بني سعد في المحويت: الاحتطاب الجائر في مواجهة “الجوع الكافر”

منذ 5 أشهر

المحويت- عبده بليشةيذهب علي يحي، 68 عامًا، إلى مناطق جبلية في مديرية بني سعد بمحافظة المحويت، ويجمع الحطب طوال اليوم، ثم يعود لعرضه بجانب الخط الأسفلتي الذي يربط صنعاء والحديدة

يتوقف بعض الأشخاص المسافرين لشراء الحطب، لكي يستخدمونه للطبخ في منازلهم أو في المخابز المنتشرة في المدن

العمل في جمع الحطب طوال السنة مهنة شاقة، وفقًا ليحي، لكنه يعتبرها الحل الوحيد الذي يعتمد عليه والكثير من أمثاله لمواجهة الفقر والبطالة في ظل الظروف الاقتصادية البائسة التي تعيشها البلاد منذ نشوب الحرب في العام 2015

يقول يحي لـ “المشاهد”: “أسرتي تتكون من ستة أفراد، وأجد صعوبة كبيرة في توفير متطلبات المعيشة لهم

منذ سنوات، أعمل في جمع الحطب وبيعه، وأعاني كثيرًا بسبب بعد المسافة وحرارة الشمس، بخاصة مع تقدمي في العمر

”في الساعات الأخيرة من النهار، يعود يحي من الجبال، حاملًا حزمة من الحطب على ظهره، فيسلمها إلى شخص آخر يتولى بيعها

قد يبيعها بعد ساعات وقد ينتظر عدة أيام

 يشير يحي إلى أن العديد من الأشخاص الذين يعملون في جمع الحطب يتعرضون للمخاطر؛ فالبعض يصابون في أرجلهم عندما يقطعون الأشجار بالفأس، وقد يسقطون على الأرض في الأماكن الوعرة أثناء نقل الحطب، لكنهم لم يستسلموا، فهم يعتمدون على هذا العمل لمواجهة “الجوع الكافر”

يحي سالم، مواطن من مديرية بني سعد في محافظة المحويت، يقول لـ “المشاهد” إنه يعمل في تجميع الحطب وبيعه منذ سنوات، وبهذه الطريقة يستطيع شراء المواد الغذائية الأساسية، كالدقيق والسكر وزيت الطبخ

 يضيف: “الظروف المعيشية القاسية وتفشي البطالة جعلتنا نلجأ إلى بيع الحطب على الرغم من المشقة التي تصاحب هذا العمل الذي يساعدنا على توفير رغيف الخبز والبقاء على قيد الحياة

الأسر التي لم تستطع مواصلة هذا العمل نزحت إلى مناطق بعيدة لتبحث عن أعمال أخرى

”تقدر أعداد الأشجار التي تُقطع خلال العام الواحد بأكثر من 6 ملايين و700 ألف شجرة، ويتم قطع متوسط 18,796 شجرة يومياً في اليمن، ويبلغ العدد الأسبوعي للأشجار المقطوعة 131,575 شجرة، والعدد الشهري يصل إلى 563,894 شجرة، وفقاً لتقرير صادر عن الإدارة العامة للغابات في صنعاء في العام 2022

تدمير الغطاء النباتيتتميز مديرية بني سعد في محافظة المحويت بمساحات خضراء واسعة وأشجار كثيفة، إلا أن الاحتطاب الجائر يستمر في تحويل تلك المساحات الخضراء إلى مناطق جرداء

ويشير ناشطون في مجال البيئة في اليمن  إن قطع الأشجار بشكل متواصل في مديرية بني سعد الذي إلى اتساع مساحات التصحر بشكل ملحوظ

ووفقًا لدراسة أعدها قطاع الدراسات في وزارة التخطيط والتعاون الدولي بدعم من الأمم المتحدة في ديسمبر 2022 حول تأثير التغيرات المناخية على البلاد خلال العقود القليلة المقبلة، فإن زيادة نسبة التصحر في اليمن بلغت نحو 86%‎ من إجمالي مساحة البلاد

يركز العاملون في جمع الحطب وبيعه على الأشجار الحراجية والمعمرة وأشجار الظل ومنها أشجار السدر، ما يؤدي إلى انقراض الغطاء النباتي والمظهر الجمالي للغابات الطبيعية

 علي عراقي، مواطن من مديرية بني سعد، يقول لـ “المشاهد” إن أعداد الأشجار يتراجع والمساحات الخضراء تقل باستمرار، لأن هناك تزايد في الباحثين عن عمل من خلال بيع الحطب

يوضح: “الكثير من أهالي القرى في مديرية بني سعد يتخذون من الاحتطاب مهنة دائمة، ولهذا السبب انقرضت العديد من الأشجار، وأصبحت الكثير من المناطق قاحلة

”   يضيف: ” بسبب الاحتطاب الجائر، يتلاشى الأمن الغذائي للثروة الحيوانية والنحل، ويقل الأكسجين، وتتعرض المناطق المرتفعة إلى الانهيار الصخري وانجراف التربة

”إجراءات ضروريةإسماعيل مرشد، قيادي مجتمعي في مديرية بني سعد، يؤكد ضرورة إتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة والحدَّ من الاحتطاب الجائر ومنع قطع الأشجار بمساعدة الجهات الأمنية في المديرية

يشير مرشد إلى أن هناك من يعمل في الاحتطاب بُحجة الفقر بالرغم أن لديهم مصادر أخرى للدخل، منوهًا إلى أن هذا الأمر يتطلب توعية المجتمع لغرس الأشجار والاهتمام، وتدشين مبادرات مجتمعية للاهتمام بغرس الأشجار

حسن البدر، مسؤول البيئة بمديرية بني سعد، يقول لـ “المشاهد”: “لا بد من نشر الوعي بأهمية الحفاظ على الأشجار، بخاصة الخضراء المثمرة والمفيدة للإنسان والحيوان، ويجب فرض قوانين وإجراءات صارمة تمنع مهنة الاحتطاب وتجرمها، وأن يكون الاحتطاب متاحًا عند الضرورة

” يؤكد البدر على ضرورة دعم وتمويل أهالي قرى مديرية بني سعد من خلال المشروعات الصغيرة  للأسر الفقيرة التي تعمل في جمع وبيع الحطب، وإسنادهم بمشاريع استثمارية وتنموية وقروض طويلة الأجل بهدف تحسين وضعهم الاقتصادي والإسهام في التخفيف من ظاهرة الاحتطاب الجائر

 ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير