أحمد الصباحي : استعراض الحديدة

منذ سنة

يبدو أن الحوثي يفهم لغة السلام بطريقة مختلفة، ذلك أن المجتمع الدولي عندما واصل الضغوط على دول التحالف والحكومة الشرعية لإعلان الهدنة والشروع في مبادرات من شأنها أن تخفف من حدة التصعيد العسكري قد تم فهمها من قبل الحوثي بأنها فرصة لإظهار العضلات

 وعلى قاعدة خالف تُعرف، يجتهد الحوثي لإبطال كل الاتفاقيات ويخرج عن سياقها من أجل لفت الانتباه وإرسال رسائل للمجتمع الدولي بأنه هو الأقوى في المشهد وأنه أحق بالتعامل معه بشكل أوحد

 كانت اتفاقية السويد المشؤومة في 2018 تنص على انسحاب الحوثي من موانئ الحديدة إلى شمال طريق صنعاء وإفراغ المدينة السكنية من المسلحين وتولي السلطات المحلية الإشراف على إدارة المدينة وفق القوانين اليمنية، لكن الحوثي فعل العكس كعادته

 تحول الميناء إلى ثكنة عسكرية ومنطلق إرسال قوارب متفجرة وألغام بحرية ملغومة تستهدف السفن والناقلات، واكتملت المسرحية بتجميع المسلحين من جميع المحافظات لإقامة عرض عسكري ساحل البحر الأحمر

 أراد الحوثي من خلال هذا العرض أن يقول للمجتمع الدولي أنه قادر على تهديد الملاحة الدولية معتبراً أن لغة التهديد هي اللغة الوحيدة التي يمكن التعامل بها مع المجتمع الدولي ودول الإقليم

 ربما أن التوقيت قد يكون لصالح الحوثي بسبب انشغال المجتمع الدولي بقضايا أهم من القضية اليمنية، لكن الشيء المؤكد أن لغة التهديد لا يمكن أن تجدي نفعاً في كل الظروف وبالنسبة للحوثي فهو لا يملك غيرها، فمنطق القوة والسلاح هو الشيء الوحيد الذي يجيده متجاهلاً كل الخراب والأوجاع التي يسببها للشعب جراء ذلك

 الشيء الأهم أن استعراضات السلاح والمجندين لا تعبر إطلاقاً عن القوة خصوصاً في فترات الهدنة واستراحة المقاتلين بل تعبر عن حالة ضعف داخلية يعيشها الحوثي فلو كان قوياً كما تعرضه ساحات الاستعراضات لما توقف يوماً واحداً عن مهاجمة الجبهات وهي في مرمى عينه دون وجود أدنى فرق مراقبة

 الرسالة الأخيرة التي أود قولها في هذا المقام أن هذا السلاح وكل أولئك المجندين الذين تغبرت أجسادهم في ساحات الحوثي لا تمثل أي إضافة للمواطن اليمني، فالمواطن البسيط لم يعد يهمه من المنتصر ومن الخاسر بل يهمه من يوفر الراتب والدقيق والبنزين ومتطلبات الحياة الأساسية وهو الأمر الذي عجز عنه الحوثي وسيكون سر سقوطه المدوي