تيسير السامعي : المواطن قبل الوطن

منذ سنة

 الكل يتحدث عن الوطن  الكل يقول إنه يضحي من أجل الوطن

  الكل يدعي حب الوطن ، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هو الوطن ؟ أنا شخصيا من حين عرفت نفسي لم أجد تعريفا مقنعا للوطن

 فالوطن ـ للأسف ـ مصلح مطاطي

فالرؤساء والزعماء ـ لاسيما في بلادنا العريبة ـ يكثرون من الحديث عن الوطن؛ لكن عند التدقيق في كلامهم تفهم أن الوطن الذى يتحدثون عنه هو هم من يعارضهم أو ينتقد سياساتهم فهو عدو الوطن

 الأحزاب والجماعات والتيارات السياسية تتكلم عن الوطن؛  في النهاية  تكتشف أن مفهومها للوطن كفهم الزعماء والرؤساء

  فمن يؤيدها ويسير في ركبها فهو يحب الوطن، ومن يعارضها فهو الخائن  للوطن

لقد صار الوطن شماعة يتشدق بها الانتهازيون وعشاق السلطة، يرددون دائما الحديث الموضوع   حب الوطن من الايمان

الإيمان و الذى يرددونه ليس الإيمان بالله، إنما الإيمان بهم وحقهم في الحكم والسلطة

 المستبدون والطغاة يصادرون حرية الناس ويرتكبون الانتهاكات بجحة حماية الوطن وقدوتهم في ذلك أمامهم فرعون الذى قرار أن يقتل موسى حفاظا على مصالحه  موهما المغفلين إن إجراءه هذا لحماية لوطن

﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ﴾[ غافر: فبحجة الدفاع عن الوطن صار المواطن ضحية يسفك دمه و تهدم بيته؛ يصادر حقه ؛ ويحرم من حقه في العيش الكريم

المواطن الإنسان الذي هو الاصل ومن أجله قامت الدول والحكومات تضيع حقوقه ويصبح بلا وطن  تحت مبرر حماية الوطن

من يحب الوطن حبا صادقا عليه أن يحب المواطن قبل كل شيء  ويعمل  من أجله

من يحب الوطن عليه أن يحمى المواطن ويسعى للحفاظ على حياته وأمنه واستقراره

المواطن من أجله قامت الأوطان؛ فهل يعقل أن يموت من اجل شيء وجد من اجله

الحكومات التي تحترم نفسها تعمل من أجل المواطن وتسخر كل إمكانيات البلاد من اجل خدمته

الحكومات التى تحترم نفسها لا تتاجر بالشعارات البراقة التى ظاهرها حب الوطن وباطنها سحق المواطن و مصادرة حقوقه وجعله مجرد موظف وخادم للسلطة التي تزعم انها تعمل لخير الوطن