جمال عبد الناصر في اليمن .. رؤية لفضح الحوثيين ومشروعهم السياسي والديني المقيت

منذ 3 ساعات

كتب : محمد ابو المجدأيها الإخوة الأعزاء

أيها الإخوة الأحرار

أيها الإخوة الثوار: رأيت الشعب اليمني فيكم اليوم في تعز كما رأيته بالأمس في صنعاء تتمثل فيه القوة والعزة والثورة والحرية، هذا الشعب اليمني الذي صمم على الحرية فثار ونصره الله، وحقق له العزة والكرامة والحرية

 أنتم شعب يمني واحد أراد الاستعمار أن يفرق بينكم، وأراد الاستعمار أن يقسمكم شيعًا وأحزابًا، ولكن إرادة الله وإرادتكم كانت فوق إرادة الاستعمار، فلم يفلح الاستعمار ولم تفلح الرجعية في أن تقسمكم وأن تفرق بينكم؛ لأن ما أراه هنا اليوم هو ما رأيته بالأمس في صنعاء، الشعب القوى

الشعب المتحد

الشعب الحر

الشعب الثائر

الكلمات السابقة ألقاها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، في المؤتمر الشعبى، الذي أقيم في تعز باليمن، عام 1964

وسمعت من صديق يمني معلومات وأرقاما عن التعليم والصحة في اليمن، قبل وبعد دخول المصريين إليها، الفوارق رهيبة، من أمية إلى تعليم وشهادات عليا، وماجستير ودكتوراه

   ومن تداوي بالأعشاب في الخيام بالصحراء والجبال، إلى مستشفيات ومشافي وأدوية حديثة، وجراحات متقدمة

من الجهل إلى العلم

من الظلام إلى النور

هكذا كان أثر قرار عبد الناصر بدعم ثورة اليمن إيجابيًّا، وآتى ثماره

وما يحدث في اليمن الآن يثبت صحة وجهة نظر الزعيم الخالد، رحمه الله

الزيود أو الحوثيون يقسمون اليمن، عبر مشروع سياسي ديني مقيت، يرسخون سلطتهم ويشرعنونها من خلال استخدام مصطلحات وعبارات شيعية؛ لتثبيت طبقية دينية ومكانة كهنوتية

تقول الدكتورة نادين بنت عبدالله ناصر الماوري، الباحثة في الهوية اليمنية: منهج الإمامة الكهنوتي اعتمد على مزيج من الأداء الطقوسي والسياسة العنصرية والاجتماعية: عزّز خطابًا يقسّم الناس على أساس نسب ومكانة دينية، وصاغ سرديات تجعل من سكان هضبة معينة إرثًا كهنوتيًا يُستدعى للدفاع عن شرعية مذهبية لا علاقة لغالبية السكان بها

الخطر الحقيقي لهذا التصنيف ليس فقط أنه يسيء إلى أبناء مناطق محددة، بل أنه يحول التباينات السياسية والاجتماعية إلى أعداء متخيّلين داخل الأمة نفسها

وتكمل الدكتورة نادين كلامها فتقول: إن الاستراتيجية الأنجع لمواجهة الحوثيين كأدوات تقسيم ليست المزيد من التجريح، بل فضح الآليات التي صنعت هذه التسميات وإعادة بناء وعيٍ وطني يقرّ بحق الجميع في الانتماء والأمان والكرامة

للأسف الشديد، اكتسب الحوثيون شعبية غير مستحقة أيام الحرب على غزة، حيث نجحوا في أداء تمثيلية متقنة بأنهم يقصفون الكيان الصهيوني، ويدمرون السفن التابعة لإسرائيل والولايات المتحدة؛ الأمر الذي انعكس بآثار مدمرة على قناة السويس، وإيراداتها؛ ما أثر سلبًا على الدخل القومي لمصر

وتحقق لهم ما أرادوا من تهليل وتصفيق من العامة في الدول العربية، والذين اعتبروهم أبطالا، وقادة الجهاد ضد العدو الإسرائيلي، مع أن الصواريخ التي أطلقوها لم تُحدث تأثيرا يذكر ضد الأهداف الإسرائيلية، وقصف السفن سبب أضرارا لبعض السفن، لكنه لم يؤثر كثيرا على القدرات البحرية لإسرائيل وأمريكا

العائد الجماهيري كان أكبر بكثير من الآثار المادية واللوجستية، وهذا ما أراده الحوثيون، ومحركوهم الإيرانيون

والحل هو مواجهة فكر الحوثيين بفكر مضاد، باستخدام التكنولوجيا، وأحدث وسائل العصر، للتوعية بحقيقة شيعة اليمن، ليس دينيًّا، ولكن سياسيًّا، ومطامعهم في اليمن وما حولها، ولأنهم يطمحون إلى السيطرة، فقد تحالفوا فترة مع نظام الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، ثم انقلبوا عليه، وقتلوه، حين أدركوا أن مصالحهم تقتضي التخلي عن التحالف عن صديقهم القديم

الإعلام من أهم وسائل مقاومة المشروع الإيراني في المنطقة، وليس اليمن فحسب

هذا على المستوى العربي والإقليمي

أما على المستوى المحلي، فترى الدكتورة نادين الماوري أنه لا يمكن مواجهة مشروع الإمامة بنسخته الاستبدادية دون سياسة وطنية شاملة

 أي عن طريق تعليمٍ ينتصر للهوية المشتركة، ومشاريع تنموية تكسر أذرع الفقر التي توظف في التجنيد، ومؤسسات قضائية وقانونية تحمي المواطنين من التعسف، وبرامج ثقافية تعيد إنتاج المعرفة المتبادلة بين أبناء المناطق

كذلك لابد من مواجهة خطاب الكهنوت بالمطالبة بالمساءلة عن الجرائم التاريخية والإيديولوجيات التي شرعت الاستبداد، دون إغراق المجتمع في انتقامٍ لا ينهي دوامة العنف