الأغلى والأسوأ عالميا.. طيران "اليمنية".. سوق سوداء للمتاجرة بالرحلات وشيك مفتوح بـ "الحرب" (تقرير خاص)

منذ سنة

 يتراوح سعر الرحلة من مطار عدن إلى مطار القاهرة الدولي (ذهابا وإيابا)، عبر شركة الخطوط الجوية اليمنية، ما بين 515 دولار إلى 665 دولار للمواطن البسيط، بحسب الحظ ودرجة الحجز، ودعاء الوالدين بعدم تعرضك للاستغلال والإبتزاز

 وأي يكن حظك، فالمؤكد أن هذه الأسعار تعتبر من أعلى الأسعار العالمية؟! مقارنة بأسعار الرحلات الجوية من القاهرة إلى دول أخرى في العالم، بما في ذلك إلى العاصمة الأمريكية (واشنطن) عبر كبريات شركات الطيران العالمية

!! لكن هذه ليست هي المفارقة السيئة الوحيدة، بين كم المفارقات التي رمتنا بها أكثر من سبع سنوات عجاف من الحرب

! فعلى سبيل المثال إذا حالفك الحظ وظفرت بهذه الرحلة بعد الكثير من المعاناة؛ فلا تحلم بالاسترخاء والطمأنينة، لقاء ما ستدفعه من أموال باهظة، لأن ذلك لن يمنحك أكثر من مقعد على متن طائرة قديمة، والأهم: أسوأ خدمة في العالم

!! كما يشكو الكثير من المسافرين

  أما المفارقة الأكثر قهرا، هو أنك حتى وإن كنت مطلعا على كل ذلك السوء؛ سواء بالتجربة الشخصية أم بالاستماع إلى شكاوى المسافرين الأخرين؛ إلا أنك ستكون مجبرا على حجز رحلتك القادمة عبر الشركة نفسها، فلا خيارات أخرى أمامك تمنحك فرصة للتملص من هذا المصير الحتمي في كل مرة ستقرر فيها مغادرة اليمن أو العودة إليه

!!  فبعد أكثر من سبع سنوات من تأثير الحرب الدائرة في اليمن على الوضع الاقتصادي، بات نسبة كبيرة من المواطنين غير قادرين على السفر جوا إلا في الحالات الضرورية، لا سيما المرضية، نظرا للظروف المعيشية الصعبة وتدهور قيمة العملة المحلية، في مقابل الارتفاع الجنوني في أسعار تذاكر السفر جوا، والتي يعتقد أنها تجاوزت نسبة الـ 700 في المئة من قيمتها السابقة قبل الحرب

!! ومع ذلك، تتزايد شكاوى المسافرين مما يعتبرونها عمليات ابتزاز يتعرضون لها بين الحين والآخر وفقا لأشكال مختلفة من الإجراءات الاستثنائية، التي غالبا ما يتم فيها استغلال حاجة الناس الماسة للسفر، في ظل عدم وجود شركات نقل جوية أخرى منافسة

!!  وثمة اتهامات بوجود فساد (شبه) منظم، حسبما أفادت مصادر خاصة في الشركة يمن شباب نت، منها: أن الإيرادات (لا سيما الإضافية) لا تصل كلها إلى حسابات الشركة الرسمية

!! وهي اتهامات نفاها مسئولون في الشركة بشكل رسمي في سياق هذا التقرير الذي استندنا فيه إلى شكاوى عدد من المسافرين، وتصريحات لمصادر خاصة وأخرى رسمية في الشركة، وبعض الوثائق والمستندات التي حصلنا عليها

     أسعار جنونية وفوارق إضافية  يعود الارتفاع الخيالي في أسعار تذاكر طيران الخطوط الجوية اليمنية، بدرجة رئيسية إلى عدم وجود شركات منافسة تقوم بتسيير رحلات من وإلى المطارات اليمنية

حيث استفردت الشركة بهذه المهمة منذ توقفت كافة الخطوط الجوية الأخرى بسبب الحرب الدائرة في البلاد منذ العام 2015

  ويجر هذا السبب الرئيسي خلفه بعض التفاصيل التي بموجبها ارتفعت أسعار الطيران بشكل مهول؛ أولها، بحسب مصدر خاص في الشركة: قيام الشركة باحتساب مبلغ كبدل تأمين طيران إلى قيمة التذكرة، كما يحدث في البلدان التي تشهد حروب ونزاعات

 لكن ذلك لم يكن ليرفع أسعار التذاكر بهذا الشكل الجنوني، لولا تلك الإضافات والفوارق، القانونية وغير القانونية الأخرى التي استحدثتها الشركة تباعا، أو موظفيها- وفقا لاتهامات البعض- مستغلين في ذلك حاجة الناس الملحة الذين يضطرون إلى الرضوخ لدفع المزيد من الأموال لعدم وجود خيارات أخرى بديلة

!! فعلى سبيل المثال، كشفت المصادر التي تحدثت لـ يمن شباب نت شريطة عدم الكشف عن هويتها، من داخل الشركة وعدد من المسافرين، بعض ما يحدث في مكتب اليمنية بالقاهرة، بينها: إجبار المسافرين على دفع فوارق إضافية في سعر التذكرة، تتراوح ما بين 120 إلى 300 دولار في كل تذكرة عند العودة، بموجب ما يسمى نظام الرحلات الجديدة

!!

 أضف إلى ذلك، أن الشركة افتتحت ما يسمى نظام تحويل المقاعد في حال عدم توفر مقعد للدرجة المذكورة في التذكرة، وقيمته في رحلة الإياب فقط تتجاوز 350 دولارا

مع أن المسافر- في كلا الحالتين السابقتين- يكون قد دفع قيمة التذكرة (ذهابا وإيابا) لدى حجزه التذكرة في المرة الأولى عند مغادرته اليمن

!! ولا يتوقف الحال عند ذلك؛ بل تشترط الشركة على المسافرين، الذين حجزوا تذاكرهم بالعملة المحلية (الريال اليمني) ذهابا وإيابا، دفع فوارق إضافية تصل إلى 250 دولارا حتى يتمكنوا من العودة إلى اليمن

بحسب ما يؤكده المصدر أيضا

 ومن الأمور الباعثة للاستغراب أيضا، أن شركة الخطوط الجوية اليمنية، هي الوحيدة- على ما يبدو- التي تصر على أن يكون هناك تذكرة كاملة للأطفال دون سن الرابعة، الذين غالبا ما يظلون في أحضان أمهاتهم ولا يستفيدون من مقاعدهم

!! ومع ذلك، قد يحدث وأن تأتي المضيفة وتطلب من الأم أخذ طفلها إلى حضنها لإخلاء مقعده (مدفوع الأجر) لمسافر أخر!!؛ كما حدث مع أمّ أبلغت يمن شباب نت بقصتها، بينما كانت وعائلتها على متن طائرة تغادر من عدن إلى القاهرة

!! ووفقا للمصدر الخاص داخل الشركة، أنه وبموجب هذه الإجراءات المستحدثة وغيرها، يتم المتاجرة بالرحلات من قبل الشركة وموظفيها في إطار ما يشبه السوق السوداء

  سوق سوداء للرحلات  في إطار بحث يمن شباب نت عن التفاصيل، استندنا إلى شكاوى عدد من المسافرين، بينهم حالات مرضية، تحدثوا عن معاناتهم مما وصفوه بـ استغلال موظفي وعاملي طيران اليمنية، خصوصا خلال فترة عيدي الفطر والأضحى، حيث تزدحم حجوزات العودة إلى البلاد نظرا لكون الكثيرين يفضلون قضاء إجازة العيد مع أسرهم، فيضطر معظمهم إلى الخضوع للابتزاز والدفع أكثر للحصول على مقعد للعودة مهما كان الثمن

!! ومن هذه الحالات؛ صحفي يمني أكد لنا تعرضه لـ الاستغلال والابتزاز- حسب وصفه- من قبل مكتب اليمنية في القاهرة أثناء ترتيب رحلة عودته إلى عدن بالتزامن مع عيد الأضحى الماضي

 وقال الصحفي، الذي تحدث لـ يمن شباب نت شريطة عدم كشف هويته، إنه تفاجئ حينها عندما طلب منه مكتب الشركة في القاهرة دفع رسوم إضافية، كفارق بحسب الدرجة السياحية عند تجديد الحجز، رغم أنه كان قد دفع أصلا قيمة تذكرتي الذهاب والإياب في المرة الأولى لدى سفره من اليمن

!! وأوضح أن المكتب كان قد ألغى مواعيد الرحلات المجدولة منذ أشهر، وبدأ بتنظيم رحلات جديدة بديلة بحجة قرب العيد، الأمر الذي جعله يتهم مكتب الشركة في القاهرة بإدارة سوق سوداء للرحلات، لاسيما مع قدوم عيد الأضحى

!!  وقال إنه أكتشف ذلك حين تواصل مع الادارة العامة في صنعاء مستفسرا عن هذا الإجراء الغريب، لكنهم أبلغوه بعدم معرفتهم بنظام الرحلات الإضافية، أو الفوارق التي يدفعها المسافر من أجل تجديد الحجز لرحلة العودة

!! الأمر الذي يشير إلى أن هذا النظام الجديد للشركة لم يتم تعميمه على كافة فروعها

!! وزاد من استغرابه، كما يقول؛ إن الطائرة التي أقلته من القاهرة إلى مطار عدن، لم تكن ممتلئة، بل كان هناك ما يقارب 30 معقدا شاغرا رغم أن الرحلة تزامنت مع فترة عيد الأضحى

!!  استغلال عالي المستوى  يبدو أن المسافرين العاديين ليسوا وحدهم من يتعرضون للاستغلال من قبل شركة الخطوط الجوية اليمنية وموظفيها، فهذه المرة جاءت الشكوى من مسؤول حكومي تعرض هو الأخر لعملية خداع من قبل أحد موظفي الشركة

 يقول هذا المسؤول الحكومي، الذي تحدث لـ يمن شباب نت بعد تشديده على عدم كشف هويته، إنه بعد أن قام بتأكيد الحجز لرحلة العودة من مطار القاهرة إلى مطار عدن في موعده المحدد، إذا به في المساء يتفاجأ باتصال من أحد الموظفين بمكتب الشركة بالقاهرة يبلغه أن موعد رحلته تأخر إلى اليوم التالي

 وفي اليوم التالي حين وصل المطار بحسب الموعد الجديد، كانت المفاجأة: اكتشفت أن رحلتي مضت في موعدها المحدد- أي أنه لم يكن هناك أي تأخير في موعد رحلته كما أبلغه الموظف

!!

وحينها اضطر إلى تسوية الأمر بدفع نصف قيمة تذكرة أخرى ليلحق بالرحلة القادمة التي كان موعدها في المساء

 ما اضطرني للانتظار داخل المطار من الصباح حتى المساء لألحق بتلك الرحلة

يقول المسئول الحكومي الذي تعرض لخداع وتضليل متعمد على ما يبدو من موظف الشركة بهدف إجباره على دفع مبلغ إضافي للعودة

ومن المؤكد أيضا أن هناك أخرين مثله وقعوا في المصيدة نفسها

!! أكثر سعرا وأسوأ خدمةوبرغم تلك الأسعار العالية للرحلات، يشكو المسافرون من سوء خدمات الضيافة على متن الطائرة

فهي كما يصفها المسئول الحكومي نفسه رديئة جدا

بما في ذلك نوعية الطعام والمشروبات المقدمة للمسافرين في الطائرة، الأمر الذي يتعارض منطقيا مع أسعار التذاكر- المشمولة بالفوارق والزيادات المستحدثة- والتي تضاهي أسعار أفضل شركات النقل الجوي على مستوى العالم

!! وفي هذا السياق أيضا، أعرب رجل أعمال يمني، كثير السفريات من/ وإلى البلاد، عن استيائه من نوعية الخدمات المقدمة من قبل الشركة الوحيدة المستفردة بالرحلات الجوية في اليمن، قائلا: المعروف والمؤكد على مستوى العالم أن شركات الطيران التي أسعار تذاكرها مرتفعة تكون خدماتها هي الأفضل في كافة المستويات، مستدركا: بينما في بلادنا للأسف الشديد توجد هذه المفارقة العجيبة: أن الشركة التي تكاد أسعار تذاكرها تكون هي الأغلى عالميا، خدماتها هي الأسوأ على مستوى العالم أيضا

!!

  ولا تقتصر الشكاوى ضد الشركة على الاستغلال المالي، أو حتى سوء الخدمات المقدمة على متن الطائرة، فقط؛ بل ثمة قضايا كثيرة يشكو منها المسافرون أيضا، منها: وجود عشوائية فضيعة في تنظيم عملية الصعود والنزول من وإلى الطائرة، إضافة إلى انعدام شبه كلي لعملية تنظيم المسافرين في صالات الانتظار، حيث يظل بعضهم وقتا طويلا في الطوابير لاستكمال اجراءاتهم بسبب تقديم آخرين من خارج الطابور بشكل مخالف

!!  وهناك نقطة مهمة لفتت بال كثير من المسافرين، تتعلق بطريقة التعامل مع مبالغ الوزن الزائد

حيث أكد لنا عدد من المسافرين أنهم لا يحصلون- غالبا- على سند إيصال رسمي بالمبلغ الذي يدفعونه كفارق لقيمة الوزن الزائد في العفش

ومع أن هذا الإجراء يكشف مستوا متقدما من الفساد المعلن الذي بلغته الشركة؛ إلا أن هناك من أعتبره أمرا جيدا يصب في مصلحة بعض المسافرين الذين يستغلون هذا الخلل الإداري للتخفيف من أعباء الخسائر المالية المفروضة عليهم من قبل الشركة، من خلال التفاوض مع موظف الميزان لدفع مبلغ رمزي دون الحصول على سند رسمي مقابل الإعفاء من بقية الرسوم

!! أما الخلل الإداري الأكبر، هو أن جزءا من تلك الرسوم الإضافية، سواء التي يتم فرضها على الحمولات الزائدة، أم فوارق تغيير درجة المقعد لدى تجديد الحجز، أم عند حجز مقاعد استثنائية، وغيرها

؛ لا يتم توريدها كاملة إلى حسابات الشركة، وهناك ما يذهب منها إلى جيوب المسؤولين ضمن عملية فساد منظمة

!! حسب ما كشفه لـ يمن شباب نت أحد المصادر الخاصة في الشركة

 لماذا يحدث كل ذلك؟ ومن المسئول؟ اختلالات كثيرة يطول الحديث عنها، ومعظمها قد تخالف أنظمة الطيران المتبعة في دول العالم

ولكن السؤال الأهم هنا: لماذا تحدث كل تلك الاختلالات؟! قد يقول قائل إنها نتيجة طبيعية بسبب ضغط الرحلات المفروضة على شركة الطيران الوحيدة المستمرة في تسييّر رحلاتها من وإلى اليمن؛ إلا أن الأمر الطبيعي أيضا أن تتحمل إدارة الشركة مسئولية تقصيرها في متابعة وتقييم أداء موظفيها وتراجع خدماتها

  حاولنا في يمن شباب نت التواصل مع مسئولين في شركة الخطوط الجوية اليمنية، بينهم الأستاذ محسن حيدرة العُمري، الذي تم تعيينه مؤخرا مديرا تجاريا للشركة، وطرحنا عليه أبرز تلك القضايا، لكنه أعتذر بحجة عدم اطلاعه على الكثير من القضايا والتفاصيل كونه ما يزال حديث عهد بالعمل، حيث لم يمر على تعيينه سوى شهر واحد فقط

 ثم تواصلنا مع مدير شركة الخطوط الجوية اليمنية في صنعاء خليل جحاف، الذي أعتذر هو الأخر؛ لكنه أحالنا إلى مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام بالشركة فؤاد الدعيس، الذي عين مؤخرا في هذا المنصب، ومع ذلك قام بدوره في الدفاع عن الشركة بكل استماتة، منكرا كل تلك الاختلالات والتهم الموجهة للشركة، بموجب شكاوى المسافرين التي عرضناها عليه

 وأكد الدعيس، ضمن رده على تساؤلات يمن شباب نت، على أن الشركة تسير وفقا للعمل المؤسسي،

، وتملك أنظمة رقمية تعمل عليها، وكل الإجراءات مسجلة فيها، وعليه أكد أيضا أن كل الايرادات تورد إلى حسابات الشركة

 وردا على مزاعم بعض المسافرين بخصوص فرض رسوم إضافية، قال إن أي رسوم يتم أخذها بدون سند رسمي تعتبر غير قانونية

وأشار إلى أن هناك تعليمات صريحة من قبل القيادة الحكومية بضرورة الاعتناء بالعملاء، والتفاعل مع أي شكوى مقدمة من المسافرين، ومحاسبة أي موظف يتم إثبات تورطه في أي مخالفة قانونية

لكنه شدد على رفضه لأي اتهامات بدون أدلة

 مسؤولية مشتركة   وبرغم دفاعه المستميت عن الشركة، وفقا لما سبق، إلا أن الدعيس عاد وأعترف بوجود بعض الاختلالات لكنه أرجعها إلى وجود عوائق وصعوبات تعاني منها الخطوط الجوية اليمنية، كما يعاني المواطن اليمني المسافر عبرها

  وأضاف: هدفنا في الشركة هو استمرار التشغيل

فهناك عوائق كبيرة تحول دون استمرار التشغيل، لكن إدارة الشركة تعمل المستحيل لأجل الاستمرار، فالتوقف يعني عزل اليمن عن العالم

 وبدلا من تحميل المسئولية على الشركة لوحدها، يذهب الدعيس إلى تحميلها كلا الطرفين: الشركة كطرف أول، والمسافر كطرف ثاني

ولحلها لابد من تعاون بينهما

فمن جهة الشركة- كما يقول- فـ لديها سياسة ديناميكية متغيرة تعمل الإدارة على تعديلها بشكل دوري للحد من أي ابتزاز لإجبار المسافرين على دفع مبالغ إضافية

 وفي المقابل يدعو الدعيس الطرف الثاني (المسافرون)، إلى عدم القبول بأي عملية ابتزاز قد يتعرض لها من أي موظف، وتقديم شكوى بالموظف إلى الجهة المعنية

الأمر الذي سيساعد الإدارة في تقييم الأداء والتأكد من سير الإجراءات بالطرق الصحيحة

 ولأن كل مسافر يعتقد أنه المُستحق للرحلة أكثر من غيره، طبقا لظروف سفره، فإن ذلك يجعله عرضه للابتزاز ودفع مبالغ إضافية من أجل الحصول على تذكرة

وهنا يجدد الدعيس تأكيده على أن الحل يبدأ من المجتمع والمسافر نفسه قبل الموظف، فمثلا يستطيع المسافر أن يشتكي بأي موظف يطلب منه مبالغ إضافية، وستقوم الإدارة بمحاسبته، مؤكدا عزم الشركة على التصحيح وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب

وهذا يحتاج إلى دعم ومساندة الجميع

 طيران خارج السرب  يجبر المسافر اليمني أحيانا دفع مبالغ إضافية لتخليص معاملة رحلته دون الحصول على سندات رسمية

ففي وثيقة حصل عليها يمن شباب نت يظهر المبلغ المتوجب دفعه على صاحب التذكرة (440 دولار أمريكي) كما هو موضح بخط اليد، وذلك من أجل تجديد الحجز بحسب درجة المقعد المتوفرة، بينما رسوم التذكرة مدفوعة مقدما ذهابا وإيابا ولم يكن يتبقى عليه سوى دفع دولار واحد كرسوم لتجديد الحجز

(أنظر إلى الوثيقة المرفقة أدناه، التي توضح ذلك)   حين عرضنا هذه المشكلة على مسئول العلاقات العامة في الشركة، أوضح لنا أن هذه إحدى أهم النقاط التي تسعى الشركة لتحقيقها من خلال أتمتة جميع العمليات المتعلقة بالحجز وتجديد التذاكر التي يتم فيها عمل إعادة تصدير للتذكرة، مؤكدا على أن نظام حجز التذاكر هو من يحسب الفارق الإضافي بالدقة، لسعر التذكرة من مقعد إلى مقعد أعلى، كما أكد أيضا على أن جميع المبالغ المحصلة تظهر في التذكرة الجديدة وهذا يعتبر سند حقيقي بيد المسافر

