تقليص المساعدات الإنسانية يضاعف معاناة آلاف الأسر في اليمن
منذ 2 أشهر
تعز- شيماء الشرعبي“تغيرت حياتنا اليومية بشكل كبير بعد تقليص المساعدات، وأصبحنا نعيش في قلق مستمر ونحن نفكر في كيفية توفير الاحتياجات الأساسية
” بهذه الكلمات يبدأ المواطن عبدالرحمن العديني حديثه، بعد أن تم استبعاده من كشوفات المساعدات التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي (WFP)، نتيجة لتراجع التمويل الدولي للأنشطة الإنسانية في اليمن
يعد عبدالرحمن واحدًا من بين 33 ألف شخص في مدينة تعز الذين تم استبعادهم من قائمة المساعدات التي يقدمها البرنامج الأممي في أكتوبر الماضي
جاء ذلك نتيجة العجز المالي الذي تواجهه المنظمات الإغاثية العاملة في اليمن، مما أدى إلى حرمان آلاف الأسر من أساسيات الحياة، بعد أن كانت تعتمد على هذه المساعدات لسنوات طويلة
ومع دخول الحرب في اليمن عامها العاشر، تزداد المخاوف من أن يؤدي تقليص المساعدات وحرمان آلاف الأسر منها إلى تدهور مستوى الأمن الغذائي في البلاد، في ظل تفاقم معاناة السكان جراء الأزمة الإنسانية
ووفقًا لتقارير خطة الاستجابة الإنسانية (HRP) للعام 2024، فإن 18
2 مليون يمني يحتاجون بشكل عاجل إلى مساعدات منقذة للحياة
في حديثه لـ “المشاهد”، يؤكد عبدالرحمن أن اعتماده كمواطن بشكل أساسي على المساعدات الإنسانية غير المنتظمة جعل حياته غير مستقرة، وبعد حرمانه منها، بدأ يشعر بضغط نفسي وحالة من عدم الأمان
يضيف: “كنا نعتمد بشكل كبير على المساعدات الغذائية التي كانت توفر لنا الاحتياجات الأساسية مثل الأرز والسكر والزيت
الآن لم نعد نستطيع شراء هذه المواد من السوق بسبب ارتفاع الأسعار
”يعمل عبدالرحمن بأجر يومي، لكن العائد المادي الذي يتحصل عليه لا يغطي احتياجات أسرته المكونة من سبعة أشخاص، ما يجعله يواجه قلقا يومياً حول تأمين الطعام لأطفاله، لم يعد قادراً على تحمل تكاليف الكتب والزي المدرسي
يعمل عبدالرحمن بأجر يومي، لكن الدخل الذي يتحصل عليه لا يغطي احتياجات أسرته المكونة من سبعة أفراد، ولم يعد قادرًا على تحمل قيمة الكتب والزي المدرسي لأطفاله
في حديثه لـ “المشاهد”، يؤكد عبدالرحمن أن اعتماده كمواطن بشكل أساسي على المساعدات الإنسانية غير المنتظمة جعل حياته غير مستقرة، وبعد حرمانه منها، بدأ يشعر بضغط نفسي وحالة من عدم الأمان
تناقص التمويل الإنسانيتعاني خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2024 من فجوة تمويلية كبيرة تقدر بـ 1
45 مليار دولار من إجمالي المبلغ المطلوب البالغ 2
71 مليار دولار، حيث يمثل ذلك نقصا حادًا في التمويل كون ما تم تغطيته حتى نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي لا يتعدى ما نسبته 46
4%، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية
ويوضح تقارير برنامج الغذاء العالمي (WFP) أن انعدام الأمن الغذائي في اليمن وصل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، حيث أشارت بيانات البرنامج إلى أن 64% من الأسر التي شملها الاستطلاع في أغسطس/آب الماضي تعاني عدم كفاية الوصول إلى الغذاء
تلاعب في توزيع المساعداتيرى الدكتور محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز، أن هناك تلاعب في إيصال إمدادات الغذاء إلى مستحقيه، الأمر الذي يحد من فعالية الأنشطة الإغاثية والإنسانية التي تنفذها المنظمات في اليمن
ويضيف قحطان: “ما يتم توزيعه على الناس لا يغطي سوى نسبة بسيطة من احتياجاتهم، وربما يتم توزيع هذا الجزء المحدود من المساعدات بناءً على معلومات غير دقيقة حول الأسر الأشد فقرًا، مما يحرم المستحقين فعليًا من الحصول على الغذاء
”يتابع: “ما يتم توزيعه على الناس لا يغطي سوى نسبة بسيطة من احتياجاتهم، وربما يتم توزيع هذا الجزء المحدود من المساعدات بناءً على معلومات غير دقيقة حول الأسر الأشد فقرًا، مما يحرم المستحقين فعليًا من الحصول على الغذاء
ويأتي ذلك في ظل محدودية دور المنظمات في مواجهة الأزمة الإنسانية المتفاقمة
”ويؤكد قحطان أن تقليص المساعدات أحرم الكثير من الأسر المعدمة من الحصول على القدر البسيط من المساعدات، والتي قد تذهب في بعض الحالات إلى أسر ميسورة ليست بحاجة إلى الدعم الإنساني في ظل التزايد المستمر للأسر المحتاجة
يرى الدكتور محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز، أن هناك تلاعب في إيصال إمدادات الغذاء إلى مستحقيه، الأمر الذي يحد من فعالية الأنشطة الإغاثية والإنسانية التي تنفذها المنظمات في اليمن
تحديات اقتصاديةأشار تقرير البنك الدولي في تقريره الصادر في أكتوبر/ تشرين الأول إلى أن “الاقتصاد اليمني لا يزال يواجه تحديات متفاقمة، حيث يؤدي طول أمد الصراع، والتشرذم السياسي، وتصاعد التوترات الإقليمية، إلى دفع البلاد إلى منزلق أزمة إنسانية واقتصادية أكثر حدة وخطورة
”وقالت دينا أبو غيدا، مديرة مكتب البنك الدولي في اليمن، في تقرير حديث للبنك حول اليمن أن حدة التحديات الاقتصادية والإنسانية في اليمن تزداد، إلا إن الفرصة لا تزال قائمة لتغيير هذا المسار في الهبوط، بتقديم الدعم المناسب
وأكدت أبو غيدا أنه “لا بد من اتخاذ إجراءات عاجلة، منها معالجة اختلالات حسابات المالية العامة والحسابات الخارجية، والتخفيف من حدة انعدام الأمن الغذائي، وتحقيق المزيد من الاستقرار”
وفقًا لتقارير أممية، فإن ما يقدر بنحو 6
7 مليون شخص في مختلف أنحاء اليمن بحاجة إلى مساعدات في مجال المأوى خلال العام الجاري 2024، من بينهم 40% من النازحين داخلياً، و60% من العائدين من النزوح داخلياً وأفراد المجتمع المضيف
تصحيح الاختلالات ودعم الزراعةيرى الدكتور محمد قحطان أنه ينبغي على الحكومة اليمنية العمل على تصحيح أليات توزيع الإغاثة الدولية من خلال تصحيح معطيات المنظمات المحلية المساعدة التي تعتمد عليها المنظمات الدولية في تقديم المعلومات
وينوه أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز في حديثه لـ”المشاهد” إلى ضرورة أن تكون الحكومة شريك فاعل لمنظمات الإغاثة الدولية، من خلال توجيه كافة المساعدات الغذائية الدولية لدعم الأنشطة الزراعية وتربية الحيوانات والنحل وكافة الأنشطة المرتبطة بالزراعة
ويؤكد قحطان أن معظم سكان اليمن يعتمدون على الزراعة، ما يتطلب إقامة الحواجز والسدود لمواجهة شح المياه، ودعم الأسر الريفية، وإنشاء جمعيات تعاونية زراعية، وتأمين طرق حديثة لاستغلال الثروات الزراعية وتنمية الأنشطة المرتبطة بها، تسويق المنتجات للأسواق المحلية
يضيف:”هذا الأمر سيكون له بالغ الأثر في مواجهة الأمن الغذائي لسكان اليمن وتوفير فرص عمل ودخل أسري مستمر وإحداث أثر إيجابي لمواجهة الأزمة الإنسانية
”لا يزال الوضع الإنساني في اليمن مأساويًا، ويؤدي نقص التمويل وتقليص المساعدات إلى تعميق هذه الأزمة، حيث تتزايد المعاناة وتتصاعد تحديات الحياة اليومية لملايين الأشخاص في العديد من المحافظات اليمنية
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير