خطورة بيع الأدوية في البقالات

منذ سنة

ليست الحرب وحدها التي أسهمت في العبث بأرواح المواطنين؛ وجعلت الكثير منهم يخسرون حياتهم برصاصة طائشة هنا أو هناك، بل كان بيع وصرف الأدوية الطبية بدون استشارة من الطبيب يقتل أيضًا

في البقالات ومحلات المواد الغذائية، وحتى على أرصفة الشوارع وبسطات الباعة المتجولين، تباع الأدوية

تنتشر ظاهرة بيع بعض الأدوية في المحلات التجارية الغذائية وبقالات الحارات، دون تعليمات وتوصيات الأطباء والمختصين، ودون تشخيص طبي مسبق لنوع الوجع والألم المراد تسكينه بهذه الحبوب والأقراص العلاجية

المخيف أن هذه الظاهرة، لم تقتصر على بيع وصرف نوع أو صنف واحد محدد ومعروفة استخداماته الطبية على أقل تقدير؛ بل أدوية متعددة الأغراض ومتنوعة المصادر ومجهولة المصادر في أحيانًا أخرى

يقول الصحفي وضاح محمد: بالنسبة لمن يُقبلون على شراء هذه الأدوية، فهم يبحثون عن مفعولها الآني الذي يخفف من الألم والعِلل الصحية اليومية التي ترافقهم بشكل مزمن، ولا يهتمون للتأثير العكسي لهذه الأدوية أو ما قد تتسبب به من أضرار على حياتهم حاليًا ومستقبلًا، ناهيك عن طريقة حفظها وتاريخ صلاحيتها أو الشركة الدوائية المصنعة والمصدرة لها

“كما أن الكثير منهم لا يمتلكون قيمة المعاينة الطبية في حال قرروا أن يزوروا الطبيب لإجراء الفحوصات والتشخيص الطبي، بتكاليف مالية لا يستطيعون دفعها، في ظل تردي الوضع المعيشي وانعدام المرتبات منذ سنوات، لذلك اختاروا أسهل أطرق وأقربها تطبيبًا”، حسب وضاح

هاني حمزة، مواطن يستخدم بعض هذه الأدوية عندما يحتاجها، يقول لـ”المشاهد”: “أي واحد يصاب بالصداع (آلام الرأس) أو يتوجع من اللثة (آلام الأسنان) أو حتى فيه “حزاز” (آلام المعدة)، يشتري العلاج من البقالة القريبة بسرعة، وينتهي ألمه”

وحين سألناه عن رأي الطبيب في ذلك، رد ضاحكًا ومتهكمًا: “طبعًا لا تحتاج ورقة من الطبيب، لأن حالتك لا تستدعي الذهاب لاستشارته، وهي شوية آلام وحبة وتروح”

صاحب محل تجاري (بقالة)، فضل عدم ذكر اسمه، سألناه عن الأدوية التي يبيعها من أين يشتريها وما هي مصادرها؟ قال: “نحن نشتريها من الموزعين الذين نشتري منهم العديد من الأشياء الأخرى، وهم موثوقون، أو من تجار الجملة، أما الشركات المصدرة لها فلا نعلم عنها شيئًا”

وعن كيفية التأكد من فاعليتها ومدى تأثيرها، رد: “نحن تجار نشتري ما يطلبه الناس، والسلعة التي يزداد طلبها نعرف أنها فعالة، وهي التي تحدد فاعليتها، ومن يطلب منا النوع الأفضل نعطيه منها”

وأضاف، متبرمًا، أن الأدوية التي يقومون ببيعها هي بعض الأدوية التي يستخدمها غالبية الناس، ومنها (المهدئات بأنواعها، آلام الرأس، أدوية المعدة، أدوية القرحة، أدوية اللثة والأسنان، وأدوية النزول والحمى)

يقول الصيدلاني ومختص التصنيع الدوائي في الشركة الدوائية الحديثة بصنعاء، سابقًا، عصام الهميس، في حديث لـ”المشاهد”، عن خطورة تفشي هذه الظاهرة: “إن هذه الأدوية يجب ألا يُسمح ببيعها أصلًا إلا على يد مختصين وفي صيدليات فقط”

ويؤكد الهميس أن “الأدوية مهما كانت آمنة ومتداولة، إلا أن إباحتها بهذه الطريقة تحولها إلى مواد خطيرة وسامة وتؤثر على حياة الإنسان، ومن المعلوم أن الإكثار من تناول الأدوية بطريقة عشوائية يسبب مضاعفات قد تصل للوفاة”

ويضيف أن “الاعتماد على أدوية البقالات والمحلات التجارية يعد تصرفًا خاطئًا قد يأتي بكوارث على متعاطيها، وذلك لعدة عوامل، منها: أن طريقة حفظها لا تكون على الوجه الصحيح، فالأدوية لها ظروفها الخاصة في حفظها، وتأثرها بدرجة الحرارة، فقد تكون البقالات غير مكيفة، ولا يوجد عليها رقابة، والحرارة تغير من الأدوية وتجعلها سامة”

وأشار إلى أن “الرطوبة تعمل على تغيير تام للأدوية، وبخاصة المضادات الحيوية، فالأدوية بحاجة إلى درجة رطوبة معينة ومراقبة مستمرة، كما أن عدم معرفة البقال باستخدام الأدوية وصرفها بطريقة عشوائية يعرض المريض للهلاك، لذا يبقى المخول بصرفها كما أسلفت هو الصيدلي المؤهل”

ودعا الهميس “المجتمع إلى أن يتحلى بالوعي التام في ما يتعلق بالأدوية التي تباع في الأماكن غير المخصصة لها، فقد تكون سمًا قاتلًا بدلًا من العلاج والشفاء”، حد قوله

أصدر مكتب الصناعة والتجارة بمحافظة مأرب تعميمًا رقم 11 بتاريخ 19/10/2022، للمحلات التجارية مواد غذائية (جملة وتجزئة) وأصحاب المولات والبقالات (مواد غذائية) بمنع بيع الأدوية داخل المحلات التجارية بكل أصنافها

وقال التعميم إن عشوائية بيع الأدوية التي أصبحت تملأ المحلات التجارية بصورة غير مسبوقة، تعد مخالفًا للقانون

وأكد على منع بيع الأدوية منعًا تامًا، وأضاف أنه سيتم اتخاذ كافة الإجراءات ضد كل من يخالف ذلك

لكن، ورغم صدور هذا التعميم، المتأخر جدًا، إلا أنه مايزال هناك بيع لبعض الأدوية في متاجر وبقالات الحارات، التي لا تطالها يد الرقابة، بعكس ما قاله أحد تجار الجملة عن أنهم توقفوا عن بيع الأدوية نظرًا لرقابة مكتب الصناعة والتجارة بالمحافظة مؤخرًا

ليصلك كل جديد