ثمانُ سنوات من القهر.. (العاصمة أونلاين) يستعرض محطات من مأساة الصحفيين في معتقلات الحوثي حتى معانقتهم للحرية

منذ سنة

من العمر سنوات مهدورة، ومُظلمةُ، وموحشة، عاشها صحفيّون في معتقلات جماعة الحوثي الإرهابية، بين ترهيبٌ وتعذيب، وحرمان من الدواء وزيارة الأهل

 في هذا التقرير يستعرض مركز (العاصمة أونلاين) الإعلامي، أبرز المحطات التي عاشها الصحفيون في معتقل الحوثي، بعد انقلابها على الشرعيّة واجتياحها العاصمة صنعاء في ديسمبر من العام 2014م

 يومٌ مؤسف للصحفيينالتاسع من يونيو في العام 2015م، كان يومًا مؤسفًا وموحشًا بالنسبة للصحفيين، فقد عمدت الجماعة إلى مداهمة مقر عمل تسعة من الصحفيين في أحد فنادق العاصمة صنعاء، أثناء ممارسة عملهم، وتم اقتيادهم إلى أحد أقسام الشرطة، ثمّ نقلهم إلى البحث الجنائي

 تعرض الصحفيّون بعد اقتيادهم من مكان عملهم لجلسات تحقيق وتعذيب جسدي، كبدايةٍ مؤلمة لمسيرة اعتقال وإخفاءٍ قسري

 وبعد مناشدات كثيرة لأسر المختطفين، ومطالبات من منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان، بالإفراج عنهم، وكذا تعرّض الصحفيين الى مختلف أنواع التنكيل وسوء المعاملة، ومنع زيارتهم، اضطروا للإضراب عن الطعام في منتصف العام 2016م

 حيث استمر إضراب الصحفيين عن الطعام لمدة 40 يومًا، عانوا فيه أشدّ أنواع العذاب، وكانوا خلالها على وشك الموت

 ووصفت منظمة صحفيّات بلا حدود العام 2016، بأنّه عامًا قاتمًا على الصحفيين، بسبب تزايد انتهاكات مليشيات الحوثي

 معاناة مستمرةوفي العام 2018م زادت معاناة الصحفيين داخل السجون، نتيجة التعذيب، كشفت حينها رابطة أمهات المختطفين أنّ الصحفيين المختطفين في سجون الحوثي، يُغمى عليهم، من شدّة التعذيب الذي يتعرضون له

 وفي شهر مايو من العام نفسه، كشف تقرير حقوقي تحت عنوان ثمن الخذلان أصدرته منظمة صدى عن أبرز المسؤولين الذين تورطوا في تعذيب الصحفيين

مشيرًا الى أنّ أحدهم مقرب من زعيم مليشيا الحوثي

 وذكر التقرير أنّ القيادي الحوثي يحيى علي الهميل المكنى أبو علي، وعبدالخالق المطري، وهاني السريحي، هم المسؤولون عن تعذيب الصحفيين في سجن هبرة، وكذا القيادي في الجماعة علي الحوثي، ويحيى سريع، هما مسؤولان عن التعذيب في سجن الأمن السياسي (المخابرات)، في همجيّة هذه الجماعة السلاليّة التي تسعى إلى تكتيم أفواه الحقيقة، في انتهاكاتها المستمرة ضدّ الصحفيين

 محاكمة باطلة وتهم كيديّةلم تكتفِ جماعة الحوثي بإرهابها المتواصل ضدّ الصحفيين المختطفين، وارتكاب أبشع الجرائم بحقهم، وتعذيبهم، وحرمانهم من الدواء، بل قامت بإحالتهم الى المحكمة الجزائية المتخصصة، رغم عدم مشروعيتها وما ينتج عنها من أحكام غير قانونيّة

 ففي يوم 19 فبراير عام 2019م أقرت النيابة الجزائيّة المتخصصة التي تسيطر عليها الجماعة إحالة العشرة الصحفيين للمحاكمة بتهم كيديّة، أعلن بعدها الاتحاد الدولي للصحفيين عن تنديده، ورفضه للممارسات التي يتعرض لها الصحفيون في سجون مليشيات الحوثي وشدّد على الإفراج الفوري عنهم

 وفي يوم 6 أبريل من العام نفسه، منعت جماعة الحوثي الزيارات عن الصحفيين المختطفين، كما منعت عنهم إدخال الدواء والغذاء، في الوقت الذي يعاني الكثير منهم من الأمراض المزمنة والخطيرة؛ بسبب أساليب تعذيبهم في السجون، وظروف المعتقلات الصحيّة السيئة

 وندّدت حينها منظماتٌ محليّة ودولية بأنّ إحالة جماعة الحوثي عشرة من الصحفيين المعتقلين تعسفيًّا إلى محكمة متخصصة في قضايا الإرهاب، إجراءٌ خطير يتطلب تحركًا عاجلًا من المجتمع الدولي؛ لوقف الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيّون بتهمٍ سياسيّة والعمل لإطلاق سراحهم على الفور

 إعدام الصحافةضمن سلسلة انتهاكاتها ضدّ الصحفيين المعتقلين، أصدرت محكمة تابعة لـ جماعة الحوثي يوم 11 إبريل 2020م، حكمًا بإعدام أربعة من الصحفيين المعتقلين وهم: عبدالخالق عمران، وأكرم الوليدي، وحارث حميد، وتوفيق المنصوري، في حادثةٍ غير مسبوقة في تاريخ الصحافة اليمنيّة

 وقضى الحكم أيضًا بمعاقبة الصحفيين هشام طرموم، وهشام اليوسفي، وهيثم الشهاب، وعصام بلغيث، وحسن عناب، وصلاح القاعدي بالسجن، ووضعهم تحت رقابة الشرطة مدّة ثلاث سنوات

 جدّد حينها، الاتحاد الدولي للصحفيين، مطالبته بالإفراج الفوري عن جميع الصحفيين اليمنيين المختطفين، وإلغاء أحكام الإعدام التي أصدرتها مليشيات الحوثي بحق أربعة منهم

 وتحدّث في هذا الصدد الأمين العام لـ منظمة مراسلون بلاد حدود السيّد كريستوف ديلوار، بقوله: بينما يتقدم العالم كل سنة خطوة أخرى نحو إلغاء عقوبة الإعدام على المستوى العالمي، فإنّ أربعة صحفيين محنكين يواجهون أقصى العقوبات وأسوأها لمجرد قيامهم بعملهم

  نصف فرحفي أواخر العام 2020، أُبرمت صفقة منقوصة بحق الصحفيين المختطفين، فقد تمت عملية تبادل أسرى برعاية الأمم الموحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي، لكنها شملت خمسة صحفيين، وتمّ الإفراج عن: هشام طرموم، عصام بلغيث، هشام اليوسفي، وهيثم الشهاب، وحسن عناب

 وظل بقيّة الصحفيين الأربعة في المعتقل محكومٌ عليهم بالإعدام، يكابدون المعاناة المريرة، ويصارعون الأمراض التي أصابتهم داخل السجون؛ نتيجة المعاملة القاسيّة من القائمين عليها، بالتزامن مع نداءات متكررة من المنظمات المحلية والدولية، ومنظمات حقوق الإنسان

 وكانت نقابة الصحفيين الفرنسيين، والنقابة الوطنية للصحفيين الفرنسيين، والاتحاد الديمقراطي الفرنسي للعمل، أدانوا التعذيب والاعتقال التعسفي للصحفيين ومنع الرعايّة والزيارات العائليّة عنهم

وطالبوا بالإفراج الفوري عن جميع الصحفيين المعتقلين

 وفي نهاية ديسمبر 2022، بلغ من الصحفيين ما بلغ من التعذيب الذي يمارس ضدّهم في سجون جماعة الحوثي

حيث أبلغت أسرة الصحفي توفيق المنصوري عن تعرّض ولدهم للضرب العنيف، حتى أصيب بكسور في جمجمته من قبل القيادي الحوثي عبدالقادر المرتضى رئيس ما يسمى لجنة الأسرى (التابعة للحوثيين)، وشقيقه في سجن معسكر الأمن المركزي بصنعاء، وتم نقله واثنان من زملائه الصحفيين، هما عبدالخالق عمران، وحارث حميد، إلى زنازين انفرادية في الدور الأرضي بالسجن، مطلع شهر آب/ أغسطس من العام نفسه

 مخاوف دوليةوكان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في مطلع شهر مارس 2022، حذّر من احتماليّة تنفيذ جماعة الحوثي لأحكام الإعدام التي أصدرتها بحق الصحفيين الأربعة في أي لحظة

 وحثّ المرصد، المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ بالضغط على جماعة الحوثي لإلغاء أحكام الإعدام ضد الصحافيين الأربعة وجميع النشطاء المعارضين، وإيلاء القضية اهتمامًا خاصًا في لقاءاته الدورية مع قيادات الجماعة

 موعدُ الانفراجبعد المعاناة المريرة التي تجرّعها الصحفيون المختطفين في معتقلات جماعة الحوثي، منذُّ بداية الحرب في اليمن، جرت في الأشهر الماضية من هذا العام، محادثات برعاية الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي، توصلت الى اتفاق يقضي بإطلاق سراح 887 معتقلًا وأسيرًا من الجانبين، بينهم الصحفيّون الأربعة المحكوم عليهم بالإعدام، لينالوا عبق الحريّة ونفس الكرامة