أبين: حربٌ مع الآفات الزراعية

منذ 5 ساعات

أبين- فهمي عبدالقابضتمرّ على مزارعي محافظة أبين أيامٌ ثقيلة يفقد معها المزارعون نسبةً كبيرة من محاصيلهم الزراعية؛ نتيجة غزو العديد من الآفات الفتّاكة لمزارعهم

وتشهد دلتا أبين، انتشارًا واسعًا لآفاتٍ زراعية تهاجم المحاصيل الزراعية وفي مقدمتها السمسم، أحد أهم المزروعات النقدية والغذائية في المحافظة

على مستوى اليمن انخفض إنتاج السمسم بنسبة 23% (25,495 طنًا في 2010 إلى 19,583 طنٍ في 2021)، بحسب الإحصائيات الزراعية لوزارة الزراعة في صنعاء

وفي أبين انخفض الإنتاج خلال نفس الفترة بنسبة 16% (4,587 طنًا في 2010 إلى 3,867 طنٍ في 2021)

وإجمالا فإن إنتاج اليمن من المحاصيل النقدية التي تشمل البن، السمسم، القطن، التبغ والفول السوداني لا يزال متدنيا

إذ سجلت هذه المحاصيل في 2021 أقل من 2% من بين المحاصيل الأخرى التي شملت الأعلاف، الحبوب، الفاكهة، الخضروات، البقوليات والقات، حسب المصدر السابق

في أبين تتزايد شكاوى المزارعين من أضرار الآفات الزراعية

ووصل ضررها إلى معظم المناطق الزراعية، وسط غيابٍ لعمليات المكافحة الجماعية والدعم بالمبيدات المناسبة

ووسط آمالٍ عريضةٍ للمزارعين في أن يتم تشكيل حملةٍ ميدانية شاملة لمكافحة هذه الآفة قبل استفحالها أكثر

“مع غياب الوقاية من وزارة الزراعة تفشّت الآفات والحشرات بالمَزارع، وتركت مصير مواجهة هذا الوباء للمُزارعين”

يقول المزارع سالم بن جلمود

ويضيف المُزارع بن جلمود في حديثه لـ”المشاهد”: “نتيجة غلاء المبيدات في الأسواق، استسلم بعض المزارعين لهذه الآفة وتركوا حقولهم تُتلف

ويعود السبب لكون عوائد المحاصيل الزراعية لا توفر فاتورة المبيدات والتي تباع بالعملة الصعبة، وتفوق تكلفتها عوائد وفوائد المُزارع من محاصيله

ويشير جلمود إلى أن بعض المزارعين يقاوم هذه الآفة مع معرفته بأنه سيخسر المواجهة؛ نظرًا لتكاثرها وتحولها لآفاتٍ متلفة للمحاصيل

والسؤال الذي يطرحه جلمود: “إلى متى ستظل وزارة الزراعة صامتة وتنظر إلى المُزارع وهو يتحمل هذه الكوارث حتى يهلك وتهلك مزارعه؟”

يقول مدير الإرشاد الحقلي ووقاية النبات في مكتب الزراعة بمحافظة أبين، فرج الشراء، إن انتشار الآفات الزراعية بأبين يرجع لتكاثر أشجار “السيسبان”

وأوضح الشراء أن “السيسبان” تحيط بنحو 80% من مزارع الشريط الساحلي بأبين

ومن الأسباب أيضًا، عدم الالتزام بالموسم المغلق من بداية مايو حتى منتصف يوليو، بحسب الشراء

بالإضافة إلى الحرث العميق للتربة وتشميسها وتركها لترتاح بدلًا من زراعتها بالمحاصيل المتتابعة

الشراء لفت إلى أن الحشرات اكتسبت مناعةً ضد أنواعٍ واسعة من المبيدات، بسبب رش هذه الآفات بمبيدات منتهية الصلاحية

أو استخدام مبيداتٍ بجرعاتٍ أقل من الموصى بها، أو تخفيف تركيزات المبيدات من قبل المستوردين

يقول ممثل الجمعية الوطنية للبحث العلمي والتنمية المستدامة بأبين، المهندس الزراعي عبدالقادر السميطي، إن الآفات الزراعية باتت تفتك بالزراعة في اليمن

السميطي أشار إلى “ثلاثي مرعب” يفتك تحديدًا بالمزروعات في دلتا أبين، وهذا الثلاثي يتمثل بـ”دودة الحشد، الذبابة البيضاء، وذبابة توتا ابسلوتا”

ويضيف السميطي في حديثه لـ”المشاهد”: “أن الزراعة اليمنية تعيش اليوم واحدةً من أخطر مراحلها في التاريخ الحديث”

“إذ تتعرض لموجة اجتياحٍ من آفاتٍ حشرية مدمرة، تسللت بصمتٍ إلى الحقول، وتهاجم النباتات ليلًا ملتهمةً الأخضر واليابس دون أدنى فرصةٍ للإنقاذ”

وفقًا للسميطي

يقول السميطي: “إن دودة الحشد الخريفية دخلت إلى اليمن بشكلٍ مفاجئٍ منتصف عام 2018”

ويعتقد أن الرياح القوية المصاحبة لإعصار “ساجار” في مايو 2018، ساعدت في نقلها من القرن الإفريقي إلى الأراضي اليمنية

ومنذ ذلك الحين، انتشرت هذه الآفة بسرعةٍ مذهلة في دلتا أبين ومناطق زراعة الذرة الشامية، وهو محصولها المفضل، بحسب السميطي

ويزيد: “لكنها لا تتوقف عند ذلك، فهي قادرةٌ على مهاجمة أكثر من 80 نوعًا من النباتات تشمل الحبوب، الخضروات، قصب السكر، والقطن”

مشيرًا إلى أن خطورتها تكمن في قدرتها العالية على التكاثر، حيث يمكن للأنثى الواحدة أن تضع أكثر من 1000 بيضة في دورة حياةٍ قصيرة

ويوضح السميطي أن ارتفاع درجات الحرارة تعمل على تسارع دورة نمو هذه الحشرة؛ مما يجعل مكافحتها أكثر صعوبةً

كما أن اليرقات تختبئ داخل الأوراق والقمم النامية للنبات؛ مما يصعّب على المبيدات الوصول إليها، ولذلك فهي أشد فتكًا من الجراد الصحراوي، حد تعبير السميطي

ويواصل: “ولهذا فهي تعمل بصمتٍ وتدمّر بسرعةٍ دون إنذار، حتى يكتشف المزارع الخطر بعد فوات الأوان”

ثم تأتي الذبابة البيضاء والتي يقول عنها السميطي إنها ناقلٌ خفيٌ للأمراض الفيروسية وهي آفةٌ أخرى لا تقل خطرًا، إذ تصيب أكثر من مائتي نوعٍ نباتي

متابعًا: “تمتص الذبابة البيضاء عصارة الأوراق مسببةً بضعف نمو النبات، وتفرز مادةً عسليةً تسبب نمو الفطريات السوداء على السطح الورقي”

لكن الأخطر، بحسب السميطي، أنها تنقل فيروساتٍ نباتية قاتلة، كفيروس تجعد أوراق الطماطم، القطن، والسمسم؛ مما يؤدي لتراجع الإنتاجية بنسبةٍ تتجاوز 50% في بعض المحاصيل

وتتكاثر هذه الحشرة طوال العام بالمناطق الدافئة والرطبة، وتتخذ من أشجار “السيسبان” مأوى آمنًا لها؛ مما يجعل الظروف المناخية في دلتا أبين مثاليةً لاستمرار نشاطها

ثم تأتي في المرتبة الثالثة “ذبابة توتا أبسلوتا”، التي توصف بأنها “كابوس الطماطم”، حيث تأتي لتكمل المشهد الكارثي، كما يصفها السميطي

معتبرًا أنها آفةٌ صغيرة الحجم عظيمة الخطر، تهاجم نباتات الطماطم منذ مراحل زراعتها الأولى وحتى الحصاد، وتحفر اليرقات أنفاقًا داخل الأوراق والسيقان والثمار

وهذا يؤدي لتلف المحصول بنسبة 90% إذا لم تُتخذ إجراءات مكافحة مبكرة، وطوّرت هذه الآفة مقاومةً عاليةً لعديد المبيدات الكيميائية، يقول السميطي

كاشفًا أن الإدارة المتكاملة للآفات هي الخيار الوحيد الفعّال للحد من انتشار هذه الحشرة، عبر الجمع بين المكافحة الحيوية والمصائد الفرمونية والرش المدروس

يقول السميطي:” إن استمرار انتشار هذه الآفات الثلاث دون تدخلٍ عاجل يعني أن الزراعة اليمنية تتجه نحو انهيارٍ ممنهج”

ويضيف: “لذا لا بدّ من إعلان حالة الطوارئ الزراعية، ووضع برنامجٍ وطني للمراقبة والمكافحة، وتفعيل دور البحوث والإرشاد الزراعي للتوعية والتدريب”

داعيًا إلى دعم جهاز وقاية المزروعات في المحافظات بالمبيدات ومعدات الرش؛ لكي يتسنى لهم القيام بواجبهم على أكمل وجه

“كما يجب دعم المزارعين بالمبيدات الفعّالة والبدائل الحيوية، وتوحيد جهود الدولة والمنظمات الزراعية والباحثين والمزارعين”، يقترح السميطي

مكملًا: “تبقى الوقاية والمكافحة المبكرة هي الضمان الحقيقي لاستدامة الإنتاج الزراعي، وحماية جهود المزارعين الذين يشكلون العمود الفقري للأمن الغذائي في أبين واليمن عمومًا”

من جانبه، يقول الشراء: “إن انتشار الآفات كانتشار النار في الهشيم، محذرًا من أن أي تأخيرٍ في المكافحة يعني مزيدًا من الدمار”

ويضيف: “مواجهة هذه الآفات يتطلب تكاتف الجهود من المزارعين وإدارة الوقاية والإرشاد الزراعي والجمعيات الزراعية، ووزارة الزراعة”

وكذا تفعيل القوانين واللوائح المنظمة للعمل الزراعي برمته، واتباع أسلوب المكافحة المتكاملة لإدارة تكاثر الآفات الزراعية، بحسب الشراء

متابعًا: “وكذلك استنباط أصناف مقاومة وتحديد مواعيد زراعية جديدة تتناسب والمتغيرات المناخية الطارئة مؤخرًا، ورفع الوعي الثقافي لجمهور الزراعة”

وطالب الشراء بإعادة تأهيل إدارة الوقاية، حيث أنها تعاني من انعدام أدنى متطلبات العمل الوقائي

واختتم حديثه بالمطالبة بتوفير المصائد الليلية؛ للتقليل من شدة الإصابة بالآفات، وتوفير المبيدات الآمنة والصديقة للبيئة “المبيدات العضوية”

ما رأيك بهذا الخبر؟سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع

يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة

بريدنا الإلكتروني: almushahideditor@gmail

comاحصل على آخر أخبار المشاهد نت مباشرة إلى بريدك الإلكتروني

الإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقاريرمن نحن