تمكين المرأة اليمنية بين عوائق القانون وتحديات المجتمع
منذ 8 أيام
تعز – آمال محمد :في عالم يسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، تُعد مشاركة النساء في صنع القرار ركيزة أساسية لتحقيق هذه الأهداف
ومع ذلك، تواجه النساء تحديات كبيرة تعرقل وصولهن إلى مواقع القيادة وصنع القرار
إذ لا تقتصر هذه التحديات على العوائق القانونية أو الاجتماعية فحسب، بل تمتد لتشمل التمييز المتجذر في الثقافة والمؤسسات
وفي حين تتخذ الصعوبات التي تواجه وصول أو استمرار المرأة في المناصب القيادية أشكالًا مختلفة، يضيء هذا التقرير جوانب من تلك العوائق والتحديات
وفاء محمد عبده الصلوي، بدأت مسيرتها كخريجة من كلية الحقوق عام 1992
وبدأت عملها في وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان في صنعاء
وبعد نجاحها هناك، انتقلت إلى محافظة تعز عام 1994
تدرجت في العديد من المناصب القيادية، بدءًا من إدارة الشؤون القانونية إلى العمل في فرع وزارة الشؤون القانونية في عام 2013، ثم تعيينها مديرًا عامًا للشؤون القانونية في ديوان محافظة تعز بقرار من المحافظ الأسبق شوقي أحمد هائل، بناء على المفاضلة واستيفاء المعايير المهنية، وليس محاصصة على أساس الانتماء السياسي
استمرت وفاء في هذا المنصب حتى العام 2020، حين تم تعيينها مدير عام الشؤون القانونية في هيئة مستشفى الثورة، حيث لاتزال تعمل هناك حتى اليوم
بعد 8 سنوات من توليها قيادة الإدارة العامة للشؤون القانونية في ديوان المحافظة، تروي وفاء تفاصيل استبعادها من منصبها قائلة إنها تفاجأت في إحدى الأمسيات عندما أُبلغ زوجها بقرار الاستبعاد، إذ قيل له إن هناك عملية تسليم واستلام ستتم في اليوم التالي بينها وبين زميل آخر
وتوضح بالقول إن عملية استبعادها كانت مفاجئة، بخاصة أنها لم تُقصر في مجال عملها الإداري، مشيرةً إلى أن “النساء العاملات في الشؤون القانونية غالبًا ما يلتزمن الخط المستقيم خوفًا من المساءلة القانونية”
وتضيف وفاء أنها لم ترفض قرار الاستبدال بعكس ما حدث مع مدراء آخرين رفضوا الاستبدال ولجأوا إلى استخدام السلاح، بحسب الصلوي، بل سلمت المفاتيح صباح اليوم التالي، وانتقلت إلى عملها الجديد في هيئة مستشفى الثورة، معتبرةً أن الأهم هو الاستمرار في العمل بشكل فعال
تواجه المرأة في اليمن، بخاصة في محافظة تعز، تحديات كثيرة في ما يتعلق بالتمكين الإداري، حسب قول الصلوي، التي تشير إلى أن مفهوم التمكين يعني إعطاء الشخص في الجانب الإداري كافة الصلاحيات التي تمكنه من اتخاذ القرار دون عوائق
وتؤكد أن هذه الصلاحيات غير متاحة بشكل كافٍ، ليس فقط للنساء، بل حتى لبعض الرجال الذين يشغلون مناصب إدارية
وترى وفاء أن هناك حاجة إلى استثمار قدرات الكوادر النسائية في مجال صنع القرار، وهذا يتطلب -حد قولها- تأهيل وتدريب المرأة على الجوانب القانونية، وزيادة الوعي بقضايا النساء
موضحة أن التمكين الحقيقي يتطلب وجود آلية تمكن النساء من العمل بفاعلية، وتوفير الموارد اللازمة لدعمهن
تعتبر وفاء أن ضعف مشاركة المرأة في صنع القرار من أبرز التحديات التي تواجهها
وتشير إلى أن نسبة النساء في المناصب القيادية لاتزال ضئيلة مقارنة بالرجال
وتضيف أن المرأة في اليمن “عانت كثيرًا من أجل عملية التمكين، وماتزال حتى الآن تجاهد من أجل تحقيق ذلك”
وبحسب وفاء، فإن تمكين المرأة بحاجة إلى قاعدة بيانات دقيقة للقطاعات النسائية لتحديد مؤهلاتها وسد احتياجاتها عبر التدريب المناسب
لافتة إلى أن ضعف التمكين ينعكس سلبًا على المجتمع بشكل عام، حيث من الضروري تعزيز دور المرأة في صنع القرار وبناء السلام
تختم وفاء بالقول إن المرأة تلعب دورًا مهمًا وحاسمًا في بناء السلام، وأن تمكينها يشكل عاملًا مؤثرًا في بناء قدرات المجتمع وصنع القرار
إلا أنها تعرب عن أسفها لقلة التمكين المتاح للمرأة في اليمن، وضعف مشاركتها في مواقع صنع القرار وفي عمليات صنع السلام، مشيرة إلى ضرورة وجود نساء مؤهلات لدعم الجوانب النفسية والقانونية، وتعزيز مشاركة المرأة في المناقشات واللجان المجتمعية
تُعد مشاركة المرأة في صنع القرار من الأمور الملحة في اليمن، بخاصة في ظل التحديات الاجتماعية والقانونية التي تعترض طريقها
أمل الصبري، محامية من تعز، تقدم رؤية قانونية توضح العقبات التي تواجه النساء وتدعم سبل تعزيز دورهن في مواقع القيادة
وتوضح الصبري أن الدستور اليمني ومخرجات الحوار الوطني يمثلان مرجعيات وتشريعات قوية تدعم حقوق المرأة في المشاركة في صنع القرار
وتُشير إلى وجود اتفاقيات وقرارات دولية ملزمة لدعم مشاركة المرأة في هذا المجال، ما يعني عدم وجود مانع قانوني يعوق المرأة من الوصول إلى مراكز صنع القرار
على الرغم من وجود دعم قانوني، تشير الصبري إلى وجود بعض القصور التشريعي في عدد من النصوص القانونية التي تحتاج إلى تعديل وتحسين، حد وصفها
منوهة إلى ضرورة أن تكون النصوص القانونية واضحة وصريحة في دعم وصول المرأة إلى مواقع صنع القرار
مشيرة إلى أهمية تمسك المجتمع المدني والمنظمات النسائية بمخرجات الحوار الوطني، التي تُلزم السلطات بتمثيل المرأة بنسبة لا تقل عن 30% في كافة المناصب الإدارية والوظائف القيادية
ترى الصبري أن التحديات التي تواجه النساء في صنع القرار ليست قانونية بحتة، بل اجتماعية بالدرجة الأولى، تعود إلى العادات والتقاليد والثقافة السائدة التي تضع قيودًا على دور المرأة في المجتمع
داعية المجتمع إلى تغيير هذه النظرة التقليدية، ودعم المرأة في مسيرتها نحو القيادة
تعتبر أمل أن المحامين والنشطاء يلعبون دورًا حيويًا في التوعية ورصد أي انتهاكات تتعرض لها المرأة في دوائر صنع القرار
وتدعو إلى مناصرة المرأة ودعمها بكافة الوسائل القانونية المتاحة، بالإضافة إلى التنسيق مع السلطات والأحزاب لبحث سبل تمكين النساء من الوصول إلى مواقع صنع القرار
تختتم أمل بدعوة المنظمات الدولية للوفاء بالتزاماتها لناحية دعم النساء، وتشجيع الحكومة على وضع خطط وبرامج وأنشطة تهدف إلى تمكين النساء سياسيًا واقتصاديًا، إلى جانب إصلاح التشريعات القانونية لتتماشى مع المرحلة الراهنة، وتلبي احتياجات النساء في المجتمع اليمني
تعد رابطة أمهات المختطفين من المنظمات الرائدة في مجال الحقوق وصناعة السلام في مناطق النزاع، حيث تعمل على تحقيق الحرية وتعزيز السلام بالشراكة مع منظمات أخرى، بما في ذلك “سيفر ورد” لتنفيذ برامج حقوقية متعددة
تشير أسماء الراعي، عضو الرابطة ومديرة مكتبها في تعز، إلى أن الرابطة لعبت دورًا مؤثرًا في تأسيس وتدريب الناشطات، حيث بدأت العديد من النساء كربات بيوت، ثم انخرطن تدريجيًا في أنشطة الرابطة، لافتة إلى أنه تم تأهيل ثلاث محاميات من هؤلاء النساء اللاتي كن سابقًا غير متمرسات في المجال القانوني، كما تقدم الرابطة الدعم النفسي لأسر المختطفين والناشطات للتخفيف من الضغوط النفسية
وتضيف: “من خلال ورش العمل واللقاءات مع المسؤولين في محافظات تعز ومأرب، ركزت الرابطة على تمكين المرأة وتعزيز مشاركتها في صناعة القرار”
مواجهة التحديات والتعاون مع الجهات الحكوميةتوضح أسماء أن الرابطة تتعامل مع التحديات التي تواجهها بشكل مرن وهادئ من خلال الحوار والنقاش الهادف، مع تعاون وثيق مع الجهات الحكومية لدعم قضايا المرأة
مشيرة إلى أن هذا التعاون أسفر عن استجابة ودعم من الجهات المعنية، ما ساعد في تسهيل الإجراءات وتمكين النساء، رغم التحديات الثقافية والاجتماعية التي تختلف من محافظة لأخرى، حيث تمكنت بعض النساء من الوصول إلى مواقع صنع القرار، من مثل تعيين قاضيتين في محافظة تعز
تعتبر أسماء أن التعامل السلس والفعال من قبل النساء اللواتي يصلن إلى مواقع القيادة، يمكن أن يغير نظرة المجتمع نحو تمكين المرأة، ما يسهم في تعزيز مشاركتها في المجتمع
تسعى الرابطة إلى تنظيم ورش عمل جديدة بالتعاون مع النساء من مختلف المحافظات، بما في ذلك الحديدة، بهدف تعزيز دور المرأة في مراكز صنع القرار
وتأمل الرابطة من ذلك زيادة تمكين النساء في مختلف أنحاء اليمن، مع استمرار دعم قضايا المرأة وجعلها رائدة في صناعة السلام، حد وصف أسماء الراعي
توضح عفاف يحيى سعيد، معلمة ومختصة نفسية وأسرية، أن النساء في اليمن يواجهن العديد من العوائق النفسية والاجتماعية عند توليهن مناصب قيادية والمشاركة في صنع القرار، وتقول: أبرز هذه العوائق نقص الثقة المجتمعية، إذ يشك المجتمع اليمني في قدرة المرأة على تحمل المسؤولية القيادية، ويعتقد أنها ضعيفة جسديًا ونفسيًا أمام ضغوط هذه المناصب، كما يرى البعض أن المرأة لا تمتلك الكفاءة الإدارية أو الحنكة السياسية مثل الرجل، مشيرة إلى أن البعض يعتبرون أن تولي المرأة منصبًا قياديًا يقلل من شأنها بسبب احتكاكها بالرجال أثناء إنجاز مهامها
بحسب عفاف، تؤثر هذه العوائق على ثقة النساء بأنفسهن، وتحد من قدرتهن على المنافسة في المجالات التي يسيطر عليها الذكور تقليديًا، ويؤدي هذا الضغط إلى توتر النساء وقلقهن في كل خطوة يخطونها في هذا المجال، إذ يتم التركيز على أصغر أخطائهن وتجاهل نجاحاتهن، ما يعزز لديهن الشعور بعدم الكفاءة
يلعب الدعم النفسي والاجتماعي دورًا فاعلًا في تمكين النساء من تحقيق التوازن بين أدوارهن القيادية والحياتية، تقول عفاف، موضحة: “كلما زاد تشجيع الأهل والمجتمع للمرأة في تحقيق أهدافها القيادية مع التمسك بتعاليم الدين الإسلامي والقيم المجتمعية، زاد دعمها للمضي قدمًا”
منوهة إلى أن هذا التشجيع يساعدها على أن تكون صوتًا لمثيلاتها من النساء، ويسهم في إصلاح الأوضاع العامة في المجتمع
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير