تصعيد البحر الأحمر وزراعة الطماطم في تهامة

منذ 2 أشهر

تعرض مزارعوا الطماطم في تهامة (الحديدة) في موسم هذا العام لخسائر كبيرة نتيجة عدة أسباب، على رأسها التصعيد في البحر الأحمر المستمر منذ نوفمبر الماضي، مما أوقف التصدير للمحصول

باحث زراعي تحدث للمشاهد أن استمرار فشل تنظيم زراعة الطماطم وتسويقه داخليا يعرض مزارعي الطماطم لخسائر مالية

مزارعون تحدثوا للمشاهد أيضا عن الاتاوات التي تفرضها سلطات صنعاء على المزراعين في نقاط البيع مما يضاعف الخسارة

عبده الأسلمي، 40 عاما، من الحديدة، يعمل في الزراعة منذ سنوات

يعتمد الأسلمي على هذه المهنة لتحقيق الدخل المادي، وتوفير متطلبات المعيشة، ويجد الزراعة الموسمية، مثل زراعة الطماطم، فرصة لتحقيق المزيد من المال

 قبل بدء موسم الزراعة، استدان الأسلمي مبلغا من المال لشراء البذور والمبيدات التي يحتاجها أثناء الزراعة، كان يأخذ من بعض التجار المواد التي تحتاجها أسرته، ووعد التجار أن يسدد المبلغ عندما يجني الطماطم

 جاء وقت جني الثمار، وبدأ الأسلمي ببيع المحصول في المزرعة والأسواق القريبة

كان سعر الطماطم رخيصا، ولم يحقق المزارع المبالغ التي كان يحلم بها

بعد بيع الكمية الأخيرة من المحصول، اتضح لـ الأسلمي أن الخسائر فاقت الأرباح، وأصبح مديونًا

  علي ذياب، 50 عاما، مزارع من تهامة، يشكو أيضًا من كساد محصول الطماطم هذا الموسم، ويشير إلى أن زراعة الطماطم تسببت بتراكم الديون عليه

في حديثه لـ “المشاهد”، يقول ذياب: “لم أعد أنام دون التفكير في الديون التي تحملتها بسبب زراعة هذا المحصول

كنت أعتقد أني سأربح مثل الموسم الماضي، لكن الخسارة كانت كبيرة، ولم أتوقعها أبدًا”

 منذ نشوب الحرب في اليمن، لجأ الكثيرون إلى ممارسة مهنة الزراعة، منها زراعة الطماطم، بعد أن فقد الآلاف وظائفهم ومصادر دخلهم

بلغت مساحة زراعة الطماطم في اليمن في 2021، نحو 8

4 ألف هكتاراً، بإنتاجية وصلت قرابة 163 ألف طن، وفق كتاب الإحصاء الزراعي السنوي  لوزارة الزراعة والري في صنعاء

نصيب الحديدة من مساحة زراعة الطماطم في 2021 وصل 766 هكتارا وإنتاجية بلغت أكثر من 18 ألف طن، حسب المصدر نفسه

يقول ذياب أن المزارع التهامي يواجه صعوبات كثيرة، مثل عدم القدرة على حراثة الأرض، وعدم وجود دعم الجمعيات للمزارع، بالإضافة إلى تكلفة الآلات المستخدمة في الحرث

ويضيف: أن ضعف التخطيط، وضعف القدرة المالية للمزارعين، وتدهور التربة أسباب أدت إلى فشل  تحقيق الأرباح هذا الموسم”

 يشير ذياب إلى أن سعر السلة الواحدة من الطماطم، بوزن 20 كيلو، وصل إلى ألف ريال فقط، وهذا المبلغ لا يكفي أجرة العامل الذي قام بقطفها

 المساحات الواسعة التي زرعها المواطنون أحد الأسباب التي أدت إلى تدني سعر الطماطم هذا الموسم

يشير الباحث الزراعي محمد شحيت إلى أن المزارع الذي غرس  العام الماضي 10 آلاف شتلة، ضاعفها هذا العام إلى 20 ألف شتلة، ما تسبب في زيادة العرض لهذا المحصول

 يشير شحيت إلى أن الخضروات اليمنية، ومنها الطماطم، كان يتم تصديرها في الأعوام الماضية عبر البحر إلى جيبوتي، ومن هناك تذهب إلى بعض الدول، لكن التصدير تراجع بسبب الأحداث العسكرية التي يشهدها البحر الأحمر

 ويشهد البحر الأحمر تصعيدا مستمرا منذ نوفمبر الماضي بين جماعة الحوثي والتحالف الدولي بقيادة أمريكا

إذ تقول جماعة الحوثي أنها تستهدف بالصوريخ والطيران المسير السفن المرتبطة بإسرائيل من أجل وقف الحرب على غزة، وترد الولايات المتحدة أن هذه الهجمات تهدد الملاحة الدولية في البحر الأحمر

يضيف: “الأسباب الأخرى التي أدت إلى كساد الطماطم هي عدم وجود مؤسسات أو جمعيات تقوم باستيعاب المحصول وتسويقه في مناطق ومحافظات أخرى، كما لا يوجد تنظيم في عملية زراعة الطماطم، وعدم وجود مصانع كافية لاستيعاب هذا المحصول وتحويله إلى صلصة”

المزارع التهامي أمير علي يقول لـ “المشاهد” إن التجار يستغلون المزارعين في تهامة، ويوضح أن التجار يوفرون للمزارعين البذور والمبيدات، وعند قطف المحصول يباع إلى التجار بالثمن الذي يريده التاجر

 يضيف: “يطلب التجار أيضا من المزارع زيادة تعبئة السلات، حيث يصبح وزن السلة 30 كيلو بدلا عن 20 كيلو، وهذا لا يخدم المزارع ولا يحقق له الأرباح التي ينتظرها”

 رغم الخسائر الفادحة التي يتكبدها المزارعون في تهامة، تفرض سلطات صنعاء الزكاة  على محصول الطماطم، حيث يدفع المزارع خمسين ريالا لكل ألف ريال، وتم إنشاء مكاتب في الأسواق لجمع المبالغ من المزارعين

 يقول المزارع الأسلمي: “فرض الزكاة على مزارعي الطماطم تسبب بعبء إضافي عليهم، لكن هيئة الزكاة لا تدرك حجم المعاناة التي نمر بها”

 قد تتكرر المعاناة والخسائر في الموسم القادم، لكن الباحث الزراعي شحيت يرى أنه بإمكان المزارعين في تهامة تجنب الخسائر من خلال تنظيم زراعة هذا المحصول، وإيجاد برادات لحفظ المحصول لفترة أطول، وزيادة أعداد المصانع التي تحول الطماطم إلى منتجات معلبة تباع في الأسواق داخليا وخارجيا

 ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير