تحديات الدراسة الجامعية أمام الفتيات

منذ سنة

صنعاء – وداد ناصر الكثير من الصعوبات تواجهها الفتيات باليمن، فمع التحاقهنّ بالدراسة الجامعية، تبرز ظروف عديدة تعيق الفتيات في مرحلة الجامعة، بعضها متعلق بالأوضاع الاقتصادية والأمنية التي أفرزتها الحرب، وأخرى بتقاليد وعاداتٍ قبلية

أمل الهفل (23 عامًا) فتاة من محافظة الجوف (شمالي اليمن)، اختارت دراسة مختبرات، ولعدم وجود هذا التخصص في محافظتها، اضطرت إلى أن تسجل في المعهد العالي للعلوم الصحية في مدينة صنعاء، وهذا الأمر -حسب أمل- كان تحديًا لها في تجاوز الصعوبات المتعلقة ببعد المسافة وصعوبة الطرق ومخاطرها، بخاصة في ظل الحرب للوصول إلى مدينة صنعاء

وتضيف في حديثها لـ”المشاهد” أن اختيارها للدراسة بعيدًا عن أسرتها وفي مدينة أخرى، هذا الأمر حسب نظرة الأعراف القبلية السائدة، غير مرحب به، ولهذا كان تجاوز هذا التحدي ليس بالسهل حسب تعبيرها

والمتعارف عليه -كما تقول أمل- أن الفتيات في هذه المناطق تتوقف دراستهن عند الصف السادس، إذ إن تعليم الفتيات ليس أولوية في بعض المناطق القبلية في الجوف، وهذا يعني أن مواصلة الفتيات للدراسة هناك أمر ليس بالسهل، ويحتاج إلى تجاوز هذه الصعوبات

وتعتبر أمل نفسها محظوظة كونها استطاعت بدعم أسرتها تجاوز كل التحديات لمواصلة دراستها ما بعد الثانوية؛ كون الكثير من الفتيات في مختلف مديريات محافظة الجوف انتهت دراستهن للثانوية، وبعضهن إلى المرحلة الأساسية

مخاوفراوية أحمد (24 عامًا) من مدينة تعز، توقفت عن الدراسة لمدة ثلاث سنوات، بعد تخرجها من الثانوية العامة، في عام 2015

تقول راوية  لـ”المشاهد”: “بعد أن اشتدت الحرب في مدينة تعز وتدهور الوضع الأمني، فقد والدي الذي يعمل في مدينة صنعاء راتبه، وتغيرت أوضاعنا كُليًا، اضطررت للجلوس في البيت حينها، وواجهت ظروفًا قاسية اجتماعيًا ونفسيًا وماديًا”

وتضيف: بعد ثلاث سنوات من إنهاء الثانوية العامة، قررت أن أبدأ في الدراسة الجامعية

لم يكن قرار راوية بالبدء في الدراسة الجامعية، سهلًا كما تقول، كونها اختارت الدراسة في قسم ليس موجودًا في الجامعات الحكومية، ويتطلب تكاليف مادية للدراسة في جامعة خاصة

استطاعت راوية أن توفر بعض المبالغ المالية بمساعدة أسرتها وإخوانها، للتسجيل في مجال هندسة الديكور

وتضيف أنه رغم توفير تكاليف التسجيل وشغفها الكبير للدراسة، وبخاصة في تخصص تحلم به، لكن لم يتم لها تحقيق حلمها، ما أثار لديها وأسرتها مخاوف من الأوضاع الأمنية من ناحية، وصعوبة المواصلات في بعض الأحيان، كونها في حي بعيد عن الجامعة التي سوف تدرس فيها

تتمني راوية أن تتجاوز هذه المخاوف، وتبدأ في الدراسة الجامعية، وتعويض السنوات التي أضاعتها

لم أكمل

لكني موهوبةشذى ماهر، 26 عامًا، من مدينة صنعاء، لم تكمل تعليمها الجامعي كما تقول، لأسباب عائلية، وأزمات تعرضت لها وكانت عائقًا كبيرًا في عدم استطاعتها مواصلة دراستها الجامعية

وكونها الأخت الكبيرة بين إخوانها، اضطرت للعمل لتوفير متطلبات أسرتها المعيشية

وتضيف لـ”المشاهد” بحسرة: “عدم مقدرتي على مواصلة دراستي الجامعية، يشعرني بالأسى، لأن شغفي كان الحصول على شهادة جامعية في تخصص يناسب ميولي الفنية كرسامة”

ظروف اقتصاديةوتعتبر الأكاديمية في أحد المعاهد التعليمية بتعز، الدكتورة العنود غانم، أن التحديات أمام الفتيات لمواصلة دراستهن الجامعية في اليمن، كبيرة، وأبرزها التحديات الاقتصادية التي أفرزتها الحرب، وانقطاع رواتب الموظفين، وارتفاع تكاليف متطلبات الدراسة الجامعية، ما جعل بعض الأسر غير قادرة على تدريس بناتهن في الجامعات

وتضيف غانم: “تدني مستوى التعليم في المدارس بسبب مغادرة الكوادر ذات الخبرات الجيدة، أدى لتدني معدلات الطلاب، وهذا بدوره شكل تحديًا لهم في مواصلة التعليم الجامعي”

وأصبحت رسوم الموازي في الجامعات الحكومية والخاصة عبئًا كبيرًا على الأهالي، وهذا يؤدي لعزوف الآباء عن استمرار تعليم أبنائهم، وبخاصة الفتيات، حسب تعبيرها

من جهتها، تقول أستاذ الإعلام المساعد بجامعة صنعاء، الدكتورة بلقيس محمد علوان، إن النزاع في اليمن شكل أبرز التحديات أمام النساء والفتيات، وانعكس سلبًا على فرصهم في الحصول على التعليم

وتضيف علوان، لـ”المشاهد”، أن بين هذه التحديات التدمير الكبير للبنية التحتية والمدارس والجامعات دون وجود صيانة أو بناء مرافق تعليمية مؤهلة، و “مع تزايد السكان وأعداد النازحين، وزيادة الاحتياج للمرافق التعليمية، وكذلك نقص الموارد التعليمية والمدرسين، وزيادة الفقر، لم يعد التعليم أولوية لدى الأسر، فالأولوية أصبحت للقمة العيش”

كما تعتبر أن تزايد مخاطر الأمان حسب وصفها  بالنسبة للفتيات في ظل الحرب، أدى إلى تراجع تعليم الفتيات، كما أن الطرق غير الآمنة، زادت من مخاوف الأهالي

توقف الحربوحول أهمية التحاق الفتيات بالجامعات، ترى غانم ضرورة تأهيل الفتيات وإكسابهن خبرات تعليمية بتخصصات متنوعة وشاملة، ليصبحن قادرات على العمل في تخصصات مهمة يقدمن خدمات للمجتمع، ويمكنهن من التمكين الاقتصادي لهن ولأسرهن

وترى الدكتورة بلقيس علوان أن توقف الحرب  وإحلال السلام الشامل في اليمن، وإعادة بناء ما دمرته الحرب، هو جزء من تجاوز مختلف الأسر الصعوبات الاقتصادية والتحديات الأخرى التي أفرزتها الحرب، من أجل تمكين الفتيات من مواصلة دراستهن الأكاديمية في مختلف التخصصات العلمية والطبية والإنسانية،  داعية إلى أن يكون هناك توعية وتشجيع وبرامج تساعد الفتيات على مواصلة دراستهن الجامعية

إحصائيةوبحسب اليونيسف، واجه الهيكل التعليمي مزيدًا من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين -ما يقرب من 172,000 معلم ومعلمة- على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو أنهم انقطعوا عن التدريس بحثًا عن أنشطة أخرى مدرة للدخل

وكان للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار، تأثير بالغ على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية لكافة الطلاب في سن الدراسة البالغ عددهم 10,6 مليون طالب وطالبة في اليمن

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير