تفاقم حرب العملة في اليمن
منذ 8 أشهر
صنعاء- مكين العوجرييتصاعد الصراع الاقتصادي بين جماعة أنصار الله (الحوثيين) والحكومة اليمنية، ويستمر الطرفان بإصدار القرارات المتضاربة بهدف التحكم بالقطاع المصرفي في البلاد
خلال الأيام الماضية، اتخذ البنك المركزي في عدن قرارات جديدة، أبرزها إلغاء التعامل بالعملة القديمة، وإعطاء المواطنين والمؤسسات في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية مهلة لتسليم الأوراق النقدية القديمة الصادرة قبل عام 2016، واستبدالها بالعملة الجديدة
يرى مراقبون اقتصاديون أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذها البنك المركزي في عدن هي مقدمة لإلغاء العملة القديمة المتداولة في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، إذ تسعى الحكومة اليمنية إلى السيطرة على العملية المصرفية، وفرض شروطها في الملف الاقتصادي، في ظل دعم دولي واسع لقرارات عدن
جاء قرار سحب العملة القديمة بعد قرار إيقاف التعامل مع ستة بنوك تجارية في صنعاء
وعلى إثر قرارات البنك المركزي في عدن، استجابت شركة “موني جرام”، المتخصصة في تحويل الأموال حول العالم، وبنك الراجحي في السعودية، وأعلنوا عن إيقاف التعامل مع البنوك اليمنية الستة التي وردت في قرار البنك المركزي
بالمقابل، اتخذت جماعة الحوثي عبر البنك المركزي في صنعاء بعض الإجراءات، رداً على إجراءات البنك المركزي في عدن، حيث حظرت الجماعة التعامل مع 13 شركة صرافة وبنوك إسلامية تتخذ من عدن مقرًا لها
وبدأ البنك المركزي بصنعاء بتوفير العملة الجديدة في مراكز الاستبدال في تعز والبيضاء، وإتاحة الفرصة للمواطنين في مناطق سيطرة الحكومة للحصول على العملة الجديدة مقابل العملة القديمة بحسب سعر الصرف، الألف الريال من العملة القديمة مقابل 3300 ريال من العملة الجديدة
تسببت القرارات الجديدة بحالة من القلق أوساط المواطنين، في ظل استمرار التدهور الاقتصادي وارتفاع أسعار السلع وتوسع دائرة الفقر، الأمر الذي دفع الكثير من المواطنين في مناطق سيطرة جماعة الحوثي إلى استبدال العملة القديمة وبيع ممتلكاتهم بالريال السعودي أو الدولار، وفقًا لمواطنين
يؤكد الخبير الاقتصادي فارس النجار أن المواطنين يحاولون استبدال الأوراق النقدية القديمة بالدولار أو الريال السعودي والذهب، ويخشون فقدان قيمة أموالهم بعد الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي في عدن، وهذا قد يؤدي إلى اضطراب أسعار الصرف وعملية بيع وشراء السلع التجارية
وعن تداعيات إلغاء الطبعة القديمة من العملة، يقول النجار إن ذلك لن يتسبب بتداعيات اقتصادية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وقد يسهم هذا القرار في تحسن قيمة الريال اليمني في المناطق التي تحت سيطرة الحكومة
الهروب إلى المواجهة العسكريةوفي خضم المعركة الاقتصادية، لوحت جماعة الحوثي عبر زعيمها عبد الملك الحوثي في خطاب متلفز باستخدام القوة العسكرية، وأشار إلى أن هناك الكثير من الخيارات للتعامل مع التطورات التي تشهدها البلاد
ويرى الباحث العسكري، العميد محمد الكميم، أن جماعة الحوثي تستعد لمعركة عسكرية منذ بداية الهدنة في إبريل 2022، وترغب في خوض جولة صراع جديدة ضد القوات الحكومية، وذلك للهروب من الضغوط الشعبية، وكذلك كردة فعل على قرارات البنك المركزي في عدن مؤخراً
يضيف الكميم: “الجماعة تعودت على القتال، وترى لغة السلام استسلاما، وهي تخطط للدخول في جولة صراع جديدة في لحظة من اللحظات
لا أستبعد أن تكون إجراءات البنك المركزي سببا لتجدد الصراع باعتبار أن الحوثيين يبحثون عن ذرائع لخوض المعركة التي يعد لها منذ بداية الهدنة، من خلال عمليات الحشد المتواصلة في جميع المناطق التي يسيطرون عليها”
يرى يعقوب السفياني، رئيس مركز سوث 24، أن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي بعدن ستؤثر بشكل ملحوظ على المسار السياسي والمفاوضات بشأن الأزمة اليمنية، ويعتقد أن الحوثيين سوف ينظرون إلى هذه الإجراءات بأنها تصعيد اقتصادي ضمن السياقين العسكري والسياسي، ويربطونها بالتصعيد في البحر الأحمر
يوضح السفياني أن خارطة الطريق والمحادثات الثنائية بين السعودية والحوثيين برعاية سلطة عمان، تلقت ضربة أخرى وتجمدت بعد هجمات الحوثي على خطوط الشحن البحرية في المنطقة
معالجة الاختلالاتويرى فارس النجار أن الإجراءات الأخيرة من مركزي عدن تهدف إلى إصلاح الاختلالات التي أحدثها الحوثيين بفرض الانقسام النقدي، ورفض التعامل مع الطبعة الجديدة من العملة الوطنية، وإصدار قانون بما يسمونه منع المعاملات الربوية، وحرمان البنك المركزي من أهم استثماراته الرئيسية، واستثمارات البنوك التجارية في الخزانة
وتوقع النجار أن يتجه الناس في صنعاء والمحافظات التي يسيطر عليها الحوثيين إلى استبدال الريال اليمني بالريال السعودي أو الدولار، وهذا سيخلق طلبا متزايدا، ويحدث تغيرًا في سعر الصرف في تلك المناطق
يشير النجار إلى أن وجود المراكز الرئيسية للبنوك التجارية في عدن يعطيها القدرة على القيام بدورها الحقيقي، وتأمين أموال المودعين ورأس المال الوطني، باعتبار أن البنك المركزي في عدن هو السلطة الشرعية أمام النظام المالي العالمي
وفي ظل احتدام المعركة بين البنكيين المركزيين في عدن وصنعاء، يتوقع خبراء أن تستمر قرارات البنك المركزي في عدن الموجهة ضد جماعة الحوثي وسياستها المالية، حيث يتمتع مركزي عدن بدعم من قبل النظام المالي الدولي والولايات المتحدة وأوروبا، بصفته مؤسسة شرعية تتبع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير