التعليم في عهد الحوثي
منذ 6 ساعات
تغيير أسماء المدارس برموز دينية ومشرف لكل مدرسةعمران- أركان عبدالله – سعد عبداللهيطل العام الدراسي الجديد في مناطق سيطرة الحوثي للعام العاشر على التوالي بنكهةٍ مغايرةٍ لما تعود عليه الأطفال وأولياء أمورهم
من تغيير المناهج الدراسية وفق فكر جماعة الحوثي إلى فرض مشرفين يعملون وفق أهواء الجماعة، وتغيير أسماء المدارس برموزٍ وقيادات تمجّد فكر الجماعة
في مديريتي العشة وحوث، بمحافظة عمران، شمال العاصمة صنعاء، غيّرت الجماعة في ديسمبر الماضي، أسماء إحدى عشر مدرسةٍ حكومية
طلاب مدرسة “نشوان الحميري” في مديرية حوث، عمران، سيحضرون الى مدرستهم هذا العام واسمها قد تغيّر إلى مدرسة “الأنصار
”ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة
فجماعة الحوثي منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء تسعى بكل الوسائل المتاحة لنشر فكرها الطائفي، بصورةٍ أو بأخرى، وما تغيير أسماء المدارس سوى وسيلة واحدة تمارسها جماعة صنعاء
مدرسة نشوان الحميري واحدةٌ من إجمالي إحدى عشر مدرسة في مديرتي حوث والعشة بمحافظة عمران، تم تغيير أسمائها في ديسمبر الماضي إلى أسماء بعض قاداتها وأخرى لمشايخ قبليين موالين للجماعة، بحسب وثائق متداولة اطلع عليها “المشاهد”
محاولة طمس ذكر اسم “نشوان الحميري” لم يقتصر على محافظة عمران
بل امتد إلى جميع المحافظات الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي، بما في ذلك العاصمة صنعاء
ففي مدينة صنعاء القديمة، أصدر مكتب التربية والتعليم الخاضع لسلطة جماعة الحوثي، في يونيو 2021 قرار بتغيير اسم مدرسة نشوان الحميري المعروفة إلى مدرسة “الشهيد هاني طومر“
وطومر مقاتل صغير السن قاتل إلى جانب جماعة الحوثي وقتل في محافظة الجوف في فبراير 2021
في مايو 2021، أصدر مكتب التربية والتعليم الخاضع للجماعة قرارًا قضى بتغيير أسماء اثني عشر مدرسةً في مديرية الشاهل محافظة حجة، وحملت المدارس أسماء قادة الجماعة ومسميات ذات بُعدٍ طائفي
مصدر تربوي قال لـ”المشاهد” إن الجماعة تسعى من خلال تغيير أسماء المدارس إلى ترسيخ أفكارها المذهبية في عقول الطلاب والأجيال القادمة
”مصدر تربوي”الجماعة تسعى من خلال تغيير أسماء المدارس إلى ترسيخ أفكارها المذهبية في عقول الطلاب والأجيال القادمة
”فيما أفاد مصدر في مكتب التربية والتعليم الذي تسيطر عليه الجماعة في عمران أن هذا القرار يأتي ضمن خطةٍ مدروسةٍ
تستهدف من خلالها الجماعة تغيير المدارس التي تحمل أسماء الرموز الوطنية والأحداث التاريخية
وأضاف المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ”المشاهد”: “هذا ليس أول قرار، فمن قبله تم تغيير أسماء مدارس كثيرة في العاصمة صنعاء، وفي محافظتي حجة وإب، ومن وقتٍ لآخر يتم استهداف مجموعة من المدارس”
يشير المصدر إلى تغيير أسماء المدارس في عقول المواطنين لن يكون سهلًا على الجماعة، فتلك الأسماء محفورةٌ في تاريخ الأجيال ولا يمكن نسيانها بمجرد صدور قرارٍ من جماعةٍ مصنفةٍ في قائمة الإرهاب، لكن رسوخ الأسماء الجديدة مرهون ببقاء الجماعة
ويرفض المسؤولون في مكتب التربية والتعليم بصنعاء الرد على الأسئلة الموجهة إليهم أو التعليق على قرارات مكتب التربية، خوفًا من بطش الجماعة، وظلت الأسئلة بلا إجابات؛ نتيجة تهرّب المعلمون ومدراء المدارس ومسؤولو التربية
تعود معركة جماعة الحوثي مع القاضي والمؤرخ والأديب اليمني نشوان الحميري إلى القرن السادس الهجري (القرن الثاني عشر الميلادي)
في ذلك الحين، خاض نشوان الحميري معارك فكريةّ حادة مع الأئمة الزيدية؛ بسبب رفضه حصر الحكم في البطنين (ذرية الحسن والحسين) أو في قريش
ودعا إلى الشورى في اختيار الحاكم؛ مما جعله شخصيةً ثوريةً ضد الاستبداد
ولذا كان اسم “نشوان الحميري” لمدرسة حكومية في حوث، عمران، مدعاةً لطمس اسم قائدٍ يمني وطني ناهض الاستبداد في اليمن قبل ثمانية قرون
على مدار الأعوام الماضية غيّرت الجماعة أسماء مدارس لا حصر لها
ولا توجد إحصائيات لهذه الممارسة التي تسعى إلى طمس معالم وطنية وتاريخية هامة
والأمر لم يقف عند هذا الحد فالجامعات نالت نصيبًا من ذلك، فقد تم تغيير أسماء قاعات الدراسة في الجامعات وصولًا لتغيير أسماء الشوارع أيضًا
وقال المصدر التربوي إن الأرقام أكبر مما تم الإعلان عنه بكثير، “خلال العام الماضي وحده تم تغيير ما يزيد عن ثماني مدارس في صنعاء فقط
المؤكد أنّ كل مدرسةٍ لها اسم مَعلمٍ وطني، ويتم تغييره بأسماء قيادات أو رموزٍ لجماعة الحوثي
نشرت منظمة سام للحقوق والحريات في العام 2021 تقريرًا عن التحديات التي تواجه العملية التعليمية في اليمن
وجاء في التقرير أنّ المنظمة رصدت أرقامًا مقلقةً حول الانتهاكات التي طالت العملية التعليمية، حيث تم تسجيل أكثر من 950 حالة انتهاك
تمثلت في فرض جباياتٍ مالية على الطلاب ومداهمة واقتحام المدارس، إضافةً لنهب المدارس وإغلاقها
وتغيير أسماء المدارس إلى أسماء رموزٍ دينية تنتمي لجماعة الحوثي
ووَفقًا لتقريرٍ صادرٍ عن منظمة إنقاذ الطفولة في مطلع العام الماضي، فإنّ اليمن يعاني أزمةً تعليميةً لم يشهدها من قبل، فبعد تسع سنواتٍ من الصراع بات طفلين من كل خمسة أطفال متسربون من التعليم، ما يعادل 4
5 مليون طفل
وتقول المنظمة في تقريرها: “رغم التزام أطراف الصراع ببنود الهدنة المنتهية، إلا أن ثلثي الطلاب الذين شملتهم الدراسة أفادوا أنّ شعورهم بالأمان لم يتحسن
لا يقف الأمر عند تغيير اسم المدرسة وَفق أيديولوجية جماعة الحوثي
بل أيضًا تفرض الجماعة مشرفًا تربويًا لكل مدرسةٍ بما في ذلك المدارس الخاصة في مناطق سيطرتها
وتقول منظمة “مواطنة لحقوق الإنسان” في تقرير نشرته في يناير هذا العام، إنّ هذا المُشرف يتمتع بمهامٍ كثيرة، بما في ذلك أدوار يبتكرها لنفسه في ظل غياب المحاسبة أو المناقشة
”ويتصرف هذا المشرف كأعلى سلطةٍ في المدرسة، ويفرض قوانينه أو تلك التي تُملَى عليه، مهددًا بتصوير حافظة الدوام الرسمي يوميًا، وعلى الجميع الحضور بشكل يومي والتوقيع على حافظة الدوام، وعدم التعذر بقول “نسيت أن أوقع”
ومن التصرفات الغريبة لهذا المُشرف دخول الفصول بشكل مفاجئ، حتى قاعات تعليم الفتيات، دون استئذان، بحسب تقرير مواطنة
ووَفقًا للمصدر نفسه، فإنّ هذا المُشرف يجيز لنفسه معاقبة من يشاء من المعلمين في أي وقتٍ يشاء
ويصل الأمر إلى شطب اسم المعلم من حافظة الدوام دون استشارة مدير المدرسة أو الرجوع إليه
ويقوم هذا المشرف بتكليف المعلمين بمهامٍ لا تمت للتعليم بصلة، مثل تنظيم الفعاليات والأنشطة التابعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين)
تقرير منظمة مواطنة “إنّ المشرفين التربويين الذين تعيّنهم الجماعة أصبحوا فعليًا “أعلى سلطة في المدارس، رغم أن أغلبهم يحمل شهادات أساسية أو يفتقر إلى أي خبرة إدارية أو خلفية تربوية
ومع ذلك، قد يصبحون هم مديري المدارس في يومٍ ما”
ومن المهام التي يقوم بها مثلًا “فرض الجبايات وطلب الأموال من الطلاب بحجة تنظيم فعالياتٍ مركزية، مثل “المولد النبوي الشريف” أو فعالية “21 سبتمبر”، ذكرى اجتياح مسلحي الجماعة العاصمة صنعاء والسيطرة عليها في 2014، بحسب مواطنة
ويضيف تقرير مواطنة: “بجانب الرسوم الدراسية والمساهمات المجتمعية المفروضة على الطلاب لصالح المعلمين والرسوم الامتحانية، تأتي الجباية للفعاليات”
يُطلب من الطلاب تقديم التبرعات في مظاريف غير مغلقة، تحت ذرائع مثل دعم فلسطين أو مساعدة شخص مريض من المشرفين
ويختم التقرير بالقول: “إنّ المشرفين التربويين الذين تعيّنهم الجماعة أصبحوا فعليًا “أعلى سلطة في المدارس، رغم أن أغلبهم يحمل شهادات أساسية أو يفتقر إلى أي خبرة إدارية أو خلفية تربوية
ومع ذلك، قد يصبحون هم مديري المدارس في يومٍ ما”
ودعت المنظمة جماعة الحوثي إلى “تحييد العملية التعليمية، والتوقف عن استخدام المدارس والمرافق التعليمية، ومغادرة تلك التي ما تزال مُستخدمة، مع تمكين الطلاب من الحصول على تعليمٍ متكاملٍ في بيئةٍ آمنة”
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير