتب رئيس الوزراء فتفاجأت بشخصيته وبهندامه المتواضع المختلف عن بقية الطاقم وبدأ لي برجل دولة متمرس وكان لا يقل أدباً ودماثة أخلاق وتواضعاً عن سعادة الدكتور رئيس الوزراء وعرفت حينها لماذا تطوله تلك الألسن والشائعات بأنه هامور الأراضي لإنه لم يمكنهم من شيء غير قانوني يريدونه ، أما الحراسة التي كانت رفقته لتحافظ على حياته أو من أذى قد يطول سعادته فهم عبارة عن طاقم من شباب مهندمين لا يزيدون عن 10 ولا يقلون عن 5 أفراد ليس فيهم واحداً يلبس بزة عسكرية ، أما بالنسبة للترسانة العسكرية التي يمتلكونها  فلم تـكـُن كما تلك العاهات والموبوئين بداء العظمة والغرور الذين ركبوا الموجة بعد 2015 وتحولوا من أصحاب مهن دنيا إلى قيادات ترافقها قوة عسكرية بمدرعات وجنود مدججين بكافة أنواع الأسلحة ويسمون أنفسهم قيادات بحجم وطن ، بل كان هؤلاء الشباب معهم مسدس واحد فقط يحمله أحدهم بخصره ولا يسمون أنفسهم قيادات بحجم وطن بل أن الوطن يعيش بدواخلهم النقية وبمثل هؤلاء تـُبنى الأوطان وترتقي

اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك إن بالغت في الوصف وأعفني من النسيان في ما كتبت وأغفر لي خطيئتي يا رب العالمين