الذرة الرفيعة.. ضحية التغيرات المناخية في اليمن
منذ 19 ساعات
تعز- أحمد عبد المنعمعندما ذهب فاروق محمد يحرث أرضه في بداية موسم بذر “الذرة الرفيعة الحمراء” منتصف مايو الفائت؛ كان يُمنّي النفس بأن يكون الحصاد وفيرًا هذا العام، فلقد مرّ وقتٌ طويل منذ أن حظيّ بحصادٍ وافر
في بداية نوفمبر الحالي، موسم حصاد الذرة الرفيعة الحمراء في مسقط رأسه بني شيبة، تعز، رأى فاروق رأيَ العين آماله تذهب أدراج الرياح
فقد كان الحصاد شبيهًا بما كان عليه في الموسم الماضي، هذا إن كان بالإمكان تسميته حصادًا حتى؛ فقد أدّى انقطاع الأمطار وتأخرها إلى جفاف معظم أرضه التي حرثها، وذبول محاصيله، باستثناء القليل منها
تشكل الحبوب في اليمن، ومنها الذرة الرفيعة، الجزء الأكبر من المساحات المزروعة في البلاد، بنسبة وصلت عام 2021 إلى نحو 48 % من إجمالي المحاصيل الأخرى، بحسب “كتاب الإحصاء الزراعي” الصادر عن وزارة الزراعة في صنعاء
ووصل إنتاج الحبوب في 2021 حوالي 15في المائة من إجمالي المحاصيل الأخرى، حسب المصدر السابق
لم يكن فاروق وحيدًا في مصابه فقد فَشِل موسم الحصاد لدى معظم الأهالي في منطقة بني شيبة بمديرية الشمايتين، في تعز
يصف فاروق ما يحدث لـ”المشاهد” قائلًا: “في بداية الموسم نشهد أمطارًا غزيرةً وأحيانًا متقطعةً إلا أنها ما تلبث أن تتوقف، ثم يبدأ الجفاف وذبول الزرع بعد ذلك، إذا حالفنا الحظ بأمطارٍ بين الفينة والأخرى يظل الزرع صامدًا، وإن لم يحالفنا الحظ فإن موسم الحصاد يبوء بالفشل، كما حدث في هذا الموسم
”يضيف: “لم تعد الأمطار مستقرةً كما كانت في السابق، فبعض الأحيان تزداد شدتها، وفي أغلب الأحيان تنخفض وتيرتها، كما أنّ توقيت هطولها أثناء الموسم الزراعي لم يعد ثابتًا إذ تتقدم تارةً وتتأخر تاراتٍ أخرى
”المزارع فاروق محمد: لم تعد الأمطار مستقرةً كما كانت في السابق، فبعض الأحيان تزداد شدتها، وفي أغلب الأحيان تنخفض وتيرتها، كما أنّ توقيت هطولها أثناء الموسم الزراعي لم يعد ثابتًا إذ تتقدم تارةً وتتأخر تاراتٍ أخرى
”دأب اليمنيون منذ عقودٍ طويلةٍ، وخصوصًا سكان المناطق الريفية على زراعة “الذرة الرفيعة الحمراء” كمحصولٍ موسمي يعتمد على مياه الأمطار
ولطالما كانت العوامل المناخية ملائمةً لزراعة محصول الذرة الرفيعة في مناطق عديدةٍ من اليمن، إلّا أنّ التأثيرات المرتبطة بالتغير المناخي فرضت واقعًا آخر، كما يقول باحث المناخ الزراعي في الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي، بمحافظة ذمار، محمد الخرساني
وبالنسبة لفاروق فإنّ فشل موسم حصاد الذرة الرفيعة الحمراء يعني تفاقم أزمة الغذاء التي تعيشها أسرته بالفعل
وكآلاف الأسر اليمنية، وفي الريف خصوصًا، تعتمد أسرة فاروق على الذرة الرفيعة الحمراء كمصدرٍ لتحضير وجباتٍ رئيسيةٍ، مثل الخبز والعصيد وغيرها من الوجبات الأخرى
وتشير بيانات الإحصاء الزراعي الصادرة عن وزارة الزراعة والري في صنعاء إلى أنّ محصول الذرة الرفيعة هو أكبر المحاصيل المزروعة في اليمن، حيث شكّلت المساحة المزروعة من الذرة الرفيعة عام 2020، 60
2% من إجمالي نسبة المساحة المحصولية للحبوب
تؤثر الظروف المناخية غير المستقرة على زراعة محاصيل الحبوب في اليمن ومحصول الذرة الرفيعة الحمراء تحديدًا
ويصف الباحث في مركز البحوث الزراعية الدكتور محمد عبدالواسع الخرساني لـ”المشاهد” تلك التأثيرات بالقول: “الظروف المناخية غير المستقرة المرتبطة بالتغيّر المناخي تؤثر سلبًا على زراعة محصول الذرة الرفيعة الحمراء؛ كونها من المحاصيل الموسمية؛ وبالتالي فإن التأخر في مواعيد مواسم الهطول المطري عن مواسمها المعتادة يُقلل من فترة نموها الطبيعي، خصوصًا وأنها تحتاج لفترة ستة أشهرٍ لاكتمال نموها وإنتاجيتها”
يضيف: “للذرة الرفيعة الحمراء متطلبات مناخية أخرى، مثل درجة الحرارة والرطوبة الجوية، وبالتالي فإنّ عدم استقرار هذه العوامل ينعكس بالسلب على زراعة محصول الذرة الرفيعة الحمراء، وهو بالفعل ما يحصل في مناطق كثيرةٍ من اليمن في السنوات الأخيرة”
وتشير البيانات الصادرة عن الإدارة العامة للإحصاء والمعلومات الزراعية في وزارة الزراعة والري بصنعاء إلى أنّ المساحة المزروعة بمحصول الذرة الرفيعة تراجعت خلال الفترة ما بين 2010 وحتى 2021 بحوالي 35
6 %
فبينما كانت عام 2010، 539,706 هكتارات، انخفضت عام 2021 إلى 347,563 هكتارًا
رغم أن التحديات المناخية تؤثر على زراعة محصول الذرة الرفيعة الحمراء في اليمن إلاّ أنّه يمكن التكيف معها وتخفيف حدتها عبر اتخاذ حلولٍ معينة
يتحدث أستاذ علوم البيئة والمناخ في جامعة تعز الدكتور وديع الشرجبي، لـ”المشاهد” عن هذه الحلول قائلًا: “يمكن مواجهة التأثيرات المرتبطة بظاهرة التغيّر المناخي على محصول الذرة الرفيعة الحمراء عن طريق تحسين بذور وأصناف هذا المحصول، بحيث يكون ملائمًا للتغيرات المناخية وقادرًا على تحمل درجات الحرارة العالية وعدم استقرار هطول الأمطار والصمود أمام الجفاف”
أستاذ علوم البيئة والمناخ في جامعة تعز الدكتور وديع الشرجبي: يمكن مواجهة التأثيرات المرتبطة بظاهرة التغيّر المناخي على محصول الذرة الرفيعة الحمراء عن طريق تحسين بذور وأصناف هذا المحصول، بحيث يكون ملائمًا للتغيرات المناخية وقادرًا على تحمل درجات الحرارة العالية وعدم استقرار هطول الأمطار والصمود أمام الجفاف”
ويضيف الشرجبي: “الاهتمام بالتربة وصيانتها والحفاظ على خصوبتها عامل آخر يساعد محصول الذرة الرفيعة الحمراء على مواجهة التأثيرات المرتبطة بظاهرة التغيّر المناخي”
في ظل تبني الحلول لمواجهة تأثيرات التغيّر المناخي على زراعة محصول الذرة الرفيعة الحمراء يُمكن للمزارع فاروق محمد – أنّ يعمل على تحسين موسم حصاده في الأعوام القادمة خصوصا، إذا عمل على تنفيذ هذه الحلول عند زراعة محصوله
ما رأيك بهذا الخبر؟سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع
يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة
بريدنا الإلكتروني: almushahideditor@gmail
comاحصل على آخر أخبار المشاهد نت مباشرة إلى بريدك الإلكتروني
الإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقاريرمن نحن