المشاريع الصغيرة.. «نافذة أمل» للنساء في اليمن
منذ 2 سنوات
في الأول من مارس 2022، بدأت مريم صفوان، 21 عامًا، مشروعها الخاص في منزلها بمحافظة عدن
كانت تلك نقطة تحول مهمة في حياتها، وخطوة فعلية لتحويل شغفها بالطبخ إلى مشروع خاص
قبل بدء المشروع، الذي أطلقت عليه “عُشّار حكايتنا”، لاحظت مريم أن المائدة العدنية لا تكاد تخلو من مخلّل “العُشّار”، وبعد تفكير وتخطيط، انطلق مشروعها لإنتاج هذا المخلل
بعد أيام من الافتتاح، أنشأت صفحات لمشروعها على مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” و”واتساب”
بعد ذلك، وصلت طلبات من محافظات شمالية ومغتربين يمنيين في دول خارجية، كمصر والسودان والسعودية والإمارات
استعانت مريم بموظفة تساعدها لصناعة المزيد من منتج “العُشّار العدني” نظرًا للطلبات المتزايدة
تقول والدة مريم، التي تعمل في المجال التربوي: “فاجأتني ابنتي بأنها سوف تفتتح مشروعها لتصنيع وبيع العُشّار العدني
أيدتُ الفكرة لأن لهذا المنتج طلبًا كبيرًا في مدينة عدن، وبقية المحافظات اليمنية، ولثقتي بقدرات مريم الرائعة في صناعته”
منذ اندلاع الحرب عام 2015، برزت تحديات كثيرة للأسر في اليمن، حيث تدهور الاقتصاد الوطني، وتضاءلت الأنشطة الاستثمارية في عموم البلاد
إن التحديات التي خلقتها الحرب حرمت النساء الكثير من الفرص الاقتصادية، وأوجدت بيئة طاردة للمشاريع الخاصة
برغم ذلك، استطاعت العديد من النساء، أمثال مريم، تنفيذ مشاريع خاصة تبدو بسيطة، لكنها تحقق دخلًا ماديًا مستقرًا
بعد تحديد اسم المشروع، قررت مريم إعداد دراسة جدوى، عبر التعلم الذاتي من الإنترنت في إعداد دراسات جدوى للمشاريع الصغيرة
اقتنعت أكثر أن مشروعها سيحقق النجاح، وبدأت بتصنيع كميات قليلة للبيع في الحي الذي تسكن فيه
معظم المستهلكين أبدوا إعجابهم بالعشّار الذي تصنعه مريم، ونصحوها بالمزيد، وشاركوا في الإعلان عن منتجها في حدود استطاعاتهم
تتحدث مريم عن طريقة إعداد العشار، وتقول لـ”المشاهد”: “أستخدم المانجو في موسمه، وأحرص على استخدام الزيت الخالي من الكوليسترول، الذي يناسب جميع الفئات
ولمحاذير صحية جربت الزيت العادي والزيت الخالي من الكوليسترول مع بعض أفراد العائلة، الذين يعانون من مشكلات صحية في المعدة، وتوصلت من التجارب إلى أن الزيت الخالي من الكوليسترول صحي، ويناسب كبار وصغار السن، ولا يؤثر صحيًا على من يتناوله”
برغم سعادتها بالنجاح الذي تحقق، تشير مريم إلى بعض التحديات التي مازالت تواجهها
تقول إن الانقسام النقدي، وصعوبة التنقل بين المحافظات، وظروف الشحن غير الآمنة أو غير الملائمة، من أبرز الصعوبات التي تواجه مشروعها
لكنها تسعى باستمرار لتجاوز هذه العراقيل، وتقديم المنتج لجميع الزبائن
تواجه مريم أيضًا صعوبة الحصول على بعض المكونات، أهمها الزيت الخالي من الكوليسترول، والمانجو المرتبط بموسم واحد في العام، وتزايد طلبات الزبائن
تقول: “أحتاج لعاملات أخريات بجانبي نظرًا لزيادة طلبات الزبائن، لكن الأمر صعب في المنزل، وإمكاناتي حاليًا لا تسمح لي بافتتاح معمل خاص ومتجر خارج المنزل، ويظل المتجر المزود بمعمل خاص ضمن خططي المستقبلية”
عندما بدأت مريم مشروعها، واجهت الكثير من الانتقادات، وكان يقول البعض إن العشار مخلل تصنعه النساء في المنزل، ولن يكون هناك زبائن لهذا المنتج
لكن بعد أن حققت مبيعات جيدة، بدأت بعض النساء اللواتي كن ينتقدنها بصناعة وبيع العشار
تقول مريم: “انتقدوني ثم قلدوني، وهذا الأمر يغمرني بالسعادة”
حددت مريم سعر العشار لزبائنها، إذ تبيع نصف الكيلو بمبلغ ألفي ريال في عدن، والكيلو كاملًا بمبلغ 5200 ريال
لهذا المنتج نقاط توزيع متعددة في عدن، منها: “سوبر ماركت البشائر” في إنماء القديمة، وكريتر، ومنطقة الشعب، والشيخ عثمان، والمنصورة
تأتي طلبات العديد من الزبائن عن طريق صفحة المشروع في “فيسبوك” أو “واتساب”
تقول أم عبدالرحمن، زبونة، من الشيخ عثمان، لـ”المشاهد”: “حين تذوقت العشار لأول مرة، شعرت بأن امرأة عجوزًا هي من تصنعه، فالطعم عريق كعشّار زمان، لكني تفاجأت عندما عرفت أن مريم هي من صنعته، وهي مازالت شابة في مقتبل عمرها”
تعتقد مريم أن مشروعها سيحقق نجاحًا أكبر إذا حصلت على اهتمام وحدات المشاريع الصغيرة في الغرفة التجارية أو وزارة الصناعة والتجارة أو اللجنة الوطنية للمرأة، وهذا سيساعدها على افتتاح معمل خاص بها، بالإضافة إلى زيادة التوزيع ومضاعفة الإنتاج
مع استمرار نجاحها في صناعة وتسويق منتج العشار العدني، تدرس مريم بقسم الصيدلة في الجامعة الوطنية بعدن
والرسالة التي تريد إيصالها إلى الفتيات أمثالها هي عدم الخضوع للظروف، والتمسك بالأمل والطموح مهما كانت التحديات
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير