الأطفال المهمشون ما يزالون خارج المدارس في تعز
منذ 2 ساعات
تعز- عبدالغني عقلان“كيف نسوي مع المدارس يشتوا يعزلوا أطفالنا عن التعليم ويخلوهم يظلوا يعملوا في القمامة من برميل إلى برميل يلقطوا الدبب والخردة”
يحكي أحمد ناجي (39 عامًا) عن مصير أطفاله التعليمي
ويضيف ناجي، من حي “زيد الموشكي” بتعز، بحرقةٍ وحزن: “نذهب بهم إلى المدرسة للتسجيل، فيقولوا لنا خلص التسجيل ويرفضوا تسجيل أطفالنا في المدارس”
ويواصل حديثه مع “المشاهد”: “ذهبتُ إلى مدرسة زيد الموشكي لتسجيل ابنتي في الصف الأول الابتدائي، لكني تفاجأتُ برفض قبولها هي وثلاث بنات من الجيران المهمشين المقيمين في الحي”
ويتابع: “ليس هذا فحسب بل إن الأطفال النازحين مع أسرهم من الراهدة إلى الحي تم أيضًا رفض تسجيلهم في المدرسة وحرموا من التعليم”
مديرة مدرسة زيد الموشكي، أفراح ثابت ردّت على ما قاله ناجي، وقالت لـ”المشاهد”: “لا يوجد رفض مطلق للطالبات المهمشات”
وأوضحت أن استقبال التسجيل للصف الأول يفتح ليوم أو يومين فقط؛ بسبب كثافة الطلاب، وجاء البعض من الأطفال المهمشين متأخرين
كما أن هناك طالبات مهمشات سجلنّ مبكرًا في الصف الأول هذا العام”
وتزيد: “نناقش موضوع نظافة الطالبات المهمشات وألفاظهنّ مع أولياء أمورهنّ، وبعض المهمشات انقطعنّ عن التعليم بسبب تدني مستواهنّ وكثرة الغياب دون مبرر، وحدوث مشاكل مع زميلاتهنّ أو معلماتهنّ”
ونقلت دراسة لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية نشرت في 2021، نقلًا عن مسحٍ أجرته منظمة “اليونسيف” الأممية وصندوق الرعاية الاجتماعية، عام 2014، فإن 22% من الأطفال المهمشين من الفئة العمرية (6- 14 عامًا) لم يلتحقوا بالمدرسة مطلقًا في تعز
وبحسب الدراسة، التي شملت 21 حيًا من الأحياء الفقيرة في تعز، فإن نسبة انتشار الأمية هي 80% بين أطفال المهمشين، الفئة العمرية (فوق عشر سنوات)
منظمة اليونسيف :22% من الأطفال المهمشين من الفئة العمرية (6- 14 عامًا) لم يلتحقوا بالمدرسة مطلقًا في تعز
وتقول الدراسة “إن نسبة صافي التحاق الأطفال المهمشين بالمدرسة في تعز، لا يتعدى 40% للذكور، و37% للفتيات؛ مما يشير إلى نسبةٍ عالية من تسرب الأطفال المهمشين من التعليم”
الإقصاء والتهميشمحمد علي مقبل (49 عامًا) مواطن من الفئات المهمشة، نازح في منطقة البيرين -مديرية المعافر- جنوب مدينة تعز يقول: “نزحتُ أنا وثلاثين أسرة من أهلي من قرية القوز -الأشروح- بمديرية جبل حبشي قبل ثماني سنوات إلى مخيم جبل زيد في البيرين”
ويضيف لـ”المشاهد”: ذهبت لتسجيل ابني وابنتي في مدرسة التعاون ورفضوا تسجيل أطفالك دون أي سبب، وتكررت محاولاتي عدة مرات لكنهم رفضوا”
ويتابع: “يتم حرماننا من حقوقنا ونحن مواطنون يمنيون، نزحنا من منازلنا الواقعة في خط النار؛ لكي نفسح المجال للقوات الحكومية بالتمركز وصد تقدم جماعة الحوثي”
ويستدرك مقبل: “لكننا تفاجئنا بأن أطفالنا أصبحوا خارج المدارس، ومعاملتنا كلاجئين من دولة أخرى، وليس مواطنين يمنيين”
ويكمل: “حرمونا من حقوقنا المشروعة وحرموا أبناءنا من التعليم، وأصبح أطفالنا يعملون في جمع البلاستيك مقابل ألفي ريال يمني في اليوم”
ويواصل: “جاءت بعض المنظمات وأقاموا مدرسةً متنقلةً (خيام) لكنها لم تستمر؛ بسبب عدم دعم المدرسين ماليًا؛ مما أدى إلى انقطاع المدرسين عن الحضور؛ عودة أطفالنا إلى جمع البلاستيك من القمامة من جديد”
المسؤلة المالية لجمعية “حياتنا للتعايش”، ريمان حميد، تقول: “لا تزال هناك سلوكيات تمييزية في بعض القرى الريفية، وحتى في المدن، ضد الأطفال المهمشين؛ بسبب الموروث الاجتماعي والنظرة الدونية السائدة ضدهم”
وتضيف: “هناك ثقافة مجتمعية مكرسة ضد المهمشين بعدم الاهتمام بهم أو تمكينهم من نيل حقوقهم، سواء كانوا أطفالًا يرغبون في الالتحاق بالمدارس أو طلابًا ملتحقين بالفعل بالمدارس، كأقل حدة في التمييز”
“وينتج عن هذه الثقافة مشاكل نفسية لدى الأطفال وأولياء أمورهم؛ مما يؤدي إلى العزوف عن التعليم في معظم الأوقات، أو التسرب من المدارس والعزلة الاجتماعية”، بحسب حديث حميد مع “المشاهد”
وفي نفس السياق، يقول محمد هادي، مواطن من سكان منطقة البعرارة بتعز، لـ”المشاهد”: “نظرات التمييز قاتلة للطموح منذ الطفولة وتؤدي إلى خلق شعور بالإحباط واليأس”
ويشير هادي إلى أنه لا يوجد رادع من قبل المدرسين ومدراء المدارس لمن يمارسون التمييز، سواء كانوا طلابًا أو مدرسين
محمد هادي : نظرات التمييز قاتلة للطموح منذ الطفولة وتؤدي إلى خلق شعور بالإحباط واليأس
ويزيد: “كنتُ أدرس في المرحلة الابتدائية وأعاني من تنمر زملائي ونظرات الاحتقار من بعض المدرسين داخل الفصل حتى وصلتُ إلى قناعةٍ من التعليم وكرهتُ المدرسة”
تعليم الأطفال المهمشين من القضايا المغيبة تمامًا عن الحكومات المتعاقبة منذ ثورة 26 سبتمبر 1962، وكأنهم يعملون ضد طبقةٍ اجتماعيةٍ واسعة، منتشرة في كل الجغرافيا اليمنية
حيث يتم التعامل مع القضية بإهمالٍ متسمٍ بالتمييز، وتركهم يعملون في “مهنٍ دونية” جيلًا بعد آخر، حتى لا يتمكنون من نيل حقوقهم التي نصّ عليها الدستور اليمني وكافة المواثيق الدولية لحقوق الإنسان الموقع عليها اليمن
وفي هذا السياق، يقول تقرير للاتحاد الوطني لتنمية الفئات الأشد فقرًا، صدر مطلع أغسطس هذا العام، بعنوان: “التأثير المدمر للفقر والتمييز والنزوح على حياة الأطفال المهمشين في اليمن”: “إن الكثيرين منهم محرومون من التعليم ويجبَرون على القيام بأعمالٍ خطرة لتأمين لقمة العيش”
و”رغم أن الصراع المستمر منذ عقد في اليمن أثّر على جميع اليمنيين، إلا أن المهمشين من بين الفئات الأكثر تهميشًا وتعرضًا للخطر”، وفق تقرير الاتحاد
ويشير التقرير إلى أن أطفال المهمشين معرضون لخطر التسرب من المدارس بمعدل ثلاثة أضعاف مقارنةً بأقرانهم
حيث أن 98% منهم لا يكملون التعليم الابتدائي، كما يزيد التمييز والعقبات الإدارية والنزوح القسري والعادات والتقاليد الاجتماعية الضارة خصوصًا المتعلقة بدور الفتيات، من حدة تهميشهم
ودعا الاتحاد الوطني للتنمية الفئات الأشد فقرًا السلطات المحلية والجهات المانحة والإنسانية إلى إعطاء الأولوية لحقوق الأطفال المهمشين، وتذليل العقبات في سبيل التعليم، وتخفيف مخاطر الحماية المترتبة على تسربهم من التعليم
وأكد الأمين العام للاتحاد الوطني لتنمية الفئات الأشد فقرًا، صلاح دبوان، أن قضية تعليم الأطفال المهمشين من أولويات الاتحاد القصوى، فهؤلاء الأطفال يعانون فقرًا شديدًا وتهميشًا مستمرًا؛ يحرمهم من حقهم الأساسي في التعليم
ويرى دبوان أن كثيرًا منهم يجبرون للعمل بالشوارع في جمع الخردة والتنظيف والتسول؛ مما يعرضهم لمخاطر جديدة واستغلالٍ يومي
وأضاف: “نحن ملتزمون بالعمل مع الشركاء لضمان تمتع كل طفل في اليمن بفرصةٍ عادلة للتعليم وبناء مستقبلٍ أفضل له ولأسرته”
وكانت منظمة “رعاية الأطفال“ حذرت في مارس 2024، من أن التعليم في اليمن يواجه خطر الانهيار
وأشارت إلى أن نحو 4,5 ملايين طفل، أو اثنين من كل خمسة أطفال خارج المدرسة رغم تراجع القتال منذ عام 2022
ويرجع ذلك إلى تداعيات الحرب المستمرة والأزمة الاقتصادية وتكاليف التعليم الباهظة، إضافةً إلى أوضاع النزوح التي تجعل الأطفال النازحين أكثر عرضة للتسرب من التعليم، مقارنةً بأقرانهم
وأكدت المنظمة “أن استمرار هذا الوضع يهدد جيلًا كاملًا بالضياع مع ما يحمله ذلك من عواقب خطيرة على مستقبل البلاد وتعافيها”
ما رأيك بهذا الخبر؟سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع
يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة
بريدنا الإلكتروني: [email protected] تصلك أهم أخبار المشاهد نت إلى بريدك مباشرة
الإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقاريرمن نحن