أسامة المحويتي : رسالة غضب وعتب إلى قيادة الإصلاح
منذ 3 ساعات
أسامة المحويتي قبل عدة أشهر أرسلت إلى نائب رئيس المجلس الرئاسي الدكتور عبدالله العليمي حفظه الله هذا البيت الشعري:إذا كُنتَ ذا رأيٍ فكُن ذا عزيمةٍفإنَّ فـسـادَ الــرأيِ أن تـتـرددالم تكن رسالة عابرة، بل وصفًا دقيقًا لحال الدكتور، وأزعم أنني تريث كثيرًا، ودرست حال الدكتور جيدًا، وتتبعت مواقفه المعلنة وغير المعلنة، ثم وصلت إلى أن هذا الرجل عبقري، وعنده من الإدارك والمعرفة والفهم الشيء الكثير، وهو أحد أنضج السياسين اليمنيين، لكنه للأسف يفتقد إلى الإقدام والتصدر والوضوح
يعلم الكل موقفه، لكنه يجبن عن قوله، يدرك الجميع اتجاهه، لكنه لا يسير في النهار، يتحمل الضريبة كاملة ولا يحقق أي مكسب، يظن أن التواري غنيمة وهو فضيحة
في أول يوم من اقتحام قوات الانتقالي لسيئون، كان الدكتور يتغزل بالإمارات ويثني على دعمها التواصل للشرعية، وقبل يومين صرح الناطق باسم المجلس الانتقالي أن الدكتور عبدالله العليمي لم يعترض على تحركاتهم، وكان يفترض به أن يظهر وينفي هذا الاتهام، لكنه لم يفعل، والحقيقة أن ما قاله المتحدث صحيح، ويعرف هذا من يتتبع خيوط المواقف ويعرف ذهنيات المسؤولين
بعد هذا التصريح التقى الدكتور بالسفيرة البريطانية، وغردت السفيرة بصورة اللقاء، ومضامينه، وأكدت على وحدة اليمن، ولم يصدر عن الدكتور أو المنصات الخاصة به أو حتى الرسمية أي خبر عن اللقاء، بل إنه لم يفعل حتى رتويت للتغريدة، وقد أشارت السفيرة إلى حسابه في تويتر
ما قيمة الموقف إن لم يأتِ في حينه يا دكتور؟قبل أن أكتب، وضعت ألف احتمال وتوقع لما يمكن أن يحدث إذا خرج الدكتور وقال رأيه بوضوح وشفافية، ولم أجد أي مخاطرة ولا نصف مخاطرة ولا ربع
بل إني حسبت المصالح والمكاسب العامة والشخصية والمستقبلية، فوجدت أن اختباءه لا يخدمه في كل الأحوال، وأن ظهوره وتصدره يحقق له عدة مكاسب ويخدمه شخصيًا وسياسيًا على المستوى القريب والبعيد
وحتى إذا كان هناك مخاطرة حين يخرج ويعبر عن موقفه ويستخدم سلطته وإمكانياته، فإن الحياة موقف، والمسؤولية الوطنية والأخلاقية تحتم عليه التحرك والعمل، مهما كانت المخاطرة
لن أستفيض كثيرًا في حال الدكتور عبدالله، وعندي من الوقائع والشواهد الكثير والكثير من جدًا، منذ رئاسته لمكتب هادي وحتى تعيينه نائبًا في المجلس الرئاسي، لكن نكتفي بهذا، والحليم تكفيه الإشارة
ننتقل من الدكتور عبدالله إلى المخضرم الكبير الأستاذ القدير عبدالرزاق الهجري، وقد تعمدت أن يكون الخطاب مباشرًا وشخصيًا، علّه أن يشق طريقه بشكل أفضل وأوضح وأصدق من الرسائل العامة
لا يختلف اثنان على أن الأستاذ عبدالرزاق الهجري هو الوجه المشرق للإصلاح، وهو الرقم الأصعب في المعادلة السياسية اليمنية، بما يتمتع به من دهاء وذكاء ومعرفة ووعي وفصاحة ولباقة، وخبرة سياسية ممتدة لعقود من الزمن، وهو صاحب حنكة وموقف وتصدر ومبارزة، وتشهد لها ساحات البرلمان ومختلف المنابر السياسية والإعلامية، ولا نزال نتذكر ونتداول مداخلته في جلسة البرلمان اليتيمة في عدن بعد تشكيل المجلس الرئاسي، وكيف ألقى كلامًا واضحًا مثل الرصاص
غير أن اللقاء الأخير مع فارع المسلمي لم يكن موفقًا، وظهر الأستاذ عبدالرزاق مثقلًا بحسابات وتعقيدات واحتياطات وتكهنات جعلت كل إجابة تخرج منه وكأنه يزيح جبلًا من مكانه
مثلي يدرك حساسية المرحلة، ويعرف المحاذير، ويفهم ما ينبغي أن يقال وما يترك، وما يقل بوضوح، وما يقال تورية، وما يشار إليه من بعيد، وما يعلن عنه مباشرة، ولا شك أن هامة مثل الهجري يعرف هذه الأدوات جيدًا، لكنه بدا وكأنه يمشي في حقل ألغام، وكأن الإجابات البديهية والمعروفة بالضرورة تتطلب التفافًا وتهربًا، وهذا غريب عجيب وغير مبرر
يحسب للأستاذ أنه كان صادقًا في إجابته بخصوص خارطة الطريق، لكن صدق هذه الإجابة هي فضيحة سياسية كبيرة للإصلاح والشرعية ومختلف الكيانات السياسية اليمنية
وينطبق على الإصلاح في هذا الحال قول الشاعر:ويُقضى الأمر حين تغيبُ تَيْمولا يُـسـتأذنـون وهـم شـهودُأما الصدمة في لقاء الأستاذ فهي التهوين مما يقوم به الانتقالي، ورفضه توصيف الأمر بالانقلاب على الشرعية، واعتبار الموضوع مجرد خلاف حول برامج سياسية
وهذا توصيف يحمل من التهرب ما يجعلك تسابق أسرع عداء في العالم وتسبقه، ويحمل من المجاملة ما يجعل حتى عيدروس يستغرب، ويحمل من الغرابة ما جعلني أقول هذا جواب روبوت وذكاء اصطناعي وليس الأستاذ الكبير عبدالرزاق الهجري
وهناك صدمة أخرى، لكنها متوقعة من قيادات الإصلاح، فقد اعتادوا مدح جلاديهم، ولكني تمنيت أن تأتي من غير الأستاذ عبدالرزاق، وأنا أسميها طعنة في الظهر، وهي ثالث طعنة بعد طعنتي اليدومي والعليمي
الطعنة هي الثناء على الإمارات وتبرئتها من الغدر والخيانة، وعدم تحميلها مسؤولية دمائنا التي ما تزال تنزف حتى اللحظة في حضرموت
اعذرني يا أستاذ، هذه ليست مجاملة سياسية عابرة، بل تكريمًا للقاتل، وإعفائه من المسؤولية، وتنازل عن دماء وأموال وكرامة وسيادة الناس والبلد بثمن بخس، بل بدون ثمن
ولو كانت هذه المجاملات تنفع، لنفعتنا مجاملة اليدومي قبل ثمان سنوات، يوم انبرى للدفاع عن الإمارات ووصمنا بالمصابين بقصر النظر، لأننا كنا نتصدى لدسائس ومكائد وجرائم الإمارات حين كانت تقتلنا في عدن وتعز والمكلا
لم تتراجع الإمارات قيد أنملة، بل زادت من وتيرة تحركاتها وجرائمها، وستبقى تغريدة اليدومي عارًا يلاحقنا أبد الدهر، وسيذكر المؤرخون بعد قرون من الزمن، أن قومًا من الغرباء في القرن الواحد والعشرين كانوا يشكرون قاتليهم ويمتحدون جلاديهم
إذا كنا نسمي ثناء طارق والانتقالي على الإمارات عمالة وخيانة، وهي تدعمهم وترعاهم، فماذا يمكن أن نسمي من يثني عليها وهي تقتله وتسعى لاستئصاله؟وعلى ذكر اليدومي، سيذكر التاريخ أيضًا أن هذا العملاق الكبير لا يحسن اختيار المواقف والتواقيت، فهو يقول مواقف جيدة في أوقات سيئة، أو مواقف سيئة في أوقات جيدة، وهو يشبه علماء غرناطة الذي كانوا يتناقشون أثناء سقوط قرطبة وإشبيلية: هل الملائكة ذكور أم إناث؟وحتى لا أطيل، سأكتفي بهؤلاء الكبار والعمالقة، فهم نموذج واضح لكيف يعمل الإصلاح، وأتمنى أن تجد هذه الرسالة طريقها، وكلي ثقة أن لا أحد سيأخذ الموقف بشكل شخصي، فهو غضب الصاحب ونصح الصادق وعتاب المحب
ما سبق رسالة أبي فراس إلى قادة الإصلاح، وأما رسالة المتنبي فهي:يَرى الجُبَناءُ أَنَّ العَجزَ عَقلٌوَتِلكَ خَديعَةُ الطَبعِ اللَئيمِ