  في الواقع، مع أن هذا التوضيح جاء في سياق الرد على إحدى المشاكل الإجرائية الهامة التي يشتكي منها المسافرون، إلا أنه في الوقت ذاته يؤكد ضمنيا ما ذهبنا إليه في سياق هذا التقرير من وجود فوارق سعرية إضافية على التذاكر

ويزداد ثبات هذه المشكلة أكثر من خلال تأكيده على أن إدارة الشركة في تقييم مستمر لأداء العمل

ومع أنه أشار إلى أن هناك تحسنا ملموسا في معالجة مثل هذه الاختلالات، إلا أنه أكد أيضا أن الشركة بحاجة لمزيد من الوقت للوصول إلى الهدف الذي يرضيها كشركة طيران خدمية وناقل وطني، ويرضي المسافرين كعملاء يستحقون كل الاهتمام في توفير خدماتهم

 آلية حجز المقاعد  لمزيد من التوضيح، كيف يحدث التلاعب والاستغلال؟ دعونا نعرج سريعا على مواصفات التذاكر وفقا لدرجة الحجز، حيث استحدثت شركة الخطوط الجوية اليمنية نظام لحجز المقاعد على سبع درجات، تبدأ تصاعديا من الدرجة الأدنى (الاقتصادية)، ثم السياحية التي تنتهي بالدرجة الأولى (الأعلى)

 وبحسب المعلومات التي جمعها يمن شباب نت من عدة مصادر لمكاتب طيران محلية، هناك سبعة أنواع من الدرجات، كل درجة يرمز لها برمز، وهي وفقا للترتيب من الدرجة الأدنى إلى الأعلى: (W,T,Q,M,Y,C,F)

  ويبدأ التصنيف من المستوى الأدنى بالدرجة (W)؛ وهي اختصار لكلمة وليام، وتعني أن حجز التذكرة بالدرجة الاقتصادية وبعملة الريال اليمني

(وهذه نادرا ما يتوفر حجز فيها، حيث وأن الشركة لا تقوم بفتحه إلا في حالة حجز الرحلة بعد ثمانية أشهر، وقد يحدث استثناء للحالات المرضية الطارئة)

وينتهي بالدرجة (F) وهي اختصار لكلمة فرست كلاس، وتعني أن حجز التذكرة بالدرجة الأولى وبالدولار الأمريكي بالتأكيد، وهي أعلى درجة لدى الخطوط الجوية اليمنية

 (أنظر المخطط التوضيحي المرفق أدناه، الذي أعده يمن شباب نت، لمعرفة ترتيب وتعريف كل درجة من الدرجات السبع، وصولا إلى أسعارها والفوارق السعرية بينها)

 فوارق أسعار الدرجات

مساحة للتلاعب  ووفقا للنظام المستحدث في الشركة، تقوم الآلية المذكورة بفتح عروض البيع والشراء بشكل تدريجي من الأدنى إلى الأعلى، بحيث تفتح الدرجة التالية كلما اُغلق الحجز في درجة من المستوى الأدنى، وهكذا

ودائما يكون هناك فارق زيادة في السعر بين الدرجة والتي تليها

  فعلى سبيل المثال: إذا كان سعر التذكرة إلى القاهرة على درجة الـ T (تانجو) هو 515 دولار (ذهابا وايابا)، فيفترض- بحسب النظام المتبع للشركة- أن يتم إغلاق هذه الدرجة بعد امتلائها، ليتم فتح الدرجة التالية الأعلى وهي Q (كوين) ويكون السعر 565 دولار (أي بإضافة 10% عن السابقة)

ثم تغلق هذه الدرجة بعد امتلائها وتفتح التي تليها: الدرجة M (المايك)، ويكون السعر 615 دولار

وهكذا

(أنظر الشكل البياني السابق) وحين تحجز على درجة معينة في الذهاب، ولا تجد حجز للعودة على نفس الفئة، فإنك ستدفع فارق للعودة وفقا لفئة التذكرة التي حجزتها، والتي قد تصل احيانا إلى نصف قيمة التذكرة

!! أما سعر الرحلة الواحدة (ذهابا أو إيابا فقط) فتختلف من درجة إلى أخرى وفقا للحجز وتاريخه

 فمثلا؛ تجد أن الفرق بين سعر الرحلة كاملة (ذهابا وإيابا) على درجة الـ (T)- أقل درجة سياحية- وبين سعرها لرحلة واحدة فقط (ذهابا أو إيابا) يصل إلى 200 دولار فقط، بينما الدرجة التالية (Q) يقل الفريق إلى 150 دولار، والـ (M) 100 دولار، بينما الـ (Y) 50 دولار فقط

!! وهكذا وصولا إلى أعلى درجة التي لا يكون فيها الفرق إلا 25 دولار فقط

!!  وهكذا تفتح الدرجات الأعلى تصاعديا كلما استكملت الدرجات الأدنى، مع رفع قيمة التذكرة تدريجيا بنسبة 10%، وتصل أحيانا إلى 15% عند المواسم تقريبا

والسؤال المثار هنا هو: هل هناك فوارق في الامتيازات بين كل درجة وأخرى؟ والجواب هو: (لا)

والفارق الوحيد بينها هو في السعر فقط

!! ويتعلق الأمر هنا بتاريخ الحجز دائما، فكلما كانت الرحلة بعيدة كلما وجدت خيارات حجز لأكثر من درجة، وكلما اقترب تاريخ الرحلة كلما تقلصت الخيارات وأصبح السعر أعلى (أي درجة أعلى)

 وهنا تكمن اللعبة

فكما يؤكد أحد مصادرنا الخاصة في الشركة، فأن هذا النظام يترك فرصة أمام الشركة لاستغلال العملاء، من خلال اغلاق الدرجات الأدنى حتى قبل استكمالها، وذلك للاستفادة من الفارق عند فتح درجات أعلى

وهو ما يمكن أن نصفه هنا بنظام الاتجار بالزمن

!! وأضاف المصدر: فبغض النظر عن التزام موظفي الشركة بالمعايير من عدمه في هذا الجانب؛ إلا أن العميل يجد نفسه مضطرا على الموافقة تحت ضغط الفترة الزمنية بين الحجز وموعد الرحلة

!! أعلى سعر في العالم أما من حيث قيمة التذكرة بشكل عام؛ سنجد أن سعر الرحلة من اليمن إلى القاهرة لا تقل عن 505 دولار أمريكي، لمقعد في أقل الدرجات وفقا للنظام المتبع للشركة- (هذا بالطبع من غير فوارق الإضافات التي تحدث غالبا بسبب تلك الاختلالات الحاصلة في نظام الشركة التي أشرنا إليها آنفا، وأهمها عند تجديد الحجز لرحلة العودة غالبا)- وقد يصل سعرها أحيانا إلى 800 دولار إذا كان يومك سيئا

!!  وهذه الأسعار تعتبر هي الأعلى عالميا، مقارنة بأسعار تذاكر الرحلات من/ وإلى مطار القاهرة مع دول أخرى!

فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ قد تجد أن سعر الرحلة من اليمن إلى القاهرة، والعودة، أعلى من سعر تذكرة الرحلة من القاهرة إلى واشنطن عبر أفضل شركات الطيران العالمية في أيام معينة أو في فترات زمنية بعينها

!! مع أن الرحلة الجوية من اليمن إلى القاهرة لا تستغرق أكثر من ساعتين ونصف إلى ثلاث ساعات بالكثير، بينما من القاهرة إلى واشنطن قد تستغرق قرابة يوم كامل

!!   ومع كثرة الشكاوى في هذا الجانب؛ تثار المزيد من التساؤلات، وأهمها: إلى متى ستظل شركة الخطوط الجوية اليمنية هي الناقل الوحيد من وإلى المطارات اليمنية، حتى يستمر الشعب اليمني في تحمل المزيد من الأعباء المالية والضغوطات الاقتصادية؟! أما تكفي كل تلك التبعات الإقصادية التي ما زالت تفرضها تباعا هذه الحرب المستمرة منذ انقلاب ميليشيات الحوثي المدعومة إيرانيا على مؤسسات الدولة في العام 2014؟!