القضاء السلالي.. محاكم في خدمة الحوثيين منذ لحظة الانقلاب الأولى

منذ 19 ساعات

منذ سيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية على صنعاء في سبتمبر 2014، شرعت الجماعة المدعومة من إيران في إعادة هيكلة شاملة لجهاز القضاء والسلطة القضائية، وتفصيلها بما يخدم مصالح المليشيا ويحقق لها أكبر قدر من الفوائد والعوائد المادية والسياسية، مسترشدة في بادئ الأمر بالنهج الثوري الطائفي القادم من قم وطهران

فبعد نحو عشرة أيام فقط من اجتياح صنعاء، بدأت المليشيا باستخدام القضاء في مواجهة خصومها ومعارضيها، وفي مقدمتهم قيادات إصلاحية ووطنية، إذ فرضت مشرفين قضائيين فوق المحاكم والنيابات، مُشكّلة بذلك المؤسسة القضائية الحالية التي تخدم أهداف الجماعة وزعيمها على حساب اليمنيين

في هذا التقرير، يستعرض موقع العاصمة أونلاين تسلسلًا زمنيًا لأول ثلاثة أشهر من انقلاب المليشيا، وكيف استُخدم القضاء لإحكام السيطرة على اليمنيين، ونهب أموالهم وممتلكاتهم، وتكريس كل شيء، حتى الخلافات بين الناس والقبائل، لما يخدم مشروع الجماعة الطائفي وانقلابها الذي يُكمل بعد أسابيع عشر سنوات عجاف

النواة الأولى للحارس القضائيرفعت الجماعة شعارات رنانة مثل إسقاط الجرعة وإقالة الفاسدين لتبرير اجتياح صنعاء، بينما كانت تُخفي الهدف الحقيقي المتمثل في الاستيلاء على الحكم والثروة وتكريسها لصالح سلالة طائفية

وقد تَكشّف ذلك مبكرًا من خلال استغلال المليشيا للقضاء في الاستيلاء على أموال الخصوم، وشرعنة سطوتها على ممتلكات المواطنين والدولة في صنعاء

فلم تمضِ عشرة أيام على انقلابها المسلح على الدولة، حتى كشرت الجماعة عن أنيابها عبر نيابة الأموال العامة في صنعاء، التي أصدرت مذكرة بتاريخ 30 سبتمبر 2014، موجهة إلى رئيس وحدة جمع المعلومات في البنك المركزي، تُفيد بتقديم بلاغ من قبل ما وُصِف بـاللجنة القانونية للثورة الشعبية 2014، حول ما سمّته المذكرة وقائع فساد واكتساب أموال غير مشروعة

تضمنت تلك المذكرة أسماء العديد من القيادات الذين استولت المليشيا على منازلهم، أبرزهم الشيخ حميد الأحمر، واللواء علي محسن الأحمر، وإخوان الأول وعائلته، وأولاد وأقارب الثاني

وقبل ذلك، كان المسلحون الحوثيون قد اقتحموا مكتب النائب العام، وأجبروه على إصدار خطاب للنيابة العامة للتحقيق في المزاعم الحوثية، وهو ما أشار إليه نص المذكرة، التي ذكرت أن بلاغ اللجنة يتحدث عما سُمّي أدلة، داعيًا وحدة جمع المعلومات للتحري عن حسابات عائلة الأحمر في البنوك اليمنية، وإيقاف تحويل أي مبالغ مالية للخارج إلا بإذن النيابة، وتقديم تقرير مفصل لتمكين النيابة من التحقيق في القضية

كانت هذه الخطوة النواة الأولى لاستخدام القضاء وتطويعه لصالح المليشيا، فيما بات يُعرف لاحقًا بالذراع القضائي المالي المستقل، تحت مسمى الحارس القضائي، الذي من خلاله تتحكم الجماعة بشركات استثمارية وتُتاجر بها بيعًا وشراءً، مستولية على عقارات وأملاك شخصيات يمنية

الحكم تحت فوهات البنادقتوالت بعدها حوادث اقتحام المحاكم والنيابات في صنعاء والمدن التي سيطر عليها الحوثيون

ففي الوقت الذي كانت الجماعة تتفاوض في فندق موفمبيك مع الأطراف السياسية لشرعنة انقلابها، كانت تضع الأسس الأولى لذراعها المسلح لاختراق المؤسسة القضائية

ومن أبرز تلك الحوادث، اقتحام مسلحين حوثيين على متن عدة أطقم عسكرية، في 18 نوفمبر 2014، محكمة غرب إب ومجمّع النيابات في المحافظة، حيث بحثوا عن ملفات قضايا جنائية تخصّ بعض الموالين لهم

وقتها اقتحم المسلحون مكتب رئيس المحكمة بقيادة المدعو عبدالواحد المروعي، الذي أمر القاضي بعقد اجتماع مع القضاة وأعضاء النيابة، ووجّههم بتسليم ملف إحدى القضايا، بالإضافة إلى قضايا أخرى في نيابة الأحداث

وعند رفض القضاة تنفيذ الأوامر، كُسرت أدراج الملفات وأُخذت بالقوة المسلحة

كان ذلك الاقتحام بداية فرض نظام قضائي خاص وموازٍ للنظام القائم، إذ خصص الحوثيون مكتبًا في مجمّع النيابات لمشرفهم القضائي، للنظر في قضايا الناس، وأداروا من خلاله المؤسسة القضائية، وهو نفس السلوك الذي فُرض في صنعاء ومدن أخرى، حيث جرت بعض هذه الإجراءات بهدوء، فيما شاب بعضها الآخر تدخلات عسكرية أجبرت القضاة على مغادرة مكاتبهم لصالح المليشيا ومشرفيها

استخدام القضاء لإخضاع مأرب ومحافظهاإبان الانقلاب، برزت محافظة مأرب كقائدة لمشروع استعادة الدولة، فكان لها نصيب الأسد من حقد وانتقام المليشيا، لكن بدايات ذلك الانتقام ظهرت أولًا عبر المؤسسة القضائية التي طوّعتها الجماعة قسرًا لتنفيذ إملاءاتها

في صباح الثامن عشر من يناير 2015، استخدمت الجماعة المحكمة الجزائية المتخصصة بأمانة العاصمة، حيث عقدت جلسة برئاسة القاضي محمد البرغشي للنظر في قضية متهم بتخريب أبراج نقل الطاقة الكهربائية القادمة من محطة مأرب الغازية

ورغم أن المحكمة قضت ببراءة المتهم (ص

ن

دبش)، وأمرت بالإفراج عنه، فإنها – في الفقرة الثانية من الحكم – اتهمت محافظ مأرب ومدير أمنها وقيادة المؤسسة العامة للكهرباء بالتقصير، وأمرت النيابة العامة بسرعة التحقيق مع الجهات الأمنية في مأرب ومؤسسات الدولة هناك، في سابقة قانونية تُوظف فيها المحكمة لتصفية الحسابات مع خصوم سياسيين

×