تشوه بصري ومستباحة.. كاتب يمني يدعو إلى إنقاذ صنعاء القديمة

منذ سنة

دعا كاتب يمني إلى إنقاذ صنعاء القديمة، من ما أسماه العبث الظلامي والتخريب الممنهج الذي ينال منها في ظل ما تتعرض له من انتهاكات وتشوه بصري ينال من المدينة

 الكاتب وهو محمد عبد الوهاب الشيباني أكد في مقال له أخير بأن مدينة صنعاء القديمة، تعيش في بؤس ووحشة، مشيراً إلى التصدعات التي تغزو مساكنها، ومتوقعاً انهيار منازل بفعل ما أسماه المناخ المتطرف وغزارة الأمطار ونتيجة الإهمال والتعسفات التي تطالها

 وقال الشيباني في المقال الذي عنونه بـ صنعاء التي تتآكل ونشره على موقع بلقيس نت، وكأن مخططاً تخريبياً صار يمسك بمعاوله القاسية والعملاقة لهدم كل شيء جميل فيها، ابتداء من سورها الذي لم يُرمَّم منذ سنوات طويلة، وبدأت واجهاته الطينية بالتساقط، وسرَّع في ذلك ليس مواسم الأمطار المتعاقبة فقط، وإنما أيضاً الحفر في واجهاته لتثبيت صور الضحايا الذي سقطوا في حرب عبثية، وقودها أمثال هؤلاء

 وأشار إلى أن بعض مساكن المدينة وبيوتها القديمة، التي لم تصن بدأت بالتصدعات، ويتوقع كثيرون أن تنهار منازل أخرى، بفعل المناخ المتطرف وغزارة الأمطار -التي تتواصل في المدينة منذ أكثر من شهر

 كما كشف الكاتب الشيباني في مقاله بأن أسراً عديدة غادرت مساكنها منذ أشهر تحسباً لكوارث قد تحل بها جراء ذلك، وأن أصواتها لم تصل للجهات المعنية التي بدأت بترميم بعض المباني، على حساب جهات ومنظمات دولية، بشكل انتقائي ولمنازل وضعها ليس بخطورة المنازل ذاتها التي غادرها ملاكها أو مكتروها

 ولفت إلى أن أعمال الحفر العشوائي وخلع أحجار الرصف في المرات والشوارع دون إعادة تثبيتها مواضعها أوجد سلسلة لامتناهية من الحُفَر التي صارت مع الوقت مشبّعة بالمياه الآسنة والمخلفات التي تتصاعد منها روائح نتنة، تماما مثل أكوام القمامة المتراصفة في الحواري والأزقة، التي لم تمرّ عربات القمامة لرفعها منذ أيام

 كما لفت إلى أحجار الرصف البيضاء تبدلت ألوانها إلى ألوان أخرى في مربعات السوق، حين أمتزج الطين الأسود بمخلفات الحوانيت من البلاستيك والكرتون والمخلفات الحيوانية؛ حتى القات المُستهلك الذي يرميه المخزنون من أفواههم مطحوناً لزجاً تجد عناوينه البارزة في هذه اللوحة العبثية

 وأضاف منذ سنوات طويلة، لم تُجدَّد واجهات الكثير من المباني المتكلسة والحائلة، وجُدِّدت بدلاً عنها الشعارات التعبوية المكتوبة بأصباغ عصية على الإزالة، وجُدِّدت أيضاً صور الضحايا على الجدران التي تحتل الواجهات الجمالية التي تُختار بعناية فائقة من أجل تشويهها فقط، فإذا أردت التوقف في إحدى الصرحات الرئيسة لاسترجاع أثراً مطبوعاً أو محفوراً في بالك وذاكرتك لجدار أو واجهة مبنى أو بستان فلن تجد من ذلك أثرا، وستجد عوضاَ عن ذلك شعاراً دينيا تعبيويا أو صورة ضحية أو خِرقا بالية، وربما واجهة منزل منهار

 وعن البساتين في المدينة أكد الكاتب الشيباني بأن مخطط الإهمال والتدمير طالها هي الأخرى، وكأن هذا المخطط ليس معنياً بتدمير المعمار فقط، وإنما أيضاً الخضرة والأشجار، وإن البساتين القليلة التي تقاوم هنا وهناك في أحياء وحواري المدينة التاريخية مثل بستان القاسمي فبجهود ذاتية، ومن الأسر التي تنتفع من بعض مزروعاته البسيطة في المواسم مثل: الكراث والفجل والنعناع والحبق (الريحان)

 وعن القيود والإجراءات التي يتعرض لها النساء والعائلات، فقد تم منعهن بحسب الشيباني، من الجلوس على ضفتي السائلة بقرار قال عنه إنه عنصري وظلامي متخلف صادر عن مكتب الأشغال في المدينة القديمة

 وأشار إلى أن مكتب الاشغال تحول إلى مركز حسبة، وليس مكتبا لخدمة الناس، بحجة منع الاختلاط في الأماكن العامة، تماماً مثل منعهن من ارتياد المقاهي الشعبية مع أقربائهن وأطفالهن

 أما عن التشوهات البصرية الأخرى أشار إلى الواجهات الحجرية لجدران السائلة وعقود الجسور، التي تصل بين الضفتين فقد صارت مشوَّهة ومؤذية للعين، وملطخة الأصباغ والصور

 وقال وإن أجمل مكان في السائلة تمت استباحته حينما وضعوا خيمة في الاستراحة الحجرية الأنيقة عند مدخل حارة وبستان القاسمي، وتُطل على فضاء بستان المهدي عباس، من أجل إقامة انشطتهم التعبوية والتحشيدية  لعناصرهم في المدينة ومجاوراتها

فقد كان المكان قبل أن يضع الحوثيون فيه الخيمة، ويمنعوا الناس من الاقتراب منه، من أجمل المتنفسات البسيطة بمصطباته الحجرية المنقوشة ودرجاته الانيقة التي يُستراح عليها

 وختم الشيباتي مقاله بالتساؤل من يُنقذ صنعاء من هذا العبث الظلامي والتخريب الممنهج؟ وقبل ذلك من يُنقذ البلاد من كل تعدٍ على كل شيء جميل في حياة اليمنيين؟