الضغوط المعيشية والجلطات القلبية في اليمن

منذ 6 أشهر

صنعاء- إبراهيم المنعى“قبل أشهر، جاءت أمي إلى غرفة أخي حسان لكي توقظه من النوم، لكنه لم يستجب

نقلناه فورًا إلى أقرب مستشفى لتلقي العلاج وإجراء الفحوص، قال لنا بعد وصولنا إلى المستشفى أن حسان قد فارق الحياة بسبب جلطة قلبية”

بهذه الكلمات يتذكر صبري التهامي، 22 عامًا، لحظة وفاة أخيه، حسان، الذي فارق الحياة فجأة، قبل أشهر قليلة

 عمل حسان، 43 عامًا، كأستاذ لمادة الاجتماعيات بصنعاء لسنوات

لكن حالته النفسية تدهورت بسبب الضغوط الاقتصادية بعد انقطاع رواتب الموظفين الحكوميين في المحافظات الشمالية في اليمن منذ أواخر 2016

التحديات المعيشية التي تمر بها العديد من الأسر في اليمن تدفع بعض الأفراد إلى اليأس والإحباط، وتسهم في تدهور الحالة النفسية، ما يجعلهم عرضة للموت بسبب الجلطة القلبية، وفقًا لأطباء

الدكتور ضيف الله يحيى، استشاري أمراض القلب والقسطرة بالمستشفى السعودي الألماني بصنعاء، يقول لـ “المشاهد”  تتزايد حالات الإصابة بالجلطات التي تأتي إلينا بشكل يومي من مختلف الأعمار، وتصل إلى هذا المستشفى حالتين أو ثلاث يوميًا

يضيف: “لو افترضنا بأن كل مستشفى يستقبل يوميًا شخص مصاب بجلطة قلبية، هذا يعني أن هناك العشرات من الحالات اليومية في مختلف محافظات الجمهورية

حاليًا، ليس هناك إحصائيات رسمية عن عدد الأشخاص الذين يصابون بجلطات في اليمن”

وفقًا لضيف الله، كان عدد الجلطات محدود قبل عشر سنوات، وكان معظم المصابين بالجلطات من كبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة، ولكن في السنوات القليلة الماضية انتشرت الجلطات في أوساط الشباب بشكل كبير، وهذا يعود إلى الضغوط النفسية الكبيرة التي يعانونها، والأوضاع الاقتصادية، وانقطاع الرواتب والبطالة

ويؤكد الدكتور ضيف الله أن الضغوط النفسية والتوتر تعمل على رفع الهرمونات العصبية التي تتسبب بحدوث إصابة جدران الأوعية الدموية، ما يؤدي إلى حدوث تصلب الشرايين التي تغذي القلب والدماغ، وبالتالي يؤدي ذلك إلى حدوث الجلطات القلبية والدماغية

سلام فاضل، 33 عامًا، موظف في القطاع الخاص بصنعاء، يقول لـ “المشاهد” توفى زميلي ماجد، 35 عامًا، بعد إصابته بجلطة قلبية، وفارق الحياة فجأة

ماجد موظف بوزارة الإعلام، وبسبب انقطاع الرواتب، أصبحت حياته قاسية، وأنفصل عن زوجته، وعاش مع أطفاله الأربعة في دكان صغير

يضيف سلام: “كان ماجد يشكو لي بحرقة عن أوضاعه المالية، وعدم قدرته على تعليم أبنائه، وصعوبة إطعامهم

واليوم، بعيد رحليه المفاجئ، يعيش أطفاله في معاناة قاسية”

سالم، 20 عامًا، طالب جامعي، يقول إن والده كان يعمل ضابطًا في القوات المسلحة اليمنية، وأصيب بجلطة في المخ قبل ثلاث سنوات، وما زالت آثار الجلطة حتى اليوم

يضيف: “بعد إصابته بالجلطة، أصبح والدي مشلولًا، وغير قادرًا على الكلام كما كان

نقوم بتدريبه في مركز الأطراف بصنعاء لكي يتمكن من التحرك بشكل أفضل، لكن نسبة التحسن ضعيفة

قرر الطبيب أن يتلقى والدي التدريب ثلاثة أيام في الأسبوع، ولكن لا نذهب إلا مرة واحدة في الأسبوع، لعدم توفر رسوم المواصلات، إذ نحتاج إلى ثلاثة آلاف ريال في اليوم الواحد ذهابًا وإيابًا”

إمكانات طبية محدودة  الدكتور محفوظ ثابت، أخصائي علاج طبيعي وإعادة تأهيل بمركز الأطراف بصنعاء، يقول لـ “المشاهد” إن الحرب تسببت بالضغوط النفسية والاقتصادية للمواطن، ما زاد من نسبة الإصابة بالجلطات بشكل كبير

يضيف: “هذا الأمر فرض المزيد من الضغظ على المعدات التي لدينا، كما أن الأطباء المتخصصين محدودين، وذلك بسبب انقطاع الرواتب، وتوجه كثير من الأطباء للسفر إلى الخارج أو العمل في المستشفيات الخاصة”

يشير محفوظ إلى أن مركز الأطراف بصنعاء يقوم بعمل تمارين لمن أصيب بجلطات دماغية لمساعدة الجسم في استعادة نشاطه، بعد تعرضه للشل نتيجة الجلطة الدماغية، وتسهم التمارين الرياضية في تقوية عضلات الجسم لكي يستطيع المريض المشي والحركة بشكل طبيعي

 يتابع: “بعض المرضى يفقد القدرة على النطق بشكل كامل أو جزئي، ونحاول في المركز تأهيل المريض لكي يستطيع النطق من خلال العديد من الجلسات التي يشرف عليها أطباء متخصصين بالتعاون مع أهل وأقارب المريض”

الكثير من المرضى لا يحضرون إلى المركز للحصول على التمارين بسبب بُعد منازلهم، وعدم قدرتهم على توفير رسوم المواصلات كل يوم حيث يتطلب حضورهم بسيارة أجرة بسبب صعوبة حركتهم وعدم قدرتهم على الصعود في وسائل النقل العامة، وفقًا لمحفوظ

يختم حديثه، ويقول: “أغلب المرضى قدرتهم المادية ضعيفة، ولا يستطيعون متابعة حالتهم الصحية باستمرار وشراء الأدوية الضرورية، ما يؤدي إلى تأخر الشفاء، ومن الممكن أن تتسبب هذه الجلطات بالإعاقة الدائمة”

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير