الشوارع تتلقف الأطفال المطرودين من منازلهم
منذ 8 أيام
عدن – ماهر البرشاء بات الطفل محمد العمري (16 عامًا)، ضحية جديدة من ضحايا الأطفال المطرودين من منازلهم، والذين تتلقفهم الشوارع بمخاطرها اللا متناهية
محمد، من مديرية مقبنة، غرب محافظة تعز (جنوب غربي اليمن)، طرده والده؛ بسبب اتهامات كاذبة بأنه يشتم جيرانه وأهالي حارته
يروي محمد قصته لـ«المشاهد» وهو يتكئ على عربةٍ يبيع عليها الذرة الشامية (الهند) بمديرية الشيخ عثمان، بمدينة عدن (جنوب اليمن)
يقول: طردتُ من المنزل وأنا مازلتُ صغيرًا جدًا ولا أملك أي شيء، وكل ذلك بسبب الشائعات التي وصلت لأبي عني
ويواصل: اتهمني بعض أهالي الحي الذي نسكن فيه بأنني أتلفظ بكلمات لا أخلاقية، وهو ما لم يحدث أبدًا
يتابع محمد حديثه: أبي لم يصدقني، وضربني وطردني من المنزل، ولم تكن أمي متواجدة لتدافع عني فقد توفيت منذ فترة
أصبح محمد مشردًا، ضحيةً للأكاذيب، وحين استشعر الظلم عزم الرحيل والتوجه للعمل في أي مكان لسد رمق جوعه
حزم محمد أمتعته وتوجه صوب سوق المحافظة للبحث عن عمل، وبعد يومين من الجهد وجد أخيرًا عملًا بأجر يومي بسيط
واستمر محمد يعمل لمدة قاربت من الشهر دون أن يسأل عنه والده الذي طرده
جمع محمد خلال هذا الشهر ما تيسر من المال وقرر الرحيل صوب مدينة عدن، التي باتت وجهة أغلب الأطفال المشردين
فمن ليس له مكان يأويه كان يتوجه للعمل في عدن؛ بحكم التوسع التجاري الذي تشهده المدينة
باتت المدن الرئيسية في اليمن وجهةً مفضلة لأغلب الأطفال المشردين والمطرودين من منازلهم؛ وذلك بهدف البحث عن عمل في ظل الأوضاع المعيشية المترديةقاوم محمد كل العراقيل رغم صغر سنه ونعومة أظافره ووصل عدن وبدأ بالبحث عن مشروع بسيط متواضع يناسب عمره
حيث وجد أخيرًا عربةً صغيرة وبدأ يبيع عليها ذرة (الهند) المشوية على الجمر
وحتى اللحظة، مازال محمد مشردًا عن منزل والده منذ أربع سنوات، ويعمل ليعيل نفسه بعيدًا عن حياة الاستجداء والتسول
أرقام مخيفة وبحسب إحصائيات وتقارير صادرة عن منظمات ومؤسسات متخصصة، فقد بلغ عدد الأطفال اليمنيين العاملين، نحو مليون و400 ألف طفل يمني
وذكرت الإحصائيات أن هذه النسبة من الأطفال منخرطين في أعمال متعددة يشكّل بعضها خطرًا على حياتهم
علاوةً على حرمان هؤلاء الأطفال من التعليم وأدنى استحقاقات الطفولة، بحسب التقارير الصادرة عن كيانات متخصصة
وتتفاقم ظاهرة عمالة الأطفال تزامنًا مع تقارير دولية تشير إلى أن نحو 11 مليون طفل يمني بحاجة ضرورية للحماية والدعم
تفشي ظاهرة طرد الأطفال وتزداد ظاهرة تعرض الأطفال للطرد من أهاليهم في المجتمع اليمني من وقت لآخر وهي ظاهرة استدعت اهتمام المختصين الاجتماعيين
وذلك بهدف الوقوف عليها ودراسة أسبابها، خاصةً وأنها لم تنل حقها من الدراسة، رغم الظروف التي تمر بها اليمن
فاستمرار الحرب وانهيار العملة، والتدهور المعيشي وانتشار المجاعة، كافية لتكون أسبابًا رئيسية لتشتت الأسر اليمنية والاضطرار لطرد أطفالها والتخلي عنهم
وتزداد ظاهرة تعرض الأطفال للطرد من أهاليهم في المجتمع اليمني من وقت لآخر وهي ظاهرة استدعت اهتمام المختصين الاجتماعيين، وبحسب إحصائيات وتقارير صادرة عن منظمات ومؤسسات متخصصة، فقد بلغ عدد الأطفال اليمنيين العاملين، نحو مليون و400 ألف طفل يمني
مسؤول الإعلام الحقوق بمكتب حقوق الإنسان بتعز، فيصل العسالي، يشير إلى أن ظاهرة طرد الأهالي لأبنائهم متواجدة في الواقع اليمني
وقال العسالي لـ«المشاهد» إن من أهم أسباب هذه الظاهرة -بحسب الأطفال أنفسهم- هو عدم قدرة أسرهم على إعالتهم؛ لذلك يطردونهم
وتابع: إن الأمر يبدأ بانصراف الأطفال عن المدرسة، واتجاههم إلى الشغل في الورش والمطاعم، ثم ينتهي بإخراجهم للتسول في الشوارع
وحذر العسالي من عمالة الأطفال، حيث يقعون احيانًا فريسةً للانحراف وتعلم السرقة، وسلوكيات سلبية أخرى قد تستمر طالما استمرت الحرب
معتبرًا هذه الأخيرة هي سبب كل مأساة، كنزوح آلاف الأسر، وتشظيها، وعجزها عن توفير الأكل والشرب والعلاج وإيجار السكن والتعليم
من جانبها، توضح الإعلامية شيماء رمزي أن هذه الظاهرة منتشرة بشكل كبير في محافظة تعز
وقالت لـ«المشاهد»: إن هناك العديد من أطفال نراهم على الطريق يتعرضون لانتهاكات جسيمة أولًا من أهاليهم الذين يدفعون بهم للشوارع
ولفتت إلى أن الأهالي يدفعون بأطفالهم إلى الشوارع من أجل جمع الأموال عبر التسول، وطلب المال غير المشروع بأي طريقة
العسالي: نحذر من عمالة الأطفال التي قد تقود الصغار إلى الانحراف وتعلم سلوكيات سلبية كالسرقة والجريمة، وهي مخاطر قد تستمر طالما استمرت الحربوتضيف شيماء: تقع على الأهالي المسؤولية الأكبر؛ لأنهم لا يقومون بواجبهم تجاه أطفالهم، ويحرمونهم من أساسيات احتياجاتهم، وواصلت: بل يصل بهم الحال إلى رمي أطفالهم إلى الشوارع، وهذا هو السبب الرئيسي في زيادة عمالة الأطفال باليمن
غياب الدور الحكومي وترى شيماء أن من أبرز أسباب استمرار هذه الجريمة بحق الأطفال، هو تغاضي السلطات الحكومية والمحلية وتقاعصها عن معالجة الظاهرة
بالإضافة إلى عدم قيام السلطات المعنية بمنع انتشار وتفشي ظاهرة العمالة، ووقف الانتهاكات بحق الأطفال والمتاجرة بهم تحت السن القانوني
مشيرةً إلى أن الحكومة تمارس إهمالًا واضحًا وبشكل كبير تجاه هذه القضية التي لها أهمية كبرى وتأثيرًا خطيرًا على المستقبل
وتظل قصة محمد واحدة من بين آلاف القصص المؤلمة التي يتعرض لها أطفال اليمن، في ظل الحرب المستمرة بالبلاد
خاصةً مع ازدياد حالة الفقر وانعدام المسؤولية لدى الأهالي الذين يدفعون بالأطفال إلى سوق العمالة الخطير
وفي ظل دولة غائبة لا تحرّك ساكنًا تجاه ضبط هذه الجرائم بحق الطفولة في اليمن
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير