الاختراق الصامت: تهديدات الحوثيين الرقمية تتجاوز حدود اليمن

منذ 8 ساعات

يثير امتلاك جماعة الحوثي المسلحة لتقنيات اتصالات متقدمة وأدوات رقمية حساسة قلقًا متزايدًا في الأوساط السياسية والأمنية الإقليمية والدولية، نظرًا لاستخدام هذه الجماعة لتلك الوسائل في تنفيذ أجندات عدائية، تتجاوز حدود اليمن وتهدد استقرار المنطقة والمصالح العالمية

ورغم أن هذه التقنيات صُممت في الأصل لأغراض مدنية وتطويرية، إلا أن جماعة الحوثي، التي لا تعترف بأي قوانين أو مواثيق دولية، حولتها إلى أدوات للقمع الداخلي، والتجسس على المعارضين، واستهداف الصحفيين، فضلًا عن توظيفها في العمليات العسكرية، وعلى رأسها الهجمات بالطائرات المسيّرة والصواريخ الموجهة

سلاح مزدوج الاستخدام خارج السيطرةتُصنَّف العديد من التقنيات التي وصلت إلى يد الحوثيين ضمن المعدات ذات الاستخدام المزدوج، وهو ما يجعلها خاضعة لقيود دولية بموجب قرارات مجلس الأمن، وعلى رأسها القرار 2140

غير أن الجماعة، عبر شبكات تهريب معقدة ودعم تقني خارجي، تمكنت من تجاوز تلك القيود واستخدام تلك التقنيات في تطوير أنظمة ملاحة موجهة، وإنشاء شبكات اتصالات مغلقة، ومنصات مراقبة إلكترونية متقدمة

ويرى مراقبون أن خطورة هذه الممارسات لا تكمن فقط في امتلاك الجماعة لهذه الوسائل، بل في غياب أي التزام قانوني أو إنساني يضبط استخدامها، ما يحوّلها إلى تهديدات غير تقليدية للأمن الوطني والإقليمي، ويقوّض الجهود الدولية الرامية إلى الحد من عسكرة التكنولوجيا

أطراف خارجية على خط التزويد والدعمتشير تقارير متعددة إلى أن الحوثيين لا يملكون القدرات المحلية الكافية لتصنيع هذه الأنظمة المعقدة، مما يعزز من فرضية تورّط أطراف دولية في تزويد الجماعة بالتقنيات والمعدات، في خرق واضح لقرارات مجلس الأمن الدولي

وتبرز هنا أهمية تتبع قنوات الدعم الفني واللوجستي، ومحاسبة الدول أو الكيانات المتورطة في توفير هذه القدرات لجماعة خارجة عن القانون

تهديدات بحرية وسايبرانية تتزايدفي الآونة الأخيرة، باتت الممارسات العدائية الحوثية أكثر تعقيدًا، مع تسجيل عمليات استهداف متكررة لسفن الشحن وناقلات النفط في البحر الأحمر وباب المندب، باستخدام تقنيات توجيه واتصالات حديثة

كما أظهرت الجماعة اهتمامًا متزايدًا بتوسيع قدراتها في مجال الحرب السيبرانية، ما يُنذر بإدخال المنطقة في مرحلة جديدة من الصراعات غير التقليدية

وتؤكد دراسات أمنية أن استمرار امتلاك الجماعة لهذه الأدوات يُسهم في عسكرة البيئة الرقمية، ويهدد بتحويل التقنيات المدنية إلى أدوات فوضى وجريمة منظمة، على غرار ما تقوم به بعض الجماعات المتطرفة العابرة للحدود

دعوات لعزل رقمي وتجفيف قنوات التهريبأمام هذا الواقع، تتصاعد الدعوات إلى اتخاذ إجراءات عملية حازمة، تهدف إلى عزل جماعة الحوثي تقنيًا، من خلال منع وصول المعدات والخدمات الرقمية إليها، وتفكيك شبكات التهريب التي تغذيها، وتعزيز الرقابة على المنافذ والموانئ اليمنية

كما يُعدّ تحرير قطاع الاتصالات اليمني من قبضة الحوثيين خطوة ضرورية لتأمين الفضاء الرقمي، وضمان حماية بيانات المواطنين، وتمكين الحكومة الشرعية من بسط سيادتها السيبرانية

خلاصة المشهدإن ترك مليشيا لا تؤمن بالقانون تمتلك وسائل اتصال متقدمة وقدرات رقمية عالية، لا يمثّل فقط تهديدًا على الساحة اليمنية، بل يضع الأمن الإقليمي والدولي أمام اختبار حقيقي

فكل يوم تتأخر فيه معالجة هذا الخلل، تتسع فيه رقعة الخطر، وتقترب فيه الجماعة من امتلاك أدوات حرب هجينة قد يصعب احتواؤها لاحقًا