الأمطار والسيول تستنزف المعالم الأثرية في اليمن

منذ 11 أيام

تعز- صلاح الواسعيشهدت اليمن منذ مطلع أغسطس هذا العام أمطارًا غزيرة تسببت بأضرار جسيمة على البيئة والسكان في العديد من المناطق اليمنية

كان للمعالم الأثرية نصيبًا كبيرًا من الدمار الناجم عن الأمطار والسيول الجارفة في عدة محافظات

رصدت الهيئة العامة للآثار بصنعاء الأضرار التي تعرضت لها المعالم الأثرية منذ بداية موسم هطول الأمطار هذا العام، ومن ضمن تلك الأضرار انهيار أجزاء من قلعة زبيد التاريخية، وقلعة الضحي في مديرية الضحي، وانهيار أجزء من دار الضيافة التاريخي بمدينة المحويت، وأجزاء من سور مدينة ثلاء التاريخية، بالإضافة إلى تضرر بعض المواقع الأثرية في عدة محافظات، مثل صنعاء، والحديدة، وحجة، والجوف، وإب

منذ بدء هطول الأمطار الغزيرة في أغسطس، تعرضت المعالم لأضرار تفاوتت أحجامها من منطقة إلى أخرى

الباحث في التاريخ والآثار علي ناصر صوال يقول لـ”المشاهد” إن حصن غيمان التاريخي في صنعاء تعرض لأكبر نسبة من الأضرار، حيث تهدمت أجزاء كبيرة منه بفعل الأمطار الغزيرة

ويشير صوال إلى أن أحد أبراج الحراسة في سور مدينة ثلاء بمحافظة عمران تعرض للانهيار، وتعرض سور قلعة رداع في محافظة البيضاء لانهيار جزئي

عُلاء السفرجل، مواطنة من صنعاء القديمة، تقول لـ “المشاهد” إن عددًا من المنازل في صنعاء القديمة تعرضت للدمار جراء الأمطار الغزيرة، لكن هناك تحفظات من الجهات المعنية بشأن الكشف عن هذه الأضرار

تُفصح السفرجل عن قلقها من تدهور حالة المنازل القديمة، وتقول: “إذا تعرض منزل واحد لانهيار أو تشقق، فإن المنازل المجاورة تتأثر بشكل مباشر لأن البيوت متلاصقة، مما يزيد من حجم الأضرار

”تضيف: “التكلفة الباهظة للإصلاح والترميم تُعد من أكبر المخاوف التي تواجه السكان، بالإضافة إلى القلق من عدم وجود حلول سريعة من الجهات المختصة للحفاظ على أساسات المنازل الهشة بسبب الإهمال والظروف المناخية

”على الرغم من تخوف المواطنين من التشققات وتسرب المياه وسقوط أجزاء من أسطح المنازل، إلا أن الأوضاع المالية وعدم قدرة تلك الأسر على استئجار منازل في مناطق أخرى تجبرهم على البقاء في تلك الأماكن

وبحسب تقرير صادر عن مركز المعلومات في المجلس الأعلى للشؤون الإنسانية، تسببت السيول، منذ نهاية يوليو حتى 15 أغسطس، في 14 محافظة بتضرر 33 ألفاً و140 أسرة، معظمها من الأسر النازحة، حيث أشار التقرير إلى أن محافظة الحديدة تعد من أكثر المحافظات تضرراً، إذ بلغت عدد الأسر المتضررة جراء السيول 10 آلاف و494 أسرة

إهمال السلطات للمواقع الأثرية  يرى صوال أن التدهور الكبير الذي تشهده المعالم الأثرية في اليمن يعود إلى الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد، والتي أثرت سلبًا على جميع المواقع التاريخية، مؤكدًا أن هذا الوضع يتطلب الحد من الأضرار مؤقتًا، ومن ثم العمل على حلول أكثر استدامة

عبد الكريم البركاني، مدير عام حماية الآثار والممتلكات الثقافية في صنعاء، يقول لـ “المشاهد” إن غياب إدارة الأزمات الخاصة بالتراث الثقافي أسهم في تفاقم الأضرار التي لحقت بالعديد من المواقع التاريخية

وأضافوفقًا للبركاني، الوضع الراهن في البلاد له دور كبير في تفاقم الخسائر الأثرية في اليمن، وأنه لو تم تفعيل إدارة الأزمات، لكان من الممكن تجنب الكثير من الأضرار التي لحقت بالمدن والمعالم الأثرية

يضيف: “الهيئة العامة للآثار والمتاحف قامت بتشكيل خلية إدارة الأزمة لحصر جميع المعالم المتضررة وتوثيقها في بيانات مخصصة لهذا الغرض

وستعمل هذه الخلية بالتعاون مع الجهات المعنية لإعادة ترميم المواقع المتأثرة بالتغيرات المناخية

”يؤكد البركاني على ضرورة تكليف فرق مختصة لتقييم الأضرار والعمل بالتنسيق مع السلطة المحلية والمجتمع المحلي لضمان تمويل عملية ترميم المواقع الأثرية التي تضررت بسبب السيول والأمطار

بعد الدمار الذي تعرضت له المواقع الأثرية في اليمن في أغسطس هذا العام، ناشدت الهيئة العامة للآثار والمتاحف في صنعاء الهيئات المحلية والمنظمات الدولية المعنية بحماية التراث العالمي لدعمها في إدارة أزمة السيول والأمطار، من خلال تقديم الدعم اللوجستي والمالي والفني، وتكثيف الجهود لحماية المواقع التي لم تتضرر بعد، وترميم تلك التي تأثرت

وطالبت الحكومة اليمنية منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم (يونسكو) بالتدخل العاجل لحماية المناطق الأثرية المتضررة جراء السيول

التوعية بالمخاطر المحتملةرمزي الدميني، مدير الآثار في تعز، يقول لـ “المشاهد” إن تسرب مياه الأمطار إلى جدران القلاع يؤثر بشكل كبير على تماسكها، حيث تعمل المياه على امتصاص المادة التي تربط بين الأحجار، ما يجعل الجدران هشة ومعرضة للانهيار في أي لحظة

يضيف: “إن تراكم المياه خلف الجدران لعدم وجود قنوات تصريف، كان السبب الرئيسي في انهيار أجزاء من قلعة القاهرة

بالإضافة، نمو النباتات والأشجار على أسوار القلاع يزيد من تشقق الجدران وتفككها

”توجد أحواض مائية في بعض القلاع، وقد تشكل تلك الأحواض خطرًا، لأنها قد تنفجر في أي لحظة، ما قد يشكل تهديدًا على السكان القريبين من هذه الحصون، وفقًا للدميني

يختم حديثه، ويقول: “هذا الأمر يتطلب اتخاذ إجراءات وقائية للتخفيف من أضرار الأمطار والسيول، وتوعية السكان بالمخاطر المحتملة، ووضع خطة طوارئ لمواجهة التهديدات، وتدعيم الجدران المهددة بالانهيار، بالإضافة إلى شفط المياه من البرك المتضررة وإصلاحها وفق الإمكانات المتاحة

”ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير