جمال انعم : لنبقه قصيدة جامعة

منذ 2 سنوات

جمال انعم     يجمعنا البردوني إذ تفرقنا السياسة والحروب والذاكرة والعصبيات وبواعث الانقسام والتشرذم 

يلملمنا ،يعيدنا الينا ،ويعود بنا الى مساقط الحياة ومواطن الحب  والجمال والندى والإخضرار ، نجد انسانيتنا في شعره ،ونعانق  فضاءات انسانية وكونية رحبة لاتحد ، لا يقبل التأطيرات الضيقة ولا الاستخدامات  السيئة ، لنبقه ملاذا للجميع

بلادا تجيء من الأغنيات  لندعه يؤنسن وجودنا ويمنحنا المعنى في رحلة البحث عن الكينونة والكرامة ،

نحتاجه قصيدة جامعة نقرأ فيها ارواحنا المكدودة وملامحنالمجهدة ،توقناالمكبوت غرباتنا المتعاظمة ،اوجاعنا الخرساء ،كبريانا الطعين ، نريده أن يظل مبصرنا الكبير يقودنا في رحلة عمانا المديد منذ ابتدأنا السرى ، ليظل التعبير الأكمل عنا اذ تخوننا التعابير والخطابات

  هذا الأخضر المغمور الحاضر ابدا شعرا وابداعا وحبا وخصبا وعوالم من حنون الكلام   

  

 لكي يستهلَّ الصبحُ، من آخرِ السُّرَى  يحنُّ إلى الأسنى ، ويعمى لكي يرَىلكي لا يفيقَ الميتونَ ، ليظْفَروا بموتِِ جديدٍا   

يُبْدعُ الصحوَ أغبرالكي يُنبتَ الأشجارَ … يمتدُّ تَربةً لكي يصبحَ الأشجارَ والخصبَ والثرىلكي يستهلَّ المستحيلُ كتابهُ… يمدَّ لهُ عينيهِ ، حبراً ودفترالأنَّ بهِ كالنهرِ أشواقَ باذلِِ يعاني عناءَ النهرِ ، يجري كما جرىيروِّي سواهُ ، وهو أظمى من اللظى  ويهوي، لكي ترقَى السفوحُ إلى الذَّرىلكي لا يعودَ القبرُ ميلادَ ميتِِ لكي لا يوالي قيصرٌ ، عهدَ قيصرالأنَّ دمَ ((الخضراءِ)) فيهِ معلَّبٌ يذوبُ ندًى ، يمشي حقولا إلى القرىلأنَّ خطاهُ ، تنبتَ الوردَ في الصفا وفي الرملِ أضحى ، يعشقُ الحسن أحمراهنا أو هنا ينمُو ، لأنّ جذورهُ بكلِّ جذورِ الأرضِ ، ورديةَ العُرَىعلى أعينِ (الغيلانِ) يركضُ حافياويجترُّ من أحجارِ (عيبانَ) مئزرايقولونَ ، من شكلِ الفوراسِ شكلُهُ نعمْ

ليسَ تكسيَّاً ، لمن قاد واكترىلهُ (عبلةٌ) في كل شبرِِ ونسمةِِ وما قال إنّي (عنترٌ) أو تعنتراولا كانَ دلَّالَ المنايا حصانهُ ولا باعَ في سوقِ الدعاوي ولا اشترىيحبُّ لذاتِ البذلِ ، بالقلبِ كلّهِ يحبَّ ولا يدري ، ولا غيرهُ درىلأنّ بهِ سرَّ الحقولِ تحسُّهُ يشعُّ ويندى ، ولا تعي كيفَ أزهراحكاياتهُ ، لونٌ وضوءٌ ، عرفتهُ  كشعبِِ كبيرِِ ، وهو فردٌ من الورىبسيطٌ (كقاعِ الحقلِ) عالِِ (كيافعِِ)  عميقٌ ، كما تكسو العناقيدُ (مسورا)ومن أينَ؟ من كلِّ البقاع ، لانّهُ يجودُ ولا يدرونَ ، من أينَ أمطرايغيمُ ولا يدرونَ ، من أينَ ينجلي يغيبُ ولا يدرون ، من أين أسفراوقد يعتريه الموتُ ، مليونَ مرةِِ ويأتي وليداََ ، ناسياََ كلَّ ما اعترىتدلُّ عليهِ الرِّيحُ ، همسا إلى الضُّحى وتروي عطاياه العشايا ، تفكّراهناكَ شدا كالفجرِ ، أورقَ ها هنا  هنا رفَّ كالمرعى ، هنالك أثمرالأنَّ خطاهُ برعمتْ شهوةَ الحصى  لأنّ هواهُ ، في دمِ البذرِ أقمراترى ما اسمهُ؟ لا يعرفُ الناسُ ما اسمهُ وسوفَ تسمِّيهِ العصافيرُ ، أخضراعبد الله البردوني

  يناير  1976م�ديوان ( وجوه دخانيَّة في مرايا الليل)