انعكاسات العقوبات الأمريكية ضد الحوثيين على المحادثات السياسية في اليمن

منذ 6 ساعات

أحمد ناجيتُوصف الحرب في اليمن عادةً بأنها صراع متعدد المستويات؛ يبدأ من المحلي، مرورًا بالوطني، وصولًا إلى الإقليمي

غير أن التطورات الأخيرة دفعت إلى بروز المستوى الدولي للصراع، خاصةً بعد أن تصاعدت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وتوسعت العمليات إلى هجماتٍ مباشرةً بين الحوثيين وإسرائيل

هذا التحوّل رفع كلفة الصراع في اليمن، وزاد من تعقيد إمكانية الوصول إلى تسوية سياسية شاملة

إدخال البُعد الدولي على الحرب اليمنية كان نتيجةً مباشرةً لما قام به الحوثيون في البحر الأحمر ضد الملاحة الدولية، إلى جانب ضرباتهم التي استهدفت إسرائيل

والتي تقول الجماعة إنها كانت من أجل اسناد غزة

إدخال البُعد الدولي على الحرب اليمنية كان نتيجةً مباشرةً لما قام به الحوثيون في البحر الأحمر ضد الملاحة الدولية، إلى جانب ضرباتهم التي استهدفت إسرائيل

والتي تقول الجماعة إنها كانت من أجل اسناد غزةهذه العمليات دفعت الولايات المتحدة وحلفائها إلى إعادة النظر في أدوات الضغط على الجماعة، بما في ذلك إعادة فرض عقوبات اقتصادية

لم يعد الهدف من هذه العقوبات مقتصرًا على دفع الحوثيين لوقف هجماتهم أو خفض تصعيدهم، بل بات يركّز على إضعاف القدرات الحوثية على المدى الطويل؛ نظرًا لاعتبارها تهديدًا للأمن الإقليمي والدولي

ولم تقتصر انعكاسات العقوبات الأمريكية على الحوثيين على الجوانب الاقتصادية والإنسانية، بل ألقت بثقلها الأكبر على المسار السياسي

فقبل السابع من أكتوبر، كان هناك زخم كبير نحو إقرار تفاهمات سياسية بين الحوثيين والتحالف العربى بقيادة السعودية، فيما يعرف بخارطة الطريق

غير أنّ تصاعد الهجمات في البحر الأحمر وتعاظم المخاوف الدولية من الهجمات الحوثية ضد الملاحة العالمية جعلا قوى دولية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أوروبية ترى أنّ أي اتفاقٍ سياسي لا يتضمن ضمانات للأمن البحري يظل بلا معنى

إعادة تصنيف الولايات المتحدة الأمريكية لجماعة الحوثيين كمنظمةٍ إرهابيةٍ عقّدت مهمة الوسطاء الإقليميين، إذ أصبح من الصعب الانخراط الدبلوماسي مع جماعةٍ محظورة

إعادة تصنيف الولايات المتحدة الأمريكية لجماعة الحوثيين كمنظمةٍ إرهابيةٍ عقّدت مهمة الوسطاء الإقليميين، إذ أصبح من الصعب الانخراط الدبلوماسي مع جماعةٍ محظورةهذا لا يعني عدم قدرة هؤلاء الوسطاء على استمرار التواصل مع الجماعة، ولكن إمكانية التوصل لاتفاق سياسي معها بات محفوفًا بقدر كبير من الصعوبات

باتت العودة إلى تفاهمات خارطة الطريق التي تم التوصل إليها في منتصف العام 2023 صعبًا أيضًا

وإن كانت هناك محاولات لإحياء هذا المسار؛ فإنها محكومة بتقديم حلولٍ للبعدين الإقليمي والدولي للصراع

وهذا تعقيد كبير لا يمكن إحراز تقدمٍ كبير فيه في ظل استمرار التصعيد بين إسرائيل وإيران، وتبادل التهديدات بين إسرائيل وجماعة الحوثيين، والتي برزت حتى بعد اتفاق وقف اطلاق النار في غزة

كما أن هذا التصنيف يقيّد عمل بعثة الأمم المتحدة وجهود الوساطة التي تقودها، ويصعّب أي جهود تسوية

ولو افترضنا أنه تم التوصل إلى تفاهماتٍ سياسية مع الحوثيين فإن التنفيذ سيتطلب الحصول على استثناءات ورُخصٍ من الجانب الامريكي كي لا تقف مفاعيل العقوبات حجرة عثرة

هذا الأمر لن يكون سهلاً، بل يتطلب مسارًا طويلًا من التنازلات والإصلاحات من جانب الحوثيين، وهو ما لا يبدو أنهم مستعدون له في الوقت الراهن

المفاوضات السابقة بين الحوثيين والتحالف العربي بقيادة السعودية تضمنت قضايا حيوية مثل دفع رواتب الموظفين وتقاسم العائدات النفطية، بالإضافة الى ترتيبات عسكرية لاحقة

هذه الملفات معقّدة بطبيعتها، ولا يمكن المضي فيها دون غطاء سياسي واسع يضمن التنفيذ والمتابعة

التصعيد الحوثي في البحر الأحمر وما تبعه من عقوباتٍ اقتصاديةً أمريكية جعلا من الصعب استئناف أي مسارٍ دبلوماسي حقيقي خلال هذه الفترةواليوم، هذه الاستحقاقات مجمّدة بفعل تعقيدات إضافية؛ فالتصعيد الحوثي في البحر الأحمر وما تبعه من عقوباتٍ اقتصاديةً أمريكية جعلا من الصعب استئناف أي مسارٍ دبلوماسي حقيقي خلال هذه الفترة

في ظل عدم القدرة على التوصل إلى تفاهمات سياسية لإنهاء الحرب، تبقى الهدنة القائمة في الداخل اليمني مجرد هدنة هشة، مهددة بالانهيار في أي وقت

فهي ليست اتفاقًا رسميًا، وإنما حالة مؤقتة فرضتها موازين القوى على الأرض والمحادثات السياسية بين الحوثيين والسعودية خلال الفترة الماضية

وبالتزامن مع هذا الجمود، بدأنا نشهد على الأرض تعزيزات عسكرية ملحوظة في مختلف الجبهات مثل مأرب، الضالع، لحج، والساحل الغربي

كل الأطراف، سواء الحوثيون أو الحكومة اليمنية بتشكيلاتها المختلفة، دفعت بمزيد من القوات إلى خطوط التماس

بالتزامن مع الجمود السياسي، بدأنا نشهد على الأرض تعزيزات عسكرية ملحوظة في مختلف الجبهات، فكل الأطراف، سواء الحوثيون أو الحكومة اليمنية بتشكيلاتها المختلفة، دفعت بمزيد من القوات إلى خطوط التماسهذا المشهد يعيد للأذهان ديناميات ما قبل هدنة 2022، لكنه هذه المرة يحمل زخمًا تصعيديًا قد يفتح الباب لمرحلة جديدة من المواجهات المسلحة، إذا ما انهارت الهدنة الراهنة بشكل كامل

توقف المسار السياسي لم يؤدِ فقط إلى جمود في العملية التفاوضية، بل خلق ضغوطًا إضافيةً على الاقتصاد والمجتمع اليمني

فالعقوبات الأمريكية المفروضة على الحوثيين لا تقتصر آثارها على الجماعة وحدها؛ إذ إن الحوثيين، بحكم سيطرتهم على السلطة ومقاليد الحكم في مناطقهم، يعتمدون على سياسات وإجراءات تمكّنهم من التخفيف من وطأة العقوبات عليهم بشكل نسبي

لكن الأثر المباشر يقع على المدنيين، ولا سيما الفئات الأكثر هشاشة التي لا تمتلك خيارات للتكيف مع هذا الوضع

من أبرز مظاهر هذه الضغوط: الارتفاع الكبير في الأسعار، صعوبة الوصول إلى السلع الأساسية، ونقص المعروض من المواد الغذائية بسبب مشكلات النقل والإنتاج

كما أن عمل المنظمات الإنسانية، الذي كان يخفف من حدّة الأزمة، أصبح مقيدًا بفعل العقوبات وخفض التمويل، إضافةً إلى السياسات القمعية الحوثية التي شملت اعتقال عشرات العاملين في المجال الإنساني

والنتيجة تفاقم المعاناة الإنسانية إلى حد قد يفضي إلى مجاعة في بعض المناطق

عمل المنظمات الإنسانية، الذي كان يخفف من حدّة الأزمة المعيشية والاقتصادية أصبح مقيدًا بفعل العقوبات وخفض التمويل، إضافةً إلى السياسات القمعية الحوثية التي شملت اعتقال عشرات العاملين في المجال الإنساني؛ ما نتج عنه تفاقم المعاناة الإنسانيةبطبيعة الحال لا تقتصر التأثيرات على مناطق الحوثيين فقط؛ فالمناطق الخاضعة للحكومة اليمنية تعاني أيضًا، فغياب التسوية السياسية يعني استمرار توقف تصدير النفط؛ وهو ما أدى ليس فقط إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية، بل عمّق مستوى الانقسام في أوساط الكيانات المنضوية ضمن المجلس الرئاسي والتي بدأت تتصارع حول ما تبقى من المؤسسات الإيرادية

يأتي هذا في وقتٍ يتراجع فيه الدعم الاقتصادي المقدم لمجلس القيادة الرئاسي من قبل داعميه الاقليميين

وبذلك، تصبح الأزمة شاملة، تتجاوز الخطوط الأمامية للنزاع لتعمّ مختلف مناطق اليمن

ما رأيك بهذا الخبر؟سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع

يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة

بريدنا الإلكتروني: almushahideditor@gmail

com احصل على آخر أخبار المشاهد نت مباشرة إلى بريدك الإلكتروني

الإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقاريرمن نحن