الديناميكية  المحلية والدولية لاستهداف السفن في البحر الأحمر

منذ 15 ساعات

الحديدة- محمد عبدالله – سعد عبداللهما تزال أصداء حادثتي استهداف سفينتي “ماجيك سيز” و”إتيرنيتي سي” وإغراقهما في البحر الأحمر تتردد على المستوى الدولي، وسط تزايد القلق من التهديدات المتصاعدة لأمن الملاحة البحرية

وانعكاساتها على التجارة العالمية وسلاسل الإمداد

وقعت الحادثتان يومي 6 و7 يوليو/تموز 2025، على بُعد نحو 51 ميلًا بحريًا جنوب غرب مدينة الحديدة، في منطقةٍ تشهد تصعيدًا من قبل جماعة الحوثي “أنصار الله” ضد السفن التجارية المتهمة بارتباطها مع إسرائيل

  الهجومان يأتيان ضمن حملةٍ بدأتها جماعة الحوثي في نوفمبر/تشرين الثاني 2023

تقول إنها دعمًا للفلسطينيين في قطاع غزة التي تتعرض لحربٍ إسرائيلية مفتوحة منذ أكتوبر 2023

أعلنت جماعة الحوثي مسؤوليتها عن الهجومين، وقالت إن استهداف السفينة “ماجيك سيز” جاء ردًّا على ما وصفته بـ”انتهاكات الشركة المالكة لقرار حظر دخول موانئ فلسطين المحتلة“

كما قالت إن السفينة “إترنتي سي” كانت متجهةً إلى ميناء أم الرشراش (إيلات)؛ ما أدى إلى إغراقها

  السفينة “اترنتي سي” لم تكن وجهتها إسرائيل لكنّ واحدةً من الشركات المشغلة المرتبطة بأسطول السفينة، “كوزموشيب مانجمنت” كانت قد سيّرت رحلاتٍ بالفعل إلى موانئ في إسرائيل مرتين في وقتٍ سابق هذا العام، بحسب ما نقلته وكالة رويترز وتظهره أدوات تتبع السفن

وهذا يعني استمرار نفس النمط للهجمات التي بدأتها جماعة الحوثي ضد السفن على أساس ارتباط الجهات المالكة للسفن بإسرائيل

هذا النمط يتعدى استهداف السفن بحسب وجهتها في إسرائيل ليشمل الشركات المالكة أو التي تدير أي أسطولٍ تورط بتسيير رحلات بحرية إلى وجهاتٍ في إسرائيل

فكلا السفينتين “ماجك سيز واترنتي سي” لم تكن وجهتيهما إسرائيل، لكنّ الشركات التي تديرها أو المالكة لهما قامت برحلات بحرية سابقة إلى إسرائيل

ووَفق بيان جماعة الحوثي فإن عملياتها مستمرة بهدف منع الملاحة الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي

ووفقا لتقرير  لجنة الخبراء المعنية باليمن، التابعة لمجلس الأمن الدولي، في أكتوبر 2024، فإن هجمات جماعة الحوثي على السفن في البحر قد نقل ديناميكية الصراع اليمني من المستوى المحلي والإقليمي إلى الساحة الدولية

 وحسب التقرير فإن توقف عملية السلام في اليمن  كان أحد التداعيات غير المباشرة للحرب على السفن في البحر الأحمر

ظهرت أداة “مارين ترافيك” الخاصة بتتبع السفن” أن، ماجيك سيز” كانت في طريقها من ميناء تشوهاي في الصين إلى قناة السويس، وكان من المتوقع أن تصل إلى وجهتها في العاشر من يوليو الجاري

 بالرغم أن مسئولي جماعة الحوثي ينفون صلة هجماتهم في البحر بجهود السلام في اليمن فإن تقرير لجنة الخبراء يقول أنه لا يمكن المضي قدما باتجاه السلام في اليمن دون وقف هجمات جماعة الحوثي على الملاحة في البحر

تحقَق موقع “المشاهد” من مسار السفينتين “ماجيك سيز” و”إتيرنيتي سي” عبر أدوات تتبع حركة السفن، وتبيّن أن كلاهما لم تكونا متجهتين إلى إسرائيل عند استهدافهما

أظهرت أداة “مارين ترافيك” الخاصة بتتبع السفن” أن، ماجيك سيز” كانت في طريقها من ميناء تشوهاي في الصين إلى قناة السويس، وكان من المتوقع أن تصل إلى وجهتها في العاشر من يوليو الجاري

 لقطة شاشة تبين مسار سفينة “ماجيك سيز” – مارين ترافيكالسفينة مملوكة لشركة “ستيم شيبينغ” اليونانية ومقرها أثينا، وتم بناؤها عام 2016، وتُستخدم لنقل البضائع السائبة

وَفقًا لمسؤولٍ في الشركة، كانت تحمل الحديد والأسمدة من الصين إلى تركيا، وهي رحلة بدت منخفضة المخاطر حيث لا علاقة لها بإسرائيل، ولم تتلقَ الشركة أي تحذيرٍ بشأن الهجوم

على الرغم من أن سفينة “ماجيك سيز” لم تكن على صلةٍ مباشرةٍ بإسرائيل عندما تعرضت للهجوم، إلا أن أسطول شركة Allseas Marine، وهي الشركة التجارية الأخرى التابعة لشركة “ماجيك سيز”، قامت برحلاتٍ إلى الموانئ الإسرائيلية خلال العام الماضي، بحسب ما نقلته رويترز عن تحليلٍ أجرته “فان قارد”، شركة إدارة المخاطر البحرية التي تتخذ من بريطانيا مقرًا لها

أما سفينة “إتيرنيتي سي” والتي تشغلها شركة “كوسموشيب مانجمنت” اليونانية، فقد كانت في طريقها من ميناء بربرة في الصومال إلى ميناء جدة في السعودية عندما تعرضت للهجوم، كما بيّنت أداة ShipIntel Essentials الخاصة برصد حركة السفن، وليست كما قالت جماعة “إنها كانت تتجه نحو ميناء أم الرشراش”، المعروف الآن باسم إيلات على الساحل الجنوبي الشرقي لفلسطين المحتلة

لقطة شاشة تبين مسار سفينة ماجيك سيز – ShipIntelونقلت وكالة رويترز عن الشركة المشغلة للسفينة، أنها كانت تُبحر من ميناء بربرة إلى ميناء جدة، وكانت في حالة “صابورة” (فارغة) للحصول على الوقود بعد تسليم شحنة لبرنامج الغذاء العالمي في بربرة

وعلى الرغم من أن سفينة “إتيرنيتي سي” لم تكن وجهتها إسرائيل إلا أن تحليل بيانات الشحن أظهر أن سفنًا أخرى تديرها شركة “كوزموشيب مانجمنت”، زارت إسرائيل مرتين بالفعل في وقتٍ سابق هذا العام

وكان المتحدث باسم قوات جماعة الحوثي، يحيى سريع قد أعلن في 19 مايو الماضي بدء تنفيذ حظرٍ بحري على ميناء حيفا

يقول معهد واشنطن لدارسة سياسية الشرق الأدنى في مقال نشره أواخر يناير الماضي إن قاعدة بيانات الشحن التي يستخدمها الحوثيون لاستخراج معلومات الملكية وتحديد قائمة أهدافهم، “ليست واضحة”

ويقول المعهد إن الفحص الدقيق للهجمات منذ ديسمبر 2023 يظهر أنه بالرغم من مهاجمة بعض السفن التي لها ارتباط مباشر وغير مباشر بإسرائيل (وبشركائها الولايات المتحدة وبريطانيا)، استخدم الحوثيون أيضًا معلومات غير دقيقة لاستهداف سفنٍ لا علاقة لها بالنزاع

ففي فبراير 2024، على سبيل المثال أطلقت قوات جماعة الحوثي صاروخًا باليستيًا مضادًا على سفينة الشحن العامة روبيمار (IMO 9138898) التي ترفع علم بليز، واصفين إياها بأنها “سفينة بريطانية”

 ومع ذلك، فقد كانت روبيمار —التي غرقت أوائل مارس 2024 مع حمولتها من الأسمدة— مملوكة لشركةٍ مقرها لبنان ولم يكن لها أي روابط بالمملكة المتحدة

وينوه المصدر نفسه بالقول: “تتفاقم مخاطر مثل هذه الأخطاء (سواءً كانت مقصودة أو غير مقصودة)؛ بسبب التغيّرات المستمرة في ملكية السفن ومشغليها، والتي لا يتم تحديثها بصورة فورية في قواعد البيانات البحرية المتاحة عبر الإنترنت

ويندرج الأمر نفسه عندما يقوم المستثمرون ببيع حصصهم في بعض شركات الشحن”

يقول معهد واشنطن إن التهديد العسكري الذي يشكله الحوثيون ضد الملاحة الدولية سيظل “مصدر قلق كبير”

“سيواصل الحوثيون استغلال البحر الأحمر ومضيق باب المندب كنقاط اختناق استراتيجية لإبراز قوتهم وممارسة نفوذهم في النزاعات الإقليمية”

مضيفًا: “من المتوقع أيضًا أن يؤسسوا مركزًا للمرور البحري لمراقبة حركة المرور البحري واستجواب السفن المارة، وذلك على غرار المركز الذي يديره الحرس الثوري الإيراني في مضيق هرمز”

وحتى لو أسفر أي اتفاقٍ لوقف إطلاق النار في غزة عن انخفاض الهجمات في البحر الأحمر، فإن ذلك لن يغير من الطابع الانتهازي للحوثيين وعدائهم المستمر تجاه الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل، بحسب المصدر نفسه

مشيرًا إلى أنه على الرغم من الضربات الجوية الأمريكية والبريطانية المتكررة التي استهدفت المواقع العسكرية  للجماعة في اليمن، فإنها لا تزال تمتلك ترسانةً متطورة تضم صواريخ باليستية، وصواريخ كروز، وطائرات مسيّرة هجومية بعيدة المدى ذات اتجاه واحد، العديد منها تم تزويدهم بها أو تطويرها من قبل إيران

أثار الهجوم على السفينتين وغرقهما، إداناتٍ دوليةً وسط مطالباتٍ بحماية الملاحة الدولية، وهو الأمر الذي دفع مجلس الأمن الدولي إلى اعتماد القرار رقم (2787) لعام 2025، الذي يقضي بتمديد “فترة تقديم التقارير الشهرية من قبل الأمين العام للأمم المتحدة بشأن هجمات جماعة الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر، حتى 15 يناير/كانون الثاني 2026”

وكان مجلس الأمن الدولي اعتمد القرار 2722 مطلع 2024 الذي يدين الهجمات التي شنها الحوثيون على السفن التجارية وسفن النقل في البحر الأحمر، ويطالب بالوقف الفوري لجميع هذه الهجمات

منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023، استهدف الحوثيون أكثر من 100 سفينة باستخدام الصواريخ والطائرات المسيّرة؛ ما تسبب باضطراباتٍ كبيرة في مسارات الشحن

ووَفقًا لوكالة “أسوشيتد برس“، أدّت هذه الهجمات حتى الآن إلى إغراق أربع سفن، ومقتل ما لا يقل عن ثمانية بحارة، فيما غيّرت العديد من شركات النقل البحري مساراتها أو علّقت عملياتها مؤقتًا في البحر الأحمر

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير