خالد العلواني : محسن طارق.. ذاكرة المسار وعدسة اللحظة

منذ 2 ساعات

المسار التاريخي سلطة سننية حاكمة، ومرآة محايدة للأحداث المعتملة، حقيقة يحترمها العقلاء المنصفون، ويتهرب منها الطفيليون المغرضون، الذين يسعون عن سابق قصد وإصرار إلى التركيز على مشهد أو مقطع من المسار العام بهدف عملقة قزم، أو تقزيم عملاق، وفي أحايين أخرى يتم تسليط الضوء على صورة معينة، أو تموضع مستجد وسحبه على مرحلة سابقه لم يكن البطل المصطنع جزءً منها، في مراوغة بشرية مكشوفة

وهبوطا إلى الواقع الوطني يمكن إيراد نموذجين نقيضين تبرز من خلالهما تدخلات ريشة الرسام سلباً وإيجاباً: الفريق علي محسن الأحمر، والعميد طارق صالح

ففي النموذج الأول يعمل الرسام على تجاهل وتغييب الدور الوطني للفريق الأحمر، في الحروب الست ضد تمرد الكهنوت الحوثي على الدولة، كممثل لإرادة الجيش والشعب والسلطة الشرعية، كما يحرص الرسام على طمر دور الفريق الأحمر في مجابهة الانقلاب الحوثي، عسكريا وسياسيا، والتركيز فقط على لقطة مغادرته لليمن لحظة الانتفاشة الحوثية، ونجاح تحالف الانقلاب في السيطرة على العاصمة صنعاء

وفي المقابل يركز الرسام على تموضع العميد طارق الحالي في إطار القوى المؤيدة للشرعية، ويسعى جاهدا لجعل هذا التموضع المستجد مسارا ممتدا للعميد، بحيث يتم طمس دوره في جبهة تحالف الانقلاب، في مرحلة ما، وحربه على تعز، بل ويعمل الرسام من خلال ثلة من الناشطين، على تسويق طارق كمنقذ لتعز التي ما تزال تضمد جراحها، وتبحث عن أطراف اصطناعية لأبطالها الجرحى

والأنكى من ذلك أن ناشطي العميد طارق يعملون على استغلال معاناة تعز، ويقررون أنه يتوجب على الضحايا فقدان ذاكرتهم، والعمل ضد أنفسهم، متناسين أن الجرح جغرافيا لا تنام، وأن أمام العميد العديد من المسارات الوطنية لترجمة غايات تموضعه الحالي، ليس من بينها على الإطلاق المرور عبر تعز، على قاعدة: تلد الأمة ربتها، وتبتلع المديرية محافظتها

بل إن كان ولا بد فليكن عبر العدالة الانتقالية، بكل ما تتطلبه من استحقاقات ومتطلبات

وخلاصة يمكن القول إن دمغ حياة شخص باللون الأسود للحظة الخاطئة في حياته إغلاق متعسف لباب التوبة والعودة إلى جادة الصواب الوطني، كما أن تجاهل المنحنى الأحمر في مسيرة شخص يعني فتح المجال للمزايدة والتزوير، وجعل التوبة بابا للفرعنة والسطو على الحقوق وسحق الحريات

إن العدالة تقتضي النظر لحياة الشخص وأدواره المختلفة كافة، دون تهوين للأخطاء أو تهويل للحظات الصواب، بالتوازي مع العمل على تعزيز وشائج الاصطفاف الوطني، والوقوف الواعي والمسؤول ضد الخطر الحوثي الذي يستهدف الجميع، ويقدم نموذجا ثالثا فتاكا يقوم على تسويق خرافة الولاية والتفويض الإلهي في الحكم، وعصمة أعلام الهدى من سلالة الرسي، في كل ما يقولون ويفعلون، ومن يقتله المعصوم لا قود له ولا دية، وما ينهبه المعصوم لا استنقاذ له ولا مأثم

*المصدر أونلاين