المراكز الصيفية.. كيف "يتهدد" إرهاب الحوثي أطفال اليمن؟ (تقرير خاص)

منذ 9 أشهر

حُرم (ماهر مهدي) من التعليم، وانقطع عنه لسنتين، والسبب دورة صيفية خضع لها في إحدى مدارس العاصمة صنعاء، أعقبتها دورة أخرى في مدرسة أخرى تقع في ضواحي المدينة، إلا أنها كانت خاصة في تعليم السلاح

 عدت العام الماضي إلى صفي الدراسي يقول ماهر الذي فرت به أسرته إلى محافظة مأرب، أو بالأصح نزحت إلى أحد المخيمات في العام 2021

 التقيته مع والده الذي عبر عن سعادته بعودة ولده إلى مقاعد الدراسة وحريص على إلحاقه في مركز صيفي تديره وزارة التربية والتعليم الشرعية، وذلك لغسل ما علق في عقل طفله ماهر، الذي قال عنه إنه ذكي ولذلك استهدفه مشرف حوثي حين كان حينها يخطو على عتبة الصف السادس

 أما ماهر نفسه أكد أنه أثناء عودته لمقاعد الدراسة لم يستسغ الأمر، لأنه كان يشعر بأنه أصبح كبيراً على هذه الأشياء خصوصاً أن الدورة التي خضع لها لدى المليشيا في أحد مراكزها في مديرية بني حشيش كانت في استخدام وصيانة الأسلحة

 ويرى أنه غدا خبيراً في الصيانة خصوصاً أنه حين جند لاحقاً بصورة رئيسية وتم اقتياده إلى إحدى الجبهات القريبة في الإمداد أولاً ليلتحق بعدها في صيانة المعدات القتالية

 وعن طريقة التأثير عليه قال إنه أثناء الدروس والمحاضرات في الدورة الصيفية تعطى لهم وجبات بينما تم خلط مياه الشرب حبوب مخدرة معتقداً أنها حبوب الشجاعة والتي لطالما يتحدث بها المقاتلون الكبار في أوساط المليشيا حد تعبيره، وكما عرف ذلك لاحقاً

 ووفقاً لوالد ماهر، فإنه يسرد عدداً من الدروس التي حفظها عن ظهر قلب، مما كان محط أنظار المشرفين الحوثيين، منها خاصة بأشبال المسيرة، وهم المميزون والذي تستقطبهم القيادات الحوثية من أول وهلة، كونهم يرددون أقوال مؤسس الجماعة حسين الحوثي أو عدداً من الأدعية والأحاديث المختلفة التي تدعو إلى الكراهية والتذمر من المجتمع

 ويؤكد أنه عانى كثيراً جراء تجنيد طفله، ولم يستطع التحرك بعد أن اكتشف التحاقه قسرياً في الدورة الصيفية من أمه كونه هرب مسبقاً من صنعاء، مشيراً إلى أن ما زاد من خوفه تجنيد ولده بعدها وأخذه إلى جبهة نهم حينها

 ويقول استمرت المعاناة بعد إنقاذ ماهر، لأنه لم يتقبل الوضع الجديد ولم يعد إلى اهتماماته إلا بعد صعوبة، كما أنه لم يندمج مع بقية إخوته سريعاً وكان خوفنا أن يهرب مجدداً إلى الحوثيين

 إرهاب حوثي ومنذ أواخر الشهر الماضي (أبريل/ نيسان) عاد التحذير مجدداً عن خطورة المراكز الصيفية التي استعدت لها مليشيا الحوثي الإرهابية كثيراً هذا العام مستغلة حالة الهدوء في جبهات القتال، وجولات التفاوض معها في ملفات عدة، إلا أنها رأت في هذا التوقيت فرصة للاستقطاب أوساط الطلاب مستغلة الإجازة الصيفية الطويلة

 وفي يوم التدشين للمراكز الصيفية، بدى الأمر وكأنه تدشين لمعركة قتالية أو أشد منها ظهر ذلك من خلال التحشيد، والحملات الإعلامية المصاحبة من قبل مليشيا الحوثي في صنعاء ومختلف المحافظات الخاضعة لسيطرتها

 كما أن الإرهابي عبدالملك الحوثي نفسه هو من دشن تلك المراكز الصيفية، (الطائفية) في خطاب وجهه إلى والذي ظهر في استعراض واضح وتحد لليمنيين، بأنه وجماعته ماضون في استهداف الأطفال وإدراجهم ضمن معاركها إما كجنود أو دعاية حربية

 الحوثي، زعيم الجماعة الإرهابية والمسؤول عن قتل وإصابة آلاف الأطفال في اليمن، ناهيك عن تشريد الملايين منهم وحرمانهم من حق التعليم، ظهر ومنذ أعوام تحولت الإجازة الصيفية إلى مصدر قلق وخوف لدى أولياء الأمور في العاصمة صنعاء، وبقية المحافظات الخاضعة للمليشيا، على أطفالهم التي تعمل على غسل أدمغتهم ثم لكونوا وقوداً لحربها العبيثة

 قابل ذلك حملة مضادة من قبل مؤسسات الحكومة الشرعية، إلا أنها لم تكن بقدر المشكلة التي يواجهها آلاف الأطفال، في حين تظل أهميتها في التأكيد على خطورة هذه المراكز، مع تحذير الآباء والأمهات منها، ومحاولة لإيجاد وعي يوازي حالة التجنيد والاستقطاب الحوثي للأطفال

 فراق بلا عودةفي مديرية أرحب شرق صنعاء، كانت بداية تجنيده ومن حوش مدرسة تم جمعهم إليها بغرض الاستعداد لنشاط صيفي، يمتد إلى أربعين يوماً مع أنه ظللا بعيداً عن أسرته وطفولته لثمانية أشهر وتزيد قليلاً

 (رائد) وهذا ليس اسمه الحقيقي كما أنه من أسرة معروفة ويخاف أن يتأثر أحد من أقربائه بسببه مؤكداً أن من جنده من المركز الصيفي من قريته وهم مشرفان وقد تسببا بمآس بعد أن جندا أطفالاً إلا أنهم عادوا جثثاً هامدة منهم زملاء له

 وقال رائد لـ العاصمة أونلاين عن الدورة التي خضع لها ولم يكمل يوماً فيها لأن مشرفي الحوثي قالوا له إن مكانه مدرسة أخرى أخذوه إليها فتفاجأ أن المدرسة ما هو إلا مقر المليشيا في المديرية والتي ظل فيه لشهر خاضعاً لدروس ومحاضرات مكثفة ثم اقتيد بعدها إلى جبهات مختلفة قريبة من مأرب والجوف

 لم يعد إلى المدرسة إلى اليوم، رغم أنه مضى على نزوحه إلى مأرب ثلاث سنوات، كما تقول أمه التي لا تملك من أمرها إلا أنها حمدت وشكرت التقائها به مجدداً وتواصل تركنا ما نملك في بلادنا وأتينا إلى هنا لنعيش مع ابننا

 قنابل موقوتة وتأتي التحذيرات أن المراكز الصيفية، ما هي إلا قنابل موقوتة لتفخيخ عقول الأطفال، كما أن المليشيا تدرس مناهج إرهابية يشرف عليها إرهابيون إيرانيون

 وفي بيان لمنظمة سام للحقوق والحريات اعتبرت هذا المراكز بأنها أماكن للتعبئة الطائفية واستقطاب المقاتلين، وقالت تلك المخيمات الصيفية عبارة عن قنابل موقوتة لما تتضمنه من ممارسات خطيرة مثل التعبئة الطائفية واستقطاب الأطفال للقتال الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى إطالة أمد الصراع وإنشاء جيل يحمل أفكارا مسمومة

 المنظمة قالت إن ظهور يحيى بدر الدين الحوثي شقيق زعيم الجماعة والمُعين كوزير للتربية والتعليم في حكومة صنعاء (غير المعترف بها) وهو يتوسط حشداً من الأطفال داخل أحد المراكز الصيفية يعتبر تأكيدا على الحشد للمخيمات الصيفية والذي أصبح يحظى بتقدير كبير في سياسة الجماعة التي تهدف إلى ممارسة غسيل ثقافي لعقول الأطفال، وغرس التطرف والكراهية في عقولهم لأجل هذه الحرب وضمان حضانة مستقبلية

 ووفقاً لـ سام فإن العدد الإجمالي للمستهدفين في هذه المخيمات حسب وسائل إعلامية تابعة لجماعة الحوثي يصل إلى مليون و500 ألف طالب وطالبة، في 9 آلاف و100 مدرسة مفتوحة ومغلقة خصصتها لهذا الشأن، يعمل فيها 20000 عاملا ومديرا ومدرسا في المحافظات والمديريات

 ولم تكتف المليشيا الحوثية بالشحن الطائفي ودوراتها المكثفة عبر تلك المخيمات، بل طالبت الآباء وأولياء الأمور بالمشاركة في دورات مخصصة لهم في المعسكرات الصيفية، حتى يمكنهم المساعدة في عملية التعبئة الفكرية الهادفة إلى غسل أدمغة الأطفال بأفكار متطرفة والتحريض الطائفي والمذهبي

 ورافق عمليات التدشين تحركات حوثية مكثفة في أوساط المشرفين وعقال الحارات ومسؤولي المساجد وشيوخ القبائل، لمطالبة الآباء وأولياء الأمور بإلحاق أبنائهم بهذه المعسكرات، بالإضافة إلى تبني مليشيا الحوثي، حملة إعلامية تشارك فيها قنوات فضائية وإذاعات محلية إلى جانب اللوحات الدعائية الضخمة التي نُصبت في شوارع المدن والملصقات التي وزعت على الجدران في كل الأحياء