تهريب القات إلى السعودية… خطوة نحو المال والموت

منذ 11 أيام

في إحدى القرى النائية بمديرية أسلم في محافظة حجة، نشأ خالد، وعاش طفولته في أسرة فقيرة

عندما كان في الرابعة من العمر، انفصل والده عن والدته

بعد ذلك، تولت والدته تربيته وتعليمه

كان طالبا متميزا، واستمر في الحصول على درجات عالية في كل المواد الدراسية في الصفوف الأساسية، وكان حلم خالد إكمال دراسته والالتحاق بكلية الطب ليصبح طبيبا

لكنه لم يستطع مواصلة التعليم وتحقيق الحلم بسبب ظروفه المادية

بعد أن ترك مقاعد الدراسة، توجه خالد إلى العمل في تهريب القات على الحدود اليمنية السعودية

سافر من بيته في مديرية أسلم إلى منطقة الجبانة بمحافظة صعدة، حيث وجد الكثير من الرجال والشباب الذين يعملون في تهريب القات من المناطق الحدودية اليمنية إلى المناطق السعودية القريبة

بعد أشهر من عمل خالد في تهريب القات، فارق الحياة نتيجة إصابته بقذيفة أطلقها حرس الحدود السعودي في 15 نوفمبر 2022

كان عمره في تلك اللحظة 16 عاما

الآلاف من الشباب والرجال في اليمن يعملون في تهريب القات إلى المملكة العربية السعودية، ويخاطرون بأنفسهم في هذا العمل من أجل كسب لقمة العيش، وتحقيق الربح المادي السريع

ولأن المهمة شاقة وغير شرعية، يلقى العديد حتفهم على أيدي حرس الحدود السعودي

في محافظة المحويت وحدها، تم التحقق من وفاة شابين خلال 2023 قتلا برصاص حرس الحدود السعودي خلال مخاطرتهم تهريب القات على الجانب السعودي

يعمل المئات من سكان محافظة المحويت وحجة في تهريب القات على الحدود السعودية اليمنية، وتشير شخصيات مجتمعية في مديرية أسلم بحجة إلى أن عدد القتلى من مديرية أسلم بلغ 180 شخصا خلال العام 2023، بحسب شخصيات مجتمعية في المنطقة

يسكن مهربو القات في أكواخ من الخشب، مسقوفة بطرابيل، وسط أشجار كثيفة

ونظرا لبعد مكان تجمع المهربين، لا تصل المواد الغذائية إليهم بسهولة، وإن وصلت، تكون أسعارها مرتفعة، حيث تباع قنينة الماء الواحدة، 1 لتر تقريبا، ب 1200 ريال يمني

يتخذ البعض تهريب القات مهنة لا يمكن التخلي عنها، على الرغم من إدراك خطورة هذا العمل

موسى، 31 عاما، يقول ل “المشاهد”: “نحمل على ظهورنا أكياسا بها قرابة 80 ربطة من القات، ونقطع مسافات جبلية طويلة جريا

هذه مهنة شاقة، لكن لا أفضل أي عمل على التهريب”

يضيف: “منذ أن كان عمري 12 سنة، بدأت العمل في تهريب القات، والمبالغ المالية التي أتقاضاها مقابل توصيل كمية من القات إلى المكان المحدد لا تقل عن أربعة آلاف ريال سعودي”

حاليا، يعمل موسى في تهريب القات مع ابنه الذي لم يتجاوز السادسة عشرة من العمر

إبراهيم، 18 عاما، عامل في تهريب القات إلى المناطق السعودية، يقول ل “المشاهد”: “أحيانا، يُتَّفَق مع حرس الحدود السعودي، فيتم العبور بسلام بعد أن يدفع صاحب القات مبالغ مالية باهظة لحرس الحدود مقابل المرور بسلام”

يضيف “عندما يتم التهريب دون اتفاق مع حرس الحدود، يتسبب ذلك غالبا بموت الكثير ممن يقتربون من الشريط الحدودي بقناصة حرس الحدود السعودي”

منذ اندلاع الحرب في اليمن، تفاقمت الأوضاع الاقتصادية لملايين اليمنيين، وأصبح توفير متطلبات أمر شاق

بعد أن تدهورت ظروف سالم، 25 عاما، المعيشية بسبب الحرب والبطالة، قرر أن يهاجر إلى المملكة العربية السعودية

وعند مروره من طريق الجبانة على الحدود السعودية اليمنية، لم يكن يعلم أن هناك جحيما آخر ينتظره

فاطمة، 50 عاما، أم لأحد الأطفال العاملين بتهريب القات في منطقة الجبانة، تقول ل “المشاهد”: “ترك ابني دراسته منذ عامين، ولحق بخاله للعمل في تهريب القات لأجل أن يوفر لإخوانه احتياجاتهم الأساسية، لأنه الولد الأكبر، وهو المسؤول عن الأسرة بعد وفاة والده”

عبد المجيد، 25 عاما، خريج صيدلة، يقول ل “المشاهد”: “الحرب دمرت كل شيء، لم أجد قوت يومي بعد أن انقطع راتب أبي، مصدر دخلنا الوحيد، فاضطررت إلى العمل في تهريب القات لنبقى على قيد الحياة”

يضيف “أحلامنا بسيطة، لا نريد بيوتا فاخرة ولا سيارات، نريد حياة آمنة ومستقرة، وكل ما نحتاجه أن نرى أهلنا لا يجدون صعوبة في توفير قوت يومهم”

نعيم أحمد، 20 عاما، يعمل في تهريب القات منذ أن كان عمره 14 سنة، يحكي عن تجربته، ويقول: “في بداية عملي في تهريب القات كنت أخاف كثيرا، ولكن مع الاستمرار أصبحت أحد المهربين المعروفين على نطاق واسع

وقد شهدت مصرع الكثير من الشباب الذين قتلوا على طرق التهريب”

يضيف “بحثت كثيرا عن عمل، ولم أجد، فاضطررت إلى العمل في تهريب القات

الموت في سبيل الحصول على لقمة العيش شهادة”

يقبع عبدالله هادي، 18 عاما، خلف قضبان السجن بالمملكة العربية السعودية مع ستة آخرين من أبناء قريته، حيث قُبِض عليهم منذ أشهر، وفي حوزتهم كميات من القات، وحكم عليهم بالسجن لسنوات

ووفقا لموقع وزارة الداخلية السعودية، أُدْرِجَت مادة القات على أنها إحدى المواد التي حرمها قانون مكافحة المخدرات السعودي، وتنص المادة السابعة والثلاثون من نظام مكافحة المخدرات بالمملكة العربية السعودية على أن عقوبة تهريب القات القتل تعزيرا، إلا أن القانون السعودي أجاز للمحكمة النزول عن عقوبة القتل وفرض عقوبة السجن لمدة لا تقل عن خمس عشرة سنة، ودفع غرامة مالية لا تقل عن مائة ألف ريال سعودي، بالإضافة إلى معاقبته بالجلد بما لا يزيد عن خمسين جلدة في كل مرة

وفي حال هُرِّب القات بقصد الاستخدام الشخصي، فإن العقوبة تتمثل بالسجن لمدة تتراوح ما بين ستة أشهر وسنتين، بحسب المادة الحادية والأربعين من نظام مكافحة المخدرات السعودي

تتزايد المخاطر التي يواجهها مهربو القات على الحدود السعودية اليمنية، إلا أن العاملين في هذا المجال يرون أن المغامرة من أجل كسب المال، وتوفير لقمة العيش أكثر جدوى من التسول أو الموت جوعًا

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير