اتهامات بلا أدلة.. كيف تحول موظفو المنظمات الأممية إلى هدف لحملات التضليل باليمن؟

منذ 6 ساعات

صنعاء – شهاب العفيففي مساء السادس عشر من أكتوبر 2025، ظهر زعيم جماعة الحوثي عبدالملك الحوثي في خطابٍ متلفز، يتهم فيه بشكل صريح منظمات الأمم المتحدة بصنعاء، بالقيام بأعمال تجسسيّة تحت الغطاء الإنساني، وأنها كانت سببًا في استهداف حكومته ورئيسها بضربات إسرائيلية

وقال الحوثي: “حصلنا على معلومات قاطعة عن ذلك الدور التجسسي العدواني للخلايا التي تم اعتقالها من الأجهزة الأمنية وهي تنتسب إلى تلك المنظمات

زعيم الحوثيين اتهم ما وصفها بـ”خلايا تجسسيّة”، تابعة لمنظمات تعمل في المجال الإنساني، أبرزها برنامج الغذاء العالمي، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، بالوقوف خلف استهداف حكومته بغارة إسرائيلية، وأن البرنامج كان له الدور الأبرز في الاستهداف متهمًا مسؤول الأمن والسلامة في البرنامج باليمن

لكن، هل ما ادعاه زعيم الجماعة صحيح؟، وهل كانت المنظمات الإنسانية والأممية سببًا في استهداف حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليًا؟، وهل حملة الحوثيين ضد موظفي المنظمات الإنسانية والموظفين الأمميين بدأت عقب هذا الاستهداف؟، وكيف شنّت جماعة الحوثي حملة تضليلٍ ممنهجة ضد المنظمات الإنسانية والأممية العاملة بصنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين؟في الخطاب المتلفز لزعيم الحوثيين، لم يقدم الحوثي أدلة أو براهين تؤكد ادعاءه ضد موظفي المنظمات والموظفين الأمميين، واكتفى بالقول إن لديهم معلومات وصفها بـ”القاطعة”، حول إبلاغ موظفين تابعين لبرنامج الغذاء العالمي لإسرائيل بمكان وموعد اجتماع حكومته، وأنه تم تزويد خلايا المنظمات بإمكاناتٍ تجسسية وأجهزةً للرصد واختراق الاتصالات

سبق بثّ خطاب الحوثي بساعات، إعلان الجماعة مقتل رئيس أركانها محمد الغماري بغارة إسرائيلية سابقة

وفي 30 أغسطس الماضي، أعلنت الجماعة مقتل رئيس حكومتها أحمد الرهوي وعدد من وزرائها، وجاء إعلان الحوثي بعد يومين من قيام إسرائيل بشنّ ضرباتٍ جوية لمكان الاجتماع وسط صنعاء

في اليوم الذي أعلنت فيه جماعة الحوثي مقتل رئيس أركانها الغماري، 16 أكتوبر 2025،  وصلت عدد منشورات حساب نصر الدين عامر على منصة اكس، 43 منشورا

وهذا اليوم هو الأعلى في عدد المنشورات على الحساب خلال الفترة 14 أكتوبر-12 نوفمبر 2025، حسب ما تظهر تحليلات سوشيل انسايدر، وهي منصة متخصصة في تحليل بيانات وسائل التواصل الاجتماعي

/كانت معظم تغريدات عامر في 16 أكتوبر حول مقتل الغماري، لكنه استغل الحادثة باتهام موظفي الأمم المتحدة بالوقوف وراء الحادثة التي راح ضحيتها أيضا رئيس الوزراء وعدد من أعضاء حكومة جماعة الحوثي في صنعاء

وفي 17 أكتوبر، أدانت الأمم المتحدة اتهامات الحوثيين ضد موظفيها ومنظماتها العاملة في اليمن، ورفضت بشكلٍ قاطعٍ جميع الاتهامات التي وجهت من زعيم الحوثيين

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه إزاء استمرار الاتهامات العلنية من الحوثيين ضد موظفي الأمم المتحدة في اليمن، مؤكدًا أن هذه الاتهامات خطيرة وغير مقبولة، وتُعرّض سلامة الموظفين الأمميين والعاملين في المجال الإنساني لخطرٍ “جسيم”، وطالب بإخلاء مقرات الأمم المتحدة وإعادة الأصول والمعدات التي استولت عليها الجماعة

عقب الخطاب الحوثي شنّت مواقع إعلامية موالية للجماعة، وحساباتٍ على منصات التواصل الاجتماعي “فيسبوك” و”إكس”، أخبارًا تُهاجم فيه المنظمات وموظفيها، وقامت الحسابات بنشر معلوماتٍ مضللة حول المنظمات وموظفيها

كانت الادعاءات متناسقةً، حيث هاجمتْ المنظمات الإنسانية والأممية، واتهمتها بالتجسس لصالح أمريكا وإسرائيل

أبرز المواقع والحسابات هي (قناة المسيرة، المسيرة نت، موقع أنصار الله، صحيفة الثورة نسخة الحوثي، موقع يمانيون، 26 سبتمبر نسخة الحوثي، سلطان السدح، عبدالسلام جحاف، نصرالدين عامر)

وهنا 11 رابطًا يوثق حملة الحوثيون وناشطيه ضد المنظمات الإنسانية والأممية (رابط1، رابط2، رابط3، رابط4، رابط5، رابط6، رابط7، رابط8، رابط9، رابط10، رابط11)نشرت حساباتٌ على منصات التواصل خلال يومي 16، 17 أكتوبر 2025، خبرًا حول إلقاء القبض على مسؤول الأمن والسلامة في برنامج الغذاء العالمي باليمن، والذي كان قد اتهمه زعيم الحوثيين بشكل علني في خطابه المتلفز

حساب يحمل اسم “رقية بنت اليمن” على “إكس” لديه أكثر من 16 ألف متابعًا، نشر في 16  أكتوبر، صورةً لشخصٍ أدّعى الخبر أنها لمسؤول الأمن والسلامة في الغذاء العالمي رمزي الفاردي، وأنه المسؤول الأول عن استهداف حكومة الحوثي بصنعاء والذي تحدث عنه زعيم الجماعة، حصل الخبر على أكثر من 59 ألف مشاهدةً، و953 إعجابًا، و177 إعادة نشر

وفي اليوم التالي نشر القيادي الحوثي عبدالسلام جحاف، والذي لديه أكثر من 290 ألف متابعٍ، خبرًا معنونًا بـ”عاجل” بأن جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين ألقى القبض على المسؤول الأمني لفرع الغذاء العالمي باليمن، واتهم جحاف الموظف الأممي بـ”التورط في جرائم التخابر مع الكيان”

ووضع علامة X  بلونٍ أحمر على وجه صورة الشخص الذي عرّفه بأنه “مسؤول الغذاء العالمي”

وحصل منشور جحاف بالـ”فيسبوك” على أكثر من 3,800  تفاعل

عند التحقق من الصورة المنشورة، تتضح أنها لموظفٍ أممي تم اعتقاله في 6 أكتوبر الماضي من قبل الحوثيين، واسمه “رمزي عبدالقوي صالح الفاردي”، مسؤول عن قسم الشؤون الإدارية في مكتب برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة باليمن، فرع محافظة صعدة، وذلك بعد اقتحام منزله بصنعاء

والصورة المتداولة في الادّعاء يعود مصدرها إلى حساب جامعة سبأ بصنعاء، مع مجموعة صور تم التقاطها أثناء مناقشة رمزي لرسالة الماجستير في المحاسبة بتاريخ 27 أغسطس 2024

فيما مسؤول الأمن والسلامة بالغذاء العالمي، اسمه عمار علي ناصر، اعتقلته جماعة الحوثي أواخر أغسطس الماضي، وفقًا للصحفي فارس الحميري والذي نشر فيديو أثناء قيام مجموعةٍ من سكان غزة بتكريمه، بالإضافة إلى ما قالته المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي، عبير عطيفة لوكالة أسوشيتد برس حين هاجمت الجماعة الحوثية مكاتب الأمم المتحدة بصنعاء واعتقلت ما لا يقل عن 11 موظفًا أمميًا

فيما الناشط السياسي أحمد الأشول نشر في 23 أكتوبر على حسابه بالـ”فيسبوك”، منشورًا تحدث فيه أن عمار عمل لفترةٍ في قطاع غزة أثناء الحرب الأخيرة، ضمن موظفي الأمم المتحدة، وبسبب دخوله القطاع عبر الأراضي المحتلة وختم إسرائيل على جوازه لفقّت جماعة الحوثي له التهم بالتخابر مع إسرائيل

وتحدثت الصحفية الفلسطينية، هند الخضري، على حسابها بالـ”إنستجرام” والذي يتابعه أكثر من مليون و100 ألف متابع، بأنها عرفت عمار ناصر عن قرب في غزة خلال الحرب، وأنه عمل كثيرًا في سبيل إيصال المساعدات الغذائية إلى سكان غزة، وأن اتهامات الحوثيين له باطلة، وطالبت بالإفراج عنه، وقالت: “اليوم يعاقب عمار على إنسانيته

الدليل الوحيد ضده أنه خدم أهل غزة بشرفٍ ورحمة”

شهادة الصحفية هند، لم تكن وحدها، بل تحدث المصور الصحفي الفلسطيني عبدالحكيم أبو رياش أنه التقى عمار ناصر في قطاع غزة كثيرًا، كما تحدث عن ذلك الناشط سعيد التبان، والذي قال إنه هو من كان يقف جوار عمار ناصر أثناء وضعه “الكوفية الفلسطينية” في دير البلح بغزة

أدان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في بيانٍ بتاريخ 16 سبتمبر 2025، الاعتقالات التعسفية بحق موظفي البرنامج والأمم المتحدة، واقتحام مكاتبها وتدمير ممتلكاتها

وقال البيان، “قد أضرّت بشدة بقدرة برنامج الأغذية العالمي ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى على الوصول إلى المجتمعات الضعيفة في شمالي اليمن”

مشيرًا أن جماعة الحوثي اعتقلت 21 موظفًا بالبرنامج

البيان أكد أنه على مدار نحو 60 عامًا، كان برنامج الأغذية العالمي سندًا للشعب اليمني في أصعب الأوقات التي مرّت بها البلاد -كالصراعات والنزوح والجوع الشديد-، وعمل على مكافحة المجاعة وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لملايين الأشخاص بفضل دعم المانحين المتواصل

وفي 12 سبتمبر الماضي، أدان مجلس الأمن الدولي “بشدة” احتجاز الحوثيين لما لا يقل عن 21 موظفًا أمميًا أواخر أغسطس، بالإضافة إلى اقتحام مقرات برنامج الأغذية العالمي و”اليونيسف” ومصادرة ممتلكات المنظمة

مؤكدًا أن تلك الأعمال تعد انتهاكًا للقانون الدولي

مضيفًا أن جماعة الحوثي تعتقل موظفين من الأمم المتحدة، ومنظمات غير حكومية وطنية ودولية، ومنظمات مجتمع المدني، وبعثات دبلوماسية، بعضهم منذ عام 2021، سبق وأن توفيّ أحد موظفي الأمم المتحدة في سجون الاعتقال لدى الحوثي، وهو ما يوضح قيام جماعة الحوثي بانتهاكاتٍ ضد المنظمات الإنسانية والأممية وموظفيها

لم تبدأ حملة الحوثيين ضد موظفي المنظمات الأممية خلال أغسطس، وسبتمبر، وأكتوبر من عام 2025، أثناء الضربات الإسرائيلية ضد الحوثيين

بل سبق وأن نفّذت الجماعة خلال الأعوام السابقة حملات اختطافاتٍ طالت عشرات الموظفين الأمميين، ومن يعملون في المنظمات الإنسانية والسفارات

كما أن اتهام زعيم الحوثيين لموظفي المنظمات والأمم المتحدة والدبلوماسيين لم يكن وليد اللحظة، بل سبق وأن وجّه لهم اتهاماتٍ علنيةً في إحدى خطاباته المتلفزة

في السادس من يناير 2025، نشرت مواقع إخبارية تابعة لجماعة الحوثي خبرًا نقلًا عن زعيم الجماعة يتهم فيه الولايات المتحدة الأمريكية بقيامها باستغلال بعض منتسبي المنظمات والأمم المتحدة العاملة في اليمن، ومن يتحركون تحت غطاءٍ دبلوماسي

نشر الخبر على شكل تهنئةٍ لزعيم الجماعة عبدالملك الحوثي بمناسبة الانتصار الذي وصفه بـ”الكبير والمهم” المتمثل في تفكيك شبكة التجسس الخطيرة التي تعمل لخدمة أمريكا وإسرائيل

تداول الخبر عدد من المواقع الإخبارية منها موقع (26 سبتمبر نت نسخة الحوثي، موقع يمانيون، أفق نيوز، المساء برس، موقع الاتحاد برس)

ونجد أن موقعي 26 سبتمبر ويمانيون، ضمن المواقع التي وردت سابقًا وقاموا بنشر ادعاءاتٍ تمثلت بمقالاتٍ وتقارير، ضد المنظمات، واتهام موظفيها بالتجسس

عند البحث عن هذا الخبر وتفحصه يتبيّن أنه غير صحيح، إذ تزامن نشره مع إعلان الجماعة القبض على شبكةٍ وصفتها بـ”التجسسية” تابعة للسعودية وبريطانيا

ومن خلال البحث عن الخبر المتداول نجد أنه نشر سابقًا في 11 يونيو 2024، بعد إعلان جماعة الحوثي القبض على شبكة وصفتها بـ”التجسسية” من موظفي السفارات والمنظمات المحلية والدولية

حيث أن النشر جاء بنفس الصياغة، ونفس محتوى المعلومات، الذي يتحدث عن تهنئةٍ لعبدالملك الحوثي في 11 يونيو 2024، حول تفكيك شبكةٍ تجسسية تعمل لصالح أمريكا وإسرائيل، وأن أمريكا تستغل منتسبي المنظمات والأمم المتحدة والدبلوماسيين للعمل لصالحها، حد تعبير الحوثي في التهنئة

وتم نشر الخبر آنذاك في عشرات المواقع الإخبارية التابعة والمؤيدة للجماعة منها، (قناة المسيرة، وكالة سبأ نسخة الحوثي، صحيفة الثورة نسخة الحوثي، موقع اليمنييون، موقع ذمار نيوز، 26 سبتمبر نسخة الحوثي، الجديد برس، صحيفة الحقيقة، شمس نيوز، موقع يمانيون)

عندما أصدرت الجماعة بيانها على لسان رئيس جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين عبدالحكيم الخيواني في 10  يونيو 2024، اتهم البيان موظفين في السفارة الأمريكية بصنعاء، بالقيام بما وصفوها بـ”أدوار تجسسية تخريبية في مؤسسات رسمية وغير رسمية على مدى عقود لصالح أمريكا وإسرائيل”، وأنهم مرتبطين مباشرةً بوكالة الاستخبارات الأمريكية CIA، دون تقديم أدلةٍ واضحة ومستقلة، والاكتفاء ببث اعترافاتٍ أنتزعت قسريًا من الموظفين المعتقلين

البيان، كان أول تصريحٍ علني للجماعة بتوجيه الاتهامات لموظفي المنظمات والموظفين الأمميين، حيث جاء في البيان: “عناصر شبكة التجسس استغلوا صفاتهم الوظيفية بالسفارة الأمريكية لتنفيذ أنشطتهم التخريبية، وأنه بعد خروج السفارة الأمريكية من صنعاء استمرت عناصر الشبكة التجسسية بتنفيذ أجندتها التخريبية تحت غطاء منظماتٍ دوليةٍ وأممية”

رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء “سبأ” بنسختها الحوثية، نصرالدين عامر، نائب رئيس الهيئة الإعلامية للحوثيين، نشر في 30 أغسطس 2023، منشورًا نقلًا عن رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين، مهدي المشاط، أن “الأيام القادمة ستشهد إثارة مشاكل، وأن هناك قمع للحريات، وسيختلقون الأكاذيب ضمن مخطط السفارة الأمريكية، وفي العام 2024 ستعمل السفارة على خطة استقطابٍ لشخصياتٍ عبر المنظمات، وعقد ندواتٍ في الخارج وإنشاء منظمات مجتمع مدني يجندون من خلالها”

وفي 31 أغسطس 2023، نشر عامر، على حسابه بمنصة “إكس”، والذي يتابعه أكثر من 397 ألف متابعٍ، منشورًا يتهم فيه أمريكا باستخدام منظماتٍ تعمل ظاهريًا تحت مسمى العمل الإغاثي والإنساني، بينما في حقيقة الأمر أنها منظمات ذات طبيعة عسكرية واستخباراتية”

كما كتب مطلع العام 2024، وتحديدًا في 22 فبراير،  منشورًا على منصة “إكس” نقلًا عن زعيم الحوثيين، بأن “أمريكا وإسرائيل تتلاعب على مستوى المنظمات الدولية والبرامج التي تتحرك تحت العناوين الإنسانية”

وهذا يؤكد كيف سعى عامر، والذي يعد من المسؤولين الأوائل في إعلام الحوثيين، لشنّ حملةٍ مضللةٍ ضد المنظمات الأممية والإغاثية دون تقديم أدلةٍ أو وثائق تثبت هذه المزاعم

لقد تم اختيار حساب نصرالدين عامر كعينة للحسابات الفاعلة في حملة التضليل ضد موظفي الأمم المتحدة في اليمن لأن عامر يشغل منصب رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية سبأ (نسخة صنعاء التي تتحكم بها جماعة الحوثي) وهو أيضا نائب رئيس الهيئة الإعلامية لأنصار الله، حسب ما يعرف به نفسه هو على حسابه الشخصي الموثق على منصة اكس (تويتر سابقا)

تبين من خلال البحث المتقدم على منصة إكس أن حساب نصر الدين عامر كان هو الأبرز في عدد المنشورات المتصلة بحملة التضليل الموجهة ضد موظفي الأمم المتحدة في اليمن

رسم بياني: الحسابات التي روجت الحملة على اكس حسب عدد المنشوراتوتظهر تحليلات سوشيا انسايدر أن الملف الشخصي لنصر الدين عامر خلال الفترة 14 أكتوبر-12 نوفمبر 2025، قد حصل على أكثر من 14 مليون ظهور، مع وصول محتوى الفيديو إلى أكثر من 3 ملايين مشاهدة

وكان التفاعل مع منشورات عمر قويًا، حيث بلغ إجمالي التفاعلات أكثر من 563,000 والتي شملت الإعجابات، وإعادة التغريد، والردود، والاقتباسات

تظهر الوقائع أن حملة الحوثيين ضد المنظمات الإنسانية والأممية وموظفيها في مناطق سيطرتهم ليست وليدة اللحظة، ولا مرتبطة بالقصف الإسرائيلي لمواقع الجماعة ومعسكراتها، بل تعود جذورها إلى نحو خمس سنواتٍ مضت، وبلغ إجمالي عدد موظفي الأمم المتحدة الذين اعتقلتهم الجماعة 54 موظفًا منذ عام 2021، وذلك بهدف استخدامهم كورقةٍ في مناورةٍ سياسية، عبر توجيه اتهاماتٍ جاهزة مثل “التجسس”؛ لتبرير ممارساتها أو للتغطية على اختراقاتٍ أمنية داخل صفوفها

في الواقع، يقتصر عمل الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية في اليمن على جمع البيانات المتعلقة بالاحتياجات الإنسانية وأسماء وأرقام النازحين والمستفيدين من المساعدات، ولا يمت بصلةٍ إلى أي أنشطة تجسسٍ أو أعمال اختراق

 كما أن جماعة الحوثي لم تقدم حتى اليوم أي أدلةٍ مستقلة أو وثائق تقنية تثبت صحة مزاعمها، في وقتٍ باتت فيه تقنيات المراقبة والتجسس الحديثة القائمة على الذكاء الاصطناعي متاحة لبعض الدول والأنظمة عبر الأقمار الصناعية والبرمجيات المتقدمة، ما يفقد اتهامات الجماعة أي مهنيةٍ أو واقعية

لا تنتهي حملات التضليل من قبل جماعة الحوثي بالاعتقال للعاملين في وكالات الأمم المتحدة، المنظمات المحلية والبعثات الدبلوماسية

بل تعدى ضرر هذا التضليل إلى إنهاء الحق في الحياة كما حدث لموظف يعمل لدى برنامج الغذاء العالمي حيث توفي أثناء اعتقاله تعسفيا لدى جماعة الحوثي بمحافظة صعدة، شمال اليمن، في فبراير 2025

 وكما حدث مع  هشام الحكيمي أحد العاملين في منظمة رعاية الأطفال، والذي توفي في أكتوبر 2023 بينما كان معتقل قسرا في سجون الحوثيين بصنعاء

لقد بدا وضحا تماما أن هذا التضليل ضد موظفي الأمم المتحدة في اليمن قد زرع الخوف والقلق في وسط جميع العاملين لدى هذه المنظمات والمنظمات المحلية الأخرى

ورفض جميع من تواصل معهم معد التقرير من العاملين لدى وكالات الأمم المتحدة من التعليق على الموضوع خوفا على حياتهم وأمنهم

أصيل مصطفى رئيس إحدى المنظمات باليمن، يقول إن حملات الاعتقالات التي تنفذها جماعة الحوثي بحق موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المنظمات الإنسانية لا تستهدف أفرادًا بعينهم فحسب، بل تضرب بيئة العمل الإنساني بأكملها

 يقول مصطفى في حديثه مع المشاهد “إنها تزرع حالة خوف دائم بين الموظفين وأسرهم في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث يعيش العامل الإنساني تحت تهديد الاستدعاء أو الاعتقال المفاجئ دون أي ضمانات قانونية أو قدرة على التواصل مع عائلته أو محامٍ

”ويضيف مصطفى ” أن حالات مثل اعتقال وإخفاء هشام الحكيمي، الموظف في منظمة رعاية الأطفال، ثم الإعلان عن وفاته داخل الاحتجاز دون السماح لأسرته أو منظمته بزيارته، تعكس خطورة الوضع وما تخلفه من صدمة لدى زملائه وعائلات العاملين

هذا المناخ القائم على الخوف والصمت -وفقًا لأصيل – يعمّق انعدام الثقة داخل المجتمع، ويدفع بعض الأسر والموظفين إلى تجنب الحديث أو ترك العمل بالكامل

وأشار إلى أن هذه “الممارسات أثرت مباشرة على استمرارية العمليات الإنسانية، ودفعت العديد من المنظمات للنزوح إلى مناطق سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، كما اضطرت بعض الوكالات إلى تقليص أنشطتها في شمال اليمن، بعد موجات الاعتقال، ووفاة موظف برنامج الأغذية العالمية في سجون الحوثيين في صعدة مطلع 2025”

إن الإجراءات التي اتخذتها جماعة الحوثي بحق موظفين أمميين وعاملين إنسانيين، وما رافقها من حملات دعائية واتهامات إعلامية، تمس الإطار القانوني الدولي واليمني معًا، يقول المحامي والناشط الحقوقي ذي يزن السوائي

ويضيف السوائي لـ”المشاهد”، أن القانون الدولي الإنساني واتفاقيات الأمم المتحدة يقران بأن موظفي الوكالات الأممية والعاملين الإنسانيين يتمتعون بحماية خاصة أثناء أداء مهامهم، ولا يجوز توقيفهم أو التحقيق معهم أو عرضهم إعلاميًا إلا بضوابط قانونية صارمة وبموافقة المنظمة الأم

كما أن القانون اليمني – بحسب المحامي السوائي- يلزم باتباع إجراءات سليمة تضمن حق الدفاع وتمنع نشر أي اعترافات أو مواد إعلامية قبل صدور حكم قضائي بات، مشيرًا إلى أنه “يُحظر أي معاملة مهينة أو استغلال إعلامي قد يؤثر على العدالة”

 ويؤكد أن “نشر تسجيلات أو تقديم أدلة عبر الإعلام واستخدام أساليب تشهير بحق موظفين أجانب أو محليين قبل عرضها على القضاء يعد خروجًا واضحًا عن قواعد المحاكمة العادلة ويفقد الإجراءات مشروعيتها”

وقال السوائي إن القانون اليمني، يعتبر أي احتجاز أو اتهام خارج سلطات الضبط القضائي المختصة أو اذن النيابة العامة، يُعد قبضًا غير مشروع، يترتب عليه مسؤولية جنائية، كما يُعد التشهير أو نشر معلومات بلا سند قانوني جريمة مستقلة، أما دوليًّا، يوضح السوائي أن هذه الأفعال قد تُصنف كانتهاكات تستوجب المساءلة، خصوصًا عندما تطال موظفين مشمولين بحصانات أممية

ما رأيك بهذا الخبر؟سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع

يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة

بريدنا الإلكتروني: almushahideditor@gmail

comاحصل على آخر أخبار المشاهد نت مباشرة إلى بريدك الإلكتروني

الإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقاريرمن نحن