المنفذ الشمالي لمدينة تعز .. وتوقف مصالح الناس التجارية والصناعية
منذ 5 أيام
تعز – أسامه فرحان :كان الشارع الرئيسي الواصل بين منطقة المطار القديم ومفرق شرعب بمديرية المظفر شمال مدينة تعز على امتداده مكان فيه حركة تجارية نشطة بالمصانع الصغيرة الخاصة بالبُلك ومحلات بيع البلاط ومناشير الأحجار وغيرها من المحلات التجارية
وهذا له علاقة كونه يعتبر الواجهة الرئيسية للمنفذ الرئيسي من وإلى مدينة تعز الذي يصلها بمختلف المديريات الريفية الشمالية والغربية، وأيضا يصلها بمحافظة الحديدة
بالإضافة إلى أن حركة البناء والعمران في المنطقة الموزاية للشارع الرئيسي آنفة الذكر كانت كبيرة كونها مناطق مفتوحة وفيها توسع عمراني متواصل جعل هناك حركة تجارية مشجعة خاصة لأصحاب المصانع الصغيرة المتعلقة بمتطلبات البناء
كان هذا قبل توقف حركة هذه المنطقة التجارية بشكل نهائي عام 2015 بعد اندلاع المواجهات العسكرية وتحول الشارع الرئيسي الممتد من المطار القديم إلى قريب منطقة حذران قبل مصنع السمن والصابون إلى منطقة تماس عسكرية خطرة
حيث تتمركز جماعة الحوثي شمالا في منطقة حذران والمفرق والقوات الحكومية في معسكر المطار القديم جنوبا
تحولت حركة التجارة والبيع والشراء في الورش والمصانع الصغيرة ومناشير الأحجار الى أماكن مهجورة خاوية ومن معدات أكلها الصدأ، وذكريات موجعة لأصحابها
بجاش نصر، وهو مالك أحد مصانع البُلك في منطقة المطار القديم شمال مدينة تعز ، قال أن الأثر الذي خلفه إغلاق المنفذ الغربي للمدينة نتيجة الحرب والحصار على عمل مصنعه كان كبير
وأضاف في حديثه لـ” المشاهد “”كنا نعمل بإنتاجية عالية، لكن بسبب الحرب وإغلاق المنفذ ماتت الحركة التجارية في المنطقة، مما اضطرني إلى إغلاق المصنع إلى وقت غير محدود، وأصبحت حياتي في ظل الأوضاع المعيشية السيئة صعبة للغاية”
قلب الحصار وإغلاق المنفذ حياة بجاش رأسًا على عقب، حيث اضطر لإغلاق مصنعه الذي كان يشكل مصدر رزقه الأساسي، كما لحقته خسائر مالية ومادية كبيرة
يشير بجاش إلى أن الخسائر المادية التي تكبدها نتيجة اندلاع الحرب وإغلاق المصنع لأكثر من 9 سنوات، بسبب قطع طريق المطار القديم – مفرق شرعب، والذي كان يربط المدينة بالمحافظات والمناطق المجاورة لها خاصة الساحلية، كبيرة
بالإضافة إلى تعرض معدات مصنعه للسرقة، والذي يجعل من الصعب عليه استئناف العمل، حتى لو تم إعادة فتح المنفذ حسب تعبيره
وكان بجاش قبيل اندلاع الحرب عام 2015، قد افتتح مصنع آخر للبلك في منطقة الدمينة شمال غرب مدينة تعز، بغرض تطوير وتوسيع عمله، إلا أنه إغلاق بعد أن تحولت المنطقة الى منطقة تماس عسكرية خطرة
لم يكن مصنع بجاش الكائن في في المناطق الممتدة من حي المطار القديم إلى ماقبل مفرق شرعب ، هو الوحيد الذي أُغلق نتيجة الحرب وإغلاق المنافذ الرئيسية لمدينة تعز، فقد أغلقت ثلاثة مصانع بُلك في ذات المنطقة، بحسب بجاش
في هذا الصدد يقول سيف الإسلام وهو عاقل إحدى حارات حي المطار القديم أن هناك العديد من المحلات التجارية والاستثمارية أغلقت أبوابها نتيجة الحصار، مثل محلات مواد البناء، والكهرباء، والمطاعم، ومستشفى العربي، ومحطة وقود، وشركة بازرعة لسيارت تويوتا، وفندق الفخامة الذي يعد الفندق الوحيد في المنطقة، مما يؤكد التأثير الكبير لإغلاق المنفذ على الاقتصاد المحلي للمدينة
يقول عبد الرقيب محمد، وهو مالك فندق الفخامة، الواقع في المطار القديم غربي محافظة تعز، في حديثه لـ” المشاهد” أن فندقه الذي افتتحت أبوابه عام 2005م، كان يستقبل عدد كبير من الزبائن، والزوار إلى المدينة، بحكم موقعه الاستراتيجي على مدخل المنفذ الغربي للمدينة، والذي انعكس إيجابًا على الحركة التجارية في الفندق، مكملًا حديثه بالقول:” لكن بعد إغلاق المنفذ الغربي توقفت الحركة في المنطقة وتوقف الفندق عن العمل وتكبدتُ خسائر مالية كبيرة “
وعلى الرغم من تعرض المنطقة للقصف بين الحين والآخر لقربها من خط التماس، إلا أن عبد الرقيب يؤكد أن استمرار إغلاق المنفذ يشكل تهديدًا أكبر لأعمالهم، قائلا: قتل كل شيء وجعل المنطقة ميته تمامًا ولا مجال للعمل فيها”، مكملاً حديثه: “في حال افتتح المنفذ سنعود للعمل حتى إذا لم تتوقف الحرب، فقد عانيت كثيرًا نتيجة توقف مصدر دخلي”
ويشير عبد الرقيب إلى أن فتح المنفذ الغربي هو الحل الوحيد لإنعاش الاقتصاد في المنطقة وذلك من خلال بدء الدورة التجارية مجددًا بين خط الستين ومفرق شرعب ومختلف المديريات الريفية والمدن الثانوية مثل هجدة والبرح ومديريات مقبنة وشرعب، ومحافظة الحديدة، وغيرها من المناطق المجاورة
ويختتم عبد الرقيب حديثه بأن إغلاق المنفذ الغربي أدى إلى شلل تام في الحركة التجارية بالمنطقة، مما أثر بشكل كبير على حياة السكان وسُبل عيشهم
يعزز كلام عبد الرقيب، المواطن عبدالسلام الشميري ، وهو أحد سكان حي المطار القديم، حيث يقول إن الحصار تسبب بتوقف الحركة في الحي، ونتج عنه إغلاق العديد من المحلات التجارية، مستطردًا بالقول:” اضطر للذهاب إلى سوق بيرباشا للتسوق نظرًا لإغلاق العديد من المحلات في الحي، كما أن الحي يصبح مهجورًا من بعد الساعة السابعة مساءً”
أدى الحصار الحوثي المفروض على مدينة تعز منذ تسعة أعوام إلى تكبد المدينة خسائر اقتصادية فادحة، حيث فقدت تعز قاعدتها التجارية، ودُمرت معظم المنشآت الحيوية والخدمية
وفي هذا السياق يقول الصحفي المختص بالشأن الاقتصادي وفيق صالح أن الحصار على مدينة تعز تسبب بتدمير البنية التحتية والخدمية
وأضاف صالح في حديثه لـ” المشاهد “ أن الحصار والحرب دمرت المنشآت وإغلاق الطرق ونزيف الأرواح بالقصف اليومي والقنص والألغام، وصعوبة الحصول على الخدمات المعيشية والسفر وانتقال المرضى
وأشار ان الحصار تسبب بتدمير 50% من شبكة الطرق، وارتفاع تكلفة السفر بنسبة 1000%، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع بنسبة 35% مقارنة بالمناطق المحررة
ولفت صالح إلى أن الحصار تسبب بتوقف الشركات والمؤسسات التجارية، وانعدام المشتقات النفطية، مما أدى إلى خسائر مالية فادحة في الإيرادات بلغت 228 مليون دولار سنوياً، وتضرر 9000 عامل
بحسب دراسة صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء في محافظة تعز في المدة 2015-2020م فإن إجمالي الأضرار والخسائر التي تعرضت لها المكاتب التنفيذية والوحدات الإدارية الاقتصادية لمؤسسات الدولة بسبب الحرب والحصار بلغت 2
6 مليار دولار أمريكي
وأوضحت الدراسة التي تم نشرها أواخر العام الماضي2023، أن قيمة الأضرار الناتجة عن الحرب والحصار في هذه الوحدات بلغت 514 مليون دولار أمريكي، فيما بلغت قيمة الخسائر 2,1 مليار دولار امريكي، كما وصل عدد الخسائر البشرية لـ 12,262 موظفًا وعاملاً، تمثلت أبرزها في نزوح موظفي وعاملي هذه الوحدات إلى مناطق أخرى داخل المحافظة أو إلى محافظات أخرى بنسبة 81٪
ووفقًا للدراسة فإن هذه الوحدات بحاجة لأكثر من 1,6 مليار دولار أمريكي للتعافي من آثار الحرب والحصار بالمحافظة
وتشير الدراسة أن حركة التجارة لمختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية في المحافظة تأثرت بشكل كبير، وشهدت تراجعًا حادًا في الإنتاجية والعملية التجارية، الأمر الذي أدى إلى تفاقم ظاهرة البطالة، الفقر، التسول، واستغلال الأطفال في العمل، مما تسبب في تعميق الأزمة الإنسانية في المنطقةليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير