أحداث حضرموت وتأثيراتها على السلام

منذ يوم

حضرموت – سعيد نادر تفجّر الوضع العسكري، اليوم الأربعاء، في مناطق وادي حضرموت، شرق اليمن، وسط مخاوف من انعكاساته على استقرار اليمن عمومًا

ويخشى مراقبون من تأثير ما يحدث في حضرموت على جهود السلام، والعلاقة بين المكونات السياسية التي تخوض عملية التسوية المرتقبة

فالصراع بين حلف قبائل حضرموت، ومؤتمر حضرموت الجامع من جهة، وبين المجلس الانتقالي الجنوبي من جهةٍ أخرى، يهدد السلام باليمن فعليًا

هذا التهديد نابع من كون تلك المكونات، إحدى الأطراف المنخرطة في ما يعرف بـ”معسكر الشرعية”

يقابله في الضفة الأخرى “معسكر الحوثيين”، الذي من المفترض أن تجرى بينهما محادثات تفضي إلى تسويةٍ سياسية مرتقبة

غير أن التصدع في “معسكر الشرعية” من المؤكد أنه سيعمل على عرقلة جهود السلام المتعثرة أصلًا في الوقت الراهن

حيث لا بد للسلام من أطرافٍ متماسكة تضمن ديمومته وتحافظ عليه، كونه مصلحة للجميع

وما يحدث في حضرموت اليوم، لا يساعد أبدًا على المضي في السلام الذي ينشده الجميع، ولا يوحي باستقرار “معسكر الشرعية”

وبالتالي سينعكس هذا التصدع على أي محادثات مقبلة مع الطرف المقابل، الذي من المؤكد أنه سيستغل هشاشة الطرف المناوئ

وستفضي المحصلة النهائية لهذا الوضع بصناعة “سلامٍ ناقص” قد يفرح به طرف ما، لكنه لن يضمن مصالحه على المدى البعيد

واليوم الأربعاء، بدأت تحركات عسكرية لافتة لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي في وادي حضرموت، باتجاه مدينة سيئون

يأتي هذا وسط معلومات عن “ضوء أخضر” من التحالف العربي لقوات الانتقالي بالسيطرة على الوادي الذي ظل لسنوات بيد قوات الحكومة الشرعية

قيادات سياسية حضرمية تحدثت مع “المشاهد”، وأعطت توصيفًا لما يجري هناك، وانعكاساته على استقرار اليمن عمومًا

يصف محلل السياسات المستقل، الباحث الحضرمي نبهان عبدالله بن نبهان، المشهد بمحافظة حضرموت بأنه “امتداد لسلسلةٍ من التوترات والتصعيدات

وأعاد بن نبهان الذاكرة إلى التوترات السياسية والأمنية التي تبلورت خلال العامين الماضيين بين قيادات بالسلطة المحلية

لافتًا إلى تركز تلك التصعيدات بين محافظ حضرموت السابق، مبخوت بن ماضي، وبين الوكيل الأول للمحافظة عمرو بن حبريش

وهو الذي يشغل رئيس حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع، إلى جانب موقعه التنفيذي داخل السلطة المحلية

ويضيف بن نبهان في تصريح خاص لـ”المشاهد”: “هذا التباين بين الرجلين تحوّل تدريجيًا إلى حالة استقطابٍ واسعة

ورافق هذا التباين محاولات متكرّرة للتهدئة عبر وساطات قبلية وسياسية

لكن تلك الجهود لم تمنع استمرار التصعيد المتقطع، خصوصًا في ظل تحرّكاتٍ لافتة من جانب عمرو بن حبريش

حيث بدأ هذا الأخير بتعزيز نفوذه عبر تشكيل قوات “دفاع حضرموت” بقيادة اللواء مبارك العوبثاني، المدير السابق لأمن المحافظة”

ويتابع المحلل السياسي بن نبهان: “مع مرور الوقت، ظهرت تطورات جديدة زادت من منسوب الاحتقان

وكانت أبرز تلك التطورات دخول قوات جنوبية من خارج حضرموت إلى مدن الساحل، دون إعلانٍ رسمي يوضح طبيعتها وأهداف انتشارها”

وكانت قوات مسلحة تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي قد دخلت محافظة حضرموت خلال الفترة الماضية

ويقدر قوامها بنحو عشرة ألوية عسكرية

وبدأت تحركاتها منذ أيام باتجاه السيطرة على مدينة سيئون، تصاعدت أمس الثلاثاء، وفجر اليوم الأربعاء

بن نبهان اعتبر أن غموض أهداف هذه القوات؛ أثار موجةً واسعةً من التساؤلات لدى الرأي العام والشخصيات السياسية في المحافظة

وتزامن مع خطابات تهديد صدرت عن القائد العسكري المعروف بـ”أبو علي الحضرمي” الموالي للمجلس الانتقالي

كما تبعتها اشتباكات محدودة وغير واضحة المعالم مع مجاميع قبلية مؤيدة لـ”بن حبريش”، وسط تعبئةٍ إعلاميةٍ حادة

وفي سياق متصل، شهدت الأيام الماضية تطورًا مهمًا

تمثل بقيام قوات “دفاع حضرموت” التابعة لـ”بن حبريش” بالسيطرة على مواقع شركة “بترومسيلة” النفطية دون الاشتباكات مع قوات حماية الشركة

وهو ما اعتبر مؤشّرًا على تغيّرٍ في قواعد الاشتباك وأولويات الأطراف المتنافسة، بحسب بن نبهان

وكانت شركة “بترومسيلة” قد أعلنت، يوم الاثنين الماضي، توقف عملها “إنتاج وتكرير النفط” في حقول ومنشآت المسيلة بعد هذه التطورات

واعتبرت الشركة المحلية قرارها هذا بأنه “إحدى أهم وسائل السلامة والأمان التي تنتهجها”

ويواصل بن نبهان حديثه: “الوضع الحالي في حضرموت بات معقدًا وشديد الحساسية؛ إذ تتداخل الاتهامات السياسية والعسكرية

كما تتبدل التحالفات بسرعة، في ظل غياب أي مؤشرات فعلية على مسار تسوية

ومن أبرز مظاهر هذا الاضطراب إعلان مجموعات قبلية تنصيب الشيخ خالد الكثيري رئيسًا لحلف قبائل حضرموت

وأوضح بن نبهان أن هذه الخطوة “لم تحظَ بإجماعٍ قبلي”

بينما تواصل مرجعيات قبائل حضرموت الدعوة إلى ضبط النفس وإخراج القوات غير الحضرمية من المحافظة

ولم يخفِ محلل السياسيات المستقل، بن نبهان خشيته من مواجهةٍ محتملة وتفجّر الوضع

وقال: “كل هذه المؤشرات تقود إلى أن حضرموت تقف على حافة مواجهةٍ محتملة ما لم يحدث تدخلٍ سياسي جاد

مشيرًا إلى ضرورة مثل هذا التدخل لإعادة التوازن ووضع حدٍ لمسار التصعيد المتسارع

وأكمل: “في ظل الصمت اللافت من مجلس القيادة الرئاسي، تبدو الساحة مفتوحة على احتمالات متعددة”

مفسرًا هذا الصمت إما بوجود ترتيبات غير معلنة قيد الانتظار، أو أن القيادة تترقب ما ستؤول إليه موازين القوى ميدانيًا

من جانبه، ينظر القيادي في خلف قبائل حضرموت، صبري بن مخاشن، أن ما يجري في حضرموت هو محاولة لزعزعة أمنها واستقرارها

معتقدًا أن ما يحدث لا شك وأنه يؤثر على الاستقرار والسلام في اليمن

وقال بن مخاشن في حديث خاص لـ”المشاهد”: إن حضرموت كانت خلال سني الحرب الأولى نموذجًا للأمن والاستقرار

مشيرًا إلى وجود محاولات لاستنساخ تجربة عدن ومناطق أخرى، وما تعانيه من إرهابٍ وزعزعة للأمن والاستقرار، وتكرارها في حضرموت”

في تلميحٍ لتواجد قوات المجلس الانتقالي داخل حضرموت

وأضاف: “يحاولون نقل هذه التجربة إلى حضرموت، عبر نهب والسيطرة على آبار النفط ومناجم الذهب، والمنشآت البحرية والموانئ والمنافذ والأراضي”

وواصل: “جاؤوا بجحافل كبيرة من أجل تهديد هذا الاستقرار، والأهم السيطرة على قرار حضرموت السياسي والاقتصادي”

يتابع بن مخاشن حديثه: “لا شك أن هذا تهديد كبير، يهدد مستقبل أهم محافظة في اليمن بشكل عام، ظلت لسنواتٍ بعيدةً عن هذه المشكلات”

ويرى القيادي في حلف قبائل حضرموت، أن هذه القوات كان من المفروض أن تذهب لتحرير مناطق سيطرة الحوثي

لكنها جاءت لتهديد أبناء حضرموت المطالبين بالخدمات والكهرباء والحقوق السياسية والاقتصادية والخدمية، أقرها المجلس الرئاسي مطلع يناير 2025، حد تعبيره

وأبدى بن مخاشن استغرابه من مجئ قوات الانتقالي إلى حضرموت واختلاق الأكاذيب والتهديدات

معتبرًا أن هذا أمر مرفوض؛ ولهذا أعلن حلف قبائل حضرموت مقاومة هذه القوات الغازية، بحسب وصفه

في المقابل، تحدث نشطاء موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت عن ترحيبهم بتواجد قوات الانتقالي لإنهاء سيطرة القوات الحكومية

وتبادل إعلاميون وأنصار الانتقالي التهاني، أمس الثلاثاء، على منصات التواصل بسيطرة قوات الانتقالي على مناطق واسعة من وادي حضرموت

متوقعين أن تكمل هذه القوات السيطرة على مدينة سيئون، حاضرة الوادي، اليوم، وسط اشتباكات ومواجهات مع قوات المنطقة العسكرية الأولى

لا شك أن ما يجري في حضرموت سيلقي بآثاره الواضحة على جهود التهدئة والسلام في اليمن عمومًا

ما لم تكن هناك تفاهمات وترتيبات بين القوى السياسية في “معسكر الشرعية”؛ لتمرير هذا التوتر وتوظيفه سياسيًا

ولعل هذه التفاهمات هي ما تفسر تسارع الأحداث والمواجهات العسكرية في وادي حضرموت، وسيطرة قوات الانتقالي السريعة على سيئون

ما رأيك بهذا الخبر؟سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع

يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة

بريدنا الإلكتروني: almushahideditor@gmail

com احصل على آخر أخبار المشاهد نت مباشرة إلى بريدك الإلكتروني

الإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقاريرمن نحن