حلول مبتكرة في مواجهة شحة المياه في تعز

منذ 2 سنوات

تعز – معاذ العبيدي :تضطر أسماء (اسم مستعار) لقطع مسافة طويلة تزيد عن ساعة من أجل جلب الماء في الشتاء بعد نفاذه في آبار قريتها “الظهر” بمديرية جبل حبشي محافظة تعز، تحظى أحيانا بالحصول على حمار تجلب به الماء فيما غالب الأوقات تجلبه على رأسها، تقول “غالبا يجف بئر القرية في الشتاء لأننا نستخدمه وهو الوحيد للشرب وري القات الأمر الذي يتسبب في جفافه باكرا فنضطر لقطع مسافة كبيرة للحصول الماء، أتمنى لو نجد حلا يجنبنا كل هذا التعب”

ويشتكي كثير من سكان القرى الجبلية في اليمن انقطاع المياه من الآبار في أوقات مبكرة من الشتاء الأمر الذي يكبدهم معاناة كبيرة من أجل الحصول عليه للشرب وري الأرض، حيث تعتبر المرتفعات الجبلية من أفقر مناطق اليمن مائيا نظرا للطبيعة الجغرافية الوعرة وفقر آبارها السطحية وأحواضها الجوفية

برك للاحتفاظ بالمياهنفذ أهالي قرية “هيجة شماسي” في مديرية شرعب السلام محافظة تعز حلا للاحتفاظ بمياه الأمطار طيلة أيام الشتاء الأمر الذي ساعدهم من جانبين، الأول تمثل في راحة المواطنين من متاعب جلب المياه والأخر من جفاف الآبار التي كان المواطنون يعتمدون عليها للشرب والزراعة، لكن الأمر تغير كثيرا حيث أصبحت آبار القرية ال4 ممتلئة بالماء طوال ايام السنة بعد اعتمادهم الكلي على مياه الأمطار

عبده نصر أحد مواطني القرية يقول، بعد معاناة مريرة في جلب فتياتنا للمياه من أماكن بعيدة في الشتاء قمنا قبل 10 سنوات بعمل حل لتلك المشكلة تمثل في حفر وبناء برك للاحتفاظ بالمياه، حيث بدأت اغلب الأسر توفر وقتا للعملية بشكل ذاتي رجال ونساء وجلب الأحجار والتراب وتجهيزها الأمر الذي استمر مع الوقت لسنوات

ويضيف “نصر” قمنا بمبادرات ذاتية من أبناء القرية كلا في المجال الذي يستطيع فعله، كانت كل بركة يتم بنائها عبر مراحل حيث يبنى الجزء السفلي ويتم ملئه بالمياه وفي وقت أخر من السنة يبنى جزء أخر ويتم المليء اليه الموسم القادم للاستفادة منه وهكذا

وبحسب “نصر” فمياه الآبار لم تعد تجف تماما بسبب قلة استخدامها وأصبحت موردا لقرى أخرى في الشتاء ممن تجف أبارهم، وعن التكلفة فهي لم تكلفهم الكثير ذلك الوقت لأن أغلب الاعمال من حفر وجلب أحجار وبناء كانت تتم بالتعاون بين الأسر دون جلب عمال وكان يتم البناء أيام الصيف لتوفر المياه فيما تبنى بالتراب بدل الاسمنت لتجنب الخسارة، فيما بقية الإصلاحات التي احتاجت لأسمنت وحديد أحيانا كانت تتم عبر مراحل حسب توفر النقود من عائدات مواسم الزراعة فيما باع البعض مجوهرات زوجاتهم”

في الوقت الحالي يوجد في القرية اكثر من 16 بركة مقابل  15 منزل وهي برك كبيرة في مناطق مرتفعة وتحت مجاري السيول حتى أن بعض العائلات اصبح لديها اكثر من بركة وتحوي كل بركة  بين 300000 لتر الى 600000 لتر يملأها المواطنون صيفا وتستخدم لري الأرض في الشتاء، فيما يوجد جوار كل منزل بركة صغيرة توجه اليها مياه السطوح وتعالج بالكلور وطرق أخرى للشرب  وتحوي من 40000 الى 50000 لتر وتزيد بحسب استهلاك كل اسرة للمياه

 ورغم ان القرية تعتمد بشكل رسمي على القات الذي يحتاج لمياه أكثر فقد ساعد العائد منه المواطنين على البناء وعلى تكوين شبكات ري تحت الأرض الى مزارعهم مما ساهم في الحد من ازمة المياه في القرية

يقول رئيس منظمة البيئة والتنمية في تعز عهد الرفيد أنه بالنظر إلى مصادر المياه الجوفية في اليمن واستخدامها السنوي حسب الفصول فان المطر ينزل صيفا وبالتالي هناك مصدر للتخزين والاستخدام من مياه الامطار فيما الفائض يذهب إلى باطن الأرض وبالتالي زيادة المياه الجوفية مع استخدام اقل بالنسبة لها

ويضيف، في فصل الشتاء نادراً ما يكون هناك امطار في اليمن وبالتالي يستخدم الجميع المياه الجوفية بشكل كبير وخاصة المناطق الزراعية لذا تقل المياه وتكاد تنعدم من الابار

  ويرى، أن بقاء مياه الابار يعتمد على منسوب استخدام المياه مشيرا الى ان وجود البرك يقلل من استخدام مياه الابار، لافتا الى انه من الجيد استغلال مياه الامطار وتخزينها بشكل أفضل بعدة طرق منها السدود والخزانات الارضية

تجربة أخرىنفذ الصندوق الاجتماعي للتنمية مشروع البركة في كثير من القرى الجبلية في اليمن وكان لذلك ردود فعل ايجابية، ففي قرية هربة بمديرية شرس حجة التي يقطنها 3 تجمعات سكانية على رؤوس الجبال العالية كان يبيع ملاك عربات المياه صهريج   المياه بأسعار مبلغ فيها للمواطنين

وساعد الصندوق المواطنين في بناء “سقايات” للاحتفاظ بمياه الامطار العام 2011 بدعم منه وجهود الأهالي   للاعتماد عليها خلال مواسم جفاف ابار القرية وتخفيف العبء عن كاهل فتيات القرية اللاتي كن يقمن بأكثر من رحلة يومية لجلب الماء الى منازلهن من ابار الوادي وكان وقت الرحلة يستغرق نحو 4ساعات ذهابا وايابا

يفيد المهندس عبدالسلام عبدالله مدير إدارة التراخيص وحقوق المياه بفرع الهيئة العامة للموارد المائية بتعز لـ” المشاهد” ان الامر يعتمد على طبيعة المنطقة التي تتواجد فيها الابار من الناحية الجيوغرافية وبشكل عام فان اغلب الابار في القرى الريفية هي ابار في الأعماق الضحلة بين 20 الى 30 متر وعطاء هذه الابار وانتاجاتها يعتمد على جانبين أولهما كمية الامطار الساقطة التي ترتفع معها مياه الابار والعكس مع النظر في عامل السحب من قبل المواطنين الذي يعمل على تقليل العمر الافتراضي لها

ويضيف، ” البرك التي يبنيها المواطنون للاحتفاظ بمياه الامطار تحتفظ بكمية كبيرة من المياه يتم الاستفادة منها في ري المزروعات والاستخدامات المنزلية وتعمل على سد احتياج المواطنين في القرى للمياه، والفكرة اذا كانت بشكل تعاوني من المواطنين او يمكن دعمها شخصيا على حساب الأهالي او تسويقها لمنظمات وقد اشتغل الصندوق الاجتماعي على بعضها في وقت سابق”

الطربال حل مؤقترغم أن البرك الحل الفعال والأكثر أمانا الا أنه قد يبدو صعبا لبعض القرى الجبلية كونه يحتاج الى بذل جهد وقليل من المال الا أن هنالك حل أخر بتكاليف منخفضة جدا جربت في ماوية وهو ما يسمى بالحاوية للاحتفاظ بالمياه وسط طربال من نوع عازل لا يخترقه الماء يوضع وسط حفرة محفورة بعناية ويملأ بالماء من خلال المطر

ورغم أن الحل لم يكن في بادئ الأمر في ماوية لحفظ مياه الامطار كما يقول الناشط نسيم المسلمي، فقد استخدمه مزارعون لغرض أخر في مرحلة سابقة حيث كانوا يحفرون آبار عميقة جدا لاستخراج الماء وري القات، الأمر الذي كان يتسبب بخروج مياه شديدة الحرارة عملت على اتلاف شجرة القات،  وكان المواطنون يضعون الماء داخل تلك الحاويات حتى يبرد ومن ثم جاءت فكرة أخرى ليحتفظون به للشتاء اذا جفت الآبار

والحل بسيط جدا ويمكن للمواطنين في القرى الجبلية تنفيذه والاحتفاظ بكميات كبيره من المياه لري الأراضي مع إمكانية الشرب ان استطاعوا تغطيته بإحكام ومعالجته، حيث تتراوح اسعار الطرابيل حسب الحجم بين 300 الى 600 دولار، وهي قوية ويمكن ان تحفظ المياه لمدة عشر سنوات دون ان تتمزق كما يقول مواطنون في ماوية

تم إنتاج هذه المادة بدعم من مركز الدراسات والإعلام الاقتصاديليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير