المهرة تتمرد مالياً وتحرج حكومة بن بريك

منذ 4 ساعات

فجرت محافظة المهرة الاستراتيجية شرقي اليمن أزمة جديدة، بعدما سجلت أول رفض واضح لقرار مجلس القيادة الرئاسي، الذي تعمل الحكومة على تنفيذه، والقاضي بتوحيد وتوريد الإيرادات العامة إلى حساب حكومي واحد في البنك المركزي بعدن

ويأتي هذا الرفض وسط غموض في مواقف محافظات إيرادية ونفطية أخرى مثل مأرب وحضرموت وشبوة وتعز، والتي لم تبد حتى الآن أي تجاوب مع قرار الحكومة، وسط تنامي مطالبات محلية بإدارة ذاتية للموارد المالية

وفاجأ قرار محافظ المهرة الحكومة المعترف بها دولياً، بعد توجيهه تعميماً للمنافذ الواقعة في المحافظة بعدم التعامل مع قرار التوريد الحكومي، وإلزامها بتوريد الإيرادات مباشرة إلى حساب السلطة المحلية، ملوحاً بعقوبات على الموظفين في حال عدم الالتزام بهذه التوجيهات

وسارعت الحكومة إلى رفع شكوى رسمية لمجلس القيادة الرئاسي، فيما حذرت مصلحة الجمارك اليمنية في 9 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي مما وصفته بـتجاوزات السلطة المحلية في المهرة، مؤكدة التزامها بتوجيهات القيادة السياسية والحكومة بشأن توريد جميع الإيرادات إلى البنك المركزي وفروعه وفق القوانين النافذة

ووجه رئيس مصلحة الجمارك عبدالحكيم ردمان القباطي مذكرة رسمية إلى رئيس الوزراء ووزير المالية سالم صالح بن بريك، حذر فيها من تبعات انتهاك جسيم ناجم عن نزول لجنة محلية برئاسة وكيل المحافظة إلى منفذ شحن وتهديد موظفي الجمارك لإجبارهم على توريد الإيرادات إلى حسابات السلطة المحلية، في مخالفة صريحة للقانون واللوائح المالية

وفي السياق، قال المحلل الاقتصادي اليمني وفيق صالح لـالعربي الجديد إنّ رفض محافظ المهرة توريد عائدات منفذَي شحن وصرفيت يعد أول اختبار حقيقي لقدرة الحكومة على تنفيذ مصفوفة الإصلاحات المالية، ويرى أن هذه الخطوة تأتي ضمن سلسلة صعوبات ما تزال تحد من قدرة الحكومة على بسط سيادتها على الموارد العامة، ما يشكل عقبة تقف أمام تطبيق الإصلاحات، ويستدعي إدراكاً أوسع من جميع الأطراف لحجم التحديات المالية والاقتصادية

واستندت شكوى الحكومة إلى بلاغ من مصلحة الجمارك يفيد بمنع موظفي جمركي شحن وصرفيت من توريد الإيرادات إلى الحسابات الحكومية المعتمدة لدى البنك المركزي، وتهديدهم بالسجن والطرد واستبدالهم في حال المخالفة

وبحسب بيان حكومي اطلعت عليه العربي الجديد، فقد نزلت اللجنة المحلية ميدانياً إلى المنافذ الجمركية والإشراف على عمليات توريد مخالفة للقانون، في تحدٍ واضح للتوجيهات العليا ولقرار مجلس القيادة الرئاسي رقم (11) لسنة 2025 بشأن خطة الإصلاحات الاقتصادية، والرامي إلى ضبط الموارد العامة وتوريدها إلى الخزينة العامة

 واعتبرت الحكومة تلك الممارسات انتهاكاً جسيماً للقوانين واللوائح المالية، وتجاوزاً للصلاحيات القانونية لمصلحة الجمارك، وتقويضاً لجهود الدولة في تنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية، فضلاً عن تعريض موظفي الجمارك لضغوط غير مشروعة، وإضعاف هيبة الدولة وسيادتها المالية

ويرى صالح أن ما يحدث يأتي في سياق تنافس وصراع بين السلطات المحلية والحكومة المركزية على السيطرة على الموارد، معتبراً أن ذلك مرتبط بإرث طويل من الاختلالات التي خلفت انعدام الثقة بين الطرفين، خصوصاً مع شح موارد بعض المحافظات وغياب خطط تنموية واضحة، ويضيف أن عوامل سياسية واجتماعية (مثل غياب التوزيع العادل للثروة وتفشي الفقر والبطالة وتدني الخدمات) أسهمت في تفاوت الالتزام بتوريد الإيرادات للسلطة المركزية، وهو ما يتطلب استراتيجية حكومية شاملة لمعالجة هذه المعضلات

وتؤكد الحكومة أن استمرار هذه التصرفات يشكل سابقة خطيرة تضرّ بوحدة النظام المالي للدولة، وتضعف ثقة الشركاء المحليين والدوليين بخطوات الإصلاح، ما يستوجب تدخلاً حاسماً من مجلس القيادة الرئاسي لضمان الالتزام الكامل بالتوجيهات العليا

وطالبت مصلحة الجمارك رئيس الحكومة باتخاذ إجراءات رادعة بحق كل من يثبت تورطه في هذه التجاوزات، وإلزام السلطة المحلية بالمهرة بالتقيّد بالتعليمات الحكومية، وحماية موظفي الجمارك من أي تهديد أو ضغط، كما شدّدت على أن الإيرادات المركزية يجب أن تورد حصراً إلى حسابات البنك المركزي اليمني وفروعه، ولا يجوز التصرف بها محلياً

واتجهت الحكومة الأسبوع الماضي لتنفيذ أهم قرارات الإصلاح الاقتصادي الصادرة عن مجلس القيادة الرئاسي، والمتعلقة بمعالجة الاختلالات في تحصيل الموارد بالمحافظات، وأصدرت توجيهات ملزمة للمؤسّسات والهيئات والشركات العامة بإقفال جميع حساباتها في البنوك التجارية والحكومية وشركات الصرافة، والالتزام بالتوريد عبر البنك المركزي حصراً، وإلغاء أي سندات خارج النظام المالي، وذلك تنفيذاً لقرارات الإصلاحات الاقتصادية الشاملة