أين وصل إخلاء الممتلكات العامة والخاصة في تعز؟
منذ 6 أيام
تعز- أسامة الكربشعقب سنوات من النزوح بسبب القتال، يعود الأهالي ليجدوا وحدات عسكرية وأمنية ترفض إخلاء ممتلكاتهم الخاصة في مدينة تعز اليمنية
بالنسبة لـ”مسك محمد”، لم يكن النزوح من منزلها في حي جبل جرة شمال تعز، سوى بداية لمعركة أطول
فقد اضطرت مسك وأسرتها لمغادرة الحي في فبراير 2015 مع اشتعال المواجهات بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي، وما تزال المنطقة واحدة من نقاط التماس الخمس المشتعلة في المحافظة
لكن الصدمة الحقيقية جاءت لاحقًا: لم تتمكن محمد من العودة
تقول مسك لـ”المشاهد”: “حُرمنا من منازلنا منذ بداية الحرب حتى الآن
نحن مستأجرين بمبالغ باهظة تفوق إمكانياتنا المادية، نريد العودة للسكن في بيتي، إلا أنهم رافضون الخروج منها”
وتضيف: الشكاوى المقدمة إلى المحافظ والشرطة العسكرية لم تلقَ أي تجاوب حتى الآن
مسك محمد، مواطنة نازحة من منزلها: حُرمنا من منازلنا منذ بداية الحرب حتى الآن
نحن مستأجرين بمبالغ باهظة تفوق إمكانياتنا المادية، نريد العودة للسكن في بيتي، إلا أنهم رافضون الخروج منها”
قصة مسك نموذج لعشرات الحالات المشابهة في تعز، حيث تحولت المنازل والممتلكات الخاصة والعامة إلى مقرات عسكرية أو سكن لعناصر أمنية
ظاهرة شكلت انتهاكًا مستمرًا لحقوق الملكية، عادت إلى صدارة المشهد بقوة بعد اغتيال افتهان المشهري، المدير العام لصندوق النظافة والتحسين، في 18 سبتمبر الماضي، الجريمة التي هزّتْ الرأي العام وأعادت تسليط الضوء على “تغوّل” بعض الوحدات العسكرية والأمنية على ممتلكات المواطنين
تصاعد المطالب الشعبية والحقوقية بإنهاء مظاهر السيطرة غير القانونية دفع السلطة المحلية إلى التحرك
ففي 28 سبتمبر 2025، أصدر محافظ تعز، نبيل شمسان، توجيهاتٍ عاجلة لقيادة المحور والشرطة بـ”إخلاء وتسليم كافة المنشآت العامة والخاصة التي جرى الاستيلاء عليها خارج الأطر القانونية”
وشملت قائمة الإخلاء أكثر من 25 منشأةً حكومية، من ضمنها مبانٍ حيوية كورش التعليم الفني، والمعهد التقني، ومبنى وكالة سبأ، وقلعة القاهرة التاريخية
وفي الأول من أكتوبر، وسّع المحافظ نطاق توجيهاته لتشمل منازل المواطنين التي تحتلها قوات عسكرية وأمنية، داعيًا إلى الإخلاء الفوري أو تحرير عقود إيجار رسمية للمباني الواقعة على خطوط التماس، تنفيذًا لتوجيهاتٍ رئاسية
كما طالب المحافظ، في 6 أكتوبر، بالتنسيق مع نقابة المحامين لاستلام الشكاوى الموثقة للمتضررين، مشددًا على ضرورة الشفافية وأعطى مهلةً 48 ساعة للجنة المختصة لتقديم كشفٍ تفصيلي بالممتلكات الخاصة المستولى عليها
وأكدت المحافظة أن هذه الإجراءات جاءت استجابةً للمطالبات الحقوقية بعد حادثة المشهري، وتأكيدًا على “انحياز السلطة المحلية لقضايا المواطنين”
على الرغم من التوجيهات الرسمية، لا تزال النتائج الملموسة في استعادة الممتلكات بطيئة
وأفاد الناطق الرسمي لمحافظة تعز، مهيوب الحبشي، لـ”المشاهد”، أن الحملة الأمنية “لم ترفع تقريرًا تفصيليًا حتى هذه اللحظة حول ما تم إنجازه على صعيد إخلاء المؤسسات الحكومية وتسليم المباني الخاصة بشكل رسمي”
وفي المقابل، قال رئيس اللجنة المكلفة بتسليم المباني والممتلكات العامة والخاصة، أحمد الغزالي، إن اللجنة، التي بدأت عملها في منتصف 2022، تمكنت من استعادة “أكثر من 80 %” من المباني والممتلكات العامة والخاصة التي كانت تحت سيطرة جهات أو أفراد
هذا التضارب في الأرقام والتصريحات يعكس حالةً من الغموض الإداري حول مدى نجاح جهود الإخلاء
رئيس اللجنة المكلفة بتسليم المباني والممتلكات العامة والخاصة، أحمد الغزالي: اللجنة، التي بدأت عملها في منتصف 2022، تمكنت من استعادة “أكثر من 80 %” من المباني والممتلكات العامة والخاصة التي كانت تحت سيطرة جهات أو أفراد
”وجهة النظر القانونية، ترى الاستيلاء على المنازل والمؤسسات العامة جريمة صريحة
ويؤكد المحامي ياسر المليكي أن القانون لا يجيز ذلك إلا في حالات الضرورة القصوى أثناء العمليات الحربية، وبشرط ألا يمس ذلك بالمنفعة العامة أو المنشآت الحيوية
ويوضح المليكي أن استمرار سيطرة القوات العسكرية والأمنية على هذه الممتلكات بعد زوال الخطر “قد يرقى إلى مستوى جريمة حرب إذا تم بشكل منهجي ومقصود وأدى إلى تعطيل الخدمات أو الإضرار بالمدنيين، بحسب القانون الدولي الإنساني”
كما أشار المليكي إلى أن القانون اليمني يجرم هذه الأفعال، حيث تعاقب المادة (133) من قانون الجرائم والعقوبات كل من يشترك في عصابةٍ مسلحة بقصد اغتصاب الأراضي أو نهب الأموال العامة بالحبس لمدة تصل إلى عشر سنوات
الاستيلاء على الممتلكات الخاصة، فتعاقب عليه المادة (321) بعقوباتٍ قد تصل إلى خمس سنوات في حال تمت بالقوة أو التهديد، وإلى الإعدام في حال تسبب ذلك في وفاة شخص
المحامي ياسر المليكي: الاستيلاء على الممتلكات الخاصة، تعاقب عليه المادة (321) بعقوباتٍ قد تصل إلى خمس سنوات في حال تمت بالقوة أو التهديد، وإلى الإعدام في حال تسبب ذلك في وفاة شخص
”يختتم المليكي حديثه بالتأكيد على أن “الاستيلاء على الممتلكات العامة والخاصة لا يمكن تبريره بأي ذريعة، وأن استمراره يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الوطني والدولي
”ومع استمرار تباطؤ السلطات في إنهاء هذه الانتهاكات، تظل مسك محمد وعشرات العائلات الأخرى محاصرين بين تداعيات حربٍ لم تنتهِ وبين مطالب العدالة التي لم تتحقق بعد
ما رأيك بهذا الخبر؟سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع
يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة
بريدنا الإلكتروني: almushahideditor@gmail
comليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير