تبعات “معركة صالح الأخيرة” على السلام
منذ 13 ساعات
عدن – بديع سلطان شكلت أحداث ديسمبر عام 2017 في العاصمة اليمنية صنعاء، منعطفًا مهمًا في مسار الحرب الدائرة باليمن
كما أثّرت بشكل واضحٍ على سير عملية السلام في البلاد؛ عطفًا على دمويتها وطابع العنف الذي طغى عليها
الأحداث، رسمت نهايةً للتحالف السياسي والعسكري الذي جمع بين جماعة الحوثي، والقوات الموالية للرئيس اليمني الأسبق علي عبدالله صالح
واعتقد كثيرون أنها ستعمل على وضع حدٍ للحرب، وإجبار الحوثيين على الجنوح للسلام بعد فقدان حليفهم السياسي، عقب مقتل صالح
ما يعيد تلك الأحداث إلى الواجهة، التفاصيل الجديدة التي كشفها فيلم وثائقي بثته قناة “العربية” التابعة للمملكة العربية السعودية مؤخرًا
وتضمن الوثائقي المعنون بـ”علي عبدالله صالح
المعركة الأخيرة” شهادةً لنجل الرئيس اليمني السابق، مدين علي عبدالله صالح
وكشف مدين تفاصيل جديدة بشأن اللحظات الأخيرة في حياة والده، ومقتله على أعتاب قرية “حصن عفاش” بمنطقة سنحان جنوبي صنعاء
نافيًا الرواية المتداولة منذ ثماني سنوات بشأن مقتل والده داخل منزله في صنعاء
شكلت أحداث ديسمبر عام 2017 في العاصمة اليمنية صنعاء، منعطفًا مهمًا في مسار الحرب الدائرة باليمن، كما أثّرت بشكل واضحٍ على سير عملية السلام في البلاد؛ عطفًا على دمويتها وطابع العنف الذي طغى عليهاوبعيدًا عن حقيقة ما جرى، فقد أعاد الوثائقي التذكير بدور الرئيس الأسبق في الحرب التي ما زالت جارية
وتركز الجدل حول تحالفات صالح مع الحوثيين، وما إذا كانت أحداث ديسمبر 2017، محاولة للتكفير عن خطيئة هذا التحالف
واتهم مراقبون ومحللون وناشطون صالح بأنه سبب رئيسي فيما وصلت إليه اليمن من حالة الحرب ومنع السلام
وتسليم الحوثيين مؤسسات الدولة والتحالف معهم لاستعادة سلطته ونفوذه عقب احتجاجات فبراير 2011، وما عُرف بـ”الربيع العربي”
ويتصور أولئك، أنه كان بإمكان صالح تجنب التحالف مع الحوثيين، والحيلولة دون جرّ البلاد إلى أتون صراعٍ لم ينتهِ بعد
وتعليقًا على الوثائقي، قال رئيس مركز جهود للدراسات، الباحث اليمني عبدالستار الشميري: إن الذاكرة اليمنية تحتاج إلى وثائقيات موضوعية
معتبرًا أن السرديات السياسية التاريخية اليمنية تتم كتابتها من طرفين “مبغض ومحب”
وأضاف لـ”المشاهد”، أن شخصية علي عبدالله صالح “شخصيةٌ إشكالية” في التاريخ اليمني، ومثيرةٌ للجدل والنقاش، وعدد محبيه بعدد مبغضيه
وأوضح أن الذين يقرأون تاريخ صالح بموضوعيةٍ، قليلون، خاصةً فيما يتعلق بتحالفاته السياسية سواءً مع الحوثيين أو القوى السياسية الأخرى
وأشار الشميري إلى أن الحكم على تحالف صالح مع الحوثيين بأنه “كان خاطئًا” يحتاج إلى النظر إلى مسيرة صالح كحاكم
حيث أن مسيرته الطويلة في السلطة مليئة بالعثرات والأخطاء، كما أن فيها الكثير من المنجزات
مبينًا أنه لا يمكن أن نحكم عليه بوضعه في “خانة الشياطين”، ولا نستطيع القول إنه “ملاك مبرئ”
الشميري: تحالف صالح مع الحوثيين يمكن تصنيفه بأنه يأتي في خانة “الكبوات” خلال مسيرة حكم الرئيس الأسبق، المليئة بالعثرات والكبوات، وفي نفس الوقت فيها الكثير من المنجزات، لكن صالح كان يعتقد أنه يستطيع المكر بالحوثيين وهذا ما دفعه للتحالف معهم، ودفع ثمن هذا الخطأ بدمهوتابع: “تحالف صالح مع الحوثيين يندرج في “خانة الكبوات”، فهو بالفعل خطأ وكبوة كبيرة
وكان يرى أنه مهما بلغ حجم الحوثي إلا أنه يستطيع المكر بهم قبل أن يمكروا هم به”
ولفت الشميري إلى أن صالح أخطأ عندما لم ينحاز إلى الصف الجمهوري الذي كان سيرفده كثيرًا ويستفيد منه
لكنه أخطأ بالتحالف مع الحوثيين، ودفع ثمنه من دمه، لكن بعد فوات الأوان
وتطرق الباحث السياسي إلى أن مكمن المشكلة في الخطأ الذي اقترفه الرئيس الأسبق، أنه مدّ يده لـ”مليشياتٍ مسلحة”
وقام بـ”شرعنتها” رغم علمه أن الحوثيين لا يمكن أن يتحولوا إلى دولة، لكن الأمر كان نكايةً بالخصوم السياسيين
من جانبه، يرى وكيل وزارة الإعلام اليمنية، الدكتور نجيب غلاب، أن علي عبدالله صالح كان عدوًا فكريًا مطلقًا للإمامة
وتميز بـ”حرفيته السياسية” في إدارة الصراعات
لكنه لم يكن يذهب بالصراع إلى حدوده القصوى، وكان يحافظ على علاقته بكل الأطراف
ويعترف غلّاب بأن تحالف صالح مع الحوثيين كان خطأً
مستدركًا: “بعد ثورات الربيع العربي أصبح الحوثيون جزءًا من القوى التي أنتجتها الثورة على الساحة
وشكّلت الجماعة تحالفاتٍ مع كل القوى السياسية الموجودة في الميدان، وخلال هذه الفترة تمكّن الحوثيون من الانتشار في كل اليمن”
غلّاب: صالح تحالف مع الحوثيين بصفتهم إحدى القوى الثورية التي أسفرت عنها ثورات الربيع العربي في اليمن، وكان تحالفًا للضرورة اضطر إليه صالح لحماية ما تبقى من الدولة، باعتبار حزب صالح كان يمثل الدولة في مقابل المليشيات المسلحة التي كان يمثلها الحوثيونويستطرد: “صالح كان يرى الحوثيين قوةً واعدةً، وعندما قدِموا إلى صنعاء تغيرت التركيبة السياسية
واضطر للتعامل معهم كقوةٍ سيطرت على كل شيء، ولم يكن مقتنعًا بهكذا تحالف
لكنه “تحالف الضرورة” لحماية ما تبقى من الدولة ومؤسساتها”، بحسب تعبير غلّاب
ويواصل وكيل وزارة الإعلام اليمنية حديثه: “في الوقت الذي تحالف مع صالح، كان لدى الحوثي مخطط كبير للسيطرة الكاملة على الدولة
ويختتم: “في النهاية لم يكن أمام الحوثيين سوى التخلص من صالح، وَفقًا لنصيحة الإيرانيين، حتى يستأثروا بالدولة”
وطالما اتهم مراقبون ومحللون عسكرون الرئيس علي عبدالله صالح بتسليم المعسكرات التي كان يتمتع بنفوذ عليها لجماعة الحوثي
والتسبب باستمرار الحرب في اليمن، وسيطرة الحوثيين على صعدة وعمران ودخول العاصمة صنعاء
والتمدد إلى المحافظات الجنوبية وصولًا إلى عدن، خلال عامي 2014 و2015
كما شارك سياسيون ممثلون عن حزب صالح، جنبًا إلى جنب مع ممثلين لجماعة الحوثي في مفاوضات السلام التي رعتها الأمم المتحدة
وجرت تلك المفاوضات في جنيف والكويت خلال عام 2016، ولم تتوصل إلى أي حلول، بل شهدت تأجيلات متواصلة
ويعتقد مراقبون أن التحالف بين صالح وقواته وحزبه وبين الحوثيين؛ مهّد الطريق للجماعة حتى تسيطر على اليمن
كما أنه تحالفٌ أثّر على إحلال السلام بالبلاد؛ عبر تزايد قوة الحوثي، ونجاحهم بالتخلص من خصمٍ قوي كان يمثل الدولة
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير