اليمن: تداعيات وقف المساعدات الأمريكية

منذ 14 ساعات

عدن- محمد الحيدريفي أحد أحياء مدينة تعز، تجلس أم أحمد، وهي أرملة وأم لثلاثة أطفال، على بساط متواضع في منزلها الصغير

تتأمل الرفوف الفارغة في مطبخها

أم أحمد كما تقول للمشاهد كانت تعتمد على المساعدات الغذائية التي يوفرها برنامج الأغذية العالمي

وكان برنامج الغذاء العالمي، قد خفض عدد المستفيدين من المساعدات الغذائية التي يقدمها للأسر المحتاجة في مناطق سيطرة الحكومة خلال الربع الأخير من 2024، من 3

6 مليون إلى 2

8 مليون مستفيدا

تواصل أم أحمد، حديثها بحزن:” كنت أعتمد على هذه المساعدات في إطعام أطفالي، الآن، بالكاد أتمكن من تأمين وجبة واحدة يوميًا، ولا أعرف كيف سنعيش إذا استمر هذا الوضع”

يعاني في اليمن نحو 17

6 مليون أو قرابة نصف السكان من انعدام الأمن الغذائي، حسب الأمم المتحدة

وتعاني منظمات الأمم المتحدة في اليمن من القيام بمهامها في اليمن حتى قبل قرار ترامب، نتيجة شح التمويل

حيث تم تغطية فقط 55% من خطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن خلال 2024

في يناير 2025، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرارا تنفيذيا  بإيقاف المساعدات الخارجية الأمريكية لمدة 90 يومًا

 وجاء في بنود القرار “وقف الالتزامات الجديدة وصرف أموال المساعدات الإنمائية للدول الأجنبية، المنظمات غير الحكومية المنفذة، والمنظمات الدولية والمقاولين لتقييم كفاءة البرامج وتناسقها مع السياسية الخارجية للولايات المتحدة”

يمر اليمن بظروف إنسانية صعبة نتيجة الصراع الدائر منذ مطلع 2015

ومثلت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أحد أبرز المانحين لليمن في المجالين الإنساني والتنموي

وحسب السفارة الأمريكية لدى اليمن، فإن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية قدمت لليمن منذ 2015 حتى مطلع 2024، نحو ستة مليار دولار لدعم المشاريع الإنسانية والتنموية

تشمل خطة الاستجابة الإنسانية لليمن، التي تقدمها الأمم المتحدة سنويا للمانحين، قطاعات متعددة تشمل الأمن الغذائي، الصحة، والإصحاح البيئي

تأتي الولايات المتحدة الأمريكية ضمن أعلى عشرة مانحين لخطة الاستجابة الإنسانية لليمن خلال العام 2024 بتمويل فعلي بلغ أكثر من 517 مليون دولار أمريكي، حسب موقع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)

ونتيجة أزمة التمويل، اضطرت الأمم المتحدة إلى إيقاف العديد من برامجها

وبات الكثير من المنظمات الإغاثية لا تعرف من أين سيتم تغطية النقص الذي سببه وقف الولايات المتحدة مساعداتها

“ابنتي تحتاج إلى الأنسولين يومياً، كنت أذهب إلى العيادة وأحصل عليه مجانًا، لكن الآن لا أستطيع تحمل تكاليفه، ماذا سأفعل؟ هل أنتظر حتى تسوء حالتها؟” بهذه العبارات يروي الحاج محمد الصبري قصة معاناة ابنته بعد توقف المساعدات الطبية

ابنته، المصابة بالسكري، كانت تحصل على الأنسولين مجانًا بفضل التمويل الأمريكي للمنظمات الطبية

الآن وبعد تجميد المساعدات، لم يعد بإمكانه شراء الدواء من السوق بسبب ارتفاع الأسعار كما يقول الحاج محمدوتعد الولايات المتحدة أكبر المانحين لخطة الاستجابة الإنسانية للعام 2024 بمبلغ فعلي وصل إلى أكثر من 517 مليون دولار أمريكي

تم توجيه قرابة 5

8 مليون من إجمالي التمويل المقدم من الولايات المتحدة الأمريكية لقطاع الصحة في خطة الاستجابة الإنسانية، حسب موقع الأوتشا

وتغطي هذه المساعدات مجالات أساسية مثل الأمن الغذائي، الصحة، والتعليم

ففي القطاع الصحي مثلاً، تعتمد العديد من المستشفيات والمراكز الصحية في اليمن على المساعدات الدولية لتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية

لا يقتصر تأثير توقف المساعدات الامريكية على اليمن على الجانب الإنساني فقط

بل سيكون له تداعياته على الاستقرار الأمني والسياسي في بعض المناطق التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي، حسب الأكاديمي المتخصص في علم الاجتماع السياسي الدكتور أمين احمد ردمان

ويقول ردمان في حديث للمشاهد “يتوقع أن تزداد حدة التوترات الاجتماعية، ومعدلات الجريمة بسبب لجوء بعض العائلات أو الافراد إلى وسائل غير قانونية لتأمين احتياجاتها الأساسية

”أستاذ علم الإجتماع السياسي، أحمد ردمان: يتوقع أن تزداد حدة التوترات الاجتماعية، ومعدلات الجريمة بسبب لجوء بعض العائلات أو الافراد إلى وسائل غير قانونية لتأمين احتياجاتها الأساسية

” ويضيف ردمان: على المستوى السياسي، شكل قرار تجميد المساعدات الأمريكية ضغطًا إضافيًا على الحكومة اليمنية التي تعتمد على التمويل الدولي لدعم القطاعات الأساسية، كما أنه يثير مخاوف من أن يؤدي نقص المساعدات إلى زيادة نفوذ الجماعات المسلحة التي قد تستغل الأزمة لتوسيع سيطرتها في بعض المناطق اليمنية

”وقال مصدر في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في عدن، طلب عدم نشر اسمه، للمشاهد أن الوزارة تلقت إخطارا من منظمات دولية أبرزها وكالة التنمية الأمريكية، وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة انتر سوس بتعليق بعض مشاريعها الإغاثية والإنسانية نظرا لوقف التمويل الأمريكي لهذه المشاريع

   كما أن هذه المنظمات سرحت العشرات من موظفيها

وقال موظف في مكتب منظمة انترسوس، في تعز، طلب عدم نشر عن اسمه   في حديث للمشاهد أن المنظمة سرحت 33 شخصا من موظفيها في تعز ولم يبق سوى ثلاثة عاملين في مكتب المنظمة في المحافظة

مضيفا أن المنظمة أوقت كذلك مشاريعها في تعز

مع توقف الدعم الأمريكي، يظل السؤال قائمًا: هل هناك بدائل لدعم اليمن في مواجهة أزمته الإنسانية؟ وهل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ستعملان على تقديم دعم إضافي لمساعدة اليمن، في الوقت الذي توجه اليهما تهم التسبب في صناعة أزمات اليمن المتلاحقة؟وكان رئيس وزراء الحكومة في عدن، احمد بن مبارك، قد وجه الأربعاء 19 فبراير، وزارة الصحة، بالعمل على إعادة هيكلة التمويل الصحي

ونقلت وكالة سبأ الحكومية عن بن مبارك توجيه وزارة الصحة بإشراك القطاع الخاص وإعادة ترتيب الأولويات لضمان كفاءة استخدام الموارد

وقالت الأمم المتحدة في منتصف يناير أنها تحتاج إلى 2

47 مليار دولار لتنفيذ خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام 2025

وبالرغم أن الولايات المتحدة الأمريكية مولت فعليا في 2024، أكثر من ثلث موازنة الخطة الإنسانية من إجمالي التمويل الفعلي، لا يبدو على المدى القريب أي بديل لتأمين الاستجابة الإنسانية في 2025

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير