المجمعات المسائية بحضرموت… الإنجازات والتحديات

منذ 2 أشهر

حضرموت- فاطمة العنسي:قبل أكثر من عشرين عامًا، توقفت نادية عن التعليم عندما كانت في المرحلة الإعدادية بعد أن تزوجت، وأصبحت ربة منزل

مرت السنين، وتزايدت المسؤوليات العائلية التي عاتقها، وأصبح التحاقها بالمدرسة أمرًا يصعب تحقيقه

لكن وجود المجمعات المسائية التعليمية في حضرموت ساعدها على الالتحاق بالتعليم مجددًا، وتمكنت من تحقيق حلمها

نادية وآلاف الفتيات أمثالها يجدن المجمعات المسائية بحضرموت الملاذ الوحيد للنجاة من الأمية والجهل والحرمان من التعليم

أكملت نادية تعليمها الثانوي، وحصلت على معدل 98

5%، وتفوقت على الآلاف من طلاب مدارس التعليم الحكومي في المحافظة

توضح نادية أن المواد الدراسية في المجمع المسائي لا تختلف عن المواد التي تُدرس في المدارس الحكومية، ما يشكل تحديًا للعديد من الأفراد الذين توقفوا عن التعليم لأكثر من عشر سنين

لكنها لم تستسلم لتلك الصعوبات

في حديثها لـ “المشاهد”، تقول نادية: “بعد سنوات طويلة، حققت الحلم، وحصلت على شهادة الثانوية العامة بعد أن بلغ عمري أكثر من أربعين عامًا

هذا الإنجاز مصدر فخر لي ولأسرتي ولكل النساء اللاتي لم يستطعن مواصلة التعليم بسبب ظروفهن”

بعد أن أنهت التعليم الثانوي، التحقت نادية بالجامعة، في قسم إدارة الأعمال، وتخرجت في كلية المجتمع بمديرية الشحر في العام 2023

 جاءت فكرة إنشاء المجمعات المسائية بحضرموت عام 2015 من قبل قيادة مكتب وزارة التربية والتعليم في المحافظة، وكان الهدف تمكين الطلاب الذين عجزوا عن استكمال مسيرتهم التربوية والتعليمية، وتوقف تحصيلهم العلمي عند مستويات متواضعة، ما دفعهم إلى سوق العمل ومتطلباته بإمكانات ضعيفة وخيارات محدودة

في عام 2017، تم افتتاح أول مجمع مسائي افتتح في المكلا، عاصمة حضرموت، وبلغ عدد المجمعات 18 مجمع حتى عام 2022، ويبلغ عدد الملتحقين بها حوالي 1659 شخصّا من المنقطعين عن الدراسة وربات بيوت وموظفين يسعون لتحسين مؤهلاتهم ودخلهم المعيشي

ويعد المجمع المسائي نظام مدرسي متاح لمن انقطع عن الدارسة لمدة ثلاث سنوات وأكثر

تجربة ناجحة تم افتتاح العديد من المجمعات المسائية في مديريات مختلفة، مثل غيل باوزير، والشحر، والدس الشرقية، والريدة، قصيعر، وبروم خلال السنوات الماضية

المجمعات المسائية التعليمية مجانية، وتستقبل البنين والبنات، وتتفاوت أعمار الطلاب من  20 الى 50 عاما، وفقًا لـ إجلال المرفدي، مديرة مجمع الشحر المسائي للبنات

تضيف المرفدي: “إن المجمعات المسائية تجربة ناجحة جديرة بالاهتمام، حيث أوجدت هذه المجمعات الفرصة لموظفي القطاع الخاص والعام لإكمال تعليمهم والحصول على الشهادات العلمية، وتطوير مجالهم المهني”

 وتوضح المرفدي أن المجمعات المسائية تقدم المعلومات بأسلوب سلس ومبسط يتناسب مع ظروف هذه الشريحة، ومراعاة فترة الانقطاع عن مقاعد الدراسة لفترات طويلة، واختيار التوقيت المناسب للدراسة

وتؤكد أن المجمعات المسائية استطاعت المضي قدما في تحقيق نجاحات كبيرة منذ الافتتاح في 2017، إذ استطاعت العديد من الطالبات في المجمعات الحصول على المراكز الأولى على المستوى التعليمي

وتشير إلى أنه تم تخريج خمس دفع، بواقع 203 طالبة في مجمع الشحر، ويتعلم في المجمع الطلاب من الصف السابع إلى ثالث ثانوي، بقسميه العلمي والأدبي، مؤكدة أن العدد يزداد كل عام عقب إدراك الأهالي أهمية تعليم الفتيات حتى يكن لهم دور فعال في المجتمع

تحدياتواجهت المجمعات المسائية في حضرموت العديد من التحديات، وتعد صعوبة المناهج إحدى تلك التحديات، إذ يجد بعض الأفراد في المجمع أنفسهم غير قادرين على فهم المناهج بعد انقطاع طويل عن التعليم

منذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2015، دُمرت نحو 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل 4 مدارس) أو تضررت جزئيًا أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية، ويواجه قطاع التعليمي في اليمن الكثير من العوائق مثل عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين -ما يقرب من  172,000 معلم ومعلمة – على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016

تقول المرفدي إن عدم وجود مناهج مخصصة لهذه الفئة دفع العديد منهم إلى التوقف عن التعليم

وتضيف: “ومن أبرز المعوقات أيضًا هي نظرة الأسر الخاطئة لتعليم الفتيات، حيث إن الكثير من الأسر في مجتمعنا لا زالت ترفض الفتيات من مواصلة التعليم في المدرسة أو الجامعة وتعتقد تلك العائلات أن المكان المناسب للمرأة هو البيت”

وتؤكد أن الفقر والأوضاع الاقتصادية البائسة من ضمن التحديات التي تعيق النساء من مواصلة التعليم، حيث يعجز بعض الأفراد الفقراء، الراغبين في الحصول على التعليم، عن توفير المبالغ اليومية التي يحتاجون إليها أثناء التنقل عبر وسائل المواصلات إلى المجمعات المسائية”

تختم المرفدي حديثها، وتقول: “التعليم هو الوسيلة التي تضمن مستقبلًا قويًا للمجتمعات، وبالتعليم فقط يمكن تحقيق المساواة والتنمية المستدامة، لاسيما في المجتمعات الفقيرة مثل اليمن، وهناك حاجة ماسة لاستمرار المجمعات المسائية التعليمية، وفتح المزيد منها”

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير