حسين الوادعي : عن اليمن الذي استعاد سعادته من بوابة الميليشيا

منذ 2 أشهر

حسين الوادعي ضربت طائرة مسيرة ابيب وقتلت شخصا! حدث شحنه ملايين العرب بجرعة عالية من الرمزية

العرب المهزومون دائما أمام العدو التاريخي والباحثين عن وهم انتصار لترميم جروحهم النرجسية

ألم ينهزموا في كل الحروب التي خاضوها ضد العدو؟ أليس وهم نصر كافيا لتخدير الألم وتخفيف المهانة؟ لكن المسيرة قادمة من اليمن

ادعت الميليشيا الحوثية مسؤوليتها عن الهجوم

فجأة نسي العرب جوع اليمن وفقره وحربه واوبئته والجحيم الذي تصلي ناره ميليشا المقاومة

انتشر وسم اليمن السعيد في السوشيال ميديا بنبرة فخر ممزوجة ببكاء المهزوم الذي شاهد قاهره التاريخي يتأذى من عضة بعوضة

 اليمن قصف تل ابيب هكذا بعمومية وخفة وكان اليمن كتلة مصمتة لا تنوع فيها ول لا تعقيدات ولا اختلاف

عندما يقصف حزب الل لا أحد يدعي أن لبنان قصفت اسرائيل

لكن اليمن مجرد كتلة مجهولة

وها هي الكتلة تعود سعيدة بلمسة سحرية من العواطف العربية الجياشة

 هذا هو هدف الميليشيا من التدثر بالقضية

إخفاء حرائمها بحق اليمنيين عبر اصطناع بطولات ضد العدو

والنجاح مضمون

 فاليمن ذلك المجهول لا زال مجهولا

قلة من يعرفون ما يحدث في الجحيم اليومي الذي بدأ باجتياح الميليشيا لصنعاء في 2014

قلة من يعرفون أن الميليشيا قتلت من اليمنيين أكثر مما قتلت اسرائيل من الفلسطينيين

قلة يعرفون أن 4 ملايين يمني فقدوا بيوتهم وارزاقهم وتحولوا الى نازحين داخليين منذ عقد من الزمان

قلة من يعرفون أن 20 مليون يمني يعانون من جوع دائم وبأمس الحاجة للمساعدة الإنسانية

 حققت العملية الاستعراضية هدفها

تمت تغطية واقع الجوع والفقر والدمار بلون وردي زائف اسمه اليمن السعيد

استعاد اليمن سعادته من بوابة الميليشيا، وتحول القاتل الطائفي العنصري الى بطل

بالنسبة لملايين العرب الباحثين عن ضماد للتداوي، ليس في اليمن الا الفخر والمسيرات والنصرة

أما الميليشيا التي تنفذ احكام الإعدام العشوائية بالعشرات، وتغتصب النساء في السجون، وتفجر منازل المدنيين على رؤوس الآمنين فقد تم تعميدها بنار المسيرة وتم تطهير الميليشيا من جرائمها ورفعها أمام الرأي العام طاهرة بلا خطايا! في نفس اليوم ارتكبت الميليشيا الخو

ثية مجزرة داخل جامع وقتلت وجرحت 13 شخصا، واستمرت في ملء سجونها بمعتقلين جدد يدخلون ويختفون لسنوات عن عائلاتهم ويخرجون، إذا خرجوا، موتى أو فاقدي الارتباط بالواقع

  لكن الميليشيا عُمدت وطُهرت من كل خطاياها السابقة واللاحقة

وأي ضحية يمني سيرفع صوته صارخا من ظلم الميليشيا سيصبح عدو الجماهير العربية التي تغطي جروحها بالضماد المسموم

 في هذه اللحظة يتشابه قدر الفلسطيني في غزه مع قدر اليمني في مناطق سيطرة الميليشيا

 فالفلسطيني، من وجهة نظر الجموع، لا يتألم ولا يخاف ولا يجوع

انه فدائي خلق ليموت نيابة عن خيبات العرب وهزائمهم

 واليمني ليس فقيرا وجائعا ومقهوزا

انه بطل يزرع الفخر في قلوب الشعوب المهزومة

والقاتل الذي دمر حياة اليمني وتسبب في قتل أطفاله وتجريف مستقبله هو بطل الآخرين الذين يتفرجون على المشهد من بعيد

وكلما بعدت زاوية المشهد صار الدم، في هيون المتفرج الفخور، ورودا ربيعية، وجثث القتلى تماثيل بطولة، وصراخ الثكالى اناشيد فخر وانتصار