التنمر… وسيلة هدم المرأة في اليمن
منذ 6 أشهر
تعز- سمية ناصرتتذكر رزان، 25 عامًا، في ريف محافظة تعز، المعاناة التي مرت بها منذ الصغر، وتكاد أن تنفجر باكية
كانت طفولتها بائسة، ولم تسلم من التنمر في البيت والمدرسة، وحتى بعد زواجها، بسبب عدم قدرتها على السمع
توقفت رزان عن مواصلة تعليمها في المدرسة، وتزوجت في سن مبكرة، لكن ذلك لم يكن الحل الذي ضمن لها حياة مستقرة، وأصبحت تعاني التنمر في بيت زوجها
تقول رزان لـ “المشاهد”: “كان أهل زوجي ينادوني بكلمات جارحة مثل غبية، مجنونة، صماء
لم يكن لزواج كهذا أن يستمر فانتهى بالطلاق، لكن دوامة العنف والتعنيف لم تتوقف”
بعد الطلاق، لم تحصل رزان على حقوقها المالية التي يقرها القانون
تقول رزان: “لو كنتُ مُتعلمة، لعرفت حقوقي، ولما استطاعوا معاملتي بتلك الصورة وعلى ذاك النحو المهين
لم أطالب بحقوقي لأني لم أكن أدرك ما الذي يمكن فعله”
عانت رزان أشكالا عدة من التنمر، منها التنمر على مظهرها، وضعف سمعها، منذ أن كانت طفلة، ولم تهتم الأسرة بمواساتها وتشجيعها ودعمها
وتعد معاناة رزان صورة مصغرة للواقع الذي تعيشه الكثير من النساء في اليمن
منذ نشوب الحرب في اليمن عام 2015، تضاعف العنف الواقع على المرأة اليمنية التي تتعرض لأنواع عدة من العنف، مثل العنف الاقتصادي، العنف الاجتماعي، العنف الجسدي، العنف النفسي، العنف الجنسي تحت ضغط الواقع الاقتصادي المعيشي للحرب، على الأُسَر الفقيرة والمتوسطة
التنمر… سلوك عدائييُعرّف المحامي علاء دينيش التنمر بأنه سلوك عدائي متكرر يهدف إلى إلحاق الأذى النفسي أو الجسدي بشخص آخر أضعف من المتنمر
ويقول لـ “المشاهد”: “للتنمر أشكالًا مختلفة منها التنمر اللفظي، والجسدي، والاجتماعي، والإلكتروني
عقوبة الابتزاز في القانون اليمني تتمثل في الحبس مدة لا تزيد عن سنة أو غرامة لا تزيد عن مليون ريال أو العقوبتين معًا”
يؤكد دينيش أن العقوبة تتضاعف في حال كان الضحية طفلًا أو معاقًا أو امرأة، ومن حق المجني عليه المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به أو بها بسبب التنمر
وينوه دنيش إلى أهمية أن تتخذ الجهات المختصة جميع التدابير لمنع التنمر، والكشف عنه ومكافحته من خلال برامج متنوعة، مثل نشر التوعية، ووضع برامج وبروتوكولات للتعامل مع حالات التنمر، وتدريب المعلمين والموظفين على كيفية مواجهته، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للأشخاص الذين تعرضوا للتنمر
آثار طويلة المدىتقول المختصة النفسية عفاف علي أن المعاناة التي مرت بها رزان متعددة، ما تسبب لها بآثار طويلة المدى على المستوى النفسي والمستوى الاجتماعي
وتوضح عفاف بالقول: “الآثار الناتجة عن العنف النفسي ليست مجرد خدوش عابرة، بل هناك آثار بعيدة المدى يجب التركيز عليها والتعامل معها لكي تستطيع رزان استعادة التوازن في حياتها والاندماج الإيجابي في المجتمع”
وفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، ازداد العنف ضد المرأة في اليمن بنحو 63% منذ تصاعد النزاع في سبتمبر/أيلول 2015، وهذه النسبة تضع اليمن ضمن أوائل الدول التي تتعرض المرأة فيها للعنف
وتوصي المختصة النفسية عفاف أسر وأهالي الأفراد الذين تعرضوا للعنف في الطفولة بأهمية الحصول على الدعم النفسي الأولي، بما في ذلك الحماية والاحتواء، حيث ينتقل أولئك الأفراد من تلقي اللوم إلى تلقي التشجيع واستكشاف وتنمية مواهبهم
وتضيف عفاف: “يجب التوضيح للأسرة بدورها، وكيف يمكنها مساندة الفرد الذي يتعرض للتنمر والتعامل معه أو معها بأسلوب لائق، ومراعاة الوضع الصحي والنفسي وتعريف الأسرة بما قد يترتب على سوء المعاملة”
تتابع: “لا بد من تقديم المشورة النفسية حول كيفية التعامل مع المشاعر والأعراض النفسية التي قد تنتج عن العنف، مثل الأرق واضطرابات النوم، والخوف الشديد، والإرهاق، والكآبة، وزيادة الميول إلى الانتحار أو التفكير به، أو تعمد إيذاء الذات، أو اضطرابات الأكل، أو السلوك الإدماني، وغيرها من اضطرابات ما بعد الصدمة”
التعليم طريق النجاةبدأت معاناة رازن بعد تسربها من التعليم، في المرحلة الأساسية، وكانت في ذلك الوقت طفلة منكسرة تعاني الكثير من التنمر والتعنيف، دون وجود من يستشعر معاناتها
وتشير إحصائيات صادرة عن منظمة اليونيسف إلى أن نسبة الإناث المتسربات من التعليم في اليمن تبلغ 55
3% في مقابل 44
7% من الذكور
لكن رزان بدأت رحلة استعادة الثقة بالنفس، وتقول: “عزمتُ على إكمال الدراسة، وأنهيت التعليم الثانوي، كما تعلمتُ الخياطة، وأصبح لدي مصدر دخل جيد، والحمد لله
”حققت رزان الاستقلالية، واستطاعت النجاة دوامة العذاب، وانتقلت من الضعف إلى القوة، إذ أصبحت لديها الحق في اتخاذ القرارات التي بشأن حياتها، وتحقق لها ذلك بالتعليم والاستقلال المادي
المحامية سارة مذكور تقول إن حق المرأة في التعليم حق أساسي، مشتق من الحق في الحياة الكريمة التي كفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهو أول الطريق لحماية المرأة وحقوقها
تقترح مذكور بعض المعالجات الضرورية لمواجهة العنف متعدد الأشكال ضد النساء في اليمن من خلال حملات مناصرة تركز على ضرورة سن قوانين صريحة ومنصفة لحماية حقوق المرأة، ومعاقبة مرتكبي الجرائم بحقها
تختم مذكور حديثها لـ “المشاهد”، وتقول: “يجب أن تحصل المرأة على التوعية بحقوقها، وتعزيز احترامها في الأسرة والمجتمع، وضرورة تفعيل دور المؤسسات المعنية بحماية حقوق المرأة والطفل، وزيادة أنشطتها في هذا الجانب”
تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع تعزيز أصوات النساء من خلال الإعلام الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصاديليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير