التلغراف البريطانية: الدمار في اليمن يستحق انتباه العالم الكامل - [ترجمة خاصة]
منذ 4 ساعات
بقلم: صموئيل راماني- اليمن على وشك الانهيار
في 2 ديسمبر، شنت المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات هجومًا سريعًا أُطلق عليه اسم عملية المستقبل الواعد
وخلال أيام، سيطر هذا الكيان الانفصالي الجنوبي على المناطق الغنية بالنفط في حضرموت ومحافظة المهرة على الحدود اليمنية-العمانية، وجزيرة بيريم في مضيق باب المندب
مع هذه السيطرة على الأراضي، أصبح المجلس الانتقالي الجنوبي يهيمن على معظم أراضي جنوب اليمن
وبسبب سلسلة من الخسائر الإقليمية غير المتوقعة، قامت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، والموالية للسعودية، والمتمثلة في مجلس القيادة الرئاسي، بتعبئة 20 ألف عنصر استعدادًا لشن هجوم مضاد ضد المجلس الانتقالي الجنوبي
وفي حين أن المزيد من الاشتباكات شبه مؤكدة، اندلعت تظاهرات انفصالية واسعة النطاق في جنوب اليمن، وقد يُعيد المجلس إعلان استقلال الدولة التاريخية لجنوب الجزيرة العربية في أي لحظة
بعيدًا عن التكاليف الإنسانية المروعة للحرب المستمرة في اليمن، فإن هذه التطورات الأخيرة تحمل تبعات سلبية على الأمن الإقليمي واستقرار الاقتصاد العالمي
امتداد التنافس بين الإمارات والسعودية من السودان إلى اليمن يضع ضغطًا على تحالفٍ حاسم لاحتواء النفوذ الإيراني الإقليمي الخبيث
كما أن المواجهات بين المجلس الانتقالي الجنوبي ومجلس القيادة الرئاسي قد تعزز الطموحات التوسعية لجماعة الحوثي، التي تعرضت لضغوط اقتصادية من إيران ولضربات أمريكية وإسرائيلية متتالية
وقد يؤدي نشاط الحوثيين إلى إعاقة جهود شركات الشحن الدولية مثل العملاق الدنماركي ميرسك لاستثمار هدنة غزة واستعادة تدفقات التجارة قبل الحرب في البحر الأحمر
كما أن أي فراغ أمني في جنوب اليمن قد يمكّن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب
حيث لا يزال التنظيم موجودًا في الجزء الشرقي من محافظة أبين، وقد شن هجومًا إرهابيًا كبيرًا ضد قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في أواخر أكتوبر
وعلى الرغم من تراجع وجود التنظيم بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، فإن استمرار حالة عدم الاستقرار في جنوب اليمن قد يعيد نشاطه كتهديد إرهابي عابر للحدود
على الرغم من التداعيات الخطيرة للفوضى في اليمن، رحبت المجتمع الدولي بالتطورات الأخيرة بصمت
فحتى مع العلاقات الوثيقة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع قادة البلدين وطموحاته في إحلال السلام العالمي، لم تمارس الولايات المتحدة ضغوطًا على الإمارات والسعودية لتهدئة التوترات
وبمكالمات غامضة لوقف إطلاق النار والعودة إلى الوضع السابق الهش، كان أداء الأمم المتحدة أيضًا ضعيفًا
ويُعد هذا الصمت مثالًا جديدًا على إخفاق المجتمع الدولي تجاه اليمن
فالولايات المتحدة وحلفاؤها يتحملون جزءًا كبيرًا من المسؤولية عن مأساة اليمن الحالية
وحتى بعد أن تعرض الرئيس علي عبد الله صالح لعزلة أمريكية بسبب دعمه للعراق خلال حرب الخليج 1991، استعاد صالح علاقاته مع واشنطن من خلال جعل اليمن شريكًا مهمًا في حرب مكافحة الإرهاب
وبفضل هذه الخطوة، تجاوزت الولايات المتحدة أسلوب حكم صالح الاستبدادي وتجاهلت الانقسامات الإقليمية التي سببتها
فقد ألهم استياء المجتمع الزيدي الشيعي اندلاع تمرد الحوثيين عام 2004 ومهد الطريق لسيطرتهم على العاصمة صنعاء عام 2014
بعد قمع انتفاضة انفصالية في الجنوب عام 1994، أخذ صالح انتقامًا جماعيًا من الشعب الجنوبي
من خلال مصادرة ثروات النفط في الجنوب وتوفير النفوذ السياسي للشماليين، عانى الجنوبيون من التهميش
وقد أدى رد الفعل ضد سياسات التمييز هذه إلى إنشاء المجلس الانتقالي الجنوبي عام 2016 ويغذي دعمه لهجومه الأخير ضد مجلس القيادة الرئاسي
وعندما اندلعت الحرب الأهلية عام 2014، كان رد الفعل الدولي أيضًا إشكاليًا
فقد اعتبرت معظم الدول الغربية الحوثيين تهديدًا للأمن الإقليمي والدولي، ما شجع الولايات المتحدة وبريطانيا على تقديم الدعم العسكري للتحالف السعودي ضد الحوثيين
ومع ذلك، لم تمارس الدول الغربية ضغطًا كافيًا على السعودية بشأن الوفيات المدنية المفرطة في شمال اليمن، وسهلت بناء الإمارات لنفوذها في الجنوب
واستغل الحوثيون هذه الخسائر لتعزيز سيطرتهم على الشمال، بينما حصل المجلس الانتقالي الجنوبي على الموارد اللازمة ليصبح القوة المهيمنة في الجنوب
وأضافت الأمم المتحدة وقودًا للنار من خلال تأييدها لهدنة غير مناسبة سمحت للحوثيين بإعادة التسلح وتجاهل مظالم الشعب الجنوبي
الآن حان الوقت للمجتمع الدولي لتصحيح هذه الأخطاء والسعي إلى تسوية سلمية شاملة في اليمن
فحل قضية وضع جنوب اليمن يشكل محور أي مبادرة لبناء الدولة
على المدى القصير، يجب دفع الرعاة الخارجيين للفصائل اليمنية نحو خفض التصعيد واستئناف المفاوضات بشأن اتفاقية عادلة لتقاسم السلطة
وعند تجاوز الأزمة الفورية، ينبغي إجراء استفتاء بشأن وضع جنوب اليمن
فإذا اختار الجنوبيون تقرير مصيرهم، يجب على الغرب حث المجلس الانتقالي الجنوبي على إنهاء استبعاده للحركات السياسية المنافسة واحترام الهويات المحلية لشعوب حضرموت والمهرة
وإذا أيد الجنوبيون البقاء في اتحاد مع الشماليين، فيجب ضمان توزيع عادل للموارد
بينما يظل الملايين محاصرين في دائرة المجاعة والدمار، اليمن يستحق اهتمامنا الكامل
ويجب معالجة القضايا الجوهرية التي تغذي الحرب المستمرة بشكل كامل