تأهيل الأطفال المتضررين من الحرب

منذ 8 أيام

مأرب- ملاك الشرجبيلم تكن الحياة يسيرة أمام الطفل “محمد سعد”، طفل نازح من ريمة يعيش في مأرب

جعلت منه الحرب نازحًا يبحث عن الحياة في مخيمات النزوح، من مخيمٍ لآخر تنقّل محمد برفقة أسرته التي فقدت اثنين من أبنائها؛ ليبقى أخٌ واحدٌ لمحمد وأبويه، استقرّت الأسرة أخيرًا في مخيم النور بمأرب، ليبدأ محمد فصلًا جديدًا من المعاناة

محمد من أبناء ريمة، عاش سنوات طفولته بين الخِيام، وبات العائل لأسرته في ظروفٍ معيشيةٍ صعبة، ترك مقعده بالمدرسة ليعمل في “غسل للسيارات” وسط شوارع مأرب من أجل توفير متطلبات الحياة

مهمة شاقة تكبّدها محمد، ناهيك عن انخراطه لممارسة عاداتٍ سيئة كتناول القات وتعاطي التدخين وصولًا لإدمان مسحوق “الشمّة”

لم تتوقف قصة محمد عند هذا الحد، على العكس من ذلك، عاد لممارسة بعضٍ من حياته الطبيعية؛ وذلك بعد دخوله لمركز الملك سلمان المتخصص في إعادة دمج الأطفال المشاركين في النزاع أو النازحين، وتأهيلهم لحياةٍ أفضل، ودمجهم في مجتمعٍ كانوا فيه غرباء،  أقل ما يقال عنهم إنهم “نازحون”

انتشل المركز محمدًا من المعاناة التي تكبدها لسنوات، ليعود لحياةٍ مغايرة لما كان عليه من قبل

فقد تكفّل المركز بإعادة تأهيله

يقول محمد عن نفسه: “لم أستطع النوم بعيدًا عن المركز، أتمنى أن يدوم هذا المركز لمدة سنوات وليس سنةً واحدةً فقط؛ لأني تغيرتُ كثيرًا، فالوضع الذي كنتُ أعيش فيه قبل المركز، صرتُ أخشاه ولا أرغب بالعودة إليه”

يعمل مركز الملك سلمان في محافظة مأرب على تأهيل ودمج الأطفال المتأثرين بالنزاع المسلح في البلاد، أو الذين شاركوا في القتال

وأعاد المشروع للطفولة مجراها الطبيعي، بعد أن شوّهت الحرب براءتهم، وسلبت منهم أجمل سنوات العمر

يهدف المركز بصورةٍ رئيسيةٍ إلى تأهيل الأطفال المتضررين، إضافةً إلى دعمٍ مهني واقتصادي لأسرهم؛ في خطوةٍ لإعانتهم على تحمل الظروف المعيشية، وتوفير متطلبات الحياة، والحفاظ على الأطفال في صفوف المدارس وعدم إشراكهم في الحرب والبحث عن فرص عمل

يقول مدير مشروع إعادة تأهيل الأطفال المجندين، “عبدالباري الأهدل”: “إن المركز يعمل على تحقيق ثلاثة أهدافٍ رئيسية، تتمثل في التأهيل الاجتماعي والنفسي للأطفال؛ وذلك عن طريق الأنشطة وإعادة دمجهم في التعليم، بالإضافة إلى تقديم التدريب المنهي والاقتصادي لأسر الأطفال وتوفير مصدر دخلٍ لضمان بقاء الطفل في المدرسة

”مدير مشروع إعادة تأهيل الأطفال المجندين، “عبدالباري الأهدل: المركز يعمل على تحقيق ثلاثة أهدافٍ رئيسية، تتمثل في التأهيل الاجتماعي والنفسي للأطفال؛ وذلك عن طريق الأنشطة وإعادة دمجهم في التعليم، بالإضافة إلى تقديم التدريب المنهي والاقتصادي لأسر الأطفال وتوفير مصدر دخلٍ لضمان بقاء الطفل في المدرسة

”يضيف “الأهدل” في تصريحه لـ”المشاهد”: يسهم المشروع في إعادة تأهيل الطفل ليعود لبنةً صالحةً في المجتمع، يعيش طفولته بعيدًا عن مسرح الحرب والدمار، ويعود إلى مدرسته مع أقرانه، وقد تخلص من الاضطرابات النفسية والاجتماعية التي أصيب بها بسبب آثار الحرب ليندمج في المجتمع من حوله

في مارس 2022، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف“ إنها تحققت من مقتل وإصابة عشرة آلاف ومائتي طفل منذ بدء الصراع عام 2015  وحتى بداية عام 2022

وتشير “الأمم المتحدة” إلى أن 80 % من إجمالي 4

8 ملايين نازحٍ في اليمن هم من النساء والأطفال

بحسب برنامج إعادة دمج الأطفال المرتبطين سابقًا بالنزاع المسلح، في مأرب، فإن قرابة 955 طفلًا تم تسجيلهم في المركز وتلقوا الخدمات التي يقدمها لإعادة إدماجهم في المجتمع منذ بدء المركز عام 2017

ورغم تلك الأعداد الكبيرة إلا أن هناك صعوبات كثيرة يواجهها القائمون على المركز

تتمثل واحدة من هذه الصعوبات في درجة وعي الآباء بمخاطر الحرب على الأطفال، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى المتضررين والبحث عنهم

الدكتور “مهيوب المخلافي”، أحد الكوادر العاملة بالمركز، يقول: “إن هناك صعوبات كبيرة يواجهها العاملون في المركز، كالبحث عن الأطفال المتأثرين، وصعوبة التعامل معهم داخل المركز في إعادة تأهيل سلوكياتهم، إضافةً إلى أن الأطفال المتأثرين بالصدمات النفسية يبحثون عن شيءٍ آخر يُشبع لذّاتهم كالتدخين وتناول القات، ولا يبحثون عن التأهيل

”مهيوب المخلافي”، عامل في برنامج إعادة دمج الأطفال المرتبطين سابقا بالنزاع المسلح: هناك صعوبات كبيرة يواجهها العاملون في المركز، كالبحث عن الأطفال المتأثرين، وصعوبة التعامل معهم داخل المركز في إعادة تأهيل سلوكياتهم، إضافةً إلى أن الأطفال المتأثرين بالصدمات النفسية يبحثون عن شيءٍ آخر يُشبع لذّاتهم كالتدخين وتناول القات، ولا يبحثون عن التأهيل

”يضيف “المخلافي” في تصريحه لـ”المشاهد”: “من الصعوبات أيضًا، الضغط النفسي على العاملين؛ كون العاملين يعملون على تعديل السلوك، فما الذي تتوقعه من طفلٍ مجندٍ أو طفل متأثرٍ مصابٍ بكرب ما بعد الصدمة، واضطراب القلق والاكتئاب؛ ثم تعيده خلال ثلاثة أشهرٍ إلى شخصيةٍ سوية، هنا يجد العاملين صعوباتٍ في هذا المجال”

يشير “المخلافي” إلى أن برنامج تأهيل الأطفال مدروسٌ بعناية مركزة وقائمٌ على المجالات المعرفية والسلوكية والمهارية، بالإضافة إلى تركيزه على مجموعةٍ من المقاييس النفسية في قياس نتائج تعديل السلوك، منوهًا إلى أن المشروع ناجح منذ الوهلة الأولى، حيث جعل الأطفال يعودون إلى حالتهم النفسية المستقرة بعيدًا عن العدوانية والتوتر والسلاح

واختتم المخلافي حديثه، بالقول: “مشروع مركز الملك سلمان لإعادة إدماج الأطفال المرتبطين سابقًا بالنزاع المسلح ليس الوحيد في مأرب، فهناك منظمات أخرى مثل منظمة رعاية الأطفال التي تمتلك برامج مشابهة

تقول “منظمة رعاية الأطفال“ إنها تقدم برامج شاملة لدعم الأطفال في اليمن، تشمل الصحة والتعليم والحماية وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي مع جهودٍ واسعة للوصول إلى ملايين الأطفال المتضررين من النزاع، وذلك من خلال عياداتٍ صحيةٍ متنقلة، ودعم المدارس والمساعدات للأسر

لكن هذه الجهود تبقى مهددة في ظل الاستقرار الهشّ، واستمرار التدهور الاقتصادي

وهذا يقود إلى حتمية إنهاء الصراع والعودة للسلام من أجل إعادة الأطفال إلى مكانهم الطبيعي في المدرسة بدلًا من تحمل مخاطر العمل لإعالة أسرهم

ما رأيك بهذا الخبر؟سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع

يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة

بريدنا الإلكتروني: almushahideditor@gmail

com احصل على آخر أخبار المشاهد نت مباشرة إلى بريدك الإلكتروني

الإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقاريرمن نحن