اليمن: نقص التمويل يهدد خدمات التعافي من “الناسور الولادي” 

منذ 7 أيام

صنعاء – عبد الله جابريحتفل في 23 مايو من كل عام باليوم العالمي لإنهاء الناسور الولادي

  حيث أطلق صندوق الأمم المتحدة للسكان عام 2003 الحملة العالمية للقضاء على الناسور، في 55 بلدًا حول العالم

 ناسور الولادة هو حالة صحية تحدث للنساء نتيجة ولادة متعسرة تؤدي إلى تكون فتحة غير طبيعية بين قناة الولادة والمثانة أو المستقيم؛ مما يسبب سلسًا مستمرًا في البول أو البراز

ويؤدي إلى وصم اجتماعي وعزلة للنساء المصابات، حسب صندوق الأمم المتحدة للسكان

وتشير التقديرات إلى أن هناك أكثر من مليوني امرأة وفتاة في العالم يعانينّ من الناسور الولادي، حسب منظمة الصحة العالمية

وتقول المنظمة إن هذا المرض لا يزال منتشرًا؛ لأن الأنظمة الصحية لا تتيح للأمهات الحصول على رعاية صحية جيدة، بما في ذلك تنظيم الأسرة، الوصول للقابلات الماهرات والرعاية الصحية عند الولادة

”منظمة الصحة العالمية: إن هذا المرض لا يزال منتشرًا؛ لأن الأنظمة الصحية لا تتيح للأمهات الحصول على رعاية صحية جيدة، بما في ذلك تنظيم الأسرة، الوصول للقابلات الماهرات والرعاية الصحية عند الولادة

”وتشمل أسباب  المرض أيضًا الولادة في سن مبكرة، وسوء التغذية لدى الأمهات

والفقر والأمية، حسب المصدر نفسه

“سامية اليمني” في الثلاثين من عمرها، (اسم مستعار) من محافظة حجة، من النساء اللاتي يعانينّ من الناسور الولادي

بدأت مأساتها -كما تصف- بعد ولادة متعسرة لطفلها الثاني في إحدى قرى محافظة حجة، انتهت بوفاته، وبدأت معها رحلة طويلة من المعاناة النفسية والصحية

وفي هذا السياق، يقول صندق الأمم المتحدة للسكان، إن البحوث تشير إلى أن 90% من النساء اللاتي يصبنّ بالناسور الولادي قد يلدنً أجنةً ميتة

في اليمن سجّل صندوق الأمم المتحدة للسكان في منتصف 2021 زيادةً في عدد حالات الناسور الولادي؛ نتيجة انهيار النظام الصحي، انتشار سوء التغذية، قلة القابلات الماهرات، وانتشار زواج الصغيرات نتيجة الصراع

وفي 2025 يقول الصندوق إن هناك خمسة ملايين امرأة باليمن في سن الإنجاب قد يواجهنّ خطر الإصابة بالناسور الولادي

وقد أنشأ الصندوق مركزين للرعاية وعلاج الناسور الولادي، أحدهما في مستشفى الصداقة بمدينة عدن، والآخر في مستشفى الثورة بمدينة صنعاء

 المركزان يقدمان الرعاية والمعالجة الخاصة بناسور الولادة مجانًا، ولأكثر من 100 مصابة بالناسور سنويًا

لكن شحّ التمويل لأنشطة الأمم المتحدة في اليمن بما ذلك صندوق الأمم المتحدة للسكان؛ يهدد بتوقف هذه الخدمات في عدن وصنعاء، حسب تقرير نشر في مايو الجاري على موقع الصندوق

لم تتلقَ سامية الرعاية الصحية اللازمة، بل عانت من عزلة قاسية في بيت زوجها الذي حمّلها مسؤولية وفاة الطفل، واعتبر مرضها وصمة عار

عاشت خمس سنوات في عزلة اجتماعية تتألم بصمت -كما تقول- وسط نفور العائلة من رائحتها الناجمة عن معاناتها من الناسور الولادي

لم يكن أحد من أسرتها في صنعاء يعرف عن معاناتها لكن بعد سنوات من نفور زوجها منها قرر الزوج نقلها إلى منزل والدها

وتطورت معاناة سامية من الناسور الولادي، حيث لم تكن تعرف شئ عن هذا المرض، أو أنه يمكن علاجه، وحاولت البقاء في منزلها وعدم مخالطة الجيران؛ لتعاني بصمت

تغيّر وضع سامية بعد عدة أشهر في منزل أسرتها بصنعاء، حيث قام والدها فور وصولها إلى منزله بنقلها إلى مستشفى السبعين بصنعاء، وهناك تم معرفة السبب المرضي الذي تعاني منه سامية، وهو أنها تعاني من ناسور ولادي متقدم

وتضيف سامية أنها خضعت للعملية الأولى على نفقة والدها، قبل أن تحصل على دعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان أتاح لها إجراء عمليتين إضافيتين في مستشفى السبعين، بدأت بعدها بالتعافي جسديًا ونفسيًا

تعافت سامية بفضل وعي والدها الذي بادر بعلاجها وفهم حقيقة مرضها ودعم أسرتها نفسيًا

لكن لا تزال مئات النساء في اليمن يعانين بصمت تحت وطأة مرض يمكن علاجه والوقاية منه

 قصة سامية ليست سوى واحدة من قصص كثيرة تنتظر أن تُروى، والأمل معقود على رفع الوعي، وتوسيع نطاق الرعاية، والتخلص من الوصمة الاجتماعية المرتبطة بهذا المرض الصامت

نقص الوعي وضعف الخدمات الصحية في المجتمع الريفي يجعل من الناسور الولادي خطر يقضى على “الحياة الاجتماعية” لبعض النساء، حين تنتهي حياتهنّ إما بالطلاق أو يتحولنّ إلى مرضى نفسيين نتيجة حالة العزلة التي يعانينّ منها بسبب الناسور الولادي

فالناسور الولادي، بحسب الدكتورة لمياء القباطي، استشارية أمراض النساء والولادة -تعمل بصنعاء- هو ثقب غير طبيعي بين المهبل والمثانة أو المستقيم

ينشأ عادةً عن الولادة المتعسرة دون تدخل طبي مناسب

وتوضح أن السبب يعود إلى الضغط الطويل لرأس الجنين على الحوض، ما يمنع تدفق الدم للأنسجة ويؤدي إلى تآكلها

وتضيف القباطي أن المرض يؤدي إلى تسرب مستمر للبول أو البراز ويجعل رائحتها سيئة، وهذا يجعل الجميع ينفر منها، ونتيجة قلة الوعي يعتبر البعض الحديث عن هذه المشكلة المرضية وصم اجتماعي

لا تزال كثير من النساء في الريف اليمني يواجهنّ المرض دون وعي أو تشخيص؛ بسبب انعدام الخدمات الطبية أو الجهل بطبيعة المرض

تقول فطوم السندي، قابلة مشرفة في مستشفى السبعين بصنعاء، إن حالات عديدة تصل في مراحل متأخرة بعد إهمال الزوج أو الأسرة

وتصبح بحاجة إلى تدخل جراحي وعلاج نفسي في نفس الوقت؛  لأن الكثير يصلنّ إلى المستشفيات بعد سنوات من المعاناة والعزلة الاجتماعية القاسية، التي تخلق آثارًا نفسية مدمرة، حد قول السندي

فطوم السندي، قابلة: حالات عديدة تصل في مراحل متأخرة بعد إهمال الزوج أو الأسرة

وتصبح بحاجة إلى تدخل جراحي وعلاج نفسي في نفس الوقت؛  لأن الكثير يصلنّ إلى المستشفيات بعد سنوات من المعاناة والعزلة الاجتماعية القاسية

”يمكن إنقاذ المريضة المصابة بالناسور الولادي من خلال إجراء عملية جراحية تحت التخدير

تستهدف قناة الولادة والمثانة؛ بهدف إزالة الأنسجة التالفة، وإصلاح الأنسجة السليمة، بحسب الدكتورة لمياء القباطي

 تكلفة العلاج ربما قد تكون عائقًا كبيرًا أمام البعض إذ تتراوح أسعار العمليات ما بين 200 إلى 400 ألف ريال يمني، بالطبعة القديمة، (376-754 دولارًا)

وتقول الدكتورة إيمان الزبلي، رئيسة قسم الطوارئ في مستشفى السبعين، إن المستشفى أجرى سبع عمليات خلال عام كامل، لنساء يعانينّ من الناسور الولادي، وهناك بعض الحالات رفضنا إجراء العملية؛ بسبب عدم تقبل أهل المريضة إجراء العملية لاعتبارات تتعلق بالخوف غير المبرر، كما تصف

وهناك فرص طبية مجانية للعلاج من الناسور الولادي، من خلال تقديم الأدوية وإجراء العملية الجراحية مجانًة في إحدى وحدات ناسور الولادة التي يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان في مستشفى الثورة في صنعاء، أو في مستشفى الصداقة في عدن، التي مازالت موجودة رغم خفض الدعم من المنظمات المانحة

وفي ذات السياق، تشير  صفاء السداوي الاخصائية الاجتماعية إلى إمكانية الوقاية من الناسور الولادي من خلال توعية الزوجين والعائلات بأهمية تأخير سن الحمل

وبالذات للنساء اللواتي تزوجنّ في سنٍ مبكرة، إضافةً إلى وقف العنف الممارس ضد الزوجات من قبل أزواجهن

وتوصي السداوي في حديثها لـ”المشاهد” بضرورة الإسراع في وقت مبكر حينما يتطلب الأمر تقديم الرعاية الصحية العاجلة للمرأة الحامل

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير