تكاليف مراسم العزاء… العبء الذي يضاعف الحزن

منذ 7 أشهر

حجة- أحمد دوكمتتعدد العادات والتقاليد اليمنية في الكثير من المناسبات والأحداث، وتتميز كل منطقة بطقوس معينة في الأفراح والأتراح

يأتي الموت ليغرق الأسرة بالحزن، ويكلفها مبالغ مالية باهظة لإقامة حفل العزاء

تستطيع الأسر الميسورة تحمل تكاليف مراسم العزاء، دون الشعور بصعوبة ذلك، لكن الأسر الفقيرة تتألم كثيرًا، كونها عاجزة عن توفير متطلبات هذه المناسبة

قبل ثلاثة أشهر، توفى نجل محمد شايع في حجة في أحد مستشفيات المحافظة بعد إصابته بتليف الكبد

لم يستطع محمد إخفاء دموع الحزن، ولم يعد مبتهج بالحياة بعد فقدان ابنه عمار

استمرت معاناة ابنه ثلاث سنوات، وقضى الكثير من وقته في المستشفيات بحثًا عن العلاج

أنفق محمد كل مدخراته وباع ذهب زوجته في سبيل علاج ولده، وبعد وفاته واجه محمد أزمة مالية جديدة بسبب طقوس العزاء في القرية

في حديثه لـ “المشاهد”، يقول محمد: “بعد وفاة ولدي مباشرة، أول شيء فكرت فيه هو تكاليف العزاء، حيث يحتاج العزاء إلى مبلغ مالي أعجز عن توفيره”

أدت النزاعات التي شهدتها اليمن في السنوات الأخيرة إلى زيادة أعداد الوفيات، وتفاقمت معاناة السكان نظرًا لتدهور الوضع الاقتصادي، وتوقف المرتبات، بالإضافة إلى توقف أنشطة المنظمات الداعمة

عندما توفت زوجة خالد، مواطن من حجة، قبل عام، لجأ إلى بيع دراجاته النارية لتوفير تكاليف إقامة حفلة العزاء في ريف محافظة حجة

وما زال البعض يعاني الديون بسبب حفلات العزاء، حيث ينفق أهل الميت الأموال على تجهيز وجبة الغداء للضيوف، ويقومون بشراء اللحوم بكميات كبيرة، بالإضافة إلى الأرز، والمشروبات الغازية، والمياه المعدنية والقات، بهدف إكرام الضيوم الذين يحضرون حفل العزاء

عادة سيئةالعاقل محمد بدوي، من محافظة في حجة، يقول لـ “المشاهد”: “إن التكلفة الكبيرة للعزاء في حجة عادة سيئة توارثها الأجيال، وهذه العادة تثقل كاهل أهالي الميت

في الوقت الحاضر، ويعتقد بعض أفراد المجتمع الأسر التي لا توفر تكاليف العزاء ناقصة، ويرون محاربة هذه العادة تمردًا على العادات والتقاليد”

يشير بدوي إلى أن العديد من الأشخاص يتدفقون إلى بيت أهل المتوفى لتناول الطعام، ومضغ القات، وقد تمتد مدة العزاء من ثلاثة أيام إلى أسبوع

يضيف: “يجتمع الناس في بيت أهالي الميت خلال فترة العزاء بهدف مواساة أهالي الفقيد دون الانتباه للوضع المادي الذي تعيشه الأسرة، فأصبح اجتماع الناس في بيت الفقيد خلال فترة العزاء يشكل عبء على الأسرة، بخاصة الأسر الفقيرة”

 إبراهيم محمد، من محافظة حجة، يقول لـ “المشاهد” إن أحد أقاربه توفي قبل عامين، وجاء إليه خاله الذي يسكن في منطقة بعيدة بسيارة محملة بمواد غذائية وماء ومشروبات، وثلاث أغنام، برفقه موكب كبير

وقبل شهرين، انتقلت زوجة خاله إلى الآخرة، فكان لزامًا على إبراهيم أن يأتي إلى خاله بسيارة تحمل الكثير من الأشياء، وتقديم العزاء

يقول إبراهيم: “اضطررت إلى بيع بقرة بخمسمئة ألف ريال، واستأجرت سيارة، وحملتها بالعديد من المواد الغذائية، وذهبت لتقديم العزاء إلى بيت خالي

لكني أتمنى أن تختفي هذه العادات، لأنه متعبة جدًا، وتكلف الإنسان فوق طاقته”

يرى حسن محمد، ناشط إعلامي في حجة، أن الحل يكمن في نشر التوعية أوساط المجتمعات، ووضع البدائل مثل تقديم العزاء عبر الهاتف وليس من الضروري الحضور

لكن الباحث علي إبراهيم يرى أن تقديم العزاء عبر الهاتف ليس كافيًا، أو مناسبًا في هذه المناسبة

يعتقد إبراهيم أن يومًا واحدًا، ولمدة ساعتين، قد يكفي لتقديم العزاء، وبهذا تستطيع الأسرة تجنب الخسارة المادية لأهل الميت

يختم حديثه، ويقول: “التكاليف الباهظة للعزاء في اليمن عموما، وفي حجة على وجه الخصوص مشكلة قائمة، ولا زال الكثير يتجرع مرارة الفقد ومرارة الديون نتيجة للعادات التي توارثها الأجيال”

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير