برلمان اليمن.. عشرون عامًا بدون انتخابات
منذ 2 سنوات
كان حسام محمود يبلغ من العمر 17 عامًا، عام 2003، ولم يستطع المشاركة في الانتخابات البرلمانية آنذاك، بسبب العمر
وبحسب القانون اليمني، الأشخاص الذين يبلغون من العمر 18 عامًا فأكثر، يحق لهم المشاركة
كان محمود متحمسًا للمشاركة، لكنه لم يستطع، وظل متفائلًا بأنه سيشارك في الانتخابات التي كان مقررًا أن تقام بعد ست سنوات، ولكن حتى اليوم لم تعقد أي انتخابات برلمانية
يقول محمود لـ”المشاهد”: “اليوم، أبلغ من العمر 37 عامًا، ومازلت أحلم أن أشارك في انتخاب ممثلي بالبرلمان
للأسف لم تعقد انتخابات برلمانية بعد انتخابات أبريل 2003، وصارت الانتخابات حلمًا بالنسبة لنا كيمنيين”
يُعد البرلمان اليمني صاحب أطول فترة برلمانية في العالم، وتمتد فترته حتى الآن عشرين سنة، نتيجة الأحداث السياسية المتتالية التي تسببت بالتمديد للبرلمان أكثر من مرة
عندما سيطرت جماعة أنصار الله (الحوثيين) على صنعاء عام 2014، تراجع وجود الدولة، وأصبح الحديث عن الانتخابات البرلمانية أمرا بعيد المنال
كان من المفترض أن تنعقد الانتخابات البرلمانية في أبريل 2009
في 2008 بدأت جولات حوارية متقطعة بين تكتل المعارضة المنضوية تحت أحزاب اللقاء المشترك والحزب الحاكم حينها المؤتمر الشعبي العام
توصل خلالها الفريقان إلى الاتفاق في فبراير 2009 على تمديد فترة البرلمان لعامين إضافيين وإجراء إصلاحات دستورية وتعديل قانون الإنتخابات
عرف الإتفاق حينها باتفاق فبراير 2009
لكن هذا الإتفاق أطاح به البرلمان الذي يملك فيه المؤتمر الشعبي العام الأغلبية حين أقر في ديسمبر 2010 على قانون الانتخابات وسط مقاطعة المعارضة
وفي 2011، العام الذي كان مقررا فيه إجراءات انتخابات برلمانية، انطلقت شرارة الربيع العربي في عدة بلدان عربية، من بينها اليمن، الأمر الذي تسبب بتعطيل قيام الانتخابات البرلمانية، التي تأجلت إلى العام 2014، بحسب ما تضمنته المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية
استمرت الاضطرابات السياسية في اليمن دون توقف، وانزلقت البلاد نحو المجهول بعد الإعلان الدستوري لجماعة الحوثي في فبراير 2015، ثم الحرب الأهلية في مارس من نفس العام
عبدالرشيد عبدالحافظ، الأستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء، يقول في حديثه لـ”المشاهد”: “بالنسبة لمجلس النواب المنتخب عام 2003، فإن شرعيته تظل قائمة وفقًا للمادة 65 من الدستور،، التي تنص على أنه إذا تعذر انتخاب مجلس جديد لظروف قاهرة ظل المجلس قائمًا، ويباشر سلطاته الدستورية حتى تزول هذه الظروف، ويتم انتخاب المجلس الجديد، واستمرار شرعيته اليوم مصدره نص المادة 5 من الإعلان الرئاسي بنقل السلطة وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي الصادر في السابع من أبريل 2022، وبغض النظر عن أن المجلس يمارس مهامه الدستورية حاليًا أو لا يقوم بذلك، فإنه يظل مؤسسة دستورية قائمة”
منذ اندلاع الحرب عام 2015، انقسمت مؤسسات الدولة، وتشكلت حكومتان؛ حكومة في صنعاء، تتبع جماعة الحوثي، والثانية في عدن، وهي المعترف بها دوليًا
أدى ذلك الصراع إلى انقسام البرلمان، إذ ظل البرلمانيون المؤيدون لحكومة جماعة الحوثي في صنعاء، ويعقدون جلساتهم تحت قبة المجلس بصنعاء برئاسة يحيى علي الراعي، وبنصاب لم يكتمل، بينما هناك البرلمان التابع للشرعية في عدن
يقول النائب البرلماني شوقي القاضي لـ”المشاهد” إن البرلمان الشرعي هو برلمان الشرعية، أولًا لأنه يمتلك النصاب، موضحًا أن برلمان الحكومة اليمنية عقد جلسة سيئون في أبريل 2019، وتم انتخاب هيئة رئاسة المجلس بنصاب مكتمل
”ويشير القاضي إلى أن برلمان الحكومة هو المعترف به دوليًا، وإقليميًا، وفي الهيئات الدولية المماثلة مثل البرلمان العالمي، والبرلمان الإسلامي
وعن شرعية البرلمان، يقول القاضي: “إن البرلمان يستمد شرعيته من شرعية المواطن اليمني الذي هو الناخب، وبالتالي هو أعلى مؤسسة شرعية وتشريعية ورسمية في هيكلية الدولة، ولا يستطيع أحد أن يتجاوزها أو يتعداها، ويستمد شرعيته أيضًا من الدستور اليمني”
ويضيف ي أن هناك تغييبًا لدور البرلمان، وأسباب ذلك عائدة إلى رئاسة المجلس ورؤساء الكتل البرلمانية، لأنهم مستسلمون خانعين خاضعين لسياسة التغييب التي تمارس ضد البرلمان
والسبب الثاني -بحسب القاضي- هو “أن قيادات الشرعية لا تريد للبرلمان أن يمارس دوره الرقابي والتشريعي، لأنهم يريدون أن يعملوا بعيدًا عن الرقابة والمتابعة والمأسسة والشفافية، وانعقاد المجلس معناه أن هناك لجانًا ستتابع الحكومة وهيئاتها، وتتابع الموازنة إلى غير ذلك”
وعن تواجد عدد من البرلمانيين في الخارج، يقول القاضي إن النائب لا يستطيع أن يعمل بدون انعقاد المجلس، ولا جدوى من عودة النواب إلى الداخل دون أن ينعقد المجلس وتنتظم جلساته ويستأنف عمله كبرلمان
الناشط السياسي راشد محمد يقول لـ”المشاهد” إن أعضاء البرلمان اليمني في عدن يتحملون المسؤولية التاريخية في عدم قيامهم بمهامهم ومسؤولياتهم، وفي افتقارهم إلى المبادرة في عقد الاجتماعات، على الأقل اجتماعات افتراضية، عن طريق “الزووم” مثلًا، لمناقشة قضايا الوطن والمواطنين
ويضيف محمد: “البعض يتحجج بعدم وجود البيئة الآمنة لعقد جلسات البرلمان في الداخل، بينما يستطيع البرلمان الاستفادة من الوسائل الإلكترونية لعقد جلساته، على أن تبث هذه الجلسات في التلفزيون الرسمي، بحيث يتابع الناس ما يدور في اجتماعات البرلمان، وإلى أي مدى يتصل ذلك بهمومهم وتطلعاتهم”
عشرون عامًا مضت منذ أن انتخب اليمنيون أعضاء مجلس النواب، ولا يبدو أن تلك التجربة الديمقراطية سوف تتكرر قريبًا في اليمن
لم يعد محمود مهتمًا بالانتخابات البرلمانية في بيئة ديمقراطية، لأنه يدرك أن هذا الأمر يبدو مستحيلًا في ظل استمرار الصراع في اليمن
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير