توتر “الوازعية”.. قوات “طاق صالح” تحتشد غربي تعز والقبائل تطالبه بالانسحاب

منذ ساعة

تشهد مديرية الوازعية، غربي تعز، توتراً متصاعداً منذ أيام يهدد بانزلاق المنطقة إلى مواجهة مفتوحة بين مسلحين قبليين من أبناء المديرية وقوات المقاومة الوطنية التابعة لعضو مجلس القيادة طارق صالح، بعد سلسلة تطورات بدأت بحادثة نهب معدات تابعة لمنظمة إنسانية، وتحولت خلال يومين إلى صراع متعدد المستويات، يتداخل فيه القبلي بالسياسي والعسكري، وينذر بتحول المواجهات إلى حرب مفتوحة

صباح الجمعة، أسقط مسلحون قبليون طائرة استطلاع مسيّرة تابعة للحملة الأمنية بعد تحليقها فوق القرى، قبل أن يشنوا هجوماً واسعاً على مواقع تمركز قوات المقاومة في منطقة الحضارة ومناطق أخرى متفرقة، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، بالتزامن مع استعادة المسلحين السيطرة على سلسلة جبال الرواجل المطلّة على مركز المديرية، عقب ملاحقة عناصر من الحملة إلى مشارف القمة

وامتدت الهجمات لتشمل نقاطاً أمنية في منطقة المتين، في وقت دفعت فيه قوات طارق صالح بتعزيزات عسكرية إضافية، مساء الجمعة، إلى محيط مناطق المواجهات، وسط حالة استنفار من الجانبين وتوتر متصاعد، ينذر بمزيد من التصعيد في حال فشل مساعي التهدئة

وفي محاولة لاحتواء الموقف، توجّهت لجنة وساطة قبلية إلى مدينة المخا للقاء قيادة المقاومة الوطنية، ولا تزال تجري لقاءات مع قيادات عسكرية حتى كتابة هذا التقرير (11 مساء الجمعة) في محاولة للتوصل إلى حلول توقف المواجهات

وكان شيخ مشايخ الوازعية، منصر المشولي، قد دعا الجمعة إلى انسحاب الحملة الأمنية من محيط القرى والمنازل، محذّراً من استغلال الأحداث في إشعال فتنة أكبر، مؤكداً أن هذا الانسحاب سيفتح الباب أمام حلول تحفظ التوازن والسلم الأهلي

وتعود جذور التوتر إلى مساء الثلاثاء، حين اعترض مسلحون قبليون يقودهم أحمد سالم، وهو شيخ محلي ويعمل في تجارة السلاح، فريقاً تابعاً لمنظمة أدرا، ونهبوا المعدات والكشوفات التي كانت بحوزته أثناء تنفيذ نشاط إنساني، مبررين الحادثة بوجود اختلالات في قوائم المستفيدين، قالوا إنها حادت عن معايير الاستحقاق لصالح جهات مرتبطة بطارق صالح لأهداف سياسية

وفجر الأربعاء، وصلت حملة عسكرية تابعة للمقاومة الوطنية من المخا، وانتشرت في محيط القرى بهدف استعادة ممتلكات المنظمة، حيث عثرت على المعدات بالقرب من منزل زعيم المجموعة القبلية احمد سالم، وأعلنت أنها أعادت الاعتبار للدولة

وكان نشر قوات أمنية من قبل قوات طارق صالح بالقرب من التجمعات السكنية مثيراً للتساؤل من زاويتين؛ الأولى تتعلق بدوافع تحويل ملف أمني كان يفترض أن يُدار عبر الشرطة والسلطة المحلية في المديرية وإدارة أمن المحافظة، إلى مسألة عسكرية ترسل لأجلها حملة كبيرة مسنودة بطائرات مسيّرة، وهو ما يفتح باب التساؤل حول حدود الصلاحيات ودور السلطات المحلية في إدارة شؤون المديرية، خصوصاً في ظل الاتهامات المحلية باستخدام العمل الإغاثي كأداة ولاء سياسي

وتشير مصادر محلية إلى أن طارق صالح لا يطمئن تماماً للبنية القبلية في الوازعية، ويحيط مدير المديرية الموالي له بشخصيات تتولى الرقابة والتوجيه، في دلالة على محدودية نفوذه الفعلي داخل المديرية

أما الزاوية الثانية فتتعلق بطبيعة المنطقة التي تعتمد تقليدياً على سلطة القبائل، وترى في أي قوة وافدة تهديداً للتوازن المحلي

وتثير هذه التحركات حساسيات قديمة حيث أعاد بعض أبناء المنطقة النقاش حول التضحيات التي قدمها أبناء المنطقة في مواجهة قوات طارق صالح حين كانت جزءً من تشكيلات تصطف مع مليشيا الحوثي إبان اجتياح المديرية عام 2015 وضمها لمناطق سيطرة الحوثيين، قبل أن ينفض تحالف طارق صالح مع الحوثيين بعد مقتل عمه الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح على يد شركائه الحوثيين أواخر 2017 ويتحول طارق إلى الضفة المناوئة لهم

والمسلحون القبليون المشاركون في مواجهة قوات طارق صالح هم من أبناء المديرية، وينتمي جلّهم إلى قبيلة المشاولة المنتشرة في مركز المديرية، والذين أثار حفيظتهم انتشار القوات بالقرب من القرى والمنازل

كما يساندهم مسلحون من قبائل أخرى في المديرية بدوافع قبلية، إلى جانب مسلحين قبليين من المساندين لأحمد سالم، لأسباب تتعلق بحساباتهم الخاصة

وتتميز الوازعية ببنية اجتماعية معقدة تتداخل فيها الولاءات السياسية بين مدينة تعز والساحل الغربي والجنوب

كما ينتشر أبناؤها في تشكيلات عسكرية متعددة، من قوات المقاومة الوطنية التابعة لطارق صالح إلى درع الوطن والعمالقة، ويمتلكون أسلحة متنوعة، ما يجعل أي تحرك أمني قابلاً لإشعال مواجهات عنيفة على نطاق واسع

وإلى جانب ذلك، تتمتع المديرية بأهمية جغرافية باعتبارها نقطة ارتكاز تربط بين مناطق الصبيحة في لحج، والساحل الغربي، ومديريات شمال وشرق تعز، وهو ما يضاعف حساسيتها في صراعات النفوذ الحالية، ولا سيما في ظل محاولات طارق صالح توسيع حضوره في تعز، التي ينظر إليها كمجال حيوي لامتداد قواته المنتشرة على الساحل الغربي للمحافظة

وليست هذه الأزمة الأولى من نوعها، إذ شهدت الوازعية في أكتوبر 2024 مواجهات بين القبائل وقوات طارق صالح عقب محاولة استحداث قسم للشرطة في منطقة الظريفة، قبل أن يتدخل المحافظ نبيل شمسان بوساطة أنهت التوتر

كما حاول طارق صالح سابقاً استمالة القيادي القبلي أبو ذياب العلقمي عبر تأسيس لواء له ضمن قوات الساحل، لكن الخلافات بينهما تفاقمت لاحقاً، وسط اتهامات بسوء الإدارة والاستحواذ على السلاح، ما أدى إلى تدهور الثقة بين الطرفين

وتحذر هذه المصادر من أن استمرار التصعيد قد يقود إلى انفلات شامل قد يخدم الحوثيين، الذين يراقبون المشهد عن قرب بحكم الموقع الحيوي للمديرية على خطوط التماس جنوب غرب تعز والطريق الرابط بالساحل

وفي ظل الصمت الرسمي، تبقى الأزمة ناراً تحت الرماد، وسط تحشيدات قبلية مقابل انتشار عسكري متزايد، في انتظار ما ستسفر عنه جهود لجنة الوساطة القبلية، ما يجعل الساعات المقبلة حاسمة بين مسار التهدئة أو الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة