الصحفي الصلاحي… خمس سنوات خلف القضبان
منذ 6 أشهر
في مساء العشرين من أكتوبر/ تشرين الأول 2018، اقتحمت مجموعة مسلحة تابعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين)، مركز “ميجا بكسل” للخدمات الإعلامية، الواقع في حي غليل بمديرية الحوك شمالي غرب مدينة الحديدة
كانت الحديدة في ذلك الحين مسرح عمليات عسكرية عنيفة بين القوات الحكومية المدعومة سعوديا وقوات جماعة الحوثي التي استولت على السلطة في البلاد في أواخر 2014
وعلى متن 3 أطقم وسيارة، قام المسلحون الذين كانوا يرتدون لباسًا مدنيًا ومدججين بالأسلحة والذخائر، بقيادة مشرف جهاز الأمن السياسي والوقائي بالحديدة آنذاك، علاء العميسي، والملقلب بـ”أبو علاء”، بقطع الشارع الرئيسي في الحي، والانتشار فيه، واقتحام مركز ميجا بكسل وتفتيشه والعبث بمحتوياته، ومن ثم اعتقال الصحفيان، محمد الصلاحي (34 عاما)، وبلال العريفي ( 30 عامًا)، واقتيادهما إلى مكان مجهول
يقول الصلاحي في حديثه للمشاهد “تمت مداهمتنا ليلًا، وقاموا بتفتيش المحل، وتفتيش جوالاتنا وأجهزة الكمبيوتر، وجوالات كل من كان موجودًا في المكتب، وبعدها نادى العميسي باسمي واسم زميلي بلال العريفي، وأخذونا معهم، قلت له أيش في وعلى أيش، قالوا ولا حاجة فقط نأخذكم إجراءات أمنية، وبتخرجوا بعدين وإلا الصباح”
يقول الصلاحي خلال توثيق واقعة اعتقاله لـ”المشاهد”
لم يكن يعلم محمد وزميله بلال أن ذلك الصباح سوف يطول، وأنهما سيتعرضان لويلات التعذيب، وقساوة الحرمان، والعيش بعَتَمة الزنازين، وتقييد حريتهما لسنوات قادمة
وبعد مرور سبعة أشهر من الإخفاء، والتعذيب المستمر، وبمقابل مبلغ مالي، سُمح للصلاحي بالاتصال بأهله لبضع دقائق بالسر، عن طريق جوال أحد عناصر حراسة السجن الذي تساعد معه مقابل الحصول على مبلغ 50 ألف ريال يمني
بعدها تم تكبيل أيديهما للخلف، وعصب أعينهما، ووضعهما على متن أحد الأطقم، ثم تغطيتهما بالبطانيات تحت أقدامهما في صندوق الطقم
ويواصل الصلاحي حديثه: “وصلنا إلى مكان فيه شقة، وقبل أن يدخلونا، أخذوا بياناتنا، دخلنا ووجدنا فيها مساجين كثيرين، ولما سألتهم أين نحن، قالوا أنت في الأمن السياسي، في شقة يطلق عليها اسم “المَدافن” (في الحديدة)
شقة المدافن كانت مدرسة أهلية، وتم استخدامها هناك من قبل الأمن السياسي كمركز اعتقال
كان المكان الذي وصل إليه الصلاحي وزميله العريفي في الحديدة هو “المَدافن” -وهو عبارة عن شقة أرضية تابعة لمدرسة أهلية يتم استخدامها كسجن سري تابع للأمن السياسي في الحديدة، الخاضعة لسلطة جماعة الحوثي
هناك خضعا الصلاحي وزميله العرفي لأولى جلسات التحقيق بشكل انفرادي لمدة خمس ساعات، “يقول الصلاحي “تم التحقيق معي من الساعة 10 مساءً وحتى 3 فجرًا، وعيوني مغطاة، ويداي مقيدتان للخلف، ومن بداية التحقيق كانوا يوجهوا لي السب والشتم، والضرب والزبط”
كما يشير إلى أنه في تلك الجلسة تم اتهامه بالعمل في التجنيد لصالح الحكومة اليمنية والتحالف العربي- إلى جانب مجموعة من أصدقائه الصحفيين، كانت تلك أول تهمة توجه للصلاحي
وفي مساء اليوم الثاني عاودوا التحقيق معه مجددًا، محاولين استجوابه عن معلومات حول بعض زملائه، بينهم الصحفيان محمود العتمي، وزوجته رشا الحرازي، واللذان تعرضا في ما بعد لحادثة تفخيخ سيارتهما الخاصة في مدينة عدن (جنوبي البلاد)، بتاريخ 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، قتلت على إثرها رشا مع جنينها، وتعرض محمود لإصابات بالغة
وتم توجيه الاتهامات للصلاحي وزملائه، منها التخابر مع دول التحالف العربي (السعودية والإمارات)، والعمل على إقلاق السكينة في مدينة الحديدة
وكان الصلاحي يرد على تلك الاتهامات بالإنكار، وأن علاقته بمحمود ورشا علاقة زملاء فقط من الكلية، وأن عملهم بالصحافة فقط
حاول عناصر أمن جماعة الحوثي في الحديدة أثناء التحقيق مع الصلاحي معرفة أماكن سكن العتمي وزوجته، وسكن أقاربهم، وطبيعة عملهم
كان الصلاحي يرد على ما يعرفه، وعندما كان لا يرد على الأسئلة التي لا يعرفها، كان يتعرض للضرب والركل
ويقول الصلاحي: “كانوا يتوعدونا ويتوعدوهم بالإعدام والتصفية والقتل، وأنه نحن نشكل خطر وتهديد، وأن خطر الصحفيين أعظم وأكبر من المقاتلين في الجبهات”
وكان زعيم جماعة الحوثي، عبدالملك الحوثي، ظهر في خطاب متلفز في تاريخ 20 سبتمبر/ أيلول 2015، حرض فيه ضد الصحفيين والإعلاميين والمثقفين، وتوعدهم بأنه سيكون هناك عمل في مواجهتهم
وكان الصحفي العتمي تلقى تهديدات من الحوثيين، وعقب حادثة انفجار سيارته، نشر الصحفي بسيم الجناني على حسابه في منصة “X” (تويتر سابقًا)، لقطة شاشة يظهر فحواها رسائل لمحمود العتمي تفيد بأن أعضاء من جماعة الحوثي كانوا يجمعون معلومات عن عنوانه في عدن وأوصاف سيارته
في ذات اليوم الذي اعتقل فيه الصلاحي وزميله العرفي، اعتقلت جماعة الحوثي أيضا الصحفي محمد الميسري من منزله
كانوا جميعهم على وشك التخرج من قسم الصحافة والإعلام بكلية الآداب بجامعة الحديدة (غربي اليمن)، حيث حرمهم الاعتقال من استكمال دراستهم الجامعية
ويتابع الصلاحي عن معاملة الحوثيين له في الأيام الأولى من اعتقاله في الحديدة، قائلًا: “يشتي ينتزع منك اعترافات كاذبة بالقوة، ويقولوا إننا أتواصل مع مسؤولين وقيادات كبيرة بالتحالف العربي، والقوات الحكومية، يجيبوا لك بعض المسميات، وعندما تقول لهم لا أعرفها يباشروك بالضرب والتعذيب”
وأدانت نقابة الصحفيين اليمنيين، في بيان لها بتاريخ 27 أكتوبر 2018، واقعة اختطاف الصحفيين من طلاب الصحافة والإعلام بجامعة الحديدة، وطالبت بسرعة إطلاق سراحهم وإعادة مقتنياتهم، وحمّلت جماعة الحوثي كامل المسؤولية عن واقعة اختطاف الصحفيين، وما قد يتعرضون له من أذى
ووثق مرصد الحريات الإعلامية في اليمن، 144 حالة انتهاك ضد الصحفيين اليمنيين خلال عام 2018، العام الذي اعتقل فيه الصحفي الصلاحي، بينها 59 حالة اختطاف ومحاولة اختطاف واعتقال
وبحسب التقرير الصادر عن مرصد الحريات في مطلع يناير/ كانون الثاني 2019، تصدرت جماعة الحوثي قائمة مرتكبي الانتهاكات ضد الصحفيين في اليمن، بواقع 84 انتهاكًا من إجمالي الحالات المسجلة
وفي الوقت الذي تقدمت فيه القوات الحكومية وقوات التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، صوب مدينة الحديدة وتحرير مناطق واسعة فيها، أواخر العام 2018، نُقل الصلاحي إلى العاصمة صنعاء، كان ذلك بعد قرابة 35 يومًا من تاريخ الاعتقال
وقبل أن تتم عملية نقله إلى صنعاء، كان مسلحو جماعة الحوثي يستخدمونهم كدروع بشرية، إذ كانت تقصف بالمدفعية من جوار مكان الاعتقال، كما يقول الصلاحي، إذ كان المعتقل يحوي 33 مختطفًا في غرفتين وحمام فقط، طول الغرفة الواحدة لا يتجاوز أربعة أمتار بعرض مترين، حيث كانوا يتناوبون للنوم
وبالنسبة للصحفي بلال العريفي، فقد ظل في المعتقل بالحديدة خمسة أيام فقط، وفقًا للصلاحي، ومن ثم تم نقله إلى سجن الأمن السياسي بمحافظة حجة، وتم إطلاق سراحه بعد نحو عامين، فيما محمد الميسري أطلق سراحه بعد أشهر من اختطافه
وبحسب الصلاحي فإن مركز ميجا بكسل كان يعمل في إنتاج الأفلام القصيرة، والقصص الإنسانية، وتوثيق حفلات التخرج، والأعراس، والتصاميم، وأن عملهم كان مدنيًا
وإلى جانب عمله في المركز كان الصلاحي يعمل في الكتابة الصحفية الخبرية، ونشرها في عدة مواقع بدون اسمه، بسبب معرفته المسبقة بخطورة العمل الصحفي في مناطق سيطرة الحوثيين، إلى جانب نشر آرائه على صفحته في “الفيسبوك”
روابط من أعمال الصحفي الصلاحي وأضاف أن الجماعة صادرت كل محتويات مركزه ومعداته، والتي كلفتهم نحو 12 مليون ريال يمني (25
000 دولار أمريكي)، حسب سعر صرف منتصف عام 2018
بعد أن نُقل الصلاحي من الحديدة، كان مبنى يدعى “سجن المحكمة” أول مكان يصل إليه الصلاحي مربوط اليدين ومعصوب العينين، برفقة تسعة مختطفين آخرين، ولا يعرف بالتحديد في أية منطقة هو
مكث فيه لمدة يومين، وبعدها نُقل إلى سجن الأمن والمخابرات (الأمن السياسي سابقًا)، في منطقة حدة بصنعاء، وتم إدخاله زنزانة الضغاطة، التي تقع في بدروم السجن
من بين سبعة معتقلات وسجون للحوثيين تنقل فيها الصحفي الصلاحي، يعد سجن الأمن والمخابرات الواقع في منطقة حدة بصنعاء، أكثر مكان تعرض فيه للتعذيب في زنزانة انفرادية تسمى “الضغاطة” لأشهر
يقول الصلاحي: “أسوأ تعذيب تلقيته في سجن الأمن والمخابرات، هناك يوجد لديهم ورشة يتخذونها مكانًا للتعذيب، فيها الكهرباء والمقصات الحديدية، وأدوات عديدة للتعذيب، وسلاسل التعليق إلى السقف ، فيها أشخاص بدون رحمة”
وبحسب الإعلامي وصانع المحتوى يحيى السواري، وهو معتقل سابق في الأمن السياسي بصنعاء، متحدثًا عن تلك الورشة في منشور له على “فيسبوك“، وكيف مارست جماعة الحوثي بحقه عدة أساليب للتعذيب فيها، لانتزاع اعترافات منه لأعمال لم يقم بها
في سجن الأمن والمخابرات أعيد التحقيق بشكل شبه يومي مع الصلاحي وكانت جلسات التحقيق تمتد من الساعة الثامنة مساءً إلى الرابعة فجرًا
ثم تم نقله بعدها إلى سجن شملان القديم (معسكر الأمن السياسي)، وعندما التقى بالمعتقلين الموجودين فيه، اتضح أن جميعهم مخفيون قسرًا، ولم يتواصل أحد منهم بأهله، ولا يعلم أهاليهم شيئا عن مكان وجودهم
وبعد مرور نحو شهر من وجود الصلاحي في سجن شملان، سمحوا للمعتقلين بالاتصال، ماعدا الصلاحي، أبلغوه أنه، دون غيره، غير مسموح له بالاتصال بأسرته
وبعد مرور سبعة أشهر من الإخفاء، والتعذيب المستمر، وبمقابل مبلغ مالي يطلبه من أسرته، سُمح للصلاحي بالاتصال بأهله لبضع دقائق بالسر، عن طريق جوال أحد عناصر حراسة السجن الذي تساعد معه مقابل الحصول على مبلغ 50 ألف ريال يمني
وأُعيد الصلاحي من سجن شملان القديم إلى سجن الأمن والمخابرات في حدة، وتمت معاودة سجنه في جناح “الضغاطة” بزنزانة انفرادية لمدة ثلاثة أشهر متواصلة، وبعدها أخرجوه إلى زنزانة جماعية
ومدير سجن الأمن السياسي في حدة سيئ الصيت، يدعى يحيى حمادي سريع، والذي يتهمه الصلاحي بالإشراف على المحققين الذين قاموا بتعذيبه واستمرار اعتقاله
المعتقل السابق في السجن ذاته عبدالجليل الموله، طالب جامعي، قال في حديث للمشاهد إنه تعرض للتعذيب أثناء فترة اعتقاله في ذلك السجن، التي استمرت ثلاث سنوات وثلاثة أشهر، قبل أن يتم إطلاق سراحه بصفقة تبادل أسرى بوساطة محلية بمحافظة تعز، في أواخر سبتمبر/ أيلول 2021
ويضيف الموله الذي اعتقلته جماعة الحوثي في صنعاء بعد قدومه من محافظة تعز لخوض الاختبارات النهائية في سنته الرابعة في كلية الشريعة والقانون بجامعة صنعاء، أواخر العام 2017، أنه التقى الصحفي الصلاحي في إحدى الزنازين في بدروم الأمن السياسي، وكيف عاشوا فيها تحت التعذيب النفسي قبل الجسدي، مثل الصعق الكهربائي، والضرب بالكيبلات، والتعليق إلى السقف دون أن تلامس قدماه الأرض، وبين الظلام، وانعدام النظافة ومياه الشرب، والدواء، وسوء المعاملة
الصحفي المحرر من سجون الحوثيين، عصام بلغيث، عرض في مقابلة له مع قناة “اليمن اليوم” الفضائية، تعرضه ومجموعة مختطفين بينهم صحفيون للضرب بالهِراوة والركل في مختلف مناطق الجسم من قبل مدير سجن الأمن السياسي يحيى سريع (قيادي أمني حوثي وليس الناطق العسكري للحوثيين الذي يحمل ذات الاسم)، كان ذلك في يوليو/ تموز 2019
وعلاوة على ذلك، وثقت تقارير حقوقية محلية ودولية، تعرض مختطفين ومعتقلين في سجن الأمن السياسي بصنعاء، لأساليب عديدة من التعذيب النفسي والجسدي، والاعتداءات الجنسية كالضرب على الأعضاء التناسلية، والعُري القسري
وهو ما يشير إليه الصلاحي، الذي قال إنه في إحدى جلسات التحقيق تعرض للضرب والركل على خصيتيه، من قبل المحققين، واللتين ظلتا متورمين لأكثر من شهرين، فيما استمرتا تؤلمانه لأكثر من عام
وبحسب تقرير لفريق الخبراء البارزين المعني باليمن ، نشر في سبتمبر 2019، فإن مركز الاحتجاز التابع للأمن السياسي بصنعاء، شهد حالات متنوعة من سوء المعاملة الجسدية والنفسية وأساليب التعذيب، بما في ذلك التعليق المستمر إلى السقف لعدة أيام، والضرب بالعصي، والركل، وتقييد الوصول إلى المرحاض، والحرمان من النوم، والتهديد بالقتل، والصعق بالكهرباء، وجميع تلك الأساليب تعرض لها الصلاحي في المكان ذاته
وأكد التقرير الصادر عن فريق الخبراء المعني باليمن في سبتمبر/ أيلول 2019، أن جماعة الحوثي مارست الحبس الانفرادي، في زنزانات بدون ضوء، لفترات طويلة تصل إلى 7 أشهر في حالة واحدة، في مراكز احتجاز مختلفة بصنعاء، وبخاصة في سجن الأمن السياسي
حسب تقرير صادر عن منظمة مواطنة لحقوق الإنسان في يونيو 2020، فإن جهاز الأمن والمخابرات في العاصمة صنعاء يعد أحد أكبر مراكز الاحتجاز التي تديرها جماعة الحوثي، وأن المحتجزين لاقوا أنواعًا متعددة من أساليب التعذيب واتهامهم بالتخابر مع دول التحالف، وأن جهاز الأمن والمخابرات لم يمتثل لتوجيهات من النيابة العامة أو القضاء في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وقالت المنظمة إنها وثّقت 1,257 واقعة احتجاز واختفاء قسري، و27 واقعة وفاة في مكان الاحتجاز
يقع سجن الأمن السياسي (جهاز الأمن والمخابرات حاليًا، بعد أن دمجت جماعة الحوثي الأمن السياسي والأمن القومي، تحت هذا المسمى في أغسطس 2019) في الحي السياسي في منطقة حدة جنوبي غرب العاصمة صنعاء
يتكون السجن من 9 مبانٍ رئيسية، وغرف خارجية صغيرة وهناجر، وفقًا لما أظهرته المصادر المفتوحة وأخرى حيّة تحدثت لـ”المشاهد”، فيما مبنى السجن الرئيسي يتكون من طابقين وآخر تحت سطح الأرض أو ما يطلق عليه “البدروم”، والذي خصصته الجماعة كمعتقل لمعارضيها من المواطنين والناشطين الحقوقيين والصحفيين والسياسيين
وبعد عام و ثلاثة أشهر سمحوا له بالاتصال الثاني لأسرته لمدة لا تزيد عن خمس دقائق
كان ذلك اليوم فارقًا بالنسبة له ولأسرته، إذ ظل والده تائهًا طوال تلك الفترة يتنقل بين السجون والمعتقلات في مختلف المحافظات، إذ لأول مرة يطمئنهم أنه بمكان آمن، وأنه بصحة جيدة، على الرغم أنه عكس ذلك
وبحسب الصلاحي فإنه لم يسمح لأهله بزيارته للسجن إلا بعد زوال آثار التعذيب من جسده
يصف الصلاحي أحد أساليب التعذيب الأكثر إيلامًا الذي تعرض لها، وأنه لايزال يعاني من آثارها حتى اليوم، قائلًا: “كنتُ أتعلق بالكلبشات من الساعة التاسعة مساءً وحتى الثالثة فجرًا، وأنا معلق من يديَّ للسقف، ومشط قدمي فقط من يلامس الأرض، لا يمكن أن يعطوك شربة ماء، وعندما كنت أتوسل إليهم لإغاثتي ببعض القطرات كانوا يعطونني من مخلفات أكلهم ومقيلهم، حتى أكاد أتقيأ أعضائي الداخلية، لا يوجد أسوأ من وحشيتهم”
ويضيف: “عندما كان يتم فك يديَّ من التعليق، أسقط بقوة على الأرض، في تلك اللحظة تحس أن مفاصل أطرافك تفككت، وفقرات العمود الفقري وكل عظمة من جسمك أزيحت من مكانها”
ويقول إنه في إحدى المرات تعرض لمدة ثلاثة أيام متواصلة للتعذيب والتعليق بالكلبشات للسقف، أثناء وجوده في سجن الأمن والمخابرات بحدة، كانوا يفكون له لبضع دقائق أثناء الأكل أو مرة واحدة باليوم للذهاب للحمام
ويتذكر الصلاحي أنه ذات يوم أثناء ما كان في الزنزانة الجماعية أعطى مسجونًا جديدًا بسكويت كان يمتلكه من أحد أقاربه في عامه الثالث بالاعتقال، على إثرها تعرض للضرب بالعصي والكابلات حتى ألقي على الأرض ورش عليه ماء بارد في جو شديد البرودة، وأنه كان يتبوّل دمًا، وتورمت رجلاه وأصيب بإعاقة في الحركة لمدة أسبوع
وُجهت لمحمد الصلاحي من قبل جماعة الحوثي 21 تهمة، أبرزها التخابر مع دول أجنبية، وتجنيد لصالح الحكومة والتحالف بقيادة السعودية، والتعامل مع صحفيين وناشطين وإعلاميين يعملون مع دول التحالف
كما تم اتهامه أن مركزه الإعلامي “ميجا بكسل” الذي تعود ملكيته له ولزميله العريفي، هو مركز معلوماتي، ويقوم بدور تجسسي ومخابراتي، وأن الصلاحي قام بالإشراف على تهريب صحفيي وإعلاميي الحديدة إلى مناطق الحكومة اليمنية، وأنه قام بنقل الأسلحة من شقة سكن الصحفي محمود العتمي، وأنه شارك في إقلاق السكينة العامة بالمدينة، وعمل على نشر الشائعات
من أشكال التعذيب النفسي التي تعرض لها الصلاحي أثناء فترة اعتقاله، والتي تقرب من خمس سنوات، التهديد المستمر بالإعدام، إضافة إلى أنه في أوقات النوم كانوا ينادون باسمه، ولما يذهب إلى أمام بوابة الزنزانة، يقول له المشرف الحوثي: عظم الله أجرك، وينصرف
وكانوا يقولون له: “أنت بتعدم بتعدم، أنتم الصحفيين ضروري نعدمكم قبل ما تتكاثروا، لأنكم كثرتم، السيد حذّر منكم بداية الحرب، أنتم أخطر من الذي بالجبهات، أنتم تعملوا على زعزعة وتفكيك الجبهة الداخلية، أنتم تشتغلوا من بيننا، أنتم جبهة مضادة”
وبعد نحو عام على تحرر الصلاحي من سجون الحوثيين، لايزال يعاني من تبعات تلك السنوات ولحظات التعذيب، بالذات آلام بمفاصل جسده، ووجع دائم في مشط وأصابع قدميه، وأسفل العمود وفقرات الرقبة، وعدم القدرة على المشي، إضافة للكوابيس والصدمات النفسية التي لا تفارقه أثناء النوم، وفقدان الرغبة في العمل
وثّق “المشاهد” خلال الفترة مايو/ أيار -يوليو/ تمّوز 2024، شهادات لصحفيين وناشطين ومواطنين محررين من سجون وزنازين جماعة الحوثي، جميعهم ظلوا لفترات -بين شهرين إلى 3 سنوات ونصف- في سجن الأمن والمخابرات في حدة بصنعاء، بالإضافة إلى تنقلهم بين عدة معتقلات سرية أخرى
وتوصّل “المشاهد” إلى أن الجماعة اتخذت أسلوبًا واحدًا في نقل المعتقلين من مكان اعتقالهم سواءً من الحي أو نقطة أمنية أو من مركز شرطة، إلى سجن جهاز الأمن والمخابرات بصنعاء
تمثل هذا الأسلوب عبر تقييد أيديهم للخلف، وعصب أعينهم، والتشويش عليهم حركة المركبة أثناء النقل؛ وذلك ليصعب على المعتقل تحديد المكان الذي سوف يذهب إليه عبر السمع أو احتساب وقت ومسافة الطريق
كما أن جميع الشهادات أكدت أن الضحايا في الأيام والأشهر الأولى لم يكونوا يعرفون أنهم في سجن الأمن السياسي، وذلك لأن عناصر الحوثيين كانوا يضعونهم في بدروم السجن بزنازين انفرادية أو ما تسمى الضغاطة، لا تتجاوز مساحتها وفقًا للشهادات 170 سم في متر، بالإضافة إلى تعرضهم لعدة أساليب للتعذيب أثناء فترة التحقيق، تشابهت كثيرًا تلك الأساليب مع بعضها البعض
الصحفي يونس عبدالسلام، اختطف في صنعاء يوم 4 أغسطس/ آب 2021، لم يكن اختطافه اشتباهًا لحظيًا، بل بعد تعقب ومراقبة، إذ كان ينشط عبدالسلام ذاك الحين في تتبع السجون السرية للحوثيين في صنعاء لصالح عمل صحفي
يقول عبدالسلام لـ”المشاهد”: “تم اعتقالي في ما يشبه بلاغًا على موجبه اقتدت إلى سجن سري في مطار صنعاء، كنت أشتغل حينها تحقيقًا صحفيًّا بشأنه”
وعلى مدى أربعة أيام تعرض يونس للتعذيب والتحقيقات، والضرب بأعقاب البنادق، مُنع من الأكل والشرب، وتلقى التهديدات، ومن ثم تم نقله إلى سجن الأمن السياسي في حدة
بقي فيه لتسعة أشهر، ثلاثة منها في بدروم الأمن السياسي وزنازين تحت الأرض، تعرض للمعاملة السيئة والتعذيب بأسلاك كهرباء والصعق، والوقوف لساعات طويلة دون حركة، وتهديده الدائم بالقتل والتصفية
وبالنسبة للإشراف على التعذيب، يوضح أن أبرز قيادات الحوثيين لها دور بشكل أو بآخر في تعذيب السجناء والنشطاء والصحفيين، كعبدالحكيم الخيواني الذي يشغل رئيس جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين، ويحيى سريع، مدير سجن الأمن السياسي بحدة، وبالنسبة لداخل غرف التحقيق يصعب معرفة الأسماء كونهم ينادون بعضهم بالكنيات، وهو أسلوب تتبعه الجماعة في تسمية قياداتها وعناصرها العسكرية والأمنية
الخيواني الذي يعد المسؤول الأول لمخابرات جماعة الحوثي ، تتهمه أيضًا الناشطة الحقوقية سونيا صالح، التي اختطفت من قبل الأمن القومي التابع للحوثيين في شارع الخمسين بصنعاء، في مارس 2019، وتعرضت للتعذيب، بخاصة تعذيب سلخ الجلد بالمخيط، والسجن في زنزانة الضغاطة الانفرادية بالأمن والمخابرات، حيث تصف الضغاطة بأنها تعذيب نفسي أكثر مما هو جسدي، وتقول لـ”المشاهد”: “في الضغاطة تكون كأنك ميت وأنت تتنفس، وكأنك في قبر وأنت حي، احتجزت فيها أربعة أشهر”
وعندما أفرج عن الناشطة سونيا، في يناير/ كانون الثاني 2020، أجبروها على التوقيع على التزام مكتوب يفرض عليها الحضور إلى مراكز الحوثيين الأمنية متى ما أرادوا ذلك، وعدم الخروج من صنعاء دون موافقة مسبقة
واستُخدمت الطريقة ذاتها عند إطلاق سراح الصحفي محمد الصلاحي، الذي أُفرج عنه في تاريخ 1 يوليو/ تموز 2023، بعد صدور حكم الاكتفاء بالمدة التي قضاها بالسجن من قبل المحكمة الجزائية المتخصصة بالحديدة، إذ أُجبر الصلاحي على التوقيع على التزام في سجن حنيش بالحديدة، يتضمن عدم خروجه من مناطق سيطرة الحوثيين إلّا ببلاغ مسبق لهم، وإبلاغهم بجميع أعماله وتحركاته
بعد أكثر من عام على اختطافه تمت إحالة الصلاحي للنيابة الجزائية المتخصصة في صنعاء، وقابل النيابة برفقة محاميه عبدالمجيد صبرة، وألقى وكيل النيابة بنحو 21 تهمة ضد الصلاحي، وكان رده أنه منكرٌ لها جملة وتفصيلًا وشكلًا ومضمونًا، “وقلت لهم أنا صحفي وأكتب نعم، وقد شاهدوها بمذكرة جوالي بأنفسهم عند الاعتقال، كلها مواد صحفية خبرية، هل يعاقب عليها القانون؟”، بعدها تم نقل الصلاحي إلى سجن الأمن القومي في منطقة صَرف التابعة لمديرية بني حشيش بصنعاء، وظل فيه سبعة أشهر
وبعد عام من إحالته للنيابة الجزائية بصنعاء، بدأت محاكمة الصلاحي محاكمة سرية من قبل المحكمة الجزائية المتخصصة بالحديدة، وكان لديها مقر بصنعاء، كانت تتم جلسات محاكمته ليلًا في سجن معسكر الأمن الساسي في شملان بصنعاء، دون إبلاغه بمواعيدها، أو إبلاغ محاميه عبدالمجيد صبرة
“لما كنت أطالبهم بالمحامي حقي، ولماذا لم يتم إبلاغه، كانوا يقولوا لي إحنا بنوكل لك محامي، على أيش تشتي محامي، وأنت ما سويت حاجة ولا قتلت أحد، وأرد عليه، وأنت لماذا تحاكمني الآن وتطلب مني أعترف بشي لم أفعله؟ كنت أقول له أنت قاضي أريد أن ألتمس عدالتي منك”، بحسب محمد
ويؤكد أن القاضي أمين زبارة، وهو رئيس المحكمة الجزائية المتخصصة بالحديدة، والذي حاكمه في السجن، كان يأتي له كأنه يريد أن يأخذ منه اعترافات لتهم باطلة، حد وصف الصلاحي، إذ كان يخبره ويشكو له ما تعرض من تعذيب من قبل المحققين، يرد عليه: “وأنت اعترف لهم محد بيقطع رأسك”
المحامي عبدالمجيد صبرة، وهو محامي الصحفي محمد الصلاحي، يقول لـ”المشاهد”، إن محمد تم اعتقاله من مقر عمله في الحديدة من قبل جهاز الأمن السياسي، ونقله إلى الأمن والمخابرات بصنعاء، وتمت إحالة ملف قضيته إلى النيابة الجزائية المتخصصة بالعاصمة، وبعد التحقيق معه قررت النيابة إحالة ملفه إلى المحكمة الجزائية بالحديدة لعدم اختصاصها بنظر القضية”
ويؤكد صبرة أن المحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة بالحديدة كانت تعقد معه جلسات محاكمة سرية في مقر جهاز الأمن والمخابرات بصنعاء الكائن في منطقة شملان، لم يسمح له بالحضور رغم محاولاته المتكررة
وفي الجلسة الثالثة من المحاكمة السرية للصلاحي ومعه عدد من المختطفين من أبناء الحديدة، حيث كانت تتم الجلسات بشكل انفرادي، أصدر القاضي زبارة حكم الاكتفاء بالمدة “شفويًا” وإطلاق سراحه، لعدم كفاية الأدلة، وهو الذي لم ينفذ
يجب أن يُنظر إلى شريحة الصحفيين والإعلاميين ودعاة حرية الرأي والتعبير، بشكل مختلف عن بقية انتهاكات حقوق الإنسان؛ لأن إسكات هؤلاء هو إسكات للحق في الوصول إلى الحقيقة والمعلومة، وتغييب المجتمع عنها،لم يتم الإفراج عن الصحفي الصلاحي، وعندما طالبهم بأن لديه حكمًا بإطلاق سراحه، كان يرد عليه مسؤول السجن الذي يلقب بـ”أبو طالب”، ساخرًا منه، أن تلك الجلسات فقط “للمراجعة وتفعيل ملف مساجين الحديدة، وإلًا مافيش محاكمة في الليل”
كانت جماعة الحوثي تتهم الصلاحي وعشرات المختطفين المدنيين من أبناء الحديدة بأنهم خلية تخابر مع دول التحالف العربي الذين تم تمسيتهم من قبل الجماعة “خلية الـ31″، على الرغم من أنه لا يعرف بعضهم البعض، ووزعت عليهم التهم بحسب تخصصاتهم، كطبيب الخلية، وصحفي الخلية، والتاجر الممول والداعم اللوجستي للخلية، ومهندس الخلية، ومصور الخلية، وناشط الخلية، وغيرها من التهم، كما يقول الصلاحي
وفي مايو/ أيار 2022، أُعيد الصلاحي من صنعاء إلى محافظة الحديدة، هذه المرة إلى سجن يعرف باسم “حنيش”، والذي يقع ضمن سور السجن المركزي في مديرية الحوك، يتكون من ست زنازين غرف أرضية، وهناك التقى الصحفي محمد الجنيد الذي اتضح أنه نُقل معه من صنعاء، وكان الجنيد اختطف في أواخر عام 2018، بعد أيام من اختطاف الصلاحي، والعريفي
وتفاجأ الصلاحي، ومن معه وعددهم 14 مختطفًا، أنه أُعيد محاكمتهم من جديد محاكمة سرية في مبنى المحكمة الجزائية المتخصصة بالحديدة، ودون أن يُسمح لمحاميهم عبدالمجيد صبرة بالحضور، وخلال ثلاث جلسات أصدرت المحكمة حكمًا بتاريخ 28 يونيو/ حزيران 2022، يقضي بالإفراج عنهم بعد قضاء المدة التي حددت إليهم (كان نصيب الصحفيين الصلاحي والجنيد 3 سنوات وثمانية أشهر)، وإدانتهم بالتهم المنسوبة إليهم، بحسب الحكم الذي حصل معد التحقيق على نسخة منه، ويُنشر لأول مرة
وعلى الرغم من انقضاء مدة الحكم، والذي اعتبره المحامي صبرة، حكمًا باطلًا، كونه قد بُني على إجراءات باطلة تمثلت بالإخفاء القسري، والتعذيب الجسدي والنفسي، والمحاكمة السرية، وعدم كفالة حق الدفاع، استمرت جماعة الحوثي باعتقاله لمدة عام كامل
وأدانت منظمة العفو الدولية، في بيان لها بتاريخ 16 مايو 2023، استمرار الحوثيين في احتجاز الصحفيَّين محمد الصلاحي ومحمد الجنيد، في مركز الاحتجاز التابع لجهاز الأمن والمخابرات بمدينة الحديدة، بالرغم من انقضاء مدة الحكم بالنسبة لهما في يونيو، ويوليو 2022
وقالت المنظمة الدولية: تعرَّض الصحفيان منذ اعتقالهما في عام 2018، لسلسلة من الانتهاكات التي وصفتها بـ”الجسيمة” لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاخفاء القسري والتعذيب، والمحاكمة السرية
وبحسب صبرة، فإن سبب اعتقال الحوثيين للصلاحي نتيجة عمله الصحفي، والذي اعتبره مخالفة قانونية جسيمة لحرية الرأي والتعبير، وحقوق الإنسان
تعرض الصحفي الصلاحي للتعذيب أثناء التحقيقات معه في الحديدة وصنعاء، تناوب على تعذيبه تسعة محققين خلال تلك الفترة، وأُجبر على التوقيع على محاضر واعترافات وعيناه معصوبتان
يتهم الصلاحي القيادي الحوثي الملقب بـ”أبو عمار القدمي”، والذي كان يعد كبير المحققين التابعين للأمن والمخابرات بالحديدة، بتعذيبه خلال الشهر الأول من اعتقاله، فيما يتهم القيادي الحوثي “أبو علاء العميسي” بأنه من قام باعتقاله
ومن خلال البحث المعمق في المصادر المفتوحة، تبين أن “أبو عمار” كان يعد من أبرز القيادات الحوثية في الحديدة والساحل الغربي، والمقربين من زعيم الجماعة، ويحمل رتبة لواء، وأن اسمه الحقيقي ياسر يحيى القدمي، وقد لقي حتفه في أغسطس 2020، بالحديدة، وينحدر من قرية بيت قدم بمديرية شرس في محافظة حجة
فيما المتهم الآخر والملقب بـ”أبو علاء العميسي”، والذي كان أحد مشرفي جهاز الأمن السياسي والأمن الوقائي في الحديدة آنذاك، اسمه علاء الدين العميسي، ويشغل حاليًا منصب نائب مدير مديرية استخبارات المنطقة العسكرية الخامسة التابعة للحوثيين في الحديدة، ويحمل رتبة عقيد
وبعد مرور شهر من الإفراج عنه، تلقى الصلاحي، وهو في مسقط رأسه بمديرية ماوية شمالي تعز الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، اتصالًا من أحد مسؤولي سجن حنيش، يطلب منه العودة إليهم، لأن جهاز الأمن والمخابرات بالحديدة يريد أن يلتقي به، ارجع المتصل ذلك لإجراءات أمنية يقومون بها مع المختطفين المفرج عنهم
بعد ذلك الاتصال، قرر محمد الصلاحي الانتقال إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية
يقول عضو مجلس نقابة الصحفيين اليمنيين، نبيل الأسيدي، لـ”المشاهد”، إن قضية الصحفي الصلاحي تعد جريمة بحق الإنسانية، وجريمة لا تسقط بالتقادم، بخاصة وأنه تعرض للاختطاف والإخفاء القسري، والعديد من الانتهاكات التي مُورست بحقه دون مسوغ قانوني
”ويؤكد الأسيدي، أن هناك أكثر من 350 حالة اعتقال واختطاف واحتجاز بحق الصحفيين اليمنيين لفترات مؤقتة ومتوسطة وطويلة خلال سنوات الحرب بالبلاد، مشيرًا إلى أن النسبة الأعلى لهذه الانتهاكات في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، بما فيها محافظة الحديدة، حيث شهدت المحافظة -وفقًا للأسيدي- انتهاكات واختطافات طالت صحفيين، بينهم طلاب في قسم الإعلام والصحافة بجامعة الحديدة
في السياق ذاته، تقول الخبيرة في آلية حماية حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية، إشراق المقطري، إن جماعة الحوثي تنظر إلى الصحفيين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان بأنهم أخطر من الذين يحملون السلاح؛ لذا نجد أن الانتهاكات بأعداد كبيرة بحق الصحفيين في مناطق سيطرتها
وتضيف المقطري لـ”المشاهد”، أن قضية الصلاحي أخذت وقتًا طويلًا في زنازين ومعتقلات الحوثيين، متسائلة: لنا أن نتخيل كيف عاش فيها؟ وموضحة: “أنا شخصيًا من الذين قابلوه واستمعت له، وحالة شكله أثناء خروجه وهيئته الصحية، استغرابه من الحرمان الذي طاله، والأعباء المالية التي لحقت به بعد خروجه وحرمانه من التواصل مع أسرته وذويه”
وترى إشراق أنه يجب أن يُنظر إلى شريحة الصحفيين والإعلاميين ودعاة حرية الرأي والتعبير، بشكل مختلف عن بقية انتهاكات حقوق الإنسان؛ لأن إسكات هؤلاء هو إسكات للحق في الوصول إلى الحقيقة والمعلومة، وتغييب المجتمع عنها، وبالتالي هيمنة واستبداد جماعة الحوثي على الناس، وتقييدهم، وعزلهم عن حقيقة ما يدور، ومواجهة ورفض ما يتعرضون له من انتهاكات
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